68 شهرا من عمليات التحالف الدولي: محاولات جديدة للقضاء على خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”.. ودعم متواصل لـ”قسد”.. واستمرار الصمت حول “ضحايا مجزرة الباغوز”

33

المرصد السوري لحقوق الإنسان

مايو/آيار 2020

لا تزال قوات التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” تواصل عملياتها في سوريا للشهر الـ68 على التوالي، وسط زيادة في انخراطها على مسرح التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية من خلال المشاركة في عمليات المداهمة التي تنفذها “قسد” ضمن محاولات القضاء على خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في مناطق سيطرتها، ناهيك عن استمرار ضخ المساعدات اللوجيستية والمادية واستقدام التعزيزات إلى مناطق نفوذ “قسد”. ولا تتوقف جهود التحالف الدولي عند هذا الحد، حيث حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على معلومات موثوقة تشير إلى وجود ما يشبه تحالف غير مباشر بين التحالف الدولي وإسرائيل وروسيا، بهدف قطع طريق “طهران-بيروت” أمام الإيرانيين، حيث رصد “المرصد السوري” انتشار فصائل التسوية في البادية السورية قرب “تدمر”.

ومنذ الثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 2019 وحتى الثالث والعشرين من مايو/آيار 2020، استقدم “التحالف الدولي” مئات الشاحنات للدعم اللوجيستي والمادي لتعزيز تواجده في شمال شرق سوريا، بعد أن كان “التحالف الدولي” تخلى طوعا عن نصف الأراضي التي كان يسيطر عليها في الفترة السابقة على التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث اكتفت قوات التحالف بالسيطرة على أجزاء قليلة تتمثل أساسا في المناطق التي تحتوي على آبار النفط والغاز في “دير الزور والحسكة”.

وفي الثالث عشر من مايو، دخل رتل من نحو 50 شاحنة لـ”التحالف الدولي” من معبر الوليد الحدودي مع إقليم كردستان العراق، حيث اتجه نحو قواعدها في الحسكة ودير الزور ضمن نفوذ قوات سوريا الديمقراطية. ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 5 مايو/آيار، دخول ‏رتل أمريكي من معبر الوليد الحدودي مع العراق، يحمل معدات عسكرية ولوجستية، اتجه إلى قاعدة “قصرك” في منطقة تل “بيدر” في محافظة الحسكة. وفي التاسع من مايو، أرسلت قوات “التحالف الدولي” نحو 50 شاحنة تحوي عربات عسكرية ومساعدات لوجستية وهندسية إلى قاعدة الشدادي جنوب الحسكة.

ومع إتمام “التحالف الدولي” 68 شهرا على بدء مهامه في سوريا، باتت الأمور أكثر استقرارا في شمال شرق سوريا بعد أن استقرت خريطة التحالفات ومناطق السيطرة والنفوذ، حيث انحصرت سيطرة “التحالف” على منطقة شرق الفرات، في كل من الحسكة والرقة ودير الزور ومناطق بريف حلب الشمالي الشرقي، وهي المناطق التي يعكف “التحالف الدولي” على ترسيخ نفوذه فيها بقوة من خلال التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية على المستويين العسكري والإنساني.

 

مكافحة بقايا “الدولة الإسلامية”.. عمليات مستمرة

على الرغم من أن الإعلان الفعلي لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” جرى في مارس/آذار من العام الماضي، فإن ما انتهى فعلا هو سيطرة التنظيم على الأرض في شمال شرق سوريا، إلا أن وجود التنظيم والمتعاطفين له وخلاياه لم ينته بعد، حيث لا تزال الخلايا التابعة للتنظيم في مختلف مناطق نفوذ “قسد” تسعى إلى تنفيذ عملياتها من اغتيالات وتفجيرات، في إطار الفوضى الأمنية المنتشرة في تلك المناطق. وواصل “التحالف الدولي” عملياته في سوريا، من خلال استمرار إدخال المزيد من المساعدات والمعدات اللوجيستية والأسلحة، إضافة إلى إنشاء مركز لتدريب وحدات حماية المرأة في حقل العمر النفطي في ريف دير الزور على الضفة الشرقية لنهر الفرات، بهدف تدريب الوحدات على كيفية استخدام الطائرات المسيرة. وفي الـ17 من مايو 2020، أفادت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن”التحالف الدولي” أطلق عملية لتحصين سجن “الصناعة” في حي الغويران الواقع بمدينة الحسكة، والذي تديره قوات سوريا الديمقراطية، ويتواجد بداخله عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن التحصين الجديد بدأ بتشييد سور إضافي من “الإسمنت المسلح” بالحديد وبارتفاع عالٍ يصعب اختراقه بشكل كبير، ليكون رادعاً أمام عناصر التنظيم في حال محاولتهم الهروب، بعد أن كان سجل حالتي تمرد داخل السجن في مارس/آذار المنصرم من العام الجاري 2020. وبالإضافة إلى السور، جرى تزويد السجن بكاميرات مراقبة متطورة، بالإضافة لتزويد عناصر حماية السجن بأدوات جديدة للتدخل في حال حدوث أي عصيان جديد.

