“يغير حسابات المعركة”.. جيل جديد “أصغر سنا” من مقاتلي داعش

40

بعد الهجوم اللافت لداعش على سجن غويران في الحسكة، وسلسلة ضربات ضد الجيش العراقي، وشريط فيديو مروّع يظهر ذبح ضابط شرطة عراقي، تتزايد الدلائل على عودة ظهور التنظيم في سوريا والعراق يومًا بعد يوم، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من خسارته لآخر رقعة من أراضي ما يسمى بـ”الخلافة”.

وتُظهر هذه الدلائل حقيقة أن داعش، الذي تمكن من شن هذه الهجمات المنسقة والمعقدة في الأيام الأخيرة، بدأ يظهر مرة أخرى كتهديد أكثر خطورة.

وقال كاوا حسن، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز ستيمسون بواشنطن، لصحيفة نيويورك تايمز: “إنها دعوة للاعبين الإقليميين والمحليين للاستيقاظ. داعش لم ينته والقتال لم ينته”.

وأضاف حسن أن ما حدث “يظهر قدرة داعش على الصمود للرد في الزمان والمكان الذي يختاره”.

تتقدّم القوات الكردية الأربعاء “ببطء” داخل سجن يتحصّن فيه عناصر مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية منذ ستة أيام في شمال شرق سوريا، تزامناً مع اشتباكات متقطعة في محيطه، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وشارك أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم الموجودين داخل السجن وخارجه، في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس على المرفق الذي تشرف عليه الإدارة الذاتية الكردية في مدينة الحسكة، في عملية تعدّ “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات.

وتعمل قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن على استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة.

وتواصل قوات سوريا الديموقراطية وقوات الأمن الكردية (الأساييش) الأربعاء، وفق المرصد، “عمليات التمشيط والتفتيش ضمن مهاجع في السجن” ومحيطه، حيث دارت ليلاً اشتباكات متقطعة بين الطرفين.

وأوقعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس داخل السجن وفي محيطه 181 قتيلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد، 124 منهم من عناصر التنظيم و50 من القوات الكردية، إضافة إلى سبعة مدنيين.

ويتحصّن السجناء المسلّحون وبينهم عدد من مقاتلي التنظيم الذين تمكنوا من الدخول خلال الهجوم، في القسم الشمالي من السجن، بينما تضم أقسام أخرى سجناء من التنظيم ممن شاركوا في العصيان واحتجاز عدد من حراس السجن والعاملين فيه. وتعمل القوات الكردية على التقدّم تباعاً في تلك الأقسام.

وبحسب المرصد، أسفرت عمليات التمشيط والمداهمة عن تحرير 32 من العاملين في السجن منذ الاثنين، وكان عدد منهم قد ظهروا في شريط فيديو بثّه التنظيم على حسابات جهادية إثر شنّه الهجوم.

وجددت الإدارة الذاتية الكردية مطالبتها المجتمع الدولي بالتدخل سريعاً لتقديم الدعم من أجل الحؤول دون إعادة تنظيم الجهاديين لصفوفهم.

وقال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر لفرانس برس الأربعاء “هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا”.

وطالب المجتمع الدولي بـ”دعم الإدارة الذاتية لتحسين الظروف الأمنية والإنسانية للمحتجزين في مراكز الاعتقال والموجودين في المخيمات المكتظة”.

استعراض القوة الذي قام به داعش لم يقتصر على سوريا. في العراق، في نفس الوقت تقريبًا الذي بدأ فيه الهجوم على السجن، اقتحم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية موقعًا للجيش في محافظة ديالى، مما أسفر عن مقتل 10 جنود وضابط في الهجوم الأكثر دموية منذ عدة سنوات على قاعدة عسكرية عراقية.

وأثار الهجوم مخاوف من أن بعض الظروف نفسها في العراق التي سمحت بصعود داعش في عام 2014 تفسح المجال الآن له لإعادة التشكيل.

وفي ديسمبر الماضي، خطف داعش أربعة صيادين عراقيين في منطقة جبلية بشمال شرق العراق بينهم عقيد في الشرطة.

أبرزت الهجمات في العراق، التي نفذتها الخلايا النائمة لداعش في المناطق الجبلية والصحراوية النائية، نقص التنسيق بين القوات الحكومية العراقية وقوات البشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق. فقد وقعت العديد من الهجمات في منطقة متنازع عليها تطالب بها كل من الحكومة الكردية والحكومة المركزية.

وقال أرديان شاكوفسي، مدير المعهد الأميركي لمكافحة الإرهاب، إن العديد من المسلحين الذين تم اعتقالهم في هجمات منذ أن فقدت داعش آخر أراضيها قبل ثلاث سنوات معظمهم صغار السن، ومن عائلات ذات أعضاء أكبر سناً مرتبطة بداعش.

وأضاف شاكوفسي: “إذا كان الأمر كذلك، فهذا جيل جديد من مجندي داعش، يغير حسابات المعركة ويزيد التهديدات بعدة طرق”.

كافح العراق للتعامل مع عشرات الآلاف من المواطنين العراقيين من أقارب مقاتلي داعش وعوقبوا بشكل جماعي ووضعوا في معسكرات الاعتقال، التي يُخشى الآن أن تكون أرضًا خصبة للتطرف.