66 شهرا على التدخل الروسي: دوريات اعتيادية مع الأتراك ومئات الغارات تطال البادية ومنطقة “خفض التصعيد”.. واستمرار عمليات البحث عن رفات إسرائيليين جنوب العاصمة

20

استكملت القوات الروسية الشهر الـ 66 من مشاركتها العسكرية في الصراع الدائر على الأرض السورية، وشهد الشهر السادس من العام السادس سلسلة من التدخلات الروسية شملت أحداث عدة، رصدها وواكبها المرصد السوري لحقوق الإنسان جميعها.

ففي شمال شرق البلاد، عمدت أجهزة النظام الأمنية بتاريخ 22 آذار/مارس، إلى إغلاق معبر الطبقة الواصل بين مناطق النظام ومناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية بشكل نهائي، أمام الحركة التجارية والمدنية، وذلك خلفية الخلافات الروسية – الإيرانية، المتمثلة بنية الروس الإشراف على شحنات النفط القادمة من مناطق قسد، وهو ما ترفضه الفرقة الرابعة الموالية للجناح الإيراني.
في حين سيرت القوات الروسية ونظيرتها التركية 5 دوريات خلال شهر آذار/مارس، 3 منها جرت بمحافظة حلب وتحديداً بريف عين العرب (كوباني) بتواريخ (1 و8 و15) من الشهر، انطلاقاً من قرية آشمة غرب عين العرب (كوباني) مروراً بقرى وبلدات “جارقلي فوقاني – جبنة – بياضية” وصولًا إلى قرية زور مغار الواقعة قبالة مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتعد آخر قرية بريف عين العرب (كوباني).
ودوريتان اثنتان كانتا بريف الحسكة بتاريخ (11 و25) من الشهر، إذ جابت المدرعات التركية والروسية انطلاقاً من قرية شيريك غربي الدرباسية مروراً بقرى دليل وقنيطرة وقرمانية وتل كديش وغنامية وكربطلي وتل طيري وجديدة وتل كرمة وأو جرادي وخاسكي ومدورة وخانكي وخرزة وبهيرة وجوهرية الواقعة جميعها بريفي الدرباسية وعامودا.

في حين رصد المرصد السوري بالصوت والصورة بتاريخ 9 آذار، لحظة لقاء القوات الروسية بضباط أتراك عند معبر شريك الواقع على الحدود السورية-التركية بريف الحسكة، وذلك بعد دخول القوات التركية إلى الداخل السوري، بغية إجراء لقاء بين الطرفين، وأثناء توثيق المرصد السوري لهذا اللقاء، اعترض ضابط وجنود روس عدسة المرصد السوري، وطالبوا بإيقاف التصوير لأنه ممنوع على اعتبار أن “المنطقة عسكرية” وفقاً لزعم الضابط الروسي، ليأتي الرد بأن هذه أرضنا وهنا سورية يحق لنا فعل ما نريد ضمن أرضنا، إلا أن الروس أصروا على عدم التصوير، وفي سياق متصل قالت مصادر المرصد السوري بأن مدرعة روسية صدمت سيارة مدنية بريف الدرباسية أثناء تسيير دورية روسية في المنطقة، ولم تتوقف المدرعة بعد الحادث بل تابعت طريقها، لتأتي دورية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية وتنقل السيارة المدنية من المنطقة.

