30 يوما من نبع السلام: “قسد” تخسر نصف مساحة سيطرتها تقريبا.. وروسيا و”النظام” لاعب جديد في الشمال السوري.. وانتهاكات الفصائل التركية تجبر المدنيين على الفرار.. وأكثر من 870 شهيداً وقتيلاً.. وأوضاع إنسانية وصحية كارثية تهدد المنطقة

422

المرصد السوري لحقوق الإنسان

مع وصول دقات عقارب الساعة إلى الرابعة عصرا بتوقيت العاصمة السورية “دمشق”، يكتمل شهر على انطلاق العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا تحت مسمى “نبع السلام”، والتي يُفترض أنها توقفت بإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتهاءها وفقا للاتفاق التركي-الروسي على انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من المناطق الحدودية وانتشار قوات النظام بدلا منها، مع تسيير دوريات تركية-روسية مشتركة في مناطق محددة. ولكن، ما حدث لم يكن سوى توقفا إعلاميا لـ”نبع السلام”، أما على أرض الواقع، فقد رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار العمليات القتالية ومحاولات القوات التركية والفصائل الموالية لها التقدم في عدة مناطق في الشمال السوري، وسط عمليات كر وفر وتبدلات في السيطرة على قرى ومناطق بين “قسد” و”الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا.

على مدار 30 يوما منذ انطلاق تلك العملية العسكرية، شهدت منطقة شمال وشمال شرق سوريا تحولات هائلة، ليس على مستوى مناطق السيطرة العسكرية والسياسية فحسب، بل طالت كذلك الأوضاع الإنسانية والاجتماعية ومراكز القوى والنفوذ والتحالفات. وعلى مدار تلك الفترة، ومنذ اليوم الأول لانطلاق عملية “نبع السلام”، عمل المرصد السوري لحقوق الإنسان على رصد وتوثيق كل ما يجري في الشمال السوري نتيجة العمليات العسكرية الدائرة حتى اللحظة في المنطقة.

 

“قسد” تخسر ما يقرب من نصف مساحة سيطرتها.. والتحالف الدولي “مشاهد” اكتفى بـ”النفط”.. وروسيا و”النظام” بطاقة جديدة في أوراق اللعبة

