هل يتداعى حكم داعش بالرقة؟.. إليك ما فعلته زوجات مقاتلي التنظيم .. وهذه خطة هروبهم المُحتملة

34

هرب مئات الموالين لتنظيم داعش، خلال الأيام الأخيرة، من مدينة الرقة، العاصمة الفعلية للتنظيم في سوريا، حيث تُنذر الشوارع الخاوية ونقص خدمات المياه والكهرباء بانهيار سيطرة التنظيم على المدينة.

ويقول سكان الرقة إن الشرطة الدينية التابعة للتنظيم والتي تثير خوف المدنيين قد اختفت، وإنه لم يتبق سوى بعض مقاتلي داعش الذين يجوبون الشوارع، بالإضافة إلى بضع نقاط التفتيش العسكرية، حسبما جاء في صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

بدأت موجة مغادرة المدينة عندما حذَّر تنظيم داعش، يوم الأحد الماضي 26 مارس/آذار 2017، من احتمالية انهيار سد الطبقة المجاور جراء القصف الجوي الأميركي. وقد تسبَّب التحذير في بدء موجة نزوح جماعية يعمها الفوضى؛ إذ شرع المسلّحون والمدنيون، على حد سواء، في الهرب إلى مكانٍ أكثر ارتفاعاً.

عاد بعض المقاتلين الذين كانوا قد غادروا المدينة مع عائلاتهم في وقتٍ سابق، ويبدو أن داعش قد أرسل بعض التعزيزات من مناطق مجاورة إلى الرقة. لكن إجمالي قواتهم على الأرض ما زال مُستنزفاً، وفقاً لشهاداتٍ من السكان.

ولم يتضح بعدُ ما إذا كانت موجات الرحيل تُعدّ مؤشرات أولية على تخلي تنظيم داعش عن الرقة، والتي يستعد التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، لمهاجمتها ضمن حملةٍ تهدف إلى هزيمة التنظيم، أم أنه مجرد إعادة تشكيل لقواته على الأرض استعداداً للدفاع عن المدينة؟

وقال التحالف الدولي في بيانٍ له أرسله عبر البريد الإلكتروني لصحيفة وول ستريت جورنال: “ستعود القيادة العليا لتنظيم داعش إلى المناطق التي تعتقد أنها أكثر أماناً، تاركةً وراءها المقاتلين ذوي الرُتب الدنيا والمتوسطة لإدارة المعركة”.

غطاء للهروب

وقد هرب العديد من مقاتلي داعش بالفعل من الرقة، خلال الأشهر الأخيرة، إلى مناطق تمركُز عسكرية نائية جنوباً في محافظة دير الزور.

فيما تكهَّن نشطاءٌ محليون بأن تحذير يوم الأحد الماضي بشأن انهيار السد يهدف إلى توفير غطاء لمقاتلي تنظيم داعش وعائلاتهم للهرب بين المدنيين.

وقال متحدثٌ باسم التحالف الدولي إن تنظيم داعش قد يسعى إلى تفجير السد؛ لمنع قوات التحالف من التقدم.

وقال السكان إن الوضع في الرقة قد تغيَّر بشكلٍ ملحوظ خلال الأيام الأخيرة.

وقال عدي، وهو أحد سكان الرقة، إن عدداً من الزوجات الحوامل لمقاتلي تنظيم داعش قد زرن أخته، والتي تعمل قابلة، الإثنين الماضي 27 مارس 2017؛ لسؤالها ما إذا كانت تستطيع تعجيل موعد الولادة قبل انطلاقهن إلى دير الزور.

ويخشى هؤلاء النساء الحوامل من أن يعلقن بالطريق إذا أَتتهن انقباضات الولادة خلال الرحلة، وفقاً لعدي الذي طلب الإشارة إليه باسمه الأول فقط؛ خوفاً على سلامته.

ويقول السكان إن متاجر البقالة ما زالت مفتوحة، لكنهم يرفعون أسعار السلع بشكلٍ مبالغ فيه، ولم تعد هناك شرطةٌ دينية لفرض ضوابط على الأسعار.

إطلاق السجناء

وأُطلِقَ سراح عشرات السجناء الذين كان قد أُلقي القبض عليهم لارتكابهم جرائمٍ بسيطة كالتدخين، وفقاً لمجموعة حقوقية تقول إن الرقة تُذبَح في صمت.
ويقول أحد ممثلي المجموعة إن آلاف السكان ما زالوا يعيشون في المدينة.

ويقول السكان إن الأوضاع في المدينة باتت مؤلمة؛ إذ أُغلقت المستشفيات ولم تعد خدمات المياه والكهرباء، والتي كان سد الطبقة يزودهم بها، متوافرة.

كانت الرقة رمزاً لقوة داعش ومنطقةً حيويةً من دولة الخلافة المُعلنة من قِبل التنظيم الإرهابي والتي تمتد عبر مساحات واسعة في سوريا والعراق.

لكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بالإضافة إلى قوات أخرى، استطاع تحجيم وجود التنظيم في العديد من المناطق خلال العام الماضي، 2016. وتمكَّنت القوات العراقية من استعادة السيطرة على مساحاتٍ كبيرة من مدينة الموصل من تنظيم داعش.

