هدنة “الحي الأخير” في حمص تبدأ.. و700 شخص يغادرون

26

خرجت عشرات العائلات التي كانت محاصرة مع جرحاها في حي الوعر الحمصي، اليوم الأربعاء، في حافلات وفرها نظام الأسد ضمن اتفاق هدنة بين الطرفين دخل حيّز التنفيذ، برعاية الأمم المتحدة وإشرافها.

وتجمع نحو 700 شخص جلهم من النساء والجرحى والعجّز، وبعض المقاتلين، منذ ساعات الصباح الباكر في أحد الشوارع بانتظار الحافلات التي أقلتهم لاحقاً إلى خارج حي الوعر المحاصر.

وهذه هي الدفعة الأولى من عدة دفعات يترقب أن تغادر الحي المحاصر.

وأفادت تنسيقيات الثورة السورية في الحي، أن الدفعة الأولى التي غادرت اليوم عبر 14 حافلة نقل كبيرة برفقة سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري، ضمت 300 مقاتل و160 عائلة كانوا قد أخرجوا من حمص القديمة في هدنة عام 2013، إضافة إلى 25 حالة إنسانية ممّن يعانون شللاً تاماً نتيجة لقصف النظام، في حين ذكرت وسائل إعلام تابعة لنظام الأسد، أن عدد المقاتلين الذين سيغادرون الحي يبلغ 300 بالإضافة إلى 400 من المدنيين.

– الوعر سيبقى لنا

وأكد الناشط الإعلامي مهند الخالدية، من داخل حي الوعر، لـ”الخليج أونلاين”، أن المقاتلين الذين سيخرجون مع الجرحى في هذه الدفعة، هم ممّن يرفضون التفاوض مع نظام الأسد ومبدأ الهدنة، ونسبتهم لا تشكل شيئاً مقارنة بمن بقي، وذكر أن المقاتلين سيتوجهون إلى قلعة المضيق بريف حماة.

وأضاف الخالدية أن النظام حاصر حي الوعر منذ مارس/ آذار 2013، وتراوحت شدة قسوة بين جزئي ومطبق، لكن الشهرين الأخيرين شهدا انتهاء المساعدات و”حرمنا النظام حتى من الخبز”.

ولفت إلى أن الأمم المتحدة التي تحاول منذ نحو سنة إبرام هدنة، تدخلت مؤخراً وسمح النظام بإدخال مساعدات كحسن نية.

وحول المرحلة التالية، لفت الخالدية إلى أن أحد المعابر الإنسانية سيفتح، وهو “معبر المهندسين”، حيث سيسمح بالدخول والخروج لسكان الحي الحاليين فقط ممّن هم غير مطلوبين لنظام الأسد.

واعتبر الخالدية أنّ الهدنة خير لأهالي الحي المحاصر، وهي نموذج جيد لما يمكن أن تكون عليه الهدن بين المناطق المحررة ونظام الأسد، مشدداً على أن: “الوعر سيبقى لنا”.

– ثابتون على الجبهات

بدوره، قال مقاتل من داخل حي الوعر ظهر في شريط فيديو صُوّر أثناء تجمع أهالي الحي لوداع المغادرين، وبثه مركز حمص الإعلامي على يوتيوب: “هؤلاء الناس الذين تشاهدونهم لن يغادروا، من سيخرج هم فقط الجرحى وعوائلهم، والمقاتلون صامدون على الجبهات، المقاتلون وكتائب الثوار الكبيرة لن تخرج، سيخرج مقاتلون أفراد، نحن ثابتون على الجبهات، هذا حينا وسنبقى في أرضنا”.

وفي تسجيل آخر، بثته لجان التنسيق المحلية، تحدث مقاتل سيخرج ضمن القافلة، وذكر أنه من الجنود المنشقين عن جيش الأسد وهو من حلب، أن سبب خروجه هو أنه لا يريد التفاوض مع النظام، وأنه يريد الذهاب لجبهات أخرى لقتال نظام الأسد، لافتاً إلى وجود “مجاهدين في حي الوعر قدها وقدود بإذن الله”.

ويأتي هذا إتماماً لاتفاق هدنة جرى التوصل إليها الأسبوع الماضي، بين أهالي الوعر، وهو آخر حي متبقٍ للثوار في “عاصمة الثورة”، وبين نظام الأسد الذي يحاصر الحي منذ فترة طويلة.

– هدنة الوعر

وتم التوصل إلى الاتفاق خلال لقاء عقد الثلاثاء الماضي (مطلع الشهر الجاري) بحضور ممثلين عن جميع الفصائل المقاتلة في الوعر وآخرين عن المجتمع المدني في الحي، وبمشاركة ممثل بعثة الأمم المتحدة في سوريا، يعقوب الحلو، وممثل عن مكتب المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، في دمشق.

وتقسم الهدنة التي أجرتها لجان ممثلة للثوار وأهالي حي الوعر في مدينة حمص مع النظام برعاية الأمم المتحدة إلى ثلاث مراحل:

– المرحلة الأولى من الهدنة، التي بدأت اليوم الأربعاء، تقضي بوقف إطلاق النار بين الجانبين لمدة عشرة أيام، وخروج من أراد من المدنيين والمقاتلين مع سلاحهم الخفيف، وتسهيل عمل هيئات الإغاثة داخل الحي.

– المرحلة الثانية، وتتضمن تسليم خرائط الألغام وجمع السلاح المتوسط، وإطلاق سراح معتقلين يحتجزهم النظام، وعودة النازحين إلى الحي.

– المرحلة الثالثة من الاتفاق الذي قد يستغرق تنفيذه كاملاً نحو شهرين، وتقضي بخروج دفعة من الراغبين في الخروج إلى شمال سوريا وليس إلى ريف حمص الشمالي، ومن المرجح أن تكون الوجهة ريف حماة أو ريف إدلب، وترك القسم المتبقي من السلاح المتوسط للنظام.

كما أن من المقرر أن تفرج سلطات النظام عن 270 معتقلاً من سجونها.

وتسيطر قوات النظام منذ بداية مايو/ أيار 2014 على مجمل مدينة حمص، بعد انسحاب نحو ألفي عنصر من مقاتلي الفصائل من أحياء حمص القديمة بموجب تسوية بين ممثلين عنهم والنظام، بعد عامين من حصار خانق فرضته قوات الأسد.

ويقع حي الوعر في غرب مدينة حمص، وهو آخر الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في المدينة، ويتعرض باستمرار لقصف من قبل قوات النظام التي تحاصره بشكل كامل، وفشلت محاولات سابقة عدة لإرساء هدنة فيه.

ويقيم في الحي حالياً قرابة 75 ألف نسمة، مقابل ثلاث مئة ألف قبل بدء الأزمة السورية في مارس/آذار 2011، وفق أرقام نظام الأسد

المصدر: الخليج اون لاين