منذ لحظة انطلاق العملية العسكرية التركية، رصد “المرصد السوري” تقدم القوات التركية والفصائل الموالية لها بغطاء جوي وبري مكثف في إجمالي مساحة تقدر بـ4820 كم2 (13.1% من إجمالي مساحة المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية)، أي ما يزيد على ربع مساحة لبنان. وفي الوقت نفسه، دخلت قوات النظام بموجب اتفاق بين “قسد” و”النظام” بوساطة روسية، إلى منطقة تقدر مساحتها بـ18821 كم2، ما يعني أن قوات سوريا الديمقراطية فقدت السيطرة على 23641 كم2، بعد أن كانت تسيطر على مساحة قدرها 52916 كم2 (28.6% من إجمالي مساحة سوريا) قبل انطلاق العملية العسكرية “نبع السلام”، ما يعني أن “قسد” لم تعد تسيطر سوى على 15.7% من مساحة سوريا.
كان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من شمال سوريا في 6 أكتوبر/تشرين الأول، إيذانا ببدء العملية العسكرية التركية وضوء أخضر لإعادة ترتيب خريطة التحالفات والنفوذ في المنطقة بالكامل. وعلى الرغم من أن قرار “ترامب” بالانسحاب بدأ فعليا بسحب القوات الأمريكية على الحدود السورية-التركية، فإن الرئيس الأمريكي تراجع جزئيا عن قراره بعد أن عبرت القوات التركية والفصائل الموالية لها الحدود السورية، وأعلن أن قواته ستبقى في سوريا لـ”حماية المنشآت النفطية” ومنع عودتها إلى أيدي “النظام” أو سيطرة إيران عليها. ووفقا لما رصده “المرصد السوري”، أعاد التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” بقيادة الولايات المتحدة تمركزاته في المنطقة، حيث غادر قواعده القديمة في عين العرب (كوباني) ومنبج وعين عيسى وعدة قواعد أخرى، وعمل على إنشاء 3 قواعد جديدة في الشمال السوري من أجل التمركز في “دير الزور” والسيطرة على المنشآت النفطية. ورصد “المرصد السوري” كذلك انسحاب قوات التحالف الدولي من قاعدة مطار “صرين” العسكري، والتي تقع بريف مدينة عين العرب (كوباني)، قبل أن يعودوا إليها مجدداً، حيث أن مطار “صرين” هو المنطقة التي انطلق منها فريق قتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وعلم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تحضيرات أمريكية تجري على قدم وساق في شمال وشرق سوريا لبناء ثلاث قواعد عسكرية مشتركة مع التحالف الدولي، وتحديداً أمريكا ودول أخرى من التحالف الدولي، في كل من “القامشلي” وعدة مناطق أخرى في شمال شرق سوريا. وقالت مصادر موثوقة، لـ”المرصد السوري”، إنه في الإطار العام تسعى الولايات المتحدة إلى أن يكون لها وجود فعلي لمنع وقوع الأجواء في شمال وشرق سوريا بيد الآخرين، إضافة إلى السيطرة على المنشآت النفطية. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان حصل، أمس، على معلومات جديدة تشير إلى عملية تقاسم النفوذ في مناطق شمال شرق سوريا التي تجري حاليا، في ظل التواجد الروسي والأمريكي المشترك داخل المنطقة بعد أن كانت القوات الأمريكية انسحبت ثم عادت مرة أخرى ودخلت القوات الروسية إلى المنطقة وفقًا لاتفاق “بوتين-أردوغان” الذي جرى التوصل إليه في “سوتشي” خلال الشهر المنصرم. ووفقا للمعلومات الجديدة، فإن القوات الروسية سيطرة على منتجع يسمى “النادي الزراعي” في القامشلي على مقربة من منطقة المطار لاتخاذه مقرا لقواتها، في وقت حصل فيه “المرصد السوري” على معلومات بشأن احتمالات تأجير النظام السوري مطار القامشلي إلى القوات الروسية لتتخذه مقرا لها لمدة ٤٩ عاما، على غرار ما حدث في قاعدة “حميميم”.

ومع الانسحاب الأمريكي، ولجوء قوات سوريا الديمقراطية إلى روسيا و”النظام” لنشر القوات النظامية على الحدود مع تركيا في مقابل انسحاب قواتها من تلك المنطقة، ومع انسحابات قوات سوريا الديمقراطية المتتالية وفقاً للاتفاق الروسي–التركي الذي جرى التوصل إليه في “سوتشي” بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، بدأت معالم السيطرة تتضح يوماً بعد يوم، حيث وحتى اللحظة باتت المنطقة الممتدة من القامشلي إلى عين ديوار تحت النفوذ الأمريكي، بينما المنطقة الممتدة من القامشلي إلى رأس العين (سري كانييه) ومن تل أبيض إلى عين العرب (كوباني) تحت النفوذ الروسي، بينما المنطقة الممتدة من رأس العين إلى تل أبيض تخضع للنفوذ التركي والفصائل الموالية لها، في الوقت الذي تشهد فيه محاور بمنطقة “أبو راسين” وريف “تل تمر” الواصل إلى رأس العين اشتباكات متجددة بين “قسد” والفصائل الموالية لـ”أنقرة”، حالها كحال المنطقة الواقعة بين عين عيسى وتل أبيض.