وتتعرَّض الرقة حالياً لضغطٍ شديدٍ من قِبل التحالف الدولي، والقوات الأميركية، والقوات السورية الديمقراطية المُكوَّنة من مقاتلين عرب وأكراد، الذين يواصلون التقدم حول مدينة الطبقة.

وانتزعت قوات التحالف، الإثنين 20 مارس 2017، قاعدة الطبقة الجوية الاستراتيجية من تنظيم داعش بالإضافة إلى طريق “حماه-الرقة”، وهو ممر رئيسي كان يستخدمه المقاتلون لنقل تعزيزاتهم من المناطق التي يسيطرون عليها في الغرب إلى مواقعهم في الرقة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة تتمركز في بريطانيا، يوم الثلاثاء الماضي 28 مارس 2017، إن تنظيم داعش أرسل 900 مقاتل من الرقة لدعم قواته في مدينة الطبقة.

وقال تنظيم داعش إن قصف قوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، قد دمَّر غرفة التحكم في سد الطبقة.

ونفى المتحدث الرسمي باسم التحالف الدولي تعرُّض سد الطبقة لأي مخاطر هيكلية بسبب قصف قوات التحالف. فيما دعا عدد من المهندسين والتقنيين، ممن يعلمون حالياً على صيانة السد أو عملوا به في وقتٍ سابق، إلى وقف إطلاق النار لإصلاح السد، محذرين من أنه يعاني أضراراً هيكلية تؤثر على سلامته.

وقال دبلوماسي غربي إن تنظيم داعش ربما يكون قد فقد سيطرته على إدارة السد، ما أدى إلى نقص خدمات المياه والكهرباء، التي تحدث عنها سكان الرقة. وأضاف أن المقاتلين قد يسعون إلى إلقاء اللوم على قوات التحالف؛ بسبب عجز السد عن تزويد السكان بالخدمات الضرورية.

هل ينسحب؟

ويقول أيمن جواد التميمي، الباحث السوري في منتدى الشرق الأوسط: “تحمل معركة الرقة في طياتها العديد من التحديات بالنسبة لخطط داعش المستقبلية وصورته. قد يكون الانسحاب من الرقة أمراً منطقياً على أمل تعزيز ما تبقى من مشروع الخلافة. لكن نقص قدرة التنظيم على القتال والدفاع عن العاصمة الفعلية له في سوريا، سيقوِّض بلا شك مصداقية التنظيم كقوة عسكرية”.

ونُشِرَت تحذيرات التنظيم بشأن السد يوم الأحد الماضي عبر الإنترنت ومكبرات الصوت، التي جابت شوارع الرقة، وفقاً للسكان.

وقد شاهدت إحدى ساكنات المدينة حملة النزوح الجماعية، التي بدأت يوم الأحد الماضي، من شرفة منزلها، لكنها قررت عدم مغادرة الرقة والمخاطرة بحياتها كلاجئة.

وقالت السيدة، وفقاً لما نقله عنها أحد أقربائها: “ما الخيارات الأخرى المتاحة لدينا؟ إما أن نموت هنا في مكاننا وإما المغادرة إلى مكان آخر، وهو ما يُعد أيضاً موتاً في نهاية الأمر”.

تصف هذه السيدة وسكان آخرون حالة الفوضى التي عمَّت ذلك اليوم؛ إذ كانت السيارات تُسرِع عبر نقاط التفتيش، محدِثةً حوادث مرورية، بينما كانت العائلات يصيح بعضها في بعض؛ لجمع متعلقاتهم للرحيل.

ويقول السكان، الذين هربوا من الرقة، إن أسعار الخيام ارتفعت فجأة من 60 دولاراً إلى 300 دولار بعد ارتفاع الطلب عليها؛ بسبب لجوء العديد من السكان إلى العيش في الخلاء بصحراء الرقة.

وسعى السكان الذين تبقوا في المدينة إلى تخزين إمدادات الطعام وغيرها من السلع التي تتناقص كمياتها. وقال أحد السكان إنه حاول إخراج عائلته من المدينة؛ حرصاً على سلامتها، لكن أصدقاءه وأقاربه لم يكن لديهم مكان متاح في سياراتهم، التي امتلأت بأحبائهم وأمتعتهم الشخصية.

وبعد الاعتراف بالهزائم التي حاقت به على الأرض وعدم قدرته على شن حربٍ بقواته المتناقص أعدادها، ناشد تنظيم داعش أعضائه شن هجماتٍ في الشرق الأوسط والدولة الأجنبية على غرارِ حرب العصابات.

لكن في بيانٍ له خلال مارس 2017، أقر التنظيم بأن تشديد القيود على الهجرة حدّ من قدرته على تنفيذ هجمات عبر أوروبا. ولا يزال المتطرفون يستغلون الضحايا المدنيين، الذين يسقطون بسبب العمليات العسكرية الأميركية في العراق وسوريا، لتبرير هجماتهم على أهدافٍ مدنية في الخارج.

ويقول بيان تنظيم داعش، الذي صدر يوم الإثنين الماضي: “في أرض المحاربين الصليبيين، لا يوجد ما يرفق بالأبرياء أو المدنيين ودماؤهم ليست محرمة. عليكم باستهداف الكفار أينما وجدتموهم”.

المصدر:huffpostarabi