ولادة حركة “خوبون” الكردية شرقي سورية: الأفكار والأهداف

31

تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية شمال وشرق سورية، تحركات مستمرة على مستوى ترتيب الجو سياسياً، في ظل كثرة التيارات والأحزاب السياسية الفاعلة في المنطقة، التي لديها خصوصية تشبه منطقة الحكم الذاتي، مع سيطرة عسكرية لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، الجناح العسكري للإدارة.

وشهدت مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة الخاضعة لسيطرة “قسد”، ولادة حركة “خوبون”، التي عرّفت عن نفسها بأنها حركة تهدف لخلق قرار مستقل بمنطقة شمال شرقي سورية، وأكدت في بيانها التأسيسي، الذي أصدرته يوم أمس الأحد، أنها تتطلع لتغييرٍ في واقع سياسة الأحزاب والقوى الكردية شمال شرقي سورية على وجه الخصوص، والبلاد ككل على وجه العموم، بمحاولة لإعادة دمج تلك القوى في الواقع الشعبي، وبذل جهود نحو سورية ديمقراطية تعددية لامركزية، ضمن حدودها الجغرافية، بعيداً عن الولاءات والتأثيرات الخارجية.

وقالت الحركة في البيان، إنها ستأخذ على عاتقها المطالبة “بإجراء الإصلاحات المطلوبة في إدارة مناطق شرق الفرات التي لم تثمر عن نتائج مرضية، تمهيداً للتغييرات المرتقبة لحماية المكتسبات على الأرض وضمان الدور الفاعل للكرد في سورية المستقبل، إضافة إلى الحوار الكردي الذي ما زال متعثراً، لتأثره بالمرجعيات الكردستانية والخارجية، وتباين مصالحها وأجنداتها، مما يساهم في ازدياد الفرقة والإحباط لدى الشارع الكردي، في ظل التهديدات المستمرة لتركيا وحلفائها في ائتلاف قوى المعارضة السورية باجتياح المنطقة”.

وحركة “خوبون” أسسها المهندس عبد الباقي يوسف، أحد أبرز معتقلي الرأي في سورية على مرحلتين في العامين 1974 و1993، وهو سكرتير حزب “يكيتي” الكُردي، والذي قاد أول اعتصام أمام البرلمان السوري في دمشق 2002، كذلك عام 2003، بمشاركة مجموعة من السياسيين والأكاديميين الكرد.

وبيّن عبد الباقي يوسف لـ”العربي الجديد”، عند سؤاله عن موقف الحركة من حزب “العمال الكردستاني”، أن “القوى الكردية مقسّمة بين أربع دول في المنطقة، كل قسم يختلف عن الآخر بالنظام السياسي، وعمر هذه الدول أكثر من 100 عام، والحياة الاقتصادية والمجتمعية والثقافية مختلفة، وهذا يؤثر على المجتمع الكردي وجعل لكل جزء خصوصيته”، مضيفاً: “نحن نحترم هذه الخصوصية وندعو لاحترامها من كافة الأطراف، ونقول إن الحركة السياسية في كلّ قسم من هذه الدول هي مسؤولة عن شعبها وقيادة شعبها، وهي أدرى بشؤونها ونحن لسنا ضد أي طرف أو قوة كردستانية، ونحترمهم، ولكننا سوف نعمل على تقليل تدخلهم في شؤوننا واحترام إرادة الشعب الكردي في سورية وقواها السياسية”.

ويرى يوسف أن المعارضة السورية خرجت عن طريق الثورة وأهدافها في الحرية والكرامة وتحسين وضع الناس الاقتصادي، وتطوير الوطن، وهذه المعارضة دخلت ضمن أجندات المؤسسات الأمنية الإقليمية والدولية.

أما عن نقاط الالتقاء للحركة مع الإدارة الذاتية، فقال يوسف: “رؤيتنا للمعارضة السورية لا تأتي بناءً على موقف ورؤية الإدارة الذاتية أو أي قوى سياسية أخرى، هذا لا يعني أننا وإياهم في خندق واحد، هذا شيء خاطئ. رؤيتنا وموقفنا مبنيان على مصلحة شعبنا”، مبيناً عدم اتفاق الحركة مع من وصفها بالقوى التي حاربت الشعب الكردي في عفرين.

وبيّن يوسف الذي شارك في كافة الحوارات التي أسست المجلس الوطني السوري والائتلاف، أنه لم يجد أي رؤى إيجابية منهم من القضية الكردية، مؤكداً أن “ما يحدّد موقف وسياسة ورؤية الحركة هو مصلحة الشعب، وهذا لا يعني أن تنضم للإدارة الذاتية أو تعادي المجلس الوطني الكردي، فوفق رؤيتها إن المجلس الوطني الكردي عليه أن يراجع نفسه مراجعة هامة، فقد ذهب ذاك الوقت، ولم تعد المعارضة والائتلاف ومؤسساتها مكاناً ملائماً للحركة الكردية، وتابع: “لو نستطيع نحن القوى الموجودة والحركة الكردية وكل النشاطات أن نجمعها تحت منصة واحدة، ونوصل صوتنا إلى الحوارات التي تجري تحت رعاية أممية ودولية في سبيل الحصول على حقوق شعبنا في الدستور السوري والاعتراف بها”.

وموقف الحركة من النظام وفقاً لما ذكره يوسف، هو موقف واضح من نظام ديكتاتوري يجب تغييره، فلا يمكن العودة لما قبل ربيع 2011.

بدوره، علّق الباحث في الشأن الكردي شفان إبراهيم في حديثه لـ”العربي الجديد” على ولادة هذه الحركة وقال: “إن كانت هذه الحركة ستأتي بشيء جديد وتقدّم ما هو مختلف وغير موجود في الحركة السياسية الكردية، وستعيد كما توضح ثقة الشارع الكردي وأحزابه، وتسعى لخرق ثقافة ذهنية جديدة، سأقول لها شكراً، علماً أن خلق ثقافات ذهنية بحاجة لمناخات مهيئة، لأنها تحتاج رصيداً مالياً ضخماً وكفاءات وخزاناً بشرياً. المطلوب أن يكون هناك فكر جديد وعمل جديد وفق توجّه جديد، وهذا الطرح لا يتم عبر الفكر النظري فقط”.

وتابع شفان: “الحركة السياسية الكردية في سورية مطالبها تحت سقف وطني واضح، وتقول إنها ستأتي بشيء جديد، ننتظر، علماً أن كثرة الحركات والأحزاب السياسية لا تخدم المصلحة، كون الناس مستاؤون من فكرة الأحزاب، وأود القول بالرغم من أن أحزاب الحركة السياسية الكردية تطالب باللامركزية في سورية، ننتظر على أمل أن يكون هناك شيء جديد، ومنذ عشرة أعوام هناك دائماً ولادة أحزاب وحركات سياسية جديدة لم تأتِ بشيء جديد ولم تقدم شيئاً مغايراً لما قدّمته الأحزاب القديمة”.

وتنقسم الأحزاب والقوى والحركات السياسية العاملة في مناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، والتي يزيد عددها عن 30 حزباً، بين تيار يؤيد الحوار الكردي – الكردي، وتفعيل دور القوى الكردية بما يخدم المصلحة السورية، وبين تيار يحاول تعطيل هذا الحوار، مع محاولة الهيمنة والتفرد بالرأي على الساحة السياسية في المنطقة، مع توقع أن يشابه عمل حركة “خوبون” عمل غيرها من باقي الأحزاب التي توجه دعوات لمواصلة الحوار

المصدر: العربي الجديد