هيومن رايتس ووتش: آلاف النازحين محتجزون في مخيمات

18

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن سلطات الأمر الواقع في منطقتين في شمال شرق سوريا تفرض قيودا غير قانونية على حركة الفارين من مناطق يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش”) داخل مخيمات للنازحين.

هذه المخيمات تُديرها سلطات تابعة لـ “مجلس سوريا الديمقراطية”، وهي سلطة مدنية تعمل في المناطق المُسترجعة من داعش، ولـ “الإدارة الذاتية” الكرديّة. صادرت هذه السلطات وثائق هوية سكان المخيمات، ومنعتهم بشكل تعسفي من المغادرة، ما زاد من خطر تعرّضهم للاستغلال وفصل العائلات، وقيّد وصولهم إلى الرعاية الصحية. كلتا السلطتين تتكونان أساسا من “حزب الاتحاد الديمقراطي”.

قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “بسبب عدم امتلاكهم وثائق هويّة، وفي ظلّ الغموض الذي يكتنف سُبل المغادرة، بات سكان المخيمات المستضعفين مُجبرين على التعامل مع المهربين لمغادرة المخيمات أو الحصول على رعاية صحية أو الالتحاق بعائلاتهم. لم تُثبت السلطات أن تقييد حركة هؤلاء الأشخاص، المستضعفين أصلا، ضرورة لها أسباب أمنية شرعية أو أي أسباب أخرى”.

قابلت هيومن رايتس ووتش 24 نازحا سوريا من دير الزور والرقة، بشكل مباشر أو عن بعد، كانوا جميعا في مخيمات الهول، السد، مبروكة، وعين عيسى، أو عبروها في الفترة من فبراير/شباط 2017 إلى مايو/أيار 2018. قالوا إنهم فرّوا من العنف والاضطهاد فقبضت عليهم “قوات سوريا الديمقراطية” أو “وحدات حماية الشعب”، الجناحان المسلحان لمجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية على التوالي، فوضعتهم في المخيمات ومنعتهم من المغادرة.

قال رجل من دير الزور، كان قد مرّ بمخيم الهول: “أجبرونا على الدخول، حاول بعض الشباب رفض ذلك، لكن الحراس أجبروهم. يتعيّن على كل سوريّ المرور بالمخيّم، ولما سألناهم متى سيتركوننا ننصرف، أجابونا، ‘متى نُريد، وقد لا نترككم أبدا'”.

بحسب الأمم المتحدة، حتى مايو/أيار 2018، نزح 125,642 من سكان الرقة و248,658 من سكان دير الزور بسبب القتال الدائر هناك. رغم تأكيد منظمات إغاثة ومسؤولين في المخيمات حصول تراجع في عدد النازحين واستقرار في عدد سكان المخيمات، إلا أن القيود المفروضة على الحركة ما زالت تثير قلقا.

أنشأ كلّ من مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية – بمساعدة منظمات دولية – 6 مخيمات في محافظتي الرقة والحسكة لاستقبال النازحين. اثنان منها (عين عيسى والهول) يأويان أيضا مواطنين أجانب في أقسام منفصلة. كما أقامت قوات سوريا الديمقراطية نقاط تفتيش عدة للقبض على القادمين وفحصهم أمنيا وتوجيه الفارين إلى المخيمات واحتجاز المشتبه في انتمائهم إلى داعش، بحسب ما قاله سكان ومنظمات إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش.

جميع الذين أجريت معهم مقابلات قالوا إنهم كانوا يحتاجون إلى تصريح من سلطات المخيم ليغادروا، سواء نحو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مثل دمشق وحلب، أو العودة إلى الرقة ودير الزور اللتين تعتبرهما السلطات المحلية منطقتين آمنتين يُمكن العودة إليهما. قالت سلطات المخيمات ومنظمات إغاثة لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات المخيم باتت تسمح بشكل أكبر بعودة أجزاء كبيرة من السكان إلى الأماكن المُسترجعة من داعش والتي أصبحت آمنة، رغم أنه يبقى من غير الواضح كيف تحدد السلطات ذلك. قال بعض الأشخاص إنهم يفضلون البقاء في المخيم.

كان أغلب الأشخاص يرغبون في الذهاب إلى المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية، لكن كلا السلطتين لا تسمحان للسوريين بالانتقال إلى هذه المناطق دون كفيل كردي. عملية الحصول على كفيل صعبة وغامضة. في حالة واحدة على الأقل، دفعت عائلات أموالا لأحد السكان الأكراد كي يكفلها. يحق للنازحين اختيار مكان إقامتهم والتحرك دون قيود في كل المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية. صعوبات الحصول على كفيل كردي وانعدام الشفافية في تحديد المناطق الآمنة التي يمكن العودة إليها تشكل قيودا غير شرعية وتعسفية.

