67 شهرا على التدخل الروسي: تصعيد متواصل على البادية وغارات على إدلب وحماة.. واستمرار الدوريات المشتركة مع الأتراك ومحاولات مستمرة لمزاحمة الإيرانيين غرب الفرات

61

استكملت القوات الروسية الشهر الـ 67 من مشاركتها العسكرية في الصراع الدائر على الأرض السورية، وشهد الشهر السابع من العام السادس سلسلة من التدخلات الروسية شملت أحداث عدة، رصدها وواكبها المرصد السوري لحقوق الإنسان جميعها.
ففي شمال شرق البلاد، سيرت القوات الروسية ونظيرتها التركية 5 دوريات خلال شهر نيسان/أبريل، 3 منها جرت بمحافظة حلب وتحديداً بريف عين العرب (كوباني) بتواريخ (5 و18 و26) من الشهر، انطلاقاً من قرية آشمة غرب عين العرب (كوباني) مروراً بقرى وبلدات “جارقلي فوقاني – جبنة – بياضية” وصولًا إلى قرية زور مغار الواقعة قبالة مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتعد آخر قرية بريف عين العرب (كوباني).
ودوريتان اثنتان كانتا بريف الحسكة بتاريخ (8 و22) من الشهر، إذ جابت المدرعات التركية والروسية انطلاقاً من قرية شيريك غربي الدرباسية مروراً بقرى دليل وقنيطرة وقرمانية وتل كديش وغنامية وكربطلي وتل طيري وجديدة وتل كرمة وأو جرادي وخاسكي ومدورة وخانكي وخرزة وبهيرة وجوهرية الواقعة جميعها بريفي الدرباسية وعامودا.

أما في منطقة “بوتين-أردوغان”، فقط استهدف الطيران الروسي المنطقة 3 مرات خلال شهر نيسان، ففي السادس من الشهر شنت المقاتلات الروسية غارات بالصواريخ والقنابل العنقودية على حرش بسنقول بريف إدلب الغربي، والذي تتخذه الفصائل الجهادية منطقة مقرات عسكرية، كما يتواجد بالقرب من الموقع المستهدف مخيمات عشوائية، وعاودت الكرة في صباح اليوم التالي أي السابع من نيسان، واستهدفت المنطقة ذاتها بعدة غارات أيضاً، دون معلومات عن خسائر بشرية، وفي مساء الـ 30 من نيسان سمع دوي انفجارات قرب محطة زيزون الحرارية، فيما أفادت مصادر محلية باستهداف طائرات حربية روسية لموقع عسكري في منطقة خربة الناقوس بسهل الغاب.
على صعيد آخر، استهدفت طائرة حربية يرجح بأنها روسية، مساء 30 نيسان موقعًا عسكريًا للفصائل الموالية لتركيا في محيط قرية عين دقنة غربي إعزاز بريف حلب، دون ورود معلومات عن حجم الخسائر حتى الآن

وفي البادية السورية، واصل الروس تصعيد العمليات العسكرية للشهر الثاني على التوالي، فقد وثق المرصد السوري خلال الشهر الـ 67 من عمر دخول روسيا على خط العمليات العسكرية في سوريا، مقتل 59 عنصراً من تنظيم “الدولة الإسلامية” وإصابة 38 آخرين، جراء أكثر من 1260 ضربة جوية نفذتها طائرات حربية روسية، استهدفت نقاط انتشارهم في البادية السورية، غالبيتهم قتلوا ضمن بادية الرقة ودير الزور وحمص وبدرجة أقل مثلث حلب – حماة – الرقة.
بالإضافة لذلك، قاد الروس حملات أمنية في مناطق متفرقة من البادية عبر إسناد جوي لقوات النظام والمليشيات الموالية للروس وعلى رأسها الفيلق الخامس ولواء القدس الفلسطيني، نذكر منها الحملة التي جرت من منطقة البنجة وصولا إلى فيضة أبو موينع ببادية الميادية، وتلك التي جرى من بادية دير الزور الجنوبي وصولاً إلى بادية السخنة ومناطق أخرى في بادية حمص وبادية الرقة، كما قامت القوات الروسية منتصف الشهر تقريباً، بإنشاء قاعدة جديدة لها في ريف الرقة الجنوبي الشرقي عند الحدود الإدارية مع دير الزور، وتحديداً بمنطقة معدان عتيق، إذ قامت ببناء مهبط للطيران وجاءت القاعدة هناك لتحقيق أهداف عديدة بآن واحد من ترسيح النفوذ بتلك المنطقة، وأبرز تلك الأهداف هي تحجيم التمدد الإيراني ووضع حدود له لاسيما أنهم متواجدين بمسافة ليست ببعيدة عنهم، والاعتماد بذلك بشكل رئيسي على الفيلق الخامس الذي أنشأته روسيا، بالإضافة لمحاربة نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية.

