من تجارة “الحشيش” المخدر إلى زراعته.. مناطق نفوذ “الجيش الوطني” والأتراك بيئة حاضنة بمساهمة قياديي الفصائل 

99

تعتبر مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا مرتعاً لتجار ومروجي ومتعاطي “المخدرات” على اختلاف أنواعها، بما في ذلك زراعة “الحشيش”  وتهريبه، وقد ظهرت العديد من المؤشرات على وجود تورط مباشر من قبل بعض قياديي الفصائل بتجارة المخدرات وزراعة “الحشيش” وتهريبه باتجاه مناطق سيطرة كل من “هيئة تحرير الشام” و”قوات سوريا الديمقراطية” كمصدر تمويل كبير رغم أنها تدعي شن حملات اعتقالات لتجار المخدرات في المنطقة.
وأفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فصيل “فرقة السلطان مراد” يعمل على زراعة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية “الحشيش” في قرية “رشو عطية” الواقعة ضمن منطقة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لتركيا، حيث تقدر مساحة الأرض المزروعة بنحو تسعة آلاف دونم وتعود ملكية هذه الأراضي لأبناء القرية الذين تم تهجيرهم من قبل الفصائل الموالية لتركيا.
وبحسب المصادر، فإن أبناء إحدى العائلات التي لم تغادر المنطقة زودت “مؤسسة معارضة” بصور توثيقية للأراضي الزراعية المزروعة بالحشيش، في حين تمنع الفصائل المدنيين الاقتراب منها بأوامر من قيادة فصيل “فرقة السلطان مراد” المدعوم من تركيا والذي يعد من أبرز الفصائل المنضوية تحت مسمى “الجيش الوطني السوري”.
وأفادت السيدة (ه.ط) 67 عاماً وهي من سكان ريف رأس العين ولم تغادر المنطقة في حديثها مع المرصد السوري لحقوق الإنسان،  بأنها تتابع ما يجري في قرية “رشو عطية” لأن أراضي القرية لأقاربها الذين نزحوا عنها بفعل العملية العسكرية التركية عام 2019، وذلك لإخبار أقاربها بما يجري في ممتلكاتهم باستمرار، وتقول أنها لاحظت بأن الفصائل الموالية لتركيا مثل فصيل “فرقة السلطان مراد” منعها ومنع أبناء المنطقة والمهجرين الذين تم توطينهم في المنطقة من الاقتراب من القرية التي تحولت لمنطقة عسكرية.
وتضيف، أنها شاهدت عبر منظار من مسافة تقدر بمئات الأمتار، نبتة خضراء تم زراعتها شمال القرية التي لا يتجاوز عدد منازلها 30 منزلاً،
وتشير، إلى أنها أرسلت أحد أبناءها  الذي يبلغ من العمر “28 عاماً” ليتأكد من المزروعات، فأخبرها بعد عودته بأن الفصائل زرعت مادة “الحشيش” في القرية ولذلك يمنع علينا الاقتراب حتى لا يكتشف ذلك.
وفي شهادتها للمرصد السوري لحقوق الإنسان تقول السيدة (ك.ع) النازحة في مدينة القامشلي وهي من أبناء القرية بأنها تلقت صوراً يكاد يظهر فيها الخضار بطرف القرية من إحدى النساء في قرية مجاورة فيما يتوقع بأن ما تم زرعه في القرية هي مادة “الحشيش” لكون هذا الوقت من السنة لا يوجد خضار في المنطقة ولا يزرع القمح و القطن ولا الذرة الصفراء، وأنها تلقت تأكيداً من أحد معارفها في المنطقة بأن فصيل “فرقة السلطان مراد” الموالي لتركيا قد عمد إلى زرع أراضي زراعية تعود ملكيتها لزوجها (ص. ع) وهي بمساحة تقدر بنحو 125 دونم.
أما ( ر.ع) فيقول في حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأنه يتلقى باستمرار اتصالات من جيرانه العرب في القرى المجاورة ممن لم ينزحوا من ريف رأس العين ضمن منطقة “نبع السلام”، مؤكداً بأن فصيل”فرقة السلطان مراد” يزرع جميع أراضي القرية بالقمح والذرة الصفراء وأنهم يسرقون ما يجنونه من هذه الأراضي بالكامل، وأنه تلقى معلومات من جيرانه بأن الفصيل قد يكون زرع “الحشيش” في القرية وذلك بسبب منعه أهالي المنطقة ورعاة الأغنام والنازحين من الاقتراب من شمال القرية وصولا للحدود التركية.