سمحت السلطات في بعض المخيمات للسكان بالمغادرة مؤقتا، وكانت درجات الحرية متباينة من مخيم لآخر. تحظر كلا السلطتين بشكل كامل تنقل العائلات السورية التي لها أقارب يُشتبه في انتمائهم إلى داعش، بحسب ما قالته العائلات نفسها وسلطات المخيمات.

في مايو/أيار، قابلت هيومن رايتس ووتش مسؤولين من كلا السلطتين، منها سلطات المخيمات نفسها، وعبرت عن قلقها بشأن القيود غير القانونية المفروضة على حرية التنقل. كما راسلت هيومن رايتس ووتش في 9 يوليو/تموز كلا السلطتين وطلبت منهما تحديد الأساس الذي تفرض بموجبه قيودا على النازحين المدنيين من الرقة ودير الزور. لم تتلق هيومن رايتس ووتش ردا على الرسالة.  

قالت هيومن رايتس ووتش إن السياسة المعتمدة في هذه المناطق تنتهك الضمانات القانونية الدولية بشأن حق النازحين في حرية الحركة داخل مكان النزوح، ما لم تكن توجد ظروف خاصة تقتضي فرض قيود.

بالنسبة للعائلات التي يُشتبه في أن لها صلات بداعش، فإن القانون الدولي يسمح بفرض عقوبات فقط على الأشخاص المتورطين في جرائم، بعد محاكمات عادلة تُحدّد الإدانات الفردية. فرضُ عقاب جماعي على العائلات بمنعها من المغادرة يشكل انتهاكا لقوانين الحرب. قالت السلطات المحلية لـ هيومن رايتس ووتش إنها لا تفكر في توجيه اتهامات إلى النساء الأجنبيات المتزوجات من عناصر داعش وأطفالهن. على السلطات السعي إلى ترحيلهن إلى بلدانهن إذا كان ذلك آمنا، بالتنسيق مع بلدانهن الأصلية. يجب رفع القيود المفروضة عنهن داخل المخيمات.

على السلطات رفع القيود غير القانونية المفروضة على حرية حركة النازحين، بمن فيهم النازحين بسبب القتال المستمر ضدّ داعش. لا يُمكن فرض قيود “غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم”، كما ينص على ذلك “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. وكل قيود تُفرض يجب أن تكون غير تمييزية ومتسقة مع القانون الوطني و”ضرورية” لتحقيق هدف مشروع. كما يجب أن تكون القيود متناسبة، أي مدروسة بعناية في علاقتها بالسبب المحدد الموجب للتقييد.

يجب أن يتم الاحتجاز أيضا بموجب القانون فقط، وعلى أساس العمل الفردي، مع توفير الحقوق الأساسية لجميع المحتجزين وفق القانون الدولي، بما يشمل إجراء مراجعة قانونية للاحتجاز. يجب محاكمة كل من يتورط في احتجاز تعسفي أو عقاب جماعي بتهمة ارتكاب جرائم حرب محتملة.

قالت سلطات المخيمات إنها تفعل ما بوسعها لتقديم المساعدات الإنسانية، وأنها تساعد النازحين، وأن الوضع يتحسن مع إعلان المناطق المسترجعة من داعش مناطق آمنة، وإن العائلات تعود إلى مناطقها الأصلية. وفي ما يتعلق بعائلات الأشخاص الذين يُشتبه في انتمائهم إلى داعش، أوضحت سلطات المخيمات أن القيود المفروضة على حركتهم مردّها مخاوف أمنية تجاه عناصر داعش وعائلاتهم وتواصلهم مع بقية السكان.

قالت فقيه: “التصريحات الغامضة بشأن المخاوف الأمنية ليست أساسا كافيا تستطيع السلطات المحلية بموجبه احتجاز المدنيين، وحرمانهم من الرعاية الصحية والضروريات الأساسية، وتشتيت العائلات. يجب السماح للنازحين من الرقة ودير الزور بالتنقل بحرية في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية إلى أن تصبح عودتهم إلى ديارهم آمنة”.

شهادات العائلات

تدير الإدارة الذاتية المخيمات في محافظة الحسكة، بينما يدير مجلس سوريا الديمقراطية المخيمات في محافظة الرقة ويسيطر عليها، حسب مجموعات الإغاثة العاملة في المنطقة. بينما تتولي السلطات المحلية العاملة في المنطقة إدارة المخيمات، فإن الخدمات تديرها منظمات غير حكومية، دولية ومحلية.