أما في شمال غرب سورية، فعمدت الطائرات الروسية إلى استهداف منطقة “بوتين – أردوغان” خلال شهر آذار/مارس 5 مرات، الأولى كانت في الخامس من الشهر حين قصفت المقاتلات الروسية أطراف مدينة معرة مصرين بريف إدلب الشمالي الغربي، والثانية كانت بتاريخ 13 الشهر وشنت حينها الطائرات الحربية الروسية 5 غارات على أطراف بلدة رحاب بريف حلب الغربي، استهدفت خلالها مقرات عسكرية ومستودعات ذخيرة لهيئة تحرير الشام، أما المرة الثالثة فكانت بتاريخ 20 شنت غارات جوية على حرش بينين بجبل الزاوية وقرية بكفلا في ريف جسر الشغور الشمالي، وفي 21 الشهر كانت المرة الرابعة حين استهدفت الطائرات الروسية قرية كفرشلايا بالقرب من أريحا، ومنشآت تابعة لشركة استيراد المحروقات “وتد” محيط سرمدا شمالي إدلب، ما أدى لمقتل شخص وسقوط جرحى بالإضافة لأضرار مادية كبيرة في المباني والمنشآت والصهاريج، فيما كانت الأخيرة بتاريخ 29 آذار حين شنت مقاتلات روسية غارات على أطراف مدينة إدلب الغربية.

وكان للبادية السورية النصيب الأكبر من التحركات الروسية في سورية خلال الشهر الفائت، فقد كرست الطائرات الروسية طلعاتها الجوية اليومية إلى شن غارات مكثفة على مناطق انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي عاد بقوة كبيرة إلى الواجهة السورية، ورصد المرصد السوري تنفيذ الطائرات الروسية خلال الشهر الفائت أكثر من 1380 غارة جوية على البادية السورية ضمن ريفي حمص ودير الزور ومثلث حلب-حماة-الرقة، ووثق المرصد السوري خلال الشهر الـ 66 من عمر دخول روسيا على خط العمليات العسكرية في سوريا، مقتل 57 عنصراً من تنظيم “الدولة الإسلامية” جراء ضربات جوية نفذتها طائرات حربية روسية، استهدفت مواقعهم في البادية السورية، غالبيتهم قتلوا ضمن مثلث حلب – حماة – الرقة.

بينما تتواصل عمليات نبش القبور ضمن منطقة مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، من قبل الجانب الروسي الذي يعمل جاهداً منذ بداية شباط/فبراير 2021 وحتى الآن، على العثور على رفات جنديين إسرائيليين والعميل الإسرائيلي البارز إيلي كوهين، حيث لايزال الروس يفرضون طوقاً أمنياً على المنطقة ويمنعون الاقتراب منها، وسط نبش مستمر للقبور وإجراء تحليل “DNA” للتأكد من هوية الرفات، ومع مرور نحو 60 يوماً على بدء العملية كان من المفترض للروس أن يصلوا لنتائج فعلية، يأتي ذلك مع استمرار السخط الشعبي من العملية الروسية و”غض الطرف” من قبل النظام السوري، الذي يسعى إلى استغلال الأمر هذا خير استغلال، عبر مطالبته بالإفراج عن الأسرى ليظهر بأن الشعب أهم أهدافه “إعلامياً”، وللحصول على امتيازات أخرى أبرزها محاولة تخفيف العقوبات الأميركية عنه مستغلاً قضية رفات كوهين

شهر آخر يمر ولا يزال الشعب السوري يعاني ويلات التدخل الروسي الذي يبدو وكأنه انتقام ضد السوريين لخروجهم على النظام الذي ارتكب الويلات بحق شعبه. وفي وقت تتغير فيه خريطة التحالفات وتوازنات القوى، باتت روسيا الرابح الأكبر في سلسلة الفوضى بعد أن نجحت في استعادة سيطرة “النظام” على نحو ثُلُثي البلاد بعد أن كان “النظام” فقد السيطرة على أغلب أراضيها. ومع التبدلات المستمرة في موازين القوى واستعادة قوات النظام السيطرة على مساحات واسعة من سورية، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مناشداته للمجتمع الدولي للضغط على روسيا لوقف عدوانها على المدنيين السوريين، إضافة إلى الضغط من أجل التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة السورية التي دخلت عامها العاشر على التوالي، دون حل يلوح في الأفق لوقف آلة القتل التي انطلقت لتسفك دماء آلاف السوريين وتشرد الملايين غيرهم داخليا وخارجيا.