2018 عام بعناوين مختلفة…استشهاد ومقتل نحو 23 ألف، تهجير مئات الآلاف، تبدل لنفوذ القوى المتصارعة، واتفاقات إقليمية ودولية للتهدئة والانسحاب
لم يكن العام 2018 عابراً، بل كان نقطة تحول كبيرة من نوع آخر، فبعد العام 2017 الذي حققت قوات النظام تقدماً واسعاً فيه، على حساب تنظيم “الدولة الإسلامية”، كانت سنة 2018 عام التقدم على حساب فصائل المعارضة السورية الإسلامية منها والمقاتلة، وتركز هذا التقدم في وسط وجنوب سوريا، حيث أنهت قوات النظام والروس سيطرة الفصائل بشكل كامل من العاصمة دمشق ومحيطها ومن ريف دمشق بغوطتيه والقلمون الشرقي وريف دمشق الشمالي الغربي وشمال حمص وجنوب حماة وكامل الجنوب السوري، حيث وسعت قوات النظام سيطرتها من 103218 كلم مربع في نهاية العام 2017 وحتى 111444 كلم مربع من الجغرافيا السورية بنسبة 60.2%، فيما تقدمت قوات سوريا الديمقراطية رغم خسارتها لعفرين، موسعة سيطرتها من من 50640 كلم مربع، إلى 53264 كلم مربع بنسبة 28.8% من مساحة سوريا، فيما تراجعت مساحة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” مع خسارة كثير من المناطق، وانتهاءِ سيطرة جيش خالد بن الوليد من مساحة 5600 كلم مربع، إلى 4297 كلم مربع من الأراضي السورية بنسبة 2.3% من الأراضي السورية، كما تراجعت سيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة و”الجهادية” والقوات التركية والفصائل الموالية لها، والفصائل المدعومة غربياً في البادية السورية، من نحو 25500 كلم مربع إلى 16175 كلم مربع بنسبة 8.7% من مساحة الأراضي السورية، حيث تسيطر الفصائل المقاتلة والإسلامية و”الجهادية” على مساحة 8937 كلم مربع، 4.8% تسيطر القوات التركية والفصائل المدعومة من قبلها على مساحة 3695 كلم مربع بنسبة 2%، فيما تسيطر الفصائل المدعومة أمريكياً وغربياً في البادية السورية من خط معبر التنف – خربة الشحمي وصولاً إلى شمال خبرة الزقف والتي يتواجد فيها معسكر لهذه الفصائل، على مساحة نحو 3543 كيلومتر مربع بنسبة 1.9% من الجغرافية السورية
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق استشهاد ومقتل ومصرع 19799 شخصاً على الأراضي السورية، منذ الأول من يناير من العام 2018 وحتى نهاية كانون الأول / ديسمبر من العام ذاته، حيث تعد هذه الأقل دموية في سوريا منذ انطلاقة الثورة السورية، فيما كان العام 2014 هو العام الأكثر دموية على الإطلاق، وتوزعت الخسائر البشرية على النحو التالي::
الشهداء المدنيون السوريون:: 6482، من بينهم 1437 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و886 مواطنة فوق سن الثامنة عشر، فيما بلغ عدد المقاتلين السوريين في صفوف الفصائل المقاتلة والإسلامية وقوات سوريا الديمقراطية وفصائل وحركات وتنظيمات أخرى:: 5852، كذلك وصل عدد المنشقين عن قوات النظام إلى:: منشق واحد
كما بلغ عدد القتلى من قوات نظام بشار الأسد إلى:: 1722، فيما وثق المرصد من قوات الدفاع الوطني والمسلحين السوريين الموالين للنظام:: 2237، بينما بلغ قتلى حزب الله اللبناني:: 56، في حين بلغ عدد قتلى المسلحين الغير سوريين الموالين للنظام والمسلحين من الطائفة الشيعية:: 534
أيضاً وثق المرصد من مقاتلي الفصائل الإسلامية وهيئة تحرير الشام وتنظيم “الدولة الإسلامية” والحزب الإسلامي التركستاني وتنظيم جند الأقصى والحركات الإسلامية من جنسيات مختلفة:: 2746، بينما بلغ مجموع مجهولي الهوية موثقون بالأشرطة والصور:: 169
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق 1293 شهيداً مدنياً جراء القصف من قبل طائرات النظام بينهم 397 طفلاً و206 مواطنات، في حين وثق المرصد السوري استشهاد 752 مواطناً على يد قوات نظام بشار الأسد بينهم 200 طفلاً و121 مواطنة، بينما وثق المرصد السوري 133 مواطناً مدنياً استشهدوا تحت التعذيب في المعتقلات الأمنية السورية بينهم مواطنتان.
