نحو 700 عائلة في مخيمات “قاح” و”الغرباء ” شمال إدلب مهددون بالنزوح منها بسبب إهمال المنظمات الإنسانية لهم وبناء الخيام في أراضي الزيتون

44

تتجدد مآسي النازحين مع كل شتاء منذ ثمانية أعوام مرت عليهم مع أوائل قطرات المطر المتساقطة يدعون الله بالخلاص والنجاة من فصل الشتاء وما إن يقدم فصل الصيف حتى يدعون الله بالخلاص منه، برغبة عارمة من سكان المخيمات بالخلاص من سكنهم وهكذا تمر الفصول الأربعة في مخيمات الشمال السوري الواقعة على طول الحدود التركية السورية، فما أن تهطل أمطار الخير إلا وتنقلب هذه النعمة إلى نقمة على سكان هذه المخيمات ،  حيث تسوء الحالة بشكل عام تترافق مع انقطاع الطرقات الطينية وجريان سواقي الشتاء بها ، كما يعاني سكان المخيمات من الخيام التي تأويهم وسوء تنظيمها وشح خدماتها، فغالبية الخيام مهترئة من العوامل الجوية ومضى على بنائها سنوات عدة، شيدها أصحابها في أراضي زراعية على أرضية ترابية أو من البقايا الرملية التي تتأثر بفعل مياه الأمطار لتصبح طيناً يملأ جنبات المخيم، و ما يزيد من حجم الكارثة الخيم التالفة الغير قادرة على تحمل الأمطار الغزيرة التي تنهمر في فصل الشتاء، كما أن بنائها دون أرضية اسمنتية تجعلها غير مدعمة بشكل يكفي لمقاومة العواصف المطرية وتغيرات الطقس بشكل عام، في حين تتواصل أعمال الإصلاحات في الخيمة والمحيط والطرقات المجاورة ويتكلف النازحون مبالغ مالية في فصل الشتاء بعد انجراف الخيم وخراب يحل بالأثاث المنزلي، بالإضافة لمعاناتهم أثناء تشردهم وخروجهم من الخيم لفترة طويلة في حال الفيضانات لحين إصلاحها أو شراء خيم جديدة على نفقتهم الخاصة، تحت مسمع ومرأى المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، وإدارة شؤون المخيمات التابعة لحكومة الإنقاذ.

مخيم ” الغرباء” الذي بُنيَّ في أواخر عام 2017 ويقطنه نحو 200 عائلة شردتهم الحرب من منازلهم في ريفي حماة وادلب، و هو واحد من بين عشرات المخيمات التي تتكرر معاناتها وتجرف فيضانات الشتاء خيامها وينزح النازحون منها إلى العراء باحثين عن مأوى، حيث تعرض مخيم “الغرباء” في العام 2018 الفائت للإنجراف في خيامه وأرضيته مرتين خلال العام وذلك بفعل الأمطار الغزيرة التي شكلت فيضانات عمت معظم مخيمات الشمال السوري، وتسببت في كارثة إنسانية لم تحرك ضمائر المنظمات الإنسانية آنذاك، كما يتخوف سكان المخيم من تكرار الفيضانات مع اقتراب شتاء هذا العام، وسط مطالبات القاطنين بضرورة تجهيز المخيم لتفادي حدوث مأساة جديدة في هذا العام، دون أي استجابة حتى الآن، بسبب فقدان السيطرة وتغطية الاحتياجات ذات الأولوية وزيادة أعداد النازحين بسبب وفود مئات الآلاف الجدد جراء خسارة المعارضة السورية لعشرات المناطق بين مدن وبلدات وقرى ومزارع ، ومع الكثافة السكانية و الأعداد الهائلة من النازحين التي يشكل سكان المخيمات نحو 25% من إجمالي عدد سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمال سوريا  وقد أصبح الشتاء على الأبواب الذي يحمل معه مزيداً من الأعباء والمصاعب، مع تردي وضع المخيم من جميع الجوانب، سواءً كان ندرة الدعم وشح المساعدات الإغاثية، وقلة الغذاء ومياه الشرب، وندرة الخدمات المتمثلة في أدناها كفرش البقايا الرملية للأرضيات وتبديل الخيم ودعمها بعازل مطري وتجهيز الصرف الصحي.

