وزير الثقافة الأسبق الدكتور رياض نعسان آغا: الحل في تشكيل هيئة حكم انتقالية.. وانتخابات النظام غير معترف بها دوليا.. واللجنة الدستورية لم ولن تقدم شيئاً

89

بينما يستعد النظام السوري لإجراء انتخابات رئاسية الشهر المقبل، تواصل المعارضة التشديد على عدم مشروعيتها في وقت عبّرت جهات غربية عديدة عن عدم اعترافها بها.

وترى المعارضة السورية أن الحلّ في سورية يمرّ عبر تشكيل هيئة حكم إنتقالية لا غير، وتطبيق القرارات الأممية بما يضمن الانتقال السلس والسلمي للسلطة.

وزير الثقافة السوري الأسبق والمعارض البارز الدكتور رياض نعسان آغا، تحدث في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أهمية التسريع في فرض الحلّ السياسي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالية، معتبرا أن الانتخابات الرئاسية المقبلة غير شرعية وتتعارض مع القرارات الأممية.

س- ما هي أبرز الأخطاء التي وقعت فيها الثورة السورية والعراقيل التي واجهتها؟

ج- كان الخطأ المريع من البداية، هو قيام النظام بإطلاق النار على الشباب المتظاهرين السلميين، وقد سقط عشرات الشهداء في الساحات العامة وعلى أبواب المساجد التي كانت نقاط تجمع أيام الجمع، وقد تصاعد هذا الخطأ ( وهو سلسة جرائم ) حتى اضطر الشباب إلى الدفاع عن أنفسهم، وبذلك نجح النظام في عسكرة الثورة، وتقديمها على أنها عصابات إرهابية مسلحة. وقد استمر الخيار العسكري في التصاعد حتى تمكن النظام من سحق ملايين الثوار عبر قتلهم واعتقالهم وتشريد نصف الشعب السوري. وكان من الأخطاء الكبرى دخول شعارات خارجة عن شعارات الثورة، وذات طابع ديني، وكان بعضها مدسوساً بهدف تقديم الثورة بطابع إسلامي متشدد، وبعضها جاء رداً على الشعارات الطائفية التي رفعها حزب الله داعياً إلى ثأر تاريخي من أهل السنة.

-وكان من الأخطاء، الرضوخ لإرادة الدول الكبرى التي منعت الفصائل المعارضة من التوحد في كيان واحد، وكانت الفصائل مضطرة للرضوخ لحاجتها إلى الدعم المادي والعسكري، وكان من الأخطاء كذلك دخول الإديولوجيات في مسارات الثورة، وقد عجز الثوار والمعارضون عن إيجاد قيادة موحدة للثورة، وقامت بعض الدول الداعمة بترسيخ الفرقة.

-ولقد كان من أخطر العراقيل تلك المواقف المخادعة من الدول التي قدمت نفسها داعمة للشعب وثورته، بينما كان كل همها إجهاض هذه الثورة وسحقها، لقد منعت الدول الكبرى أن يمتلك الثوار أية أسلحة مضادة للطائرات، وللصواريخ والبراميل، مما جعل الشعب مكشوفاً أمام طائرات العدو ولايملك الدفاع عن نفسه، وهذا ما جعل الدمار شاملاً وما اضطر ملايين السوريين إلى الهجرة والارتماء في البحر بحثاً عن مكان لجوء، وما مكن النظام من استرداد مناطق كثيرة كانت خارجة عن سيطرته.

كذلك كان من المصائب الكبرى ظهور داعش ومثيلاتها مما جعل الرأي العام العالمي يغير من تعاطفه مع الثورة وقد عمل كل أعداء الثورة على الترويج الإعلامي لتصوير الثورة داعشية المنهج وأنها ثورة متطرفين .. وثمة أخطاء كثيرة أخرى في انحراف بوصلة الثورة عند بعض الثوار أو المعارضين، وفي حالة التمزق والمشاحنات بين قوى المعارضة، وقد تمكن أعداء الثورة من تفكيك وحدة المعارضة التي التأم شملها في مؤتمر الرياض الأول.

 

س- قلت في أحد حواراتك الصحفية إن نهر الدم لن يتوقف (بتبويس الشوارب واللحى) إلا بعد تلبية مطالب الشعب الثائر، وأبرزها الحرية، وذلك عبر تغيير جذري وبناء دولة مدنية ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة عبر انتخابات نزيهة.. دكتور رياض.. بعد كل هذه التضحيات واستشهاد عشرات الآلاف من السوريين وتهجير وتشريد الملايين وعشرات آلاف المغيبين، هل بات الحلم بدولة تعددية كابوسا يؤرق السوريين لارتباطه بالدم والعسكرة والقتل والتهجير؟

ج- لابد من بناء دولة سورية مدنية بحكم غير طائفي يحافظ على التعددية ضمن إطار الدستور والقانون وعلى أسس المواطنة، وبدون ذلك لن يحدث الاستقرار ولن يتوفر الأمن ولن تستعيد سورية عافيتها وسيستمر الصراع لعقود طويلة… إن التضحيات الضخمة التي قدمها السوريون تشكل الدافع الأكبر لمتابعة الثورة حتى تحقق أهدافها، وربما تأخذ الثورة شكل نضال سياسي و حقوقي في المرحلة القادمة.