ووفقا لرؤية الرئيس الأمريكي من أجل السيطرة على النفط، وبحسب مصادر موثوقة، تسيطر القوات المدعومة من التحالف الدولي في شمال وشرق سوريا –حتى اللحظة- على ما يقرب من 70% من إنتاج سوريا من النفط، وهي تتمثل في حقل العمر النفطي ومحطاته وحقل التنك وحقل غاز كونيكو وحقل الجفرة النفطي التي تعد أهم حقول النفط والغاز في شمال وشرق سوريا، إضافة إلى عدد من المحطات والحقول الأقل إنتاجية، مثل محطة ديرو ومحطة الكشمة وحقول رميلان وحقول الجبسة ومعمل غاز الجبسة، إضافة إلى محطة أخرى حصل الصينيون وغيرهم على حقوق تطويرها. وفي ظل تبدلات التحالفات التي جرت في الفترة الماضية، ومع مطالبة روسيا بأن تكون السيادة لـ”دمشق” في السيطرة على المنشآت النفطية في وقت يؤكد فيه الرئيس الأمريكي أن قوات التحالف الدولي ستظل المسيطر على المنشآت النفطية لضمان عدم وقوعها في أيدي النظام السوري أو إيران، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يطالب الأطراف المختلفة في النزاع السوري بتقديم كافة الضمانات لضمان عدم سرقة الثروات المملوكة للشعب السوري.

 

300 ألف نازح بلا مأوى.. وخيام متهالكة ومخيمات نازحين بلا مساعدات.. واستهدافات للأطقم الطبية.. الشمال السوري يشهد أوضاعا إنسانية كارثية

منذ الساعات الأولى لصباح يوم الأربعاء 9 أكتوبر/تشرين الأول، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان عمليات نزوح للمدنيين من مناطق متفرقة في منطقة شرق الفرات، فرارًا من العملية العسكرية التركية على المنطقة. وبحسب إحصاءات “المرصد”، فإن عدد النازحين تجاوز 300 ألف مدني نزحوا من بلداتهم ومدنهم وقراهم، حيث تتواصل حركة نزوح المدنيين من مناطقهم في تل أبيض ورأس العين والدرباسية وعين العرب وعين عيسى ومناطق أخرى شرق الفرات عند الشريط الحدودي مع تركيا، ووفقا لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، تجاوز عدد النازحين 300 ألف مدني نحو عمق المنطقة، وسط أوضاع إنسانية صعبة تعيشها المنطقة من التصاعد الكبير في أعداد النازحين ووجهتهم.

ووفقا لما وثقه “المرصد السوري”، فإن أوضاع النازحين تشهد كارثة إنسانية حقيقية تهدد المدنيين السوريين الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم هربا من العملية العسكرية التركية، حيث علم “المرصد” أن “مجلس الرقة المدني” يعمل على نقل ما تبقى من خيام في مخيم عين عيسى شمال مدينة الرقة، بغية إنشاء مخيم جديد للنازحين على خلفية عملية “نبع السلام” في قرية تل السمن، وذلك دون دعم أي من المنظمات الدولية التي تعنى بالجانب الإنساني، على الرغم من الظروف الصعبة للنازحين وخاصة مع قدوم فصل الشتاء، حيث يقتصر الدعم على منظمات محلية. وقالت مصادر، لـ”المرصد السوري”، إن المنظمات بدأت بالعودة بشكل تدريجي إلى المنطقة لاستكمال أعمالها هناك، فيما علم “المرصد السوري” أن فعاليات محلية تعمل على إنشاء مخيم جديد في منطقة الحسكة ليأوي النازحين من مدينة رأس العين (سري كانييه)، وذلك أيضاً على الرغم من الإمكانيات المحدودة، وسط رفض ما يعرف بـ”محافظ الحسكة” تقديم يد العون ومنعه للأمم المتحدة من تقديم المساعدة.

