“هيومن رايتس ووتش” تطالب بالوصول “العادل” للقاحات كورونا في سورية

27

دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، اليوم الثلاثاء، إلى دعم جماعات الإغاثة الدولية من أجل ضمان التوزيع الأوسع والأكثر إنصافاً للقاحات فيروس كورونا في جميع أنحاء سورية، بما في ذلك جميع المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات مختلفة.

ونقلت المنظمة ومقرها نيويورك، في تقرير، عن الباحثة السورية في المنظمة سارة الكيّالي، قولها: “ينبغي لمن يزودون سورية باللقاحات بذل قصارى جهدهم لضمان وصول لقاحات كورونا إلى الفئات الأضعف بغضّ النظر عن مكان وجودهم في البلاد. لم تخجل الحكومة السورية مطلقاً من حجب الرعاية الصحية كسلاح حرب، لكن ممارسة الألاعيب نفسها باللقاح تقوّض الجهد العالمي للسيطرة على تفشي الوباء”.

ومع أنّ النظام السوري يتحمّل المسؤولية الأساسية لتوفير الرعاية الصحية للجميع، إلا أنه حجب مراراً الأغذية، والأدوية، والمساعدات الحيوية عن المعارضين السياسيين والمدنيين.

كما لفتت المنظمة إلى أنّ “تقاعُس” مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن الحفاظ على نظام مساعدات عبر الحدود من أجل شمال شرق سورية “يعني أيضاً عدم وجود قناة مضمونة لتوزيع اللقاح على مليوني شخص يعيشون هناك”.

وفي 15 ديسمبر/كانون الأول 2020، قدم النظام السوري طلباً رسمياً للمشاركة في مرفق “كوفاكس”، وهو مبادرة عالمية لتوسيع الوصول إلى لقاح كورونا بقيادة “منظمة الصحة العالمية”، و”تحالف ابتكارات التأهب الوبائي”، و”التحالف العالمي للقاحات والتحصين” (غافي). إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت الخطة المقدمة تشمل جميع أنحاء البلاد.

وفي 21 يناير/كانون الثاني، قال وزير الصحة بالنظام السوري حسن الغباش إنّ من أهم شروط استقدام سورية للقاح هو التأكد من أنه “لا يمسّ بالسيادة السورية”. ويشير ذلك، بحسب المنظمة، إلى أنه من غير المرجح أن تكون سلطات النظام قد شملت مناطق شمال شرق البلاد التي لا تُسيطر عليها في خططها.

ونقلت “هيومن رايتس ووتش” عمن وصفتها السلطات الحاكمة في معظم شمال غرب سورية، قولها إنها قدمت أيضاً طلباً رسمياً إلى “كوفاكس” بشأن المناطق الخاضعة لسيطرتها. ولم يُعلن عن هذه الخطط. لكن بالنسبة إلى شمال شرق سورية، ليست هناك حالياً ترتيبات للحصول على اللقاحات بشكل مستقل.

وأعلنت وزارة الصحة في النظام السوري أنه حتى 12 يناير/كانون الثاني كان هناك 12.462 إصابة بفيروس كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرته منذ بداية تفشي الفيروس، مقارنة بـ8.227 إصابة في شمال شرق البلاد، و20.717 في الشمال الغربي. ويُقدّر الأطباء وجماعات الإغاثة أن الأرقام أعلى بكثير على الأرجح، بسبب قدرات الفحص المحدودة والتقارير المشكوك فيها، خصوصاً في شمال شرق سورية.

وتحدثت “هيومن رايتس ووتش”، وفق تقريرها، إلى أربعة موظفين في وكالات الإغاثة الذين أعربوا عن قلقهم بشأن نقص كبير في الوضوح في ما إذا كانت منطقة شمال شرق سورية ستكون قادرة على الحصول على اللقاحات، لكنهم كانوا يأملون في تمكنهم من إيجاد حل ما.

ووفقاً لجماعات الإغاثة، إذا لم يشمل النظام شمال شرق البلاد في الطلب الذي قدّمه إلى “كوفاكس”، ستكون الوسيلة الوحيدة لتأمين اللقاحات للمنطقة من خلال احتياطي”كوفاكس” الإنساني لأولئك الذين لم تشملهم الخطط الوطنية، والذي أُنشئ لضمان أن السكان كالذين يعيشون أو يعملون خارج المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومات، أو اللاجئين، والنازحين داخلياً، وطالبي اللجوء، يمكنهم الوصول إلى اللقاح.

من خلال هذا الاحتياطي، يمكن لوكالات الأمم المتحدة، أو المنظمات الإنسانية، أو منظمات المجتمع المدني طلب جرعات إضافية من خلال احتياطي “كوفاكس” الإنساني. ومن المتوقع أن يكون الحجم 5% من جرعات “كوفاكس” المقدمة عالمياً، ما يعني أنّ الاحتياطي قد يصل إلى 100 مليون جرعة بحلول نهاية 2021. وستستخدم كوفاكس “الاستعراض العالمي للاحتياجات الإنسانية” والمبادئ التوجيهية والبيانات المشتركة بين الوكالات لتحديد السكان المستهدفين.

وقالت “هيومن رايتش ووتش” إنّ “المنظمات غير التابعة للأمم المتحدة ينبغي أن تتمكن من الوصول إلى هذا الاحتياطي الإنساني، نظراً إلى أنّ الأمم المتحدة لا يمكنها العمل إلا في شمال شرق سورية في ظل القيود الشديدة التي تفرضها الحكومة”.

ودعت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى “استخدام حوارهما المستمر مع الحكومة السورية للضغط من أجل خطة توزيع عادلة داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والمناطق التي تحتفظ فيها الجماعات الأخرى بالسيطرة الفعلية”. كما طالبت بأخذ التحديات اللوجستية الكبيرة لتوفير اللقاحات وتوزيعها في جميع أنحاء سورية في الاعتبار

ووفقاً لمنظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، فرّ 70% من العاملين في قطاع الصحة في سورية من النزاع وتعرّضت أكثر من 50% من البنية التحتية الصحية للضرر أو الدمار، جرّاء نحو 600 هجوم على المرافق الطبية من قبل التحالف العسكري السوري الروسي في المقام الأول. تقول جماعات الإغاثة إن ضعف قدرات النقل وأزمة الوقود زادا من تعقيد قدرتها على شراء وتوزيع الإمدادات.

وأشارت المنظمة إلى أنّ تضرر شبكة الكهرباء والانقطاع المتكرر في التغذية الكهربائية، “عامل آخر سيؤثر على توزيع اللقاح”، داعية الذين يوفّرون اللقاح ويدعمون نشره إلى “مراعاة الظروف عند تحديد نوع اللقاح المراد تخصيصه والتأكد من توفر المراقبة الخارجية للتوزيع”.

وختمت كيّالي بالقول: “بين التدمير الكبير الذي لحق بالبنية التحتية الصحية من قبل الحكومة السورية خلال النزاع والافتقار الواسع إلى تقديم مساعدات موثوقة، سيكون توزيع لقاحات كورونا في سورية أمراً بالغ الصعوبة حتى بدون نهج الحكومة التمييزي في المساعدة. لكن الوقت مبكر بما يكفي لتقديم ضمانات للتأكّد من حصول كل شخص في سورية على اللقاح بطريقة عادلة”.

المصدر: العربي الجديد