قال شهود لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عندما عبروا إلى الأراضي التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية أو مجلس سوريا الديمقراطية من المناطق التي يسيطر عليها داعش، أوقفهم الحراس المسلحون عند نقاط التفتيش، وصادروا وثائق هويتهم وأخذوهم إلى أحد المخيمات. قالوا إن قوات سوريا الديموقراطية أو الشرطة المحلية المعروفة باسم “الآسايش” في المخيمات، منعت السكان من المغادرة. في السد (المعروف أيضا باسم العريشة) والهول والمبروكة، كان هناك حراس مسلحون يرتدون الزي الرسمي للجماعتين المسلحتين.

في 23 من أصل الـ 24 حالة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، قال من أجريت معهم المقابلات إن وثائق الهوية الخاصة بهم وبعائلاتهم، بما فيها جوازات السفر وشهادات تسجيل المركبات، صودرت عند نقاط التفتيش واحتجزتها لاحقا سلطات الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية. الشخص المتبقي الذي تمت مقابلته لم يحمل وثيقة هوية. يؤدي نقص الوثائق إلى زيادة ضعف النازحين، ومنعهم من الحصول على الخدمات أو السفر أو تأكيد هويتهم.

قال أحد الأشخاص:

بمجرد أن أخذوا وثائقي، انتهى الأمر. لن أغادر حتى لو تمكنت من الخروج على قدميّ. أين أذهب بدون وثائقي؟ من الصعب العيش في هذا البلد، حتى مع بطاقات الهوية، فكيف بدونها؟ لن أكون قادرا على فعل أي شيء، لا الحصول على المساعدات، ولا استئجار منزل، لا شيء.

في 9 حالات، قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يُسمح لهم بدخول الأراضي التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية بأغلبها حتى وإن كان أقاربهم يعيشون هناك. كل نازح غادر المخيمات أخبر هيومن رايتس ووتش أنه دفع أموالا لمهرب أو مسؤول لتسريع عملية المغادرة أو منحهم الأذونات اللازمة.

كما دفع انعدام حرية الحركة والفرص الاقتصادية في المخيم السكان إلى الانضمام إلى الجماعات المسلحة مقابل المال أو الإفراج عن أسرهم من المخيمات. قال بعض الذين تمت مقابلتهم أيضا إن المرافق الطبية في المخيمات لم تكن لديها القدرة على التعامل مع جميع الأمراض ولم يكن لديها دواء لعلاج أمراض أكثر تعقيدا. لكنهم قالوا إنهم لم يتمكنوا من مغادرة المخيمات للحصول على العلاج، إما بسبب عدم وجود إذن أو لأنه لا يمكنهم تحمل تكاليف العلاج والنقل.

قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات مسؤولة قانونيا عن السماح للسكان والنازحين بالتحرك بحرية في مناطقهم، وتوفير المساعدات الطبية الملائمة والوصول إليها، وعدم تجنيد النازحين مقابل الحرية.

المعاملة عند نقاط التفتيش

قال جميع الأشخاص الـ 24 الذين قُوبلوا إنهم مروا عبر نقاط تفتيش أقامتها قوات سوريا الديمقراطية و”وحدات حماية الشعب”. قالوا إنهم إذا وصلوا إلى نقطة التفتيش ليلا، يضطرون إلى الانتظار حتى شروق الشمس، عندما يقوم الحراس المسلحون بالبحث عنهم وطلب وثائق تثبت هوياتهم. في معظم الحالات، حدد الأشخاص الذين قُوبلوا المجموعة المسلحة التي تعمل في نقطة التفتيش.

قالوا إن المجموعة المسلحة تجري تحقيقات أمنية أولية. ثم تصادر البطاقات الشخصية، وتقارن الأسماء بتلك الموجودة في القائمة، وتفصل الرجال عن النساء ويفتشونهم بعناية. في 7 حالات، قال السكان إنهم رأوا السلطات تسحب الشبان جانبا للاشتباه في أنهم أعضاء في تنظيم داعش، وإنهم لم يعرفوا ما حدث لهم.

مصادرة الوثائق

في 23 حالة، صادر الحراس المسلحون في نقاط التفتيش الوثائق المدنية للعائلات، بما فيها جوازات السفر وبطاقات الهوية ودفاتر العائلة ووثائق تسجيل المركبات. قال السكان إن سلطات المخيم وضعت الوثائق في أكوام غير منظمة في غرف تحتوي على آلاف بطاقات الهوية الأخرى.