 

س- يستعد النظام لإجراء انتخاباته التي تصفها المعارضة “بغير الشرعية وغير الدستورية” باعتبارها انتخابات بدستور قديم(2012) .. برأيكم دكتور رياض مامصير هذه الانتخابات؟

ج- لن تغير الانتخابات شيئاً في المشهد السياسي الداخلي أو الدولي، هي حالة استمرار لما هو راهن، ومن المحال بقاء الحال.

 

س- هل يعدّ إجراء الانتخابات وفق دستور 2012 وأدًا للجنة الدستورية السورية ؟

ج- لايوجد دور فاعل للجنة الدستورية ، إنها مجرد تضييع وقت.

 

س- دكتور رياض.. هل أدت الوساطة الأممية دورا يُذكر في تحقيق انجازات فعلية على مستوى الإصلاح الدستوري، علما أن اكثر من سنة مرّت بين كرّ وفرّ على أعمال اللجنة الدستورية المكلفة بكتابة دستور جديد يتناسب وواقع الثورة السورية والسوريين؟

ج- اللجنة الدستورية لم تقدم شيئاً ولن تقدم، لقد ولدت ميتة لكنها تمكنت من تزجية الوقت ريثما يجد النظام فرصة دخول الانتخابات على أسس دستور 2012، والمفارقة أن وفد دمشق لهذه اللجنة لايمثل الحكومة السورية، والحكومة غير ملزمة بما قد تصل إليه اللجنة في حال وصلت إلى شيء.

 

س- هل يعتبر بقاء الرئيس السوري الحالي بشار الأسد على سدة الحكم خيارا توافقيا دوليا وإقليميا ؟

ج- أكثر دول العالم أعلنت أنها لاتعترف بشرعية هذه الانتخابات ، وما يزال المجتمع الدولي يصر على تنفيذ القرارات الأممية وإيجاد حل سياسي.

 

س- تحركات عربية وغربية لخلط الأوراق السورية، ودعوات مستمرة إلى إعادة هيكلة المعارضة بعد 10 سنوات من الحرب.. هل تحتاج المعارضة فعلا إلى إعادة هيكلة وترتيب تمثيلها السياسي، ولماذا لم تنجح إلى اليوم في فرض التسوية السياسية برغم سيطرتها على عديد المناطق المهمة منذ 2011؟

ج- نعم المعارضة تحتاج إلى مراجعة دقيقة وإعادة بناء مؤسساتها، وهي لم تنجح في فرض تسوية لأن التسوية لاتكون من طرف واحد، والنظام يصر على الحل العسكري، ولم يدخل أية مفاوضات جادة.

 

س- هل تستطيع سورية أن تخرج من خندق المعارضة والموالاة التي دمّرت أهداف الثورة ؟

ج- طريق الحل واضح، هو تشكيل هيئة حكم انتقالي، وبناء مرحلة عدالة انتقالية، وتمكين حكومة غير طائفية، هذا ينهي حالة الانقسام بين الموالاة والمعارضة.

 

س- يقول معارضون إنّ مشكلة سورية الراهنة والاستعصاء الذي تعيشه على جميع الأصعدة لا تكمن في وجود أكثرية وأقليات ولا في تحكم جماعة أو طبقة أو طائفة أو ثقافة أو ديانة بالجماعات والطوائف والطبقات والديانات الموجودة فيها، وإنما في نخبة عسكرية تمكنت من السيطرة على مقاليد السلطة عقودا من الزمن، هل تتفقون مع هذه القراءة؟

ج-لا يختلف اثنان في أنّ الحكم في سورية عسكري وقد بنى دولة أمنية وهدف الثورة بناء دولة مدنية.

 

س- دكتور رياض/فكرة تشكيل مجلس عسكري هل هي واقعية وهل بإمكانها حلحلة الأوضاع في سورية.؟

ج- ما نحتاج إليه اليوم هو هيئة حكم انتقالي مدني ولا بد من أن يتضمن مجلسا عسكريا لحفظ الأمن ولإعادة هيكلة الجيش وأجهزة الأمن ضمن معايير وطنية.