هدنة جديدة مؤقتة في حلب.. والشكوك من حولها

21

بدأ الخميس سريان هدنة جديدة لمدة 48 ساعة في مدينة حلب غداة تحذير واشنطن النظام السوري وموسكو من مغبة عدم احترام وقف الاعمال القتالية فيما يشكك محللون بفعالية هذه الخطوة في ظل جمود مفاوضات جنيف.

بدأ الخميس سريان هدنة جديدة لمدة 48 ساعة في مدينة حلب غداة تحذير واشنطن النظام السوري وموسكو من مغبة عدم احترام وقف الاعمال القتالية فيما يشكك محللون بفعالية هذه الخطوة في ظل جمود مفاوضات جنيف.

وياتي دخول هذه الهدنة حيز التنفيذ بعد منتصف ليل الاربعاء الخميس بمبادرة من روسيا، بعد سقوط هدنة مؤقتة في مدينة حلب التي كانت من ابرز المناطق المشمولة باتفاق لوقف الاعمال القتالية بدأ تطبيقه بموجب تفاهم روسي اميركي منذ 27 شباط/فبراير.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية مساء الأربعاء أنه “بمبادرة من روسيا، دخل +نظام تهدئة+ حيز التنفيذ في حلب لمدة 48 ساعة في 16 حزيران/يونيو عند الساعة 00,01 (21,00 ت غ الأربعاء) بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع” من دون تحديد الجهة التي ناقشت معها موسكو القرار.

وتعرضت حلب في الايام الاخيرة لقصف كثيف، اذ استهدفت قوات النظام بالبراميل المتفجرة والصواريخ الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل، فيما اطلقت الاخيرة عشرات القذائف على الاحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام.

وجاء الاعلان الروسي بعد ساعات على تحذير وزير الخارجية الاميركي جون كيري من مغبة عدم احترام وقف الاعمال القتالية وتأكيده انه “على روسيا ان تفهم ان صبرنا ليس بلا حدود”. واضاف “في الواقع هو محدود جدا في ما يتعلق بمعرفة ما اذا كان الاسد سيوضع امام مسؤولياته ام لا” على صعيد الالتزام بوقف الاعمال القتالية.

وقبل وقت قصير من بدء سريان الهدنة، تعرضت الاحياء الشرقية في حلب وفق مراسل لفرانس برس لقصف كثيف من الطائرات الحربية استهدف مناطق عدة.

وتحدث المرصد السوري لحقوق الانسان من جهته عن “قصف متبادل بين الطرفين بعد منتصف الليل قبل ان يسري الهدوء صباح اليوم في احياء المدينة”.

ولم يعلن اي من راعيي اتفاق وقف الاعمال القتالية انهياره بالكامل على رغم سقوط 300 قتيل خلال اسبوعين في حلب بعد نحو شهرين على تطبيقه، ما دفع راعيي الاتفاق، الولايات المتحدة وروسيا، الى الضغط من اجل فرض اتفاقات تهدئة، ما لبثت ان سقطت بدورها.

واقر كيري الاربعاء بان “وقف الاعمال القتالية هش ومهدد”. واعتبر انه “من الحيوي ارساء هدنة حقيقية” مؤكدا استعداد بلاده “لمحاسبة عناصر من المعارضة” ممن يشتبه بارتكابهم انتهاكات او الذين “يواصلون المعارك في انتهاك لوقف اطلاق النار”.

يتوقع محللون الا تصمد هذه الهدنة اكثر من سابقاتها، وبالتالي الدخول مجددا في دوامة العنف، في غياب اي جهد حقيقي لاعادة اطلاق مفاوضات السلام المجمدة في الوقت الراهن.

ويقول مدير الابحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار لوكالة فرانس برس “يشكك السوريون بشكل متزايد في فعالية هذه الهدن المؤقتة التي باتت تبدو مصطنعة وعقيمة شانها شان جلسات التفاوض التي تعلق عليها الامال في كل مرة قبل ان تثير الخيبات”.

ويضيف “يبدو اننا مجددا امام وقف اطلاق نار صوري لا تدعمه اي عملية سياسية حقيقية”.

وتزامن سريان وقف الاعمال القتالية في سوريا نهاية شباط/فبراير مع مفاوضات غير مباشرة بين النظام السوري والمعارضة في الامم المتحدة في جنيف. وجرت منذ كانون الثاني/يناير ثلاث جولات الا انها لم تحقق اي تقدم.

ولم يحدد الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا اي موعد لجلسة جديدة جراء التباعد الكبير في وجهات النظر.

وفي تعليق على ارساء الهدنة الجديدة، اعتبر المرصد السوري لحقوق الانسان ان “الهدن المؤقتة لساعات، ليست من أجل التوقف عن إراقة دماء المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم، إنما هي بمثابة استراحة للقتلة ومرتكبي المجازر بحق أبناء مدينة حلب والشعب السوري قبل استئناف ارتكابهم لجرائمهم”.

وتسبب النزاع الذي تشهده سوريا منذ اذار/مارس 2011 بمقتل اكثر من 280 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وانعكس جمود مفاوضات جنيف والتصعيد العسكري الميداني سلبا على ايصال المساعدات الى المناطق المحاصرة قبل ان تعلن الامم المتحدة قبل اسبوع تبلغها من الحكومة السورية موافقتها على السماح بادخال مساعدات الى المناطق المحاصرة كافة، ودخول قوافل مساعدات تتضمن موادا غذائية الى مناطق عدة ابرزها مدينة داريا المحاصرة في ريف دمشق للمرة الاولى منذ العام 2012.

ويقيم وفق الامم المتحدة نحو 600 الف سوري في مناطق محاصرة في سوريا.

وانتقدت 55 منظمة قريبة من المعارضة السورية او محسوبة عليها الاربعاء اداء الامم المتحدة متهمة اياها بـالانحياز للنظام السوري.

واعتبرت ان “اختيار المنظمة الدولية تقديم التعاون مع الحكومة السورية كأولوية مطلقة على ما سواه، وبغض النظر عن الأثمان المدفوعة لهذا الخيار؛ أوصل الأمم المتحدة إلى منح حق توزيع مليارات الدولارات من المساعدات الدولية إلى طرف واحد فقط من النزاع”.

وردا على الاتهامات، شدد منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في سوريا يعقوب الحلو على ان الامم المتحدة “لا تساعد السوريين بناء على مكان وجودهم ولكننا نساعد السوريين وفق الحاجة”. واوضح ان ارسال قافلة مساعدات الى منطقة محاصرة من دون الموافقة اللازمة من السلطات اشبه “مهمة انتحارية للعاملين في المجال الانساني”.

المصدر: الجريدة