أيضاً وثق استشهاد 1511 مدني بقصف الطائرات الحربية الروسية والقصف الصاروخي لقواتها بينهم 347 طفلاً و228 مواطنة، كما وثق استشهاد 635 مواطناً بقصف من طائرات التحالف الدولي بينهم 197 طفلاً و143 مواطنة، كما وثق المرصد السوري استشهاد 331 مواطناً في القصف من قبل القوات التركية وطائراتها بينهم 49 طفلاً و34 مواطنة، بينما وثق المرصد السوري استشهاد 65 مواطناً مدنياً برصاص حرس الحدود التركي بينهم 11 طفلاً و3 مواطنات
كما وثق المرصد السوري استشهاد 1278 مواطناً مدنياً على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، بينهم 115 طفلاً و83 مواطنة، كما وثق المرصد السوري استشهاد 484 مواطناً مدنياً على يد الفصائل المقاتلة والإسلامية و”الجهادية” وقوات سوريا الديمقراطية، بينهم 121 طفلاً و66 مواطنة
المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق كذلك المجازر التي شهدها العام 2018، وفقاً للظروف المختلفة التي جرت فيها، حيث بلغ مجموع المجازر 268 مجزرة خلال العام 2018، ارتكبت من قبل أطراف مختلفة، راح ضحيتها 3833 مدنياً بينهم 999 طفلاً، و636 مواطنة توزعوا على الشكل التالي:: حيث ارتكبت طائرات النظامين الروسي والسوري 151 مجزرة خلال العام 2018، راح ضحيتها 2369 مواطناً مدنياً بينهم 620 طفلاً، و360 مواطناً، كما ارتكب التحالف الدولي 34 مجزرة راح ضحيتها 573 مواطناً مدنياً بينهم 193 طفلاً و136 مواطنة، فيما ارتكبت قوات النظام 42 مجزرة راح ضحيتها 308 مواطنين بينهم 68 طفلاً و53 مواطنة، كذلك ارتكبت الفصائل 13 مجزرة راح ضحيتها 180 مواطناً بينهم 42 طفلاً و37 مواطنة، بينما ارتكب تنظيم “الدولة الإسلامية” 9 مجازر راح ضحيتها 215 شخصاً بينهم 42 طفلاً و30 مواطنة، في حين ارتكبت القوات التركية 19 مجزرة راح ضحيتها 188 شهيداً بينهم 34 طفلاً و20 مواطنة
يحتار العام 2018، في توصيفه، فهو عام الخسارات المتتالية، للفصائل الإسلامية والمقاتلة و”الجهادية”، وتنظيم “الدولة الإسلامية”، عام توسعة النظام لسيطرته، في مساحات واسعة متصلة، عام التهجير وتصاعد الانتهاكات واستمرارها، وعام القرارات الدولية والاتفاقات الإقليمية، فالعام 2018، شهد كل ذلك، بدأت أولاً بعملية عسكرية تركية في الـ 20 من كانون الثاني / يناير في منطقة عفرين بأقصى شمال غرب سوريا، على الحدود مع الجانب التركي ولواء اسكندرون، هاجمت فيها القوات التركية مدعومة بالفصائل المقاتلة والإسلامية وتنظيم “الذئاب الرمادية” منطقة عفرين، وتسببوا في تهجير أكثر من 350 ألف شخص منها نحو مخيمات النزوح والمناطق المجاورة، وجرى قتل نحو 400 مدني سواء بعمليات قصف جوي أو بري أو قتل مباشر أو من خلال التعذيب والقتل والاختطاف من قبل الفصائل الموالية لتركيا أو من قبل القوات التركية ذاتها، وتعدى الأمر لانتهاكات يومية جرى فيها سلب ونهب آلاف المنازل والاستيلاء على المئات منها والاستيلاء كذلك على مزارع ومحاصيل زراعية وفرض أتاوات وضرائب والاتجار بالمختطفين وغيرها من الانتهاكات التي صمت تركيا آذانها عنها، وأطلقت يد الفصائل ويد مواليها في المنطقة، لارتكابها والاستمرار بها.