وبالانتقال إلى منطقة غرب الفرات، حيث المساعي الروسية المتواصلة لمزاحمة الإيرانيين المسيطرين على المنطقة بالطول والعرض، فقد رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في 30 آذار الفائت، قيام ميليشيا “لواء القدس الفلسطيني” الموالية لروسيا بالاستيلاء على 11 منزلاً، في منطقة الرشادة بمدينة الميادين، تعود ملكيتها لمعارضين للنظام السوري من أبناء المنطقة، ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن الميليشيا قامت بتخزين أسلحة وذخائر داخل 5 منازل منها فيما أبقت على المنازل الأخرى فارغة حتى اللحظة، و15 نيسان، قامت دورية تابعة للشرطة العسكرية الروسية، باعتقال شاب أثناء تجولها داخل مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، بتهمة تصوير الدورية بواسطة هاتفه المحمول، واقتادوه إلى جهة مجهولة.

وفي ريف دمشق، وتحديداً بتاريخ 24 نيسان، زار وفد من الشرطة العسكرية الروسية، وبحضور بعض من ضباط الفرقة الرابعة والأمن العسكري في قوات النظام، اجتمعوا ظهر اليوم مع وجهاء وبعض من أهالي بلدة كناكر في المؤسسة السورية للتجارة، في الغوطة الغربية من ريف العاصمة دمشق، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن الوفد الروسي وبحضور ضباط من النظام، استمعوا إلى مطالب الأهالي، من تأمين كهرباء، ورفع القبضة الأمنية عن كناكر من خلال تخفيف التدقيق على الخارجين والداخلين من وإلى البلدة، بالإضافة إلى مطالبة الأهالي للوفد الروسي بإطلاق سراح المعتقلين من أبناء البلدة، والقابعين في سجون النظام، حيث قدم الوفد الروسي وعود للأهالي بإطلاق سراح قسم من المعتقلين ممن لم يتورطوا بقضايا قتل، ومقابل ذلك، طالب ضباط النظام والروس من وجهاء كناكر ممن حضروا الاجتماع، بالضغط على الشبان وعدم إظهار أي نشاط معادي للانتخابات الرئاسية، من خروج مظاهرات أو مهاجمة حواجز تابعة للنظام وخلق فوضى.
كما قام الروس برعاية اتفاق في القامشلي على خلفية الأحداث الدامية التي شهدتها المدينة إثر اشتباكات عنيفة بين قوات الدفاع الوطني من جانب، وقوى الأمن الداخلي “الأسايش” من جانب آخر.

شهر آخر يمر ولا يزال الشعب السوري يعاني ويلات التدخل الروسي الذي يبدو وكأنه انتقام ضد السوريين لخروجهم على النظام الذي ارتكب الويلات بحق شعبه. وفي وقت تتغير فيه خريطة التحالفات وتوازنات القوى، باتت روسيا الرابح الأكبر في سلسلة الفوضى بعد أن نجحت في استعادة سيطرة “النظام” على نحو ثُلُثي البلاد بعد أن كان “النظام” فقد السيطرة على أغلب أراضيها. ومع التبدلات المستمرة في موازين القوى واستعادة قوات النظام السيطرة على مساحات واسعة من سورية، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مناشداته للمجتمع الدولي للضغط على روسيا لوقف عدوانها على المدنيين السوريين، إضافة إلى الضغط من أجل التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة السورية التي أكملت عامها العاشر على التوالي، دون حل يلوح في الأفق لوقف آلة القتل التي انطلقت لتسفك دماء آلاف السوريين وتشرد الملايين غيرهم داخليا وخارجيا.