وبحسب ما أكدت مصادر لـ”المرصد السوري”، فإن أوضاع النازحين في منطقة الرقة مأساوية، حيث إن الخيام أصبحت هالكة في ظل عدم تقديم أي دعم من مفوضية اللاجئين، وقالت المصادر: “هناك خطة لإنشاء مخيمين جديدين، وكذلك كان هناك مخيم نوروز الذي كان يأوي اللاجئين الإيزيديين من سنجار، حيث هناك نية لإعادة تشغيله وتأهيله، وقد ذهبت أكثر من 25 عائلة حتى الآن إلى ذلك المخيم.. الأوضاع الإنسانية كارثية، ما دفع النازحون إلى المبيت في العراء بينما الأمطار تتساقط على رؤوسهم”. وقالت مصادر، لـ”المرصد السوري”، إن “موجات النزوح إلى الرقة لا تزال مستمرة، وسط أوضاع إنسانية صعبة تعانيها بعض العوائل النازحة إلى المدينة وريفها. وبشكل عام، استوعب الأهالي الجزء الأكبر من النازحين من رأس العين وتل أبيض، حيث تعمل مجموعات انطلاقا من مبادرة شخصية على توزيع السلات الغذائية والبطانيات ومراتب للنوم وغيرها، كما أن لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل بالمنطقة تعمل على توفير المساعدات من خلال التواصل مع المنظمات المحلية من أجل تقديم مساعدات للنازحين. وبالنسبة للجنة التربية والتعليم، فقد عمدت إلى فتح بعض المدارس التي ليس بها كثافة طلابية لاستقبال النازحين من رأس العين وتل أبيض. كما أن مخيم عين عيسى تم نقله إلى قرية “المحمودلي” وإعادة تأهيله وتوسعته وتم استيعاب عدد كبير من النازحين والعائلات. وكذلك هناك مخيمات عشوائية كانت موجودة على الطريق العام لريف الرقة الشمالي وريفها الشرقي، ولكن جرى نقلها من أجل الأمان وزيادة الدعم وضمان عدم حرمان أحد من الدعم. كذلك، هناك مخيم أبوجبيع في ريف الرقة الجنوبي. وبشكل عام، لا تزال قوى الأمن الداخلي تفرض حظرا على المنطقة من أجل ضمان ألا يستغل أحد الوضع، على الأقل لحين تنظيم المجتمع وتهدئة الأوضاع، خصوصا مع وصول وافدين جدد جاءوا من مناطق متعددة”.

وعن الوضع في مدينة الحسكة، قالت مصادر موثوقة إن أكثر من 150 ألف شخص باتوا بلا مأوى ولا تتوافر لديهم احتياجاتهم اليومية، كما أن أغلبهم باتوا يعيشون في المدارس. وأضافت مصادر: “الأهالي ينزحون حاليا إلى تل تمر رغم أنها لا تبعد كثيرا عن خط الجبهة ولا تزال معرضة للخطر، وحسب المعلومات هناك ما يزيد على 400 عائلة أغلبهم من العرب والأكراد والسريان نزحوا إلى الحسكة”. وأقالت المصادر، لـ”المرصد السوري”، إن “الأوضاع مأساوية، حيث ينام النازحون في العراء، ولذلك نطالب المنظمات الدولية بالتدخل، خصوصا وأن بعض العوائل من النساء والأطفال فقط حيث بقي الرجال بمناطقهم ولم ينزحوا مع باقي عوائلهم”.

وبحسب ما رصده المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الوضع الصحي والإسعافي في مناطق شمال وشمال شرق سوريا يشهد أوضاعا كارثية من حيث التحركات والدعم الموجه لهم في ظل الاستهداف المتواصلة لهم منذ بدء عملية “نبع السلام”، حيث استهدفت الفصائل الموالية لتركيا طاقم طبي تابع لمنظمة “Free Burma Ranger” الأمريكية في قرية “رشيدية” بريف تل تمر، ما أدى لوفاة أحد أفراد الطاقم، وهو من جنسية آسيوية، وإصابة آخر. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق سقوط 4 شهداء من الهلال الأحمر الكردي وهيئة الصحة ضمن مناطق سيطرة “قسد” حتى الآن جراء العملية العسكرية التركية (3 من هيئة الصحة جرى إعدامهم ميدانيا من قبل الفصائل الموالية لتركيا بمنطقة سلوك شمال الرقة، والأخير تابع للهلال الأحمر الكردي قضى بقصف على ريف مدينة رأس العين)، بالإضافة إلى إصابة 5 آخرين منهم بالقصف والاستهدافات. ووثق “المرصد السوري” تعرض الأطقم الطبية لمحاولات من جانب الفصائل الموالية لتركيا، لعرقلة عملهم في إسعاف الجرحى ونقل الجثث جراء الاستهدافات المتواصلة، على غرار ما جرى في محاولتهم لنقل الجرحى والجثث من مدينة رأس العين، إبان حصارها من قبل الفصائل الموالية لتركيا.

