من نتائج اجتماع  “الجولاني” و”حكومة الإنقاذ”.. تثبيت السعر الجديد لربطة الخبز والتلاعب بوزنها

55

 

لم تصمد وعود “حكومة الإنقاذ” وزعيم هيئة تحرير الشام “الجولاني” طويلًا، أمام سكان إدلب، حيث أن انخفاض قيمة الليرة التركية كان قريبًا، بعد أن وعدوا بتثبيت سعر ربطة الخبز وفك ارتباط المادة بقيمة الليرة التركية، التي كسرت حاجز الـ 13 ليرة تركية مقابل الدولار الأمريكي.
وفي سياق ذلك، خفضت “حكومة الإنقاذ” وزن ربطة الخبز في مناطق نفوذها 100 غرام لتصبح 500 غراماً، مع الاحتفاظ على السعر وهو 3 ونصف الليرة التركية.
وأشار المرصد السوري قبل أيام إلى تدهور الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار في مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام والمناطق التي تديرها مؤسسات “حكومة الإنقاذ” التي أصبحت قريبة من انفجار شعبي و”ثورة جياع” يُعرض الحكومة وهيئة تحرير الشام لعواقب لم تكن بالحسبان، في حين اجتمع زعيم جبهة النصرة “أبو محمد الجولاني” مع أركان حكمه لإطلاق بوادر من شأنها حل أزمة الأسعار في مناطق نفوذه تمخضت عن وعود وتصريحات بإنقاذ تدهور الواقع المعيشي في إدلب، بعد غضب و استياء شعبي كبير بين أوساط المدنيين بسبب غلاء أسعار المعيشة بشكل عام لاسيما المواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات وغيرها ما دفعه لمحاولة تطمين الشارع.
ومن أبرز التصريحات التي أدلى بها “الجولاني” هي نيته بدعم مادة الخبز ضمن مناطق إدلب وريفها بمبلغ يقدر بنحو ثلاث مليون دولار أمريكي، وبحسب الجولاني فإنه سيتم دعم مادة الخبز في 40 فرناً آلياً في إدلب وهو حل لن ينهي المشكلة، بسبب الكثافة السكانية في المنطقة التي يقدر عدد سكانها بأكثر من أربعة مليون نسمة وعدد الأفران الكبير يزيد عن ضعف الأفران التي يشملها الدعم، ما سينتج عنه توجه للمدنيين لشراء الخبز فقط من الأفران المدعومة، بالإضافة إلى شراء المعتمدين الخبز منها لبيعها بسعر أعلى، ما سيزيد الطين بله.
وأضاف الجولاني في تصريحاته خلال اجتماع لما يعرف بـ”مجلس الشورى” الذي دعى لجلسة طارئة لمناقشة أزمة الخبز بتاريخ 23 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أنه سيتم العمل على إنهاء الأزمة وتثبيت وزن وسعر ربطة الخبز، وأوضح أن التنمية الاقتصادية في المنطقة كانت عبارة عن خطة استراتيجية بدأ العمل عليها منذ ثلاثة سنوات وذلك لمواجهة مشكلة “الأمن الغذائي”.
وفي الواقع فإن أسعار المواد وسعر ربطة الخبز مرتبط بقيمة العملة التركية المتداولة في إدلب التي فرضتها “حكومة الإنقاذ” على المواطنين ومنعت تداول العملة السورية.
وأوضح أن المرحلة الأولى من الخطة كانت تهدف لدعم المدارس والجامعات والحفاظ على الموارد البشرية لحاجة المنطقة لوجود العنصر البشري المتعلم الذي من شأنه النهوض بالاقتصاد، أما المرحلة الثانية من الخطة الاستراتيجية تهدف لتهيئة البنى التحتية لإقامة المشاريع وهذا ظهر مؤخراً “بحسب تعبيره”.
ولفت “الجولاني” أن المرحلة الثالثة تهدف لمواجهة أزمة “البطالة” وتوفير فرص العمل من خلال إقامة المشاريع، ونظراً لوجود أزمة حالياً فقد تم إعادة ترتيب هذه المراحل للقضاء على أزمة الخبز على حساب أولويات أخرى كان يخطط لها.
كما شدد “الجولاني” على ضرورة أن يتحمل كل مسؤول في منطقة إدلب مسؤولياته تجاه الأزمات الاقتصادية التي تحدث، وأن لا يقف كالجمهور المتفرج ولا يعمل على ردات الفعل فقط.