الفصائل الموالية لتركيا تدعي محاربتها لترويج “المخدرات” ضمن مناطق سيطرتها عبر شن حملات اعتقالات لتجار المخدرات ومروجيها وضبط كميات من “المخدرات” بعدة أنواع منها مخزنة لدى شبكات وتجار “المخدرات”، لكن العديد من الآراء تؤكد بأنها مجرد حملات وهمية وتنتهي بإطلاق سراح هؤلاء بعد مدة قصيرة، وذلك بحسب الناشط الصحفي المقيم في بلدة إعزاز في ريف حلب الشمالي (أ.أ) وذلك خلال حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان.
يقول، هناك تعاون وثيق وارتباط بين قيادات الفصائل الموالية لتركيا وتجار “المخدرات” ومن بين أبرز فصيلين معروفين بهذا الجانب هما “الجبهة الشامية” و”فرقة السلطان مراد”، والدليل على عدم جدية الفصائل في القضاء على تجار ومروجي “المخدرات” بأن الحصول عليها بات سهلاً جداً وبشكل علني غالباً، وهذا معروف بالنسبة لأبناء المناطق كافة، والدليل الآخر هو استمرار تجارتها بل وتزايد أعداد التجار والمروجين رغم ادعاء الفصائل بملاحقتهم.
ويوضح، أن الفترة الماضية كانت مليئة بأخبار ضبط معامل تصنيع “المخدرات” وضبط كميات كبيرة منها كانت في طريقها للتهريب لمناطق مجاورة مثل تركيا ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية و “هيئة تحرير الشام”، وقد وصلت معلومات عديدة حول تورط بعض الشخصيات في هذه التجارة على رأسهم قياديين من فصيل “فيلق الشام” والمدعو “فهيم عيسى” قائد فصيل “فرقة السلطان مراد”.
ويرجح (أ.أ)، بأن معظم الثروات المالية الكبيرة التي يتمتع بها قيادات الفصائل هي جراء التجارة والعمل بالممنوعات وعلى رأسها تجارة “المخدرات” وزراعة “الحشيش” والتهريب والسرقات وغيرها، فهي تنتشر انتشار واسع ضمن مناطق ريف حلب الشمالي وقد أصبحت ظاهرة تعاطي “المخدرات” بجميع أنواعها من أبرز الظواهر السلبية المنتشرة لاسيما ضمن فئة الشباب وخصوصاً عناصر الفصائل العسكرية.
بدوره يتحدث الشاب (ع.م) وهو عنصر سابق منشق عن فصيل “فرقة السلطان سليمان شاه” ويقيم في ريف إدلب الشمالي للمرصد السوري لحقوق الإنسان عن حجم ظاهرة تعاطي “المخدرات” وطرق ترويجها بإشراف بعض الفصائل وقياداتها، قائلاً، هناك مناطق زراعية مخصصة لزراعة “الحشيش” في عدة بلدات وقرى في ريف حلب الشمالي ويشرف عليها قياديون في عدة فصائل ومن بينها فصيل “فرقة السلطان سليمان شاه في ناحية الشيخ حديد/ شيه.
مضيفاً، أما طريقة الحصول على الحبوب المخدرة و”الحشيش” فهي تكون محصورة لدى مدنيين يتبعون للفصائل ويعملون تحت حمايتها وبحال تم إلقاء القبض عليهم فمن المعروف بأنه يتم الإفراج عنهم فوراً بعد دفع الأموال، وغالباً يحصل المتعاطين على “المخدرات” من عناصر بشكل خفي كما وتعرف أيضاً طريقة أخرى وهي الحصول عليها من قبل أشخاص يعملون في بيع المشروبات على الطرقات “الإكسبرس” وآخرين يعملون في مجال بيع الدخان “التبغ”.
ويلفت إلى أن “المخدرات” منها ما يتم تهريبه من مناطق سيطرة قوات النظام السوري عبر طرق التهريب الواقعة تحت سيطرة الفصائل، أما مادة “الحشيش” فهي متوفرة بشكل أكبر وتزرع بعدة أماكن، وهناك أنواع أخرى شبيهة “بالمخدرات” مثل ما تعرف باسم “حبوب الهلوسة” التي يتعاطاها جزء كبير من عناصر جميع الفصائل دون استثناء، وهناك أيضاً إدمان على حب “الترامادول” الدوائية التي تسبب إدمان شديد.