 

146 شهيدا مدنيا.. و725 قتيلا من مقاتلي أطراف النزاع في 30 يوما

على مدار 30 يوما، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 146 مدنيا ضحية للقذائف العشوائية والقصف والمعارك التي تشنها تركيا على شمال سوريا. ووفقا لما وثَّقه “المرصد السوري”، ارتفع عدد الشهداء المدنيين الذين سقطوا منذ انطلاق العملية العسكرية التركية إلى 146 شهيدا بينهم 7 مواطنات و4 أطفال، وهم: 33 جراء غارات جوية تركية استهدفت مدينة رأس العين ومحيطها وريفها الشرقي وقرية الريحانية بريف المالكية بينهم مواطنة واثنان من طاقم صحفي محلي، و28 جرى توثيق استشهادهم بقصف واستهدافات على مدينة رأس العين، إذ جرى دفن الجثث بوقت سابق بسبب الحصار المطبق على المدينة، و40 بينهم طفل ومسؤولة حزبية ومواطنتان و6 من الفرق الطبية جراء استهدافهم بالقذائف والرصاص وإعدام ميداني من قبل فصائل موالية لتركيا على الاتستراد جنوب مدينة تل أبيض ومناطق شمال عين عيسى وبلدة سلوك، و7 بينهم اثنان من موظفي الإدارة الذاتية بالقصف البري على محيط تل أبيض، و6 بينهم طفل ومواطنة ورجلان مسنان جراء قصف صاروخي استهدف أحياء البشيرية وقدروبك والزيتونية بمدينة القامشلي، و5 بينهم طفل في القصف على محيط وريف منطقة رأس العين بريف الحسكة، و4 جراء ضربات جوية تركية على قرية الباجية بمنطقة تل أبيض، و3 جراء عمليات قنص على قرى تابعة لتل أبيض، وطفلة في قصف استهدف ريف القحطانية، ورجل جراء استهدافه بقناص القوات التركية في مدينة الدرباسية، ومواطنة برصاص قناص تركي في مدينة القامشلي، ورجل جراء قصف صاروخي تركي على أطراف قرية قصر ديب بريف المالكية، بالإضافة إلى استشهاد 2 في قصف فصائل موالية لتركيا على قرية الفارات شمال مدينة منبج، وطفلة جراء قصف صاروخي من قبل التركية على أحد قرى بلدة عين عيسى شمال مدينة الرقة، ورجل وزوجته بقصف مدفعي تركي على قرية تل وردة بناحية أبو رأسين، و3 مدنيين بقصف من قبل الفصائل الموالية لأنقرة على قرية عنياكل بناحية أبو رأسين، و7 مدنيين بينهم طفلين اثنين جراء انفجار سيارة مفخخة في مدينة تل أبيض، إضافة إلى مدني واحد استشهد بعد أن دهسته مدرعة تركية خلال احتجاجات مناهضة للدوريات الروسية التركية في المنطقة.

