مناطق “نبع السلام” خلال شباط: أكثر من 30 حالة اعتقال تعسفي وعشرات القتلى والجرحى في تفجيرات واقتتالات.. وانتهاكات مستمرة بحق البشر والحجر

54

تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد وثق ورصد المرصد السوري جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الثاني من العام 2021 الجديد.
وبلغت حصيلة الخسائر البشرية في المنطقة هناك خلال الشهر الفائت، 14 شهيد وقتيل، هم 4 مدنيين بينهم امرأة وطفليها قضوا بتفجير في رأس العين، و4 من عناصر “فرقة الحمزة” جراء انفجار لغم أرضي استهدف حافلة تقