69 شهراً من عمليات التحالف: قطع طريق “طهران – بيروت” على رأس أجندة العمل.. وحملات أمنية لا تحد من نشاط تنظيم “الدولة الإسلامية” المتصاعد

21

المرصد السوري لحقوق الإنسان

يونيو/حزيران 2020

وسط تحذيرات من احتمالات عودة تنظيم “الدولة الإسلامية” من جديد للسيطرة على مناطق مختلفة في سورية، يواصل التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” عملياته في سورية للشهر الـ69 على التوالي، حيث تتواصل عمليات إرسال التعزيزات العسكرية إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وعمليات المداهمة والاعتقال والعمليات الأمنية المختلفة في مختلف مناطق سيطرة “قسد”. وفي الوقت نفسه، لا يزال التحالف الدولي يواصل محاولاته لقطع طريق “طهران-بيروت” وإنهاء سيطرة إيران ضمن منطقة شرق سورية التي تخضع لنفوذها منذ تمكن قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني من السيطرة على المنطقة الواقعة بين مدينتي “البوكمال” و”الميادين” والحدود السورية-العراقية.

وحصل المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 7 يونيو/حزيران، على معلومات بشأن قرار إسرائيلي وقرار من التحالف الدولي بإغلاق الطريق وإنهاء سيطرة إيران على تلك المنطقة. وفي السادس من يونيو، استهدفت طائرات يُرجح أنها إسرائيلية القاعدة الواقعة قرب البوكمال، ما تسبب بمقتل 12 من الميليشيات الإيرانية من جنسيات عراقية وأفغانية.

ومنذ الثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 2019 وحتى الثالث والعشرين من يونيو/حزيران 2020، استقدم “التحالف الدولي” مئات الشاحنات للدعم اللوجيستي والمادي لتعزيز تواجده في شمال شرق سورية، بعد أن كان “التحالف الدولي” تخلى طوعا عن نصف الأراضي التي كان يسيطر عليها في الفترة السابقة وتحديداً من التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث اكتفت قوات التحالف بالسيطرة على أجزاء قليلة تتمثل أساسا في المناطق التي تحتوي على آبار النفط والغاز في “دير الزور والحسكة”.

وفي الخامس عشر من يونيو، دخلت نحو 200 شاحنة من معبر “سيمالكا” الحدودي مع إقليم كردستان العراق إلى مناطق سيطرة “قسد”، من بينها 5 تحمل مدرعات عسكرية والشاحنات الأخرى تحمل مواد لوجستية تابعة لـ”التحالف الدولي”، واتجهت إلى القواعد العسكرية في شمال شرق سورية. وفي السادس من يونيو، دخل رتل لـ”التحالف” إلى قاعدة “تل بيدر” في ريف الحسكة الشمالي.

 

مكافحة بقايا “الدولة الإسلامية”.. تعاون مستمر

على الرغم من أن الإعلان الفعلي لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” جرى في مارس/آذار من العام الماضي، فإن ما انتهى فعلا هو سيطرة التنظيم على الأرض في شمال شرق سورية، إلا أن وجود التنظيم والمتعاطفين له وخلاياه لم ينته بعد، حيث لا تزال الخلايا التابعة للتنظيم في مختلف مناطق نفوذ “قسد” تسعى إلى تنفيذ عملياتها من اغتيالات وتفجيرات، في إطار الفوضى الأمنية المنتشرة في تلك المناطق. وفي الرابع عشر من يونيو، استهدفت طائرة بدون طيار سيارة يستقلها قياديين من تنظيم “حراس الدين” أحدهما أردني والآخر يمني يعمل ضمن “جيش البادية” التابع لتنظيم “الدولة الإسلامية”، ما أسفر عن مقتلهما. وبحسب مصادر موثوقة، فإن الطائرة تتبع “التحالف الدولي”.

وفي الرابع من يونيو، حصل “المرصد السوري” على معلومات موثوقة تشير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي نفذتا استعدادات لعملية أمنية ضخمة في ريف دير الزور، حيث حشدت “قسد” المئات من عناصرها في كل من البصيرة وصور شرق دير الزور، بالإضافة لحقل العمر النفطي. ووفقاً لمصادر “المرصد السوري”، فإن العملية كانت تستهدف البادية الشمالية الشرقية لدير الزور، وأسفرت عن اعتقال 7 من عناصر خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في قرية البوحامضة التابعة لبلدة “الدشيشة”. وفي الثامن والعشرين من مايو/آيار، نفذت قوات التحالف الدولي عملية إنزال في قرية جديد عكيدات بريف ديرالزور الشرقي واعتقلت 4 من تنظيم “الدولة الإسلامية” يرجح أنهم من الجنسية العراقية.

وفي الثاني عشر من يونيو، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان 3 سيارات يستخدمها ممثلو الولايات المتحدة و”التحالف الدولي” في سورية، خلال دخولها إلى مدينة الدرباسية قادمة من الحسكة، قبل أن تتجه قرب المنطقة الحدودية لاستطلاع النقاط العسكرية قرب الحدود في مناطق نفوذ النظام ومناطق نفوذ “قسد”.

