يجب على الاتحاد الأوروبي أن يجمد أصول شركتي النفط والغاز السوريتين

19

(بروكسل) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي تجميد أصول الشركة السورية الوطنية للنفط  والشركة السورية الوطنية للغاز والبنك المركزي السوري، إلى أن تكف الحكومة السورية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المواطنين. وكانت هيومن رايتس ووتش قد أرسلت في 13 أغسطس/آب 2011 برسالة إلى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 تدعوهم فيها إلى فرض هذه العقوبات سريعاً.

وبحسب نشطاء لحقوق الإنسان في سوريا، فإن قوات الأمن السورية قامت منذ 1 أغسطس/آب بقتل ما لا يقل عن 231 متظاهراً معارضاً للحكومة، ومدنيين آخرين، في هجمات استهدفت اللاذقية ودير الزور وحمص، وبلدات صغيرة في شتى أنحاء سوريا. وعلى مدار الأيام الأربعة الأخيرة، هاجمت قوات الأمن واعتقلت على نطاق واسع الأفراد من أحياء اللاذقية، الصليبة والسكنتوي ورمل العلي والشيخ ضاهر. كما احتجزت أجهزة الأمن نشطاء سياسيين وحقوقيين معروفين مثل عبد الكريم ريحاوي.

وقالت لوت ليشت، مديرة الاتحاد الأوروبي في هيومن رايتس ووتش: “ما زالت السلطات السورية تقتل الشعب السوري رغم جهود كثيرة تبذلها دول أخرى، منها دول حليفة سابقة لسوريا، من أجل وقف هذه الأحداث. لقد حان الوقت كي تعرف الحكومة السورية أن الأوروبيين لن يمولوا قمعها”.

بموجب القانون السوري فإن الحكومة هي صاحبة النصيب الأكبر من قطاع النفط والغاز، من خلال ملكيتها لشركتي الغاز الوطنية والنفط الوطنية. هاتان الشركتان لهما نصيب 50 في المائة من كل مشروع نفط أو غاز في سوريا. وفي تقرير صدر في مارس/آذار 2010، قدّر صندوق النقد الدولي أن الحكومة السورية تربح 2.1 مليار يورو من النفط والغاز كل عام. أغلب الغاز والنفط السوريين يستخدمان داخل سوريا، لكن يتم تصدير نحو 150 ألف برميل يومياً، وحوالي 95 في المائة من هذه الكمية تذهب إلى أوروبا، بالأساس إلى إيطاليا وهولندا وفرنسا وألمانيا.

وقد قام الاتحاد الأوروبي بالفعل بتجميد أصول 35 مسؤولاً سورياً وأربع هيئات سورية رداً على انتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة في سوريا. وفرض الاتحاد الأوروبي تجميداً مماثلاً على الأصول، ضد قطاع النفط الليبي والبنك المركزي الليبي في مارس/آذار الماضي.

وفي رسالتها دعت هيومن رايتس ووتش الاتحاد الأوروبي إلى إجراء مراجعات دورية لأثر العقوبات، من أجل تقييم أي أثر سلبي محتمل على الوضع الإنساني، وربط رفع العقوبات بإجراءات تُظهر التغيير في السياسات من قبل الحكومة، مثل وضع حد لاستخدام العنف المفرط والمميت ضد المتظاهرين، والإفراج عن جميع السجناء المحتجزين لمجرد مشاركتهم في تظاهرات سلمية أو لانتقاد السلطات السورية، والتعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق المكلفة من قبل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أو الآليات الدولية الأخرى المكلفة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المزعوم وقوعها.

وقالت لوت ليشت: “الهدف هو الإضرار بقدرة الحكومة على تمويل قمعها، وعدم الإضرار بالشعب السوري الذي خرج يطالب بشجاعة بحقوقه الأساسية”.

قامت هيومن رايتس ووتش منذ بدء التظاهرات المعارضة للحكومة أواسط مارس/آذار بتوثيق نمط ممنهج من الانتهاكات الحقوقية المتفشية والجسيمةارتكبتها السلطات السورية. طبقاً لمنظمات حقوقية سورية، فإن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين وقتلت حتى الآن نحو 2000 مدني، واحتجزت أكثر من 10 آلاف ناشط ومتظاهر بل وحتى بعض المارة، مع تعريضهم للتعذيب والمعاملة السيئة.

ورغم قرارات العفو الرئاسية والوعود بالإصلاح، فما زال يقبع الآلاف من النشطاء والمتظاهرين داخل السجون دون أي تأكيد على أماكنهم أو مصائرهم أو الأسانيد القانونية لاحتجازهم. ويظهر بقوة من الأدلة القائمة على أعمال القتل الممنهج والاختفاءات القسرية والتعذيب على يد قوات الأمن في بعض المدن السورية، مثل الأعمال المرتكبة في درعا؛ أن هذه الأعمال ترقى لمستوى الجرائم ضد الإنسانية.

لقد سعت السلطات السورية إلى إخفاء ما ترتكبه من انتهاكات عن طريق منع الوصول إلى مناطق الاحتجاجات، سواء في وجه الصحفيين أو المراقبين المستقلين – وبينهم فريق تقصي الحقائق التابع لمجلس حقوق الإنسان – والحد من، وأحياناً الإغلاق التام للإنترنت والاتصالات الهاتفية داخل سوريا.

وقالت لوت ليشت: “ربما سيعامل النظام السوري شعبه بشكل أفضل عندما يدرك أنه يخاطر بعدم القدرة على دفع الرواتب لقوات أمنه”. وتابعت: “على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إرسال رسالة واضحة وموحدة لحكومة الأسد مفادها أن الاستمرار في هذه الانتهاكات ستكون له تبعات”.