ووفقا لإحصاءات المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بدء عملية “نبع السلام” العسكرية التركية، بلغ تعداد القتلى في صفوف قوات سوريا الديمقراطية والمجالس العسكرية وقوى الأمن الداخلي جراء قصف جوي وبري تركي واشتباكات مع القوات التركية والفصائل الموالية لها منذ بدء العملية العسكرية التركية عصر الأربعاء إلى 408، فيما وثق “المرصد السوري” مقتل 28 عناصر من قوات النظام وإصابة آخرين جراء استهداف صاروخي نفذته القوات التركية والفصائل الموالية لها على محاور شمال غرب منبج وشرق بلدة عين عيسى في مواقع انتشار قوات النظام. بينما بلغ تعداد قتلى الفصائل السورية الموالية لـ”أنقرة” وقتلى الخلايا الموالية لتركيا خلال استهدافات واشتباكات مع “قسد” خلال الفترة ذاتها إلى 279 من بينهم 21 من خلايا موالية لـ”أنقرة” قتلوا في اشتباكات مع “قسد”، بالإضافة إلى مقتل 10 جنود أتراك حتى الآن خلال الاشتباكات والاستهدافات وسط معلومات عن قتلى أتراك آخرين على الحدود، كما أن تعداد الذين قتلوا مرشح للارتفاع لوجود عشرات الجرحى بعضهم في حالات خطرة.

 

انتهاكات الفصائل الموالية لـ”أنقرة” عرض مستمر.. ومصادرة منازل المواطنين.. وأزمة مياه تهدد “الحسكة”

لا تزال المناطق التي سقطت تحت سيطرة القوات التركية والفصائل السورية المعارضة لها تشهد أوضاعا كارثية، في ظل الانتهاكات المستمرة التي ينفذها عناصر “الجيش الوطني السوري” ضد من تبقى من أهالي تلك المناطق، لا سيما مدينة “رأس العين” التي تشهد انتهاكات متعددة ضد المواطنين من المدنيين، سعيا إلى بث الرعب والفزع في قلوب من تبقى من الأهالي لإجبارهم على الرحيل. ووفقا لما رصده “المرصد السوري”، فإنه من بين محاولات القوات التركية والفصائل الموالية لها لإحكام سيطرتها على كافة المناطق التي خضعت لسيطرتها، تجري عملية انتهاكات مكثفة ضد المدنيين في “رأس العين” والقرى الغربية المحيطة بالمدينة، فلا يكاد يمر يوما واحدا حتى تنفذ تلك الفصائل الموالية ضغوط وانتهاكات بحق من تبقى من السكان الأصليين للمدينة، بغية تهجيرهم وإجبارهم على الرحيل.

وعلم “المرصد السوري”، من مصادر موثوقة، أن الفصائل الموالية لتركيا تعمل على مصادرة منازل المهجرين الذين فروا من جحيم الحرب في المنطقة، وبحسب ما علمت مصادر “المرصد السوري”، فإن المنازل التي تعرضت للمصادرة من قبل الفصائل الموالية لتركيا، شهدت استقدام بعض عوائل العناصر التي جاءت إلى المنطقة، في محاولة لتوطينهم محل السكان الأصليين للمدينة. ولم تكتف تلك الفصائل بتلك الانتهاكات، بل إنها عمدت إلى مصادرة المشاريع الزراعية للمدنيين، ومصادرة وسرقة الجرارات الزراعية وصهاريج المازوت، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ”المرصد السوري”. ورصد “المرصد السوري” عملية فرار جماعي لسكان قرية “أم عشبة” في ريف رأس العين الشرقي، نتيجة الانتهاكات غير الآدمية التي يمارسها عناصر فصيل “صقور الشمال” الذي يقوده “أبوليلى الحمصي”، حيث أشارت مصادر إلى أن عمليات ضرب ونهب واعتقال تجري بحق رجال القرية، ضمن الانتهاكات التي تنفذها تلك الفصائل، فيما رصد “المرصد السوري” كذلك عملية نهب نفذها فصيل “فرقة الحمزات”، على صوامع قمح منطقة “عالية” في ريف رأس العين، حيث عمد ذلك الفصيل إلى نقل ما نهبه من القمح إلى تركيا، ما أدى إلى انعدام شبه كامل لمادة الخبز في المدينة، كما أن فصائل (الجيش الوطني) يستغلون تلك الأزمة، من أجل جلب الخبز من مدينة تل أبيض وبيعه بأسعار باهظة إلى السكان المتبقين في مدينة رأس العين. وفي الوقت ذاته، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان عبر مصادر موثوقة، أن الفصائل الموالية لتركيا عمدت إلى تغيير اسم مشفى “روج” في رأس العين إلى “مشفى رأس العين”، حيث عمدت إلى طمس كل ما له علاقة بالاسم القديم للمشفى ورفع لافتات جديدة عليه.