تبعتها عمليات النظام في محيط العاصمة دمشق وأطرافها والغوطة الشرقية وجنوب دمشق، انتهت بسلسلة من “المصالحات والتسويات”، والتهجير، حيث رصد المرصد السوري خروج عشرات آلاف المدنيين إلى مراكز الإيواء، فيما خرج عشرات آخرين من الأطفال والمواطنات والرجال وعوائل المقاتلين إلى الشمال السوري ومحافظة إدلب، بعد اتفاقات “مصالحة” جرت في المنطقة، بين فصائل المنطقة ونصت على خروج رافضي الاتفاق إلى الشمال السوري، كما تبعتها عمليات في وسط سوريا والجنوب السوري، والتي انتهت كذلك بخروج أكثر من 45 ألف شخص إلى الشمال السوري، على متن عدد من القوافل التي نقلت رافضي الاتفاق، فيما أبقت على مئات آلاف المدنيين والمقاتلين ضمن المناطق التي تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها وتوسعة سيطرتها فيها، كما جاءت عملية الجنوب في أعقاب توافق على سحب إيران وحزب الله لقواتهما نحو 40 كلم بعيداً عن الحدود مع الجولان السوري المحتل، وتبعتها عمليات انضمام عشرات آلاف الشبان والرجال وتجنيدهم أو تطوعهم في خدمة التجنيد الإجباري وصفوف قوات النظام وحلفائها، في ظل إصدار النظام لقوائم احتياط تضم مئات آلاف الأسماء المطلوبة لخدمة الاحتياط في صفوف جيش النظام السوري، الأمر الذي شكل حالة استياء واسعة بعد أن عمدت قوات النظام خلال الأشهر الأخيرة بخاصة إلى تنفيذ عمليات اعتقال ومداهمات دورية، للبحث عن مطلوبين لخدمتي التجنيد الإجباري والاحتياط في صفوف قوات النظام.
وفي منتصف أغسطس من العام 2018، توصلت روسيا وتركيا، بعد إبعاد إيران من دائرة التوافقات حول الحاضر والمستقبل السوري، توصلتا إلى اتفاق للهدنة ضمن المحافظات الأربع وهي إدلب وحماة وحلب واللاذقية، حيث لم تلتزم كل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جانب آخر، بشروط الهدنة، ليعقبها اتفاق في النصف الثاني من أيلول / سبتمبر يقوم على إقامة منطقة منزوعة السلاح، جرى تبديل شروطها بعد التوافق الأولي بحيث أجبرت تركيا وروسيا الفصائل على سحب سلاحها الثقيل، على أن تبقي قوات النظام سلاحها الثقيل ضمن المنطقة العازلة بضمانة روسية لعدم استخدامه بشكل نهائي، ومغادرة “الجهاديين” للمنطقة لاحقاً وتسيير دوريات مشتركة تركية وروسية، إلا أن الفصائل “الجهادية” والإسلامية والمقاتلة التفت على الاتفاق وسحبت جزء من السلاح الثقيل، فيما أبقت على القسم الآخر ضمن المنطقة منزوعة السلاح الممتدة من الجبال الشمالية الشرقية للاذقية مروراً بسهل الغاب وريف جسر الشغور الغربي، وريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، والانتقال إلى ريفي حلب الجنوبي والغربي وريفي إدلب الشرقي والجنوبي الشرقي، لحين الوصول إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب، في منطقة مقسمة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية و”الجهادية” من جانب آخر.