وعلى مدار الأشهر الماضية، نفذت “قسد” عدة مداهمات بمشاركة التحالف الدولي، من بينها مداهمة في مدرسة الشهابات في قرية الحوايج بريف ديرالزور الشرقي بدعم جوي من طائرات التحالف الدولي في سماء المنطقة، حيث جرى اعتقال نازحين من أبناء مدينة الميادين يقيمون في المدرسة، ولم ترد معلومات عن أسباب عملية الاعتقال تلك. وكان “المرصد السوري” علم أن القوات الأميركية تجري زيارات سرية إلى قاعدة الجزرة العسكرية الواقعة في أطراف مدينة الرقة. ووفقاً لمصادر موثوقة، فإن القوات الأميركية أجرت زيارات مكثفة للقاعدة، وسط معلومات عن نيتها بالعودة للتمركز هناك في إطار سعيها لإعادة تثبيت نفوذها بقوة شرق الفرات.

 

المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية”.. تجاهل مستمر دون حل في الأفق

رغم انقضاء 15 شهراً على الإعلان الرسمي للتحالف الدولي بالقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة مسيطرة شرق نهر الفرات، وبرغم التطورات التي جرت على مدار الشهر الماضي، فإن الصمت يتواصل من قبل التحالف وقوات سوريا الديمقراطية حول قضية المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” دون تقديمها أي إجابة عن مصير آلاف المختطفين وعن نتائج التحقيق مع آلاف العناصر من التنظيم ممن اعتقلتهم قسد والتحالف شرق الفرات، حيث تتواصل المخاوف على حياة ومصير المختطفين ومنهم الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبد الله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور.

 

يونيو 2020.. شهر آخر بلا شفافية

على الرغم من جهود ومناشدات المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الأشهر الماضية لكل الجهات الدولية والتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، فإنه لم يتم إعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” والكشف عن مصير آلاف المختطفين. وكان “المرصد السوري” سبق وأن طالب المجتمع الدولي بالتحقيق في معلومات عن مقتل 200 شخص من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية وعوائلهم من النساء والأطفال، في مجزرة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي بقصف مخيم “الباغوز”، في 21 مارس/آذار من العام الماضي.

ووفقا للمعلومات التي حصل عليها “المرصد السوري” آنذاك، فقد جرى دفن الجثث الـ200 فجر ذلك اليوم، دون معلومات عما إذا كان التحالف الدولي كان على علم بوجود أطفال ونساء من عوائل التنظيم داخل المخيم أم لا. وعلى الرغم من كل تلك المناشدات، فإنها لم تلق صدى حتى الآن من قبل تلك الأطراف المسؤولة، وعلى هذا، يجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشداته لكافة الأطراف المسؤولة لإعلان الحقائق الكاملة ومحاسبة المسؤولين عن أي مجازر أو انتهاكات جرت على مدار تلك الفترة التي شارك فيها التحالف الدولي في الأزمة السورية، والتي تخطت خمس سنوات كاملة.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان وإذ يقدم رصدا وافيا لما جرى من تطورات فيما يتعلق بعمل قوات التحالف في سوريا، فإنه يؤكد أنه كان ممكنا تجنب الخسارة الفادحة في أرواح المدنيين السوريين إذا لم يكن التحالف الدولي قد صم آذانه عن دعوات “المرصد” لتحييد المدنيين عن عملياته العسكرية، حيث إن وجود عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو من المجموعات الجهادية الأخرى في منطقة مدنية، لا يبرر بأي شكل من الأشكال قصف المنطقة وإزهاق أرواح المدنيين فيها. كما يطالب “المرصد السوري” قادة التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، بإعلان نتائج التحقيقات مع معتقلي تنظيم “الدولة الإسلامية” والكشف عن مصير آلاف المختطفين.

وكان “المرصد السوري” سبق وأن طالب المجتمع الدولي بالتحقيق في معلومات عن مقتل 200 شخص من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” وعوائلهم من النساء والأطفال، في مجزرة ارتكبتها طائرات التحالف الدولي بقصف مخيم “الباغوز”، في 21 مارس/آذار من العام الماضي. ووفقا للمعلومات التي حصل عليها “المرصد السوري” آنذاك، فقد جرى دفن الجثث الـ200 فجر ذلك اليوم، دون معلومات عما إذا كان التحالف الدولي كان على علم بوجود أطفال ونساء من عوائل التنظيم داخل المخيم أم لا. كذلك، يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه كان بالإمكان تجنب ويلات التدخل العسكري التركي على المدنيين، لو أن الرئيس الأمريكي مارس ضغوطه على نظيره التركي للامتناع عن التسبب في أزمة إنسانية جديدة وتشريد الآلاف وقتل وإصابة المئات.

كذلك، لا بد أن تعي الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية أن الموارد النفطية وموارد الغاز التي يسيطر عليها التحالف الدولي الآن ليست ملكا لأحد سوى الشعب السوري، وبالتالي فإن الأطراف المعنية ملزمة بضرورة الحفاظ على تلك الموارد وضمان عدم سرقتها أو الاستيلاء عليها بأي شكل من الأشكال، حيث إنها ليست ملكا لـ”النظام” أو إيران أو أي طرف سوى الشعب السوري الذي عانى الويلات على مدار تسع أعوام من الأزمة، ويحذر “المرصد السوري” من تداعيات إساءة استغلال تلك الموارد أو الاستيلاء عليها وحرمان السوريين منها.