ورصدت مصادر “المرصد السوري” عمليات انتهاكات متواصلة بحق المدنيين، حيث أكدت المصادر أن الهدف من تلك العمليات هو إجبار من تبقى في المنطقة على تركها، خصوصا مع انتشار ظاهرة الاعتقال دون أسباب وتحت ذرائع واتهامات كيدية، إضافة إلى انتشار ظاهرة خطف المواطنين من أجل إجبار ذويهم على دفع فدى مالية مقابل إطلاق سراحهم، على غرار ما يجري في “عفرين” من انتهاكات متواصلة بحق المدنيين منذ أن سقطت “عفرين” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في إطار عملية “غصن الزيتون” التي أطلقتها تركيا في يناير/كانون الأول 2018. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد، عبر مصادر موثوقة، تواجد مسلحين من “جيش الإسلام” شوهدوا خلال مشاركتهم في العملية العسكرية التركية “نبع السلام” ضمن فصائل “الجيش الوطني”، حيث رصدت المصادر عناصر الفصيل يتجولون بدعم وحماية تركية في بلدة “رأس العين” في شمال شرق سوريا، بينما كانوا يوجهون السخرية والاستهزاء بصاحب محل تجاري صغير لا يزال في البلدة ولم ينزح منها. وأكدت المصادر أن “عناصر الفصيل استولوا على المحل، والهدف من كل ذلك هو إخافة وزرع الفزع في قلوب سكان القرية”.

ووفقا لمصادر موثوقة، فإن “رأس العين تحديدا تشهد حالات كارثية من الانتهاكات، ولم يعد هناك بيت واحد لم يتأثر بتلك الانتهاكات والفظائع التي ترتكب بحق المدنيين ممن بقوا داخل المدينة. حتى فرق الصليب الأحمر السوري باتت ممنوعة من الدخول إلى المدينة لتقديم المساعدات رغم أنها وصلت إلى منطقة قريبة، كما أن هناك أزمة كبيرة في مياه الشرب، حيث بات المواطنون يشترون المياه بمبالغ هائلة”. وبحسب ما علم “المرصد السوري”، فإن “محطة علوك في بلدة رأس العين، تغطي عدد كبير من المناطق بالمياه الصالحة للشرب من بينها مدينة الحسكة التي تكتظ بالنازحين الهاربين من العملية العسكرية التركية، إلا أن المحطة توقفت عن العمل، وكذلك اعتُقل ثلاثة من المهندسين الذين كانوا يشرفون عليها من قبل فصائل (الجيش الوطني)، وهو ما أدى إلى مشكلة كارثية في مدينة الحسكة، تعمل الإدارة الذاتية في المدينة على حلها من خلال تفعيل مياه السدود، إلا أنها غير صالحة للشرب لعدم توافر أجهزة تعقيمها، ما أجبر الأهالي على تعبئة المياه من خلال شرائها بمبالغ باهظة”.