في 8 حالات، عندما غادر السكان مخيمات النزوح في نهاية المطاف ليهربوا عبر الحدود إلى تركيا، غادروا دون وثائق هوياتهم، إما بسبب عدم عثورهم على الوثائق أو بسبب مغادرتهم بشكل غير رسمي. بالنسبة لعديد من السكان الآخرين، لم يكن البقاء بدون وثائقهم ممكنا، ما جعلهم يبقون محتجزين في المخيمات.

عندما زارت هيومن رايتس ووتش اثنين من المخيمات، قال اثنان من سكان المخيم إنهما قاما بالتسجيل للعودة إلى المدينة أو القرية، أو الذهاب إلى منطقة أخرى استعيدت من داعش وصُنفت آمنة. لكنهم لم يتمكنوا من المغادرة لأن السلطات لم تعيد هوياتهم. قال رجل كان يحاول المغادرة منذ فبراير/شباط:

طلبت المغادرة، حاولت كل شيء. ذهبت إلى الأرشيف [مكتب سجلات المخيم] قبل شهرين لأطلب وثائق هويتي لأستطيع المغادرة. قالوا إن الأرشيف مغلق لهذه الطلبات. ثم قالوا إنهم لا يستطيعون إعادتها إلي للذهاب إلى هذه المنطقة، وعندما سألتهم عن السبب، قالوا إن هذه التعليمات تأتي من الأعلى. أخذوا دفتر عائلتي، وجميع بطاقات الهوية الخاصة بنا. أنا متزوج ولدي 8 أطفال، ومجموعنا 10. هنا، لا يوجد عمل، لا شيء. أذهب إليهم كل يوم، وكل يوم يقولون لا، لا يمكننا مساعدتك. لا أستطيع المغادرة بدون وثائق هويتي.

 تقييد الحركة في مخيمات النازحين

تختلف درجة حرية الحركة في كل مخيم. زارت هيومن رايتس ووتش 3 من المخيمات الخمس، وحققت في القيود المفروضة على حرية التنقل هناك.

يستضيف مخيم عين عيسى بمحافظة الرقة السوريين والعراقيين وعائلات المشتبه بأنهم مقاتلين أجانب من داعش. توفر أقصى درجة من حرية الحركة للسكان السوريين. يستطيع السوريون بعد الحصول على إذن الذهاب إلى السوق، والقيام بزيارات، وطلب العلاج في المراكز الطبية كما هو مطلوب. مع ذلك، فرضت السلطات حظرا كاملا على المغادرة العائلات العراقية والعائلات الأجنبية الأخرى التي يشتبه في أن أقاربها من داعش.

في مخيم السد (المعروف أيضا بالعريشة)، والذي يستضيف العائلات النازحة من سوريا، كانت القيود أكثر صعوبة. بالنسبة للإجازات والزيارات المؤقتة، يحصل السكان على تصريح خروج مؤقت فقط إذا تمكنوا من إثبات حاجة طبية شديدة أو تم تسجيلهم في الجامعة المحلية. يمكنهم فقط المغادرة يومين من الأسبوع بعد تحمل تكلفة الحصول على الإذن والنقل. تحد سلطات المخيم عدد السكان الذين يمكنهم مغادرة المخيم بـ 30 شخصا في كل يوم.

يستضيف مخيم الهول، الذي تديره “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” وسلطات الإدارة الذاتية، سوريين وعراقيين، بمن فيهم عائلات المشتبه أنهم عناصر في داعش. عائلات عناصر داعش المشتبه بهم غير مسموح لها بمغادرة المخيم، رغم أن سلطات المخيم تزودهم بتصاريح مؤقتة للزيارات الطبية.

الاستغلال، والعقاب الجماعي، والفصل العائلي

في 9 من الحالات التي تم التحقيق فيها، لم تتمكن الأسر من الحصول على كفيل للعودة إلى المناطق ذات الأغلبية الكردية التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية، حتى لو كان أفراد عائلاتهم يعيشون في تلك المناطق. في إحدى الحالات، علق رجل في مخيم للنازحين بينما كانت زوجته تعيش في منزل بالقرب من المخيم في الحسكة لأن أسرتها كانت لديها إقامة هناك، لكنه بصفته أحد سكان دير الزور، لم يستطع ذلك. قال: “من المفارقات أني أستطيع رؤية [منزلها] من المخيم، ولا أتمكن من الوصول إليه”.