وفي الـ 19 من كانون الأول / ديسمبر من العام 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار سحب القوات الأمريكية من شرق الفرات والأراضي السورية، حيث تتواجد هذه القوات في منبج وريفها ومنطقة شرق الفرات وقاعدة التنف في البادية السورية، الأمر الذي تزامن مع عملية عسكرية تلوِّح تركيا بها منذ أسابيع، ضد قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية بشكل خاص، في منطقة شرق الفرات ومنطقة منبج، ما استدعى جولات ماراثونية من اللقاءات والاجتماعات بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري والروس وقيادة التحالف الدولي وضباط رفيعي المستوى من القوات الأمريكية للتوصل لحل نهائي حول هذه التهديدات ومستقبل مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
أيضاً يقدِّر المرصد السوري لحقوق الإنسان، العدد الحقيقي لمن استشهد وقتل أكثر بنحو 3 آلاف من الأعداد التي تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيقها، ويأتي هذا التقدير لأعداد الشهداء والقتلى من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية، ومقاتلي الفصائل المقاتلة والفصائل الإسلامية وتنظيم “الدولة الإسلامية” والحزب الإسلامي التركستاني، نتيجة التكتم الشديد على الخسائر البشرية من قبل كافة الأطراف المتقاتلة، ووجود معلومات عن شهداء مدنيين لم يتمكن المرصد من التوثق من استشهادهم، لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية في سورية.
العام 2018 الذي يعد أخفض سنة في الخسائر البشرية السنوية منذ انطلاقة الثورة السورية في العام 2011، بقي فيه الدم السوري ينزف، وأغرق التراب السوري بالدماء والجثث، ليتواصل القتل على هذه الأرض، أمام أنظار المجتمع الدولي الذي ركز طوال السنوات الفائتة، بالحرب على ما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي نشأ وتضخم على حساب دماء أبناء الشعب السوري وشارك في قتلهم وسفك دمائهم، حيث أن هذا التنظيم لم يكن ليكبر بهذا الحجم، لو أن العدالة كانت موجودة منذ البداية، كما أن المجتمع الدولي الذي جسد نفسه في ثوب المخلص للشعب السوري شارك في سفك دمائه وقتل أبنائه وتشريدهم، وبعد هذا القتل كله لم يعد للعالم والمجتمع الدولي والأطراف الفاعلة، أية مبررات في تأخير التحرك الدولي الفاعل والأنسب، لإنهاء الموت والقتل والتدمير والتشريد على الأرض السورية، حتى يجد أبناء هذا الشعب متسعاً من الحياة، ليتمكنوا من إعادة إعمار وبناء بلادهم، والعودة إلى مساكنهم أو لبقايا الدمار في قراهم وبلداتهم ومدنهم، ولا ذرائع أو مبررات تقف أمام المحاكم الدولية لإظهارها، والتمنّع في محاسبة المجرمين ومعاقبة القتلة والآثمين بحق أبناء الشعب السوري، إلا إذا كان المسؤولون عن تطبيق العدالة، يتهربون من تطبيقها.
إننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان سنبقى نطالب الأطراف الدولية والمجتمع الدولي التحرك لإحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا لمحكمة الجنايات الدولية أو المحاكم الدولية المختصة حتى ينال القتلة ومحرضوهم وآمروهم عقابهم، وليتوقف القتل ويتمكن أبناء الشعب السوري من الوصول إلى الدولة التي ينشدونها، دولة تسود قيم الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، وتضمن لكافة مكوناتها حقوقهم، كما أننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من التهديدات التي تلقيناها، من كافة الأطراف في سوريا، ومن قبل أطراف مشاركة في قتل أبناء الشعب السوري، لم ولن نتوقف عما بدأنا به، من رصد وتوثيق ونشر لكافة الانتهاكات بحق أبناء الشعب السوري والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب المرتكبة والتي لا تزال ترتكب في سوريا، حتى لو كلفنا الأمر حياتنا
إضغط هنا لرؤية الانفوجرافيك بدقة عالية
إضغط هنا لرؤية الانفوجرافيك بدقة عالية
إضغط هنا لرؤية الانفوجرافيك بدقة عالية