تصريحات الجولاني التي أدلى بها في اجتماع “مجلس الشورى” التابع “لهيئة تحرير الشام” جاءت بعد أيام من موجة استياء  شعبية كبيرة بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير وخفض وزن ربطة الخبز لتصبح 450 غرام فقط بعد أن كانت منذ نحو ستة أشهر أكثر من كيلو غرام، حيث أطلق ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي حملة مناهضة لقرار خفض وزن ربطة الخبز وحملت عنوان” إلا الخبز يا حكومة الإنقاذ” وشارك فيها عشرات الناشطين في مناطق إدلب وريفها مطالبة بتحسين وزن ربطة الخبز باعتباره مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها.
نتائج تصريحات “الجولاني” جاءت بعد يوم واحد فقط، حيث أصدرت “حكومة الإنقاذ” متمثلة بـ”وزارة الاقتصاد” الأربعاء 24 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري قراراً يقضي بتحديد وزن ربطة الخبز المدعومة 600 غرام بسعر ليرتين ونصف تركية وبعدد 7 أرغفة، كما حدد القرار وزن ربطة الخبز الغير مدعوم 600 غرام أيضاً لكن سعرها سيكون ثلاث ليرات ونصف تركية، وكلفت الوزارة “المؤسسة العامة للتجارة وتصنيع الحبوب” بمتابعة تنفيذ القرار، ويبدأ تطبيقه يوم الخميس الواقع في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.
وعن ردة الفعل حول القرار الذي صدر حديثاً بعد يوم واحد من خطاب “الجولاني” فقد كانت الردود مختلفة، حيث أبدى الكثير من الموالين “لهيئة تحرير الشام” ترحيبهم بالقرار معتبرينه حلاً مناسباً لأزمة الخبز في إدلب، بينما علق البعض على القرار بأنه محاولة فاشلة من “تحرير الشام” و”حكومة الإنقاذ” لاسكات صوت المدنيين المطالبين بإنهاء أزمة الخبز، فيما اتهم البعض “تحرير الشام” بأنها ستوجه الدعم فقط للأفران التابعة لأشخاص يتبعون لها أو موالين، واعترضوا على فكرة دعم مادة الخبز في أفران معينة دون أخرى ما سيخلق أزمة جديد وهي الازدحام الذي سيكون أمام هذه الأفران.
إجراءات “هيئة تحرير الشام” و”حكومة الإنقاذ” لإنقاذ الواقع المعيشي والدعم الذي قدمه “الجولاني” لمادة الخبز ليست سوى جزءاً بسيطاً مما يجنيه من أموال جراء هيمنته على جميع المنافذ والمناحي الاقتصادية في إدلب، حيث تضع “تحرير الشام” يدها على جميع المعابر التي تفصل مناطق سيطرتها عن مناطق سيطرة النظام والفصائل الموالية لتركيا إضافة لمعبر”باب الهوى” الحدودي مع تركيا، وتستفيد يومياً عشرات آلاف الدولارات من الحركة التجارية وفرض الضرائب على هذه المعابر، كما تفرض أيضاً ضرائب مالية على المنظمات الإنسانية العاملة ضمن مناطق سيطرتها تقدر بنسبة 15 بالمئة، وضرائب أخرى على المدنيين مثل المحلات التجارية والزراعة وغيرها.
ومن أبرز المشاريع الاستثمارية التابعة “لتحرير الشام” هي شركة “وتد للبترول” التي تعد أحد أهم الشركات في الشمال السوري وتتفرد وتحتكر المحروقات في جميع مناطق سيطرة” تحرير الشام” وبعد ساعات قليلة من خطاب وتصريحات “الجولاني” أصدرت نشرتها الخاصة بأسعار المحروقات، حيث تفاجأ جميع السكان بسعر إسطوانة الغاز الذي وصل بحسب النشرة لنحو 157.5 ليرة تركية بعد أن كانت منذ نحو أسبوع فقط بسعر 122.5 ليرة، وبحسب النشرة الجديدة فقد ارتفع سعر لتر البنزين لحد 11.32 ليرة تركية، ولتر المازوت المستورد بسعر 10.54 ليرات تركية.
بينما لا تزال هيئة تحرير الشام تمنع وصول المحروقات الرخيصة من مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا في ريف حلب، وتفرض ضريبة كبيرة على النفط المكرر بدائيًا لإدخاله إلى محافظة إدلب.
أي أن الجولاني يدعم الأفران بيده اليمنى ويسترد ما قدمه بيده اليسرى عبر شركة وتد، في حين أن المشكلة الأساسية غلاء المحروقات وليس ارتفاع أو انخفاض الليرة التركية، لأن المحروقات تؤثر على التكلفة التشغيلية للمصانع والآلات والأفران والنقل.