61 شهرا على التدخل الروسي: عمليات مكثفة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية.. ورسائل جوية وبرية لتركيا.. وغضب شعبي على التواجد العسكري في الحسكة

41

لا تزال روسيا تنخرط بقوة في الأزمة السورية مع مرور 61 شهرا على بداية التدخل في الثلاثين من سبتمبر/أيلول عام 2015، حيث تواصل قصف مناطق وتسيير دوريات عسكرية في مناطق أخرى على الرغم من اعتراض المواطنين على التواجد الروسي. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول، انسحبت القوات الروسية بعد تمركزها ساعات قليلة في قرية عين ديوار بريف الحسكة، إثر ملاسنات مع أهالي ونساء القرية الذين عبروا عن رفضهم التواجد الروسي في منطقتهم. ووفقاً لمصادر “المرصد السوري”، فإن نقاشاً حاداً جرى بين ضابط روسي وسيدة من سكان القرية، الذي قال إن القوات الروسية جاءت لحماية المواطنين، واتهم الضابط الروسي الأهالي بتقاضي الأموال لاعتراض الدوريات الروسية. وبعد يومين، سيرت القوات الروسية، دوريتين عسكريتين منفصلتين في منطقة المالكية (ديرك) أقصى شمال شرقي سوريا عند الحدود السورية – التركية في ريف الحسكة.
وتأتي تلك الدوريات في إطار الاتفاقات الروسية التركية بشأن تقاسم مناطق النفوذ ووقف التصعيد في مناطق شمال وشمال شرق سورية. ومنذ لحظة انطلاق العملية العسكرية التركية في الشمال السوري في 9 أكتوبر/تشرين الأول، تقدمت القوات التركية والفصائل الموالية لها بغطاء جوي وبري مكثف في إجمالي مساحة تقدر بـ4875 كم2 (9.2% من إجمالي مساحة المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية)، أي ما يزيد على ربع مساحة لبنان. وفي الوقت نفسه، دخلت قوات النظام بموجب اتفاق بين “قسد” و”النظام” بوساطة روسية، إلى منطقة تقدر مساحتها بـ18821 كم2 (35.6% من إجمالي مساحة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية)، ما يعني أن قوات سوريا الديمقراطية فقدت السيطرة على 23641 كم2، بعد أن كانت تسيطر على مساحة قدرها 52916 كم2 (28.6% من إجمالي مساحة سوريا) قبل انطلاق العملية العسكرية “نبع السلام”، ما يعني أن “قسد” لم تعد تسيطر سوى على 15.7% من مساحة سوريا.
وعلى صعيد التوترات مع القوات الأمريكية، فإن الشهر الماضي أيضا شهد هدوءًا للشهر الثاني على التوالي في الاحتكاكات والاعتراضات المتبادلة بين القوات الأمريكية والقوات الروسية، ولم تسجل حالات احتكاك بين الاثنين خلال الشهر الماضي.
وعلى الجانب الآخر، عادت الطائرات الروسية لتنفذ غارات جديدة على أماكن في منطقة الحمامة بريف جسر الشغور الشمالي، غربي إدلب، حيث استهدفت معسكراً لهيئة تحرير الشام في المنطقة، ما أسفر عن مقتل 4 من عناصر الهيئة في الغارات. وتأتي تلك الغارات بعد نحو 25 يوما من قصف جوي مشابه نفذته طائرات حربية روسية على مناطق غربي مدينة إدلب.
وشنت الطائرات الروسية غارات أخرى في 26 أكتوبر/تشرين الأول، على معسكر لفصيل “فيلق الشام” الموالي لتركيا، ما أسفر عن مقتل 78 عنصراً وعشرات الإصابات في صفوف الفصيل، حيث استهدفت الغارات أحد معسكراته في شمال غرب سوريا قرب الحدود التركية، وتم استهدافه فيما كان عشرات المقاتلين داخله يخضعون لدورة تدريبية.
وواصلت قوات النظام والمسلحين الموالين لها بدعم روسي، على مدار اليومين الماضيين، تمشيط مناطق نشاط خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” ضمن البادية السورية في قطاعات حماة وحمص والرقة ودير الزور. وفي 29 أكتوبر، استهدفت 20 طائرة حربية روسية وعدة طائرات مروحية تابعة للنظام، مناطق بادية الرقة وريف حماة الشرقي.
وكان المرصد السوري، في 27 أكتوبر، رصد استمرار العمليات العسكرية ضمن محاور عدة في البادية السورية، حيث تستمر الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها من جهة وتنظيم “الدولة الإسلامية” من جهة أخرى، على محاور بريف حماة الشرقي، بالتزامن مع قصف جوي متجدد من قبل الطيران الروسي وطيران النظام المروحي.
وتتواصل منذ مطلع أكتوبر العمليات العسكرية في مناطق متفرقة من البادية السورية، حيث يواصل تنظيم “الدولة الإسلامية” نشاطه لاستهداف تحركات ومواقع لقوات النظام والميليشيات الموالية لها عبر نصب كمائن واستهدافات وهجمات، فيها تواصل قوات النظام محاولاتها للحد من نشاط التنظيم الكبير عبر شن هجمات بإسناد جوي مكثف من قبل الطائرات الحربية الروسية. وتركزت الاشتباكات العنيفة بين الطرفين على محاور في بادية السخنة بريف حمص الشرقي عند الحدود الإدارية مع دير الزور، بالإضافة لاستمرارها في مثلث حماة – حلب – الرقة، وسط قصف واستهدافات مكثفة بالإضافة لضربات جوية روسية مستمرة بشكل مكثف أيضاً. ومع استمرار العمليات العسكرية، وثق “المرصد السوري” مقتل 89 عنصرا من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، بالقصف الجوي الروسي خلال تشرين الأول.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 28 أكتوبر، مقتل 4 عناصر من “الفيلق الخامس” الذي أسسته روسيا، في هجوم مسلح نفذه عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، على حاجز للفيلق في بادية السخنة عند الحدود الإدارية بين حمص ودير الزور، في إطار النشاط المتواصل للتنظيم في عموم البادية السورية.

كما وثق المرصد السوري في 23 من شهر تشرين الأول الجاري، استشهاد 7 مدنيين وإصابة نحو 20 آخرين بجراح، جراء سقوط صواريخ أطلقتها القوات الروسية المتمركزة في حميميم، على سوق وحراقات بدائية للمحروقات في قرية الكوسا قرب مدينة جرابلس ضمن مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا شمال شرقي حلب.

شهر آخر يمر ولا يزال الشعب السوري يعاني ويلات التدخل الروسي الذي يبدو وكأنه انتقام ضد السوريين لخروجهم على النظام الذي ارتكب الويلات بحق شعبه. وفي وقت تتغير فيه خريطة التحالفات وتوازنات القوى، باتت روسيا الرابح الأكبر في سلسلة الفوضى بعد أن نجحت في استعادة سيطرة “النظام” على نحو ثُلُثي البلاد بعد أن كان “النظام” فقد السيطرة على أغلب أراضيها. ومع التبدلات المستمرة في موازين القوى واستعادة قوات النظام السيطرة على مساحات واسعة من سورية، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مناشداته للمجتمع الدولي للضغط على روسيا لوقف عدوانها على المدنيين السوريين، إضافة إلى الضغط من أجل التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة السورية التي دخلت عامها العاشر على التوالي، دون حل يلوح في الأفق لوقف آلة القتل التي انطلقت لتسفك دماء آلاف السوريين وتشرد الملايين غيرهم داخليا وخارجيا.