نكبة “حزب الله” في سوريا

28

توالت انباء التطورات الميدانية الدراماتيكية تباعا في سوريا، فبعد اقل من شهر على سقوط مدينة ادلب بيد المعارضة السورية وقواتها المؤتلفة تحت اسم “جيش الفتح”، سقطت مدينة جسر الشغور الاستراتيجية وتبعتها مجموعة من المواقع العسكرية القريبة وصولا الى منطقة سهل الغاب التي تعتبر حلقة مركزية تصل منطقة الساحل السوري حيث قلب النظام، بمدينتي حلب وحماة. وكان لافتا منذ معركة ادلب ان مجموعة من الفصائل الاسلامية الكبرى بينها “جبهة النصرة” تمكنت من تجاوز خلافاتها وتنافسها، وتشكيل قوى عسكرية مشتركة على مستوى عال من التنسيق بحيث تمكنت من اجتياح مواقع نظام بشار الاسد بسرعة، قياسا على حال المراوحة التي استمرت لاكثر من ثلاث سنوات. يأتي ذلك وسط حديث متزايد عن تبلور “التفاهمات” التي حصلت اخيراً بين السعودية وتركيا وقطر، للعمل على احداث تغيير ملموس على الارض في سوريا. ووسط حديث آخر تزايد في المدة الاخيرة في المحافل الدولية، ومفاده ان نظام بشار الاسد الذي منع من السقوط ربما اقتربت نهايته، وذلك في اطار معركة تقليم اظافر ايران في المنطقة التي تبجح مسؤولوها في المدة الاخيرة بأنها تسيطر على اربع عواصم عربية!

في الجنوب فشل النظام وميليشيات ايران الطائفية وفي مقدمها “حزب الله” في استعادة المبادرة، وسقطت بصرى الشام، ولم تتم استعادة بصرى الحرير، وسقط آخر منفذ حدودي مع الاردن بيد المعارضة المؤلفة من تحالف فصائل اسلامية احداها “جبهة النصرة”. وفي القلمون تحولت الارض الى فيتنام حقيقية بالنسبة الى مسلحي “حزب الله” الذين يقتلون يوميا من دون ان يتمكنوا من تحقيق اي انجاز عسكري دائم يحسم المعركة.
وقبل يومين عادت الطائرات الاسرائيلية الى الإغارة على مواقع للنظام و”حزب الله” تحتوي صواريخ “سكود” متطورة، فيما يقوم “حزب الله” بتوزيع شائعات عن قرب بدئه “معركة الربيع” في القلمون ضد الثوار السوريين. ويسجل في هذا الاطار السعي المتواصل من قبل الحزب الى توريط الجيش اللبناني في المعركة ليؤدي دور الظهير في المعركة!
سواء أطلق “حزب الله” ما يسميه “معركة الربيع” ام لا، فإن الواقع على الارض يفيد أن المعادلة غير قابلة للتغيير، وبأن اكثر ما يمكن ان يحصله الحزب من مكاسب (اذا استطاع ذلك) سيكون موقتا وغير دائم، لان الارض تغيرت في سوريا بين الشمال والجنوب. ولان قوى الثورة متجددة، وفي تزايد مطرد، وتسليحها يرتفع في مستواه مع مرور الوقت. ان الحقائق على الارض لا يمكن تكذيبها: ان نظام بشار الاسد ساقط في النهاية. و”حزب الله” سيهزم في سوريا بعد ان يكون ضحى بمئات الشبان اللبنانيين المخدوعين. والحقيقة التي يستحيل دحضها تتلخص في امر واحد: يستحيل ان تنتصر الاقلية في سوريا. قصارى القول ان النظام ميؤوس منه، و”حزب الله” يأخذ بيئته الحاضنة الى نكبة تاريخية.

 

علي حمادة

النهار