كما أن القيود المفروضة على الحركة ومصادرة الوثائق جعلت السكان أكثر عرضة للاستغلال. كل شخص نازح تمت مقابلته وغادر المخيمات دفع لمهرب أو لمسؤول لتسريع العملية أو الحصول على التصاريح اللازمة. قال أحد السكان إنه دفع مبلغ 5 آلاف دولار للخروج من القافلة المتوجهة إلى المخيم ولكنهم أخذوه هناك على أي حال. قال ساكن آخر إنه دفع أكثر من مليون ليرة سورية (حوالي 4,660 دولار) في محاولاته لمغادرة المخيم مع عائلته. قال السكان إن السماسرة يقضون الوقت في المخيم وحوله، يروجون لعملهم.

قال أحد السكان:

حاولت 5 مرات الحصول على إذن لي ولعائلتي للمغادرة. أولا، حاولت الدفع لكفيل كردي، لكن السلطات رفضت منح الإذن. ثم أخبرتهم أنني سأذهب إلى دمشق ورفضوا. طلبت العودة إلى دير الزور ورفضوا كذلك. أخيرا، دفعت للمهرب مليون ليرة سورية حتى أتمكن أنا وعائلتي من الحصول على تصريح لمدة 24 ساعة للسفر إلى منبج، ثم يتم تهريبنا [إلى تركيا].

قال أحد الشهود إن شخصا من سلطات المخيم عرض عليه أن يبيعه بطاقة هوية لم تكن له بعد أن دفع ليسمح له بمغادرة المخيم. في 4 حالات، قال الناس إن قوات سوريا الديمقراطية عرضت السماح لعائلاتهم بالخروج من المخيم إذا وافقوا أو وافق أحد الأقارب على التجنيد. قال أحد السكان إنه بعد أن أمضى 3 أشهر في المخيم، وافق صديقه على الانضمام إلى المجموعة المسلحة لإطلاق سراح أسرته.

في 3 حالات، شملت واحدة منها أسرة عراقية، بدا أن السلطات تعاقب العائلات جماعيا من خلال عدم السماح لهم بمغادرة المخيمات، حتى مؤقتا، لأن لديهم قريبا مشتبه به أو عضوا في داعش. قال أحد الرجال في السد، وهو كردي ومن الحسكة، والذي لا تنطبق عليه قيود الكفالة بشكل عام، إن السلطات المحلية رفضت السماح لعائلته المكونة من 15 فردا بالرحيل لأن ابنه كان عضوا في داعش لمدة 15 يوما. قال إن الآسايش اعتقلوا ابنه وأطلقوا سراحه مرة أخرى في المخيم، لكنهم لم يستطيعوا المغادرة.

العلاج الطبي والوصول إلى الضروريات الأساسية

لدى جميع المخيمات مركز طبي يديره إما “الهلال الأحمر” أو “أطباء بلا حدود”. في 10 حالات، قال من قُوبلوا إنهم أو أحد أفراد أسرهم في المخيمات يحتاجون إلى مساعدة طبية، لكن المركز الطبي لم يتمكن من توفيره.

قال 3 أشخاص إن المركز الطبي لم يكن قادرا على التعامل مع جميع الأمراض وليس لديه دواء لأمراض أكثر تعقيدا، قال الأشخاص العشرة جميعهم إن المركز الطبي كان مكتظا ولم يكن لديه الدواء الذي يحتاجون إليه. في هذه الحالات، غالبا ما أحالت السلطات المقيمين بالمخيم إلى المستشفيات في المناطق المجاورة في المحافظة. قال 3 أشخاص حصلوا على إذن إنهم كانوا مطالبين بالعودة إلى المخيم في وقت محدد. لم يستطع شخص لديه إذن أن يذهب لأنه لم يستطع دفع ثمن الخدمة.

قالت إحدى العائلات إنه خلال فترة الأسبوعين التي قضتها في السد في ديسمبر/كانون الأول 2017، مات 6 أطفال و7 بالغين بسبب الجفاف أو التسمم أو الإسهال. عزا عمال الإغاثة الوفيات إلى نقص الرعاية الطبية الكافية والمساعدات الإنسانية للأعداد الكبيرة من النازحين في المخيمات.

عندما زارت هيومن رايتس ووتش مخيمات الهول والسد وعين عيسى في مايو/أيار، بدا أنه في الوقت الذي استقر فيه السكان، ظلت الرعاية الطبية للأشخاص الذين يعانون من ظروف خطيرة غير كافية وكان على السكان أن يدفعوا تكاليف طريقهم للعلاج في الحسكة، التي كان الكثير غير قادر عليها.

قامت جميع المخيمات بتوزيع حصص غذائية، إما للطهي أو تحتوي طعاما جاهزا.

المصدر: هيومن رايتس ووتش