وكان “المرصد السوري” نشر، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، أنه علم أن فرقة “المعتصم” المشاركة في عملية “نبع السلام”، ترتكب جملة من الانتهاكات في مدينة رأس العين بريف محافظة الحسكة. وأفادت مصادر لـ”المرصد السوري” أن عناصر من “فرقة المعتصم” تستولي على منازل المواطنين وشوهدت عبارات مكتوبة على أبواب المنازل “محجوز”، كدليل لبقية الفصائل حتى لا تقع في إشكاليات تقاسم الغنائم. ونشر “المرصد السوري”، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، تسجيلا صوتيا حصل عليه يتحدث فيه عنصر في صفوف الفصائل الموالية لتركيا عن سلب ونهب منازل المواطنين في المناطق التي خضعت لسيطرتهم، قائلا: “نحن نتحدث عن جيش يسمي نفسه (وطني) ولكنه بعيد كل البعد عن الوطنية، ومن قبلها كان اسمه الجيش الحر وهو بعيد تماما عن أن يكون (حر)، نحن نتحدث عن معركة، وبالتالي كان من الواجب أن يتحدث وزير الدفاع مع الحليف التركي لتوضيح بعض النقاط، منها أسرى المعركة التي يجب أن يكونوا أسرى الجيش الحر ولا يسمح للحليف أن يتدخل فيما يتعلق بشأنهم. أما بهذا الشكل فالآمر يشبه المرتزق الذي يقاتل فقط ولا يحق له الحديث. هناك نوعين من المرتزقة، مرتزق يقاتل من أجل المال ومرتزق يقاتل مقابل سرقة أهله. لن يمر أسوأ من هذا على تاريخ الارتزاق في العالم كله. المسألة ترتبط بقادة الفصائل ووزير الدفاع ورئيس الحكومة”.

وكان عدد من أهالي “رأس العين” وجهوا استغاثة إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان، لتسليط الضوء على التعنت والمعاناة التي يواجهونها من قبل الفصائل الموالية لتركيا، حيث أكد الأهالي في استغاثتهم، أنهم حاولوا العودة إلى منازلهم وقراهم، إلا أن الفصائل الموالية لتركيا استوقفتهم عند حاجز “تل حلف” ومنعتهم من العبور ووجهت لهم أسئلة بشأن ما إذا كانوا كردا أم عربا، وسط معلومات عن تهجير قسري للاجئين السوريين من تركيا إلى المناطق التي تسيطر عليها فصائل عملية “نبع السلام”. وأشارت مصادر موثوقة، لـ”المرصد السوري”، إلى أن “هناك الآلاف من النازحين جاءوا من المناطق الحدودية إلى الرقة، ولا تزال حركة النزوح مستمرة حتى الآن بسبب الانتهاكات التركية، حيث تنفذ الفصائل الموالية عمليات خطف وسرقة وسلب ونهب. وفي تل أبيض تحديدا، هناك انتهاكات هائلة ضد المدنيين، من بينها على سبيل المثال احتجاز سيارات المواطنين وطلب فدية مليوني ليرة لإعادتها لصاحبها، وبعد أن يتم إعادتها يكون على صاحبها إخراجها من المنطقة خلال وقت قصير، وإلا فإنها ستتعرض للحجز مرة أخرى من جانب فصيل آخر، وبالتالي سيضطر صاحبها إلى دفع مبلغ مالي آخر”.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد تعهده بالكشف عن تطورات الأوضاع الإنسانية والعسكرية والسياسية داخل منطقة شمال شرق سوريا وفقا للتطورات الأخيرة على خريطة النزاع. وإذ يكشف “المرصد السوري” عن تفاصيل ما يجري في الشمال السوري، فإنه يجدد مناشدته كافة الأطراف الفاعلة بالضغط على تركيا لضمان عدم إجراء عملية تغيير ديمغرافي في المنطقة التي تسيطر عليها فصائل “نبع السلام”، إضافة إلى ضمان عدم سرقة ونهب ممتلكات السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لتركيا، في ظل الأنباء المتواترة عن عمليات السلب والنهب التي تجري في المنطقة. ويجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشداته للمجتمع الدولي والمنظمات المعنية بالتدخل على الفور لإنقاذ من تبقى من أهالي “رأس العين” في منازلهم، ووقف سلسلة الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل المنضوية ضد “الجيش الوطني السوري” بحق الشعب السوري في المناطق التي سقطت تحت سيطرة فصائل عملية “نبع السلام” الموالية لتركيا. كما يجدد “المرصد السوري” دعوته للمنظمات المعنية للتحقيق في الانتهاكات التي جرت بحق المدنيين، بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية ومعاهدات النزاعات الدولية.