وفي مخيم آخر بالقرب من بلدة “قاح” تعاني أكثر من 500 عائلة نازحة، من حالة مأساوية في ظل انقطاع تام للمساعدات الإغاثية والطبية وجميع مقومات الحياة الأساسية، ويقدر عددهم بقرابة 2500 نسمة، تخلى عنهم جميع من يدعي الإنسانية حيث اكتفت المنظمات  بتدوين احصائياتها، دون الرجوع اليهم وتقديم مايلزمهم ، وتقع بلدة قاح في ريف إدلب الشمالي بالقرب من الحدود السورية – التركية، ويتواجد بها عدد من المخيمات التي تأوي نازحين ومهجرين من عدة محافظات سورية، وقد عرفت المخيمات المتواجدة في البلدة منذ عدة سنوات بسوء وضعها المعيشي، وتردي الخدمات وانعدام الدعم من المنظمات الإنسانية، وزادت أعداد النازحين في هذه البلدة بشكل كبير عقب العمليات العسكرية الأخيرة والتي تسببت بنزوح أكثر من 700 ألف  نسمة باتجاه مناطق حدودية أكثر أمناً، غالبية قاطني المخيم من أهالي وسكان ريف حماة الشمالي إدلب الجنوبي، توجهوا إلى منطقة قاح دون وجود مكان يأويهم، حيث عمل النازحين على إنشاء خيام بدائية بما توفر لديهم من شوادر زراعية أو خيام قديمة، وما تزال بعض العائلات تفترش تحت أشجار الزيتون وفي العراء بانتظار وصول المنظمات الإنسانية التي لم تلتفت لهم بعد أن مضى على وجودهم في بلدة قاح أكثر من 3 أشهر، عاجزين عن شراء خيمة، والتي يبلغ سعرها قرابة 200 دولار أمريكي، كما أن أسعار المواد الغذائية والتموينية في ارتفاع متزايد مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع سعر تصريف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، كما أن العائلات النازحة في بلدة قاح تعاني من عدة صعوبات أخرى مثل الحصول على مياه صالحة للشرب وصعوبة الحصول على الطاقة الكهربائية، وسوء الخدمات في المكان الذي تتواجد فيه، من وعورة الطرقات والأرضية الغير مجهزة بشكل جيد، وعدم وجود صرف صحي وأماكن مخصصة للخلاء، وانتشار الحشرات الضارة وغيرها العديد من الصعوبات التي تواجههم في مكان تواجدهم على أطراف البلدة،  كما أن معظم العائلات التي شيدت خيامها بين أشجار الزيتون مهددة بالإخلاء من أماكنها نظراً لاقتراب موعد قطاف ثمار الزيتون بالإضافة إلى الصعوبات آنفة الذكر، التي يواجهها النازحون في الشتاء

علماً أن عشرات المخيمات مشابهة لوضع مخيم ” الغرباء”  و ” مخيمات قاح ” دون وجود أي فائدة من طرق أبواب المنظمات والجمعيات ولا الحكومات “المعارضة” المشغولة بفرض الضرائب على المواطنين فلا مجيب لنداء النازحين والمهجرين لتقديم أقل ما يلزم من أجل ضمان وجودهم في خيمة تحميهم من مطر الشتاء ولا تشردهم في فصل الشتاء القادم، ومن الناحية المعيشية فإن المخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ولا تحظى بدعم من قبل المنظمات الإنسانية، باستثناء منظمة واحدة  تقدم سلل غذائية على فترات متقطعة، بالإضافة لعدم وجود مركز صحي قريب من المخيم، و تعاني العائلات من أزمة مياه الشرب، بالإضافة لعدم وجود صرف صحي جيد، و طريق جيد يصل المخيم بالخارج، فهو يعاني من تردي الحال بجميع الجوانب، ويحتاج لعمل جاد و دعم إغاثي وخدمي وصحي، وتتواجد على طول الشريط الحدودي مع تركيا العديد من تجمعات النازحين التي تأوي مئات الآلاف، مثل تجمعات أطمة ودير حسان وحارم وخربة الجوز والزوف وسلقين ودركوش، وتعاني جميعها حالة مأساوية، تزيد مع حلول فصل الشتاء مع ما يحمله من برد قارس وسيول جارفة، في ظل انعدام شبه تام للمساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الإنسانية، وغياب دور فاعل للجهات المسؤولة.