وفي الثالث من مايو، تمكنت القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب التابعتان لـ”قسد”، من السيطرة على عصيان لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية” داخل سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، حيث انتهى العصيان بعد ساعات من بدئه بإجراء مفاوضات مشتركة بين ممثلين عن قوات “قسد” وقوات التحالف من جهة وعناصر التنظيم المحتجزين من جهة أخرى.

وفي السابع عشر من مايو، أطلق التحالف الدولي عملية أمنية في مدينة البصيرة شرق دير الزور، بقيادة القوات الأمريكية وبمشاركة قوات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، حيث نفذت 3 مروحيات لـ”التحالف الدولي” إنزالا جويا في المنطقة، بينما قتلت قوات سوريا الديمقراطية قيادات من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”. وخلال الشهر نفسه، في 18 و19 و22 من الشهر الجاري، نفذت قوات التحالف عدة عمليات مشابهة، كما استهدفت طائرة مسيرة سيارة في عفرين تقل قياديا سابقا في التنظيم وآخر لا يعلم ما إذا كان قيادي في تنظيم “حراس الدين” أو تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وعلى مدار الأشهر الماضية، نفذت “قسد” عدة مداهمات بمشاركة التحالف الدولي، من بينها مداهمة في مدرسة الشهابات في قرية الحوايج بريف ديرالزور الشرقي بدعم جوي من طائرات التحالف الدولي في سماء المنطقة، حيث جرى اعتقال نازحين من أبناء مدينة الميادين يقيمون في المدرسة، ولم ترد معلومات عن أسباب عملية الاعتقال تلك. وفي السياق ذاته، داهمت “قسد” منزل أحد الأشخاص بمدينة البصيرة شرق دير الزور واعتقلت اثنين من أبنائه بينما تمكن الابن الثالث من الفرار، وهو مطلوب لدى “قسد” بتهمة “جمع اموال الزكاة لتنظيم الدولة الإسلامية”.

وكان المرصد السوري علم خلال الشهر الماضي، أبريل/نيسان، أن القوات الأميركية تعمد إلى إجراء زيارات سرية إلى قاعدة الجزرة العسكرية الواقعة في أطراف مدينة الرقة، حيث تعد القاعدة من أكبر القواعد العسكرية السابقة للتحالف الدولي والتي تتواجد فيها الآن قوات سوريا الديمقراطية، ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن القوات الأميركية أجرت زيارات مكثفة للقاعدة خلال الأيام القليلة الفائتة، وسط معلومات عن نيتها بالعودة للتمركز هناك في إطار سعيها لإعادة تثبيت نفوذها بقوة شرق الفرات.

وأشارت مصادر المرصد السوري إلى أن مئات العناصر من “قسد” التحقوا بالقواعد العسكرية الأميركية في كل من دير الزور والحسكة على وجه التحديد للعمل مجدداً مع القوات الأميركية، حيث يبرز دورهم بالشق اللوجستي بالإضافة إلى تلقيهم تدريبات عسكرية من قبل الأميركان، كما قالت مصادر المرصد السوري بأن أمركيا عرضت على العائدين مستحقات شهرية أكبر من تلك التي كانوا يتقاضوها سابقاً.

وعلى مدار الأشهر الماضية، كان التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” تخلى عن إنجازه الأكبر على مدار السنوات الخمس الماضية، وهو قوات سوريا الديمقراطية التي شكلت الحليف الأكثر موثوقية لـ”التحالف” على الأرض حين لجأ “التحالف الدولي” إلى التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية نواتها الرئيسية، حتى باتت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالتعاون مع التحالف الدولي، تسيطر حتى الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضي، على مساحة 28.8% من مساحة سوريا بإجمالي مساحة تصل إلى 53396 كيلومتر مربع من مناطق شمال وشرق سوريا تشمل كامل منطقة منبج وريفها في غرب نهر الفرات، وكامل منطقة شرق الفرات باستثناء عدة مناطق تسيطر عليها قوات النظام وحلفاؤها في شرق الفرات قبالة مدينة دير الزور، قبل أن تتبدل الأوضاع في أعقاب التدخل العسكري التركي، حيث لم يتبق لـ”قسد” سوى 29220 كم2 بنسبة 55.2% من إجمالي المساحة التي سيطرت عليها قبل التاسع من أكتوبر، مع سيطرة “النظام” على 18821 كم2 بنسبة 35.6% من إجمالي مساحة سيطرة “قسد” قبل العملية التركية.