وعرضت ما تعرف باسم “هيئة ثائرون” التابعة “للجيش الوطني” الموالي لتركيا يوم الخميس 14 تموز/ يوليو الجاري تسجيلاً مصوراً لما قالت بأنه اعترافات شخصين لتورطهما بتجارة “المخدرات” في مناطق ريف حلب الشمالي وتعاملهما مع “حزب الله اللبناني” الذي يقوم أحد أفراده بتزويدهم “بالمخدرات” عبر طرق التهريب في مدينتي نبل والزهراء، وبحسب “هيئة ثائرون” فقد تم مصادر كميات من “المخدرات” و”الحشيش” بلغت نحو 50 كيلو غراماً.
وبتاريخ 21 أيار/ مايو الفائت الفصائل الموالية لتركيا عن شن حملة أمنية واسعة ضد تجار ومروجي “المخدرات” ضمن مناطق سيطرتها وبحسب ما تعرف باسم إدارة “التوجيه المعنوي” التابعة “للجيش الوطني” الموالي لتركيا فقد أسفرت الحملة عن اعتقال 15 شخصاً من تجار ومروجي “المخدرات” وضبطت حينها كميات كبيرة منها.
وسبق أن ضبطت “هيئة تحرير الشام” العديد من شحنات “المخدرات” التي كانت مجهزة للتهريب إلى مناطق سيطرتها  عبر الحدود الفاصلة بين المنطقتين في كل من ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي بالقرب من معبري “الغزاوية” و”دير بلوط”، فبتاريخ 26 آذار/ مارس الفائت ضبط عناصر “جهاز الأمن العام” التابع “لهيئة تحرير الشام” كمية مهربة من مادتي “المخدرات” و”الحشيش” كانت متجهة من خلال معبر “الغزاوية” باتجاه مناطق إدلب وريفها، وبحسب “هيئة تحرير الشام” فإن الكمية بوزن 11 كيلو غرام من  “الحشيش” و ثلاثة كيلو غرام من “الكبتاغون” كانت مخبأة في سيارة “هيونداي” زرقاء اللون محملة بقطع غيار سيارات.
كما وضبطت “هيئة تحرير الشام” بتاريخ 12 شباط/ فبراير الفائت شاحنة كبيرة محملة بحبوب “المخدرات” كانت قادمة من مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا عبر معبر “الغزاوية”، وقدرت الكمية المضبوطة بأكثر من مليون حبة “مخدرات”، واعترف المهربون حينها بنيتهم إدخال هذه الكمية إلى منطقة “خربة الجوز” في ريف إدلب الغربي وأنهم نجحوا في مرات سابقة بإدخال كميات مماثلة.
أما الحادثة الأبرز التي تدل على تورط قيادات العديد من الفصائل بتجارة وترويج “المخدرات”، فقد حصلت بتاريخ 3  تشرين الأول/ أكتوبر من العام الفائت 2021، حيث ضبطت “الشرطة العسكرية” التابعة “للجيش الوطني السوري” حينها مصنعاً لتصنيع “المخدرات” في قرية “برج عبدالو” التابعة لبلدة الباسوطة في ريف حلب الشمالي وذلك بعد اشتباكات مسلحة استمرت لأكثر من ساعتين مع المتواجدين في المصنع وانتهت بضبطه بشكل كامل واعتقال أربعة أشخاص كانوا يعملون فيه، وبحسب المعلومات فإن المصنع تعود ملكيته للمدعو “عبدو عثمان” العامل مع القائد العسكري لفصيل “فرقة الحمزة” المدعو “عبد الله حلاوة”، ويتم تمويل المصنع من قبل كل من “طارق زعزع” و”بلال زعزع” المقيمان في مدينة مرسين التركية وهما أقرباء “عبدو عثمان”.
ويجدر بالذكر بأن ظاهرة تجارة “المخدرات” لا تنحصر ضمن منطقة معينة في سوريا بل تزايدت بشكل لافت وكبير منذ بداية أحداث الثورة السورية بسبب الانفلات الأمني وحالة الفوضى الأمنية وغياب القانون وتعدد أطراف الصراع المسلح، وقد شهدت الفترات الماضية العديد من حالات تهريب شحنات كبيرة من “المخدرات” باتجاه عدة دول مجاورة عن طريق مناطق النظام السوري والمناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا والجماعات الجهادية.