ووفقا لمشاهدات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنه منذ منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول 2018، بدأت خريطة التحالفات تتخذ شكلا جديدا في أعقاب الإعلان الأول للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا، قبل أن يتراجع جزئيا عن قراره ويعلن تغيير أهداف التحالف الدولي في سوريا من القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى القضاء على التنظيم ومواجهة النفوذ الإيراني، إلا أن الاتصال الهاتفي في السادس من أكتوبر بينه وبين نظيره التركي، قلب الطاولة من جديد بقراره بسحب القوات الأمريكية من الشريط الحدودي مع تركيا، ما سمح للقوات التركية والفصائل الموالية لها بالتدخل عسكريا في شمال سوريا، فيما يُعرف باسم عملية “نبع السلام”.

المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية”.. تجاهل مستمر دون حل في الأفق

رغم انقضاء 14 شهراً على الإعلان الرسمي للتحالف الدولي بالقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة مسيطرة شرق نهر الفرات، وبرغم التطورات التي جرت على مدار الشهر الماضي، فإن الصمت يتواصل من قبل التحالف وقوات سوريا الديمقراطية حول قضية المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” دون تقديمها أي إجابة عن مصير آلاف المختطفين وعن نتائج التحقيق مع آلاف العناصر من التنظيم ممن اعتقلتهم قسد والتحالف شرق الفرات، حيث تتواصل المخاوف على حياة ومصير المختطفين ومنهم الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبد الله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور.

مايو 2020.. مجازر يشتبه في مسؤولية التحالف عنها لا تزال دون تحقيق شفاف

على الرغم من جهود ومناشدات المرصد السوري لحقوق الإنسان في الشهر الماضي، لم تتوقف مناشدات المرصد السوري لحقوق الإنسان لكل الجهات الدولية والتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، لإعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” والكشف عن مصير آلاف المختطفين. وكان “المرصد السوري” سبق وأن طالب المجتمع الدولي بالتحقيق في معلومات عن مقتل 200 شخص من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وعوائلهم من النساء والأطفال، في مجزرة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي بقصف مخيم “الباغوز”، في 21 مارس/آذار من العام الماضي.

ووفقا للمعلومات التي حصل عليها “المرصد السوري” آنذاك، فقد جرى دفن الجثث الـ200 فجر ذلك اليوم، دون معلومات عما إذا كان التحالف الدولي كان على علم بوجود أطفال ونساء من عوائل التنظيم داخل المخيم أم لا. وعلى الرغم من كل تلك المناشدات، فإنها لم تلق صدى حتى الآن من قبل تلك الأطراف المسؤولة، وعلى هذا، يجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشداته لكافة الأطراف المسؤولة لإعلان الحقائق الكاملة ومحاسبة المسؤولين عن أي مجازر أو انتهاكات جرت على مدار تلك الفترة التي شارك فيها التحالف الدولي في الأزمة السورية، والتي تخطت خمس سنوات كاملة.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان وإذ يقدم رصدا وافيا لما جرى من تطورات فيما يتعلق بعمل قوات التحالف في سوريا، فإنه يؤكد أنه كان ممكنا تجنب الخسارة الفادحة في أرواح المدنيين السوريين إذا لم يكن التحالف الدولي قد صم آذانه عن دعوات “المرصد” لتحييد المدنيين عن عملياته العسكرية، حيث إن وجود عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو من المجموعات الجهادية الأخرى في منطقة مدنية، لا يبرر بأي شكل من الأشكال قصف المنطقة وإزهاق أرواح المدنيين فيها. كما يطالب “المرصد السوري” قادة التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، بإعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” والكشف عن مصير آلاف المختطفين.

وكان “المرصد السوري” سبق وأن طالب المجتمع الدولي بالتحقيق في معلومات عن مقتل 200 شخص من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” وعوائلهم من النساء والأطفال، في مجزرة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي بقصف مخيم “الباغوز”، في 21 مارس/آذار من العام الماضي. ووفقا للمعلومات التي حصل عليها “المرصد السوري” آنذاك، فقد جرى دفن الجثث الـ200 فجر ذلك اليوم، دون معلومات عما إذا كان التحالف الدولي كان على علم بوجود أطفال ونساء من عوائل التنظيم داخل المخيم أم لا. كذلك، يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه كان بالإمكان تجنب ويلات التدخل العسكري التركي على المدنيين، لو أن الرئيس الأمريكي مارس ضغوطه على نظيره التركي للامتناع عن التسبب في أزمة إنسانية جديدة وتشريد الآلاف وقتل وإصابة المئات.

كذلك، لا بد أن تعي الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية أن الموارد النفطية وموارد الغاز التي يسيطر عليها التحالف الدولي الآن ليست ملكا لأحد سوى الشعب السوري، وبالتالي فإن الأطراف المعنية ملزمة بضرورة الحفاظ على تلك الموارد وضمان عدم سرقتها أو الاستيلاء عليها بأي شكل من الأشكال، حيث إنها ليست ملكا لـ”النظام” أو إيران أو أي طرف سوى الشعب السوري الذي عانى الويلات على مدار تسع أعوام من الأزمة، ويحذر “المرصد السوري” من تداعيات إساءة استغلال تلك الموارد أو الاستيلاء عليها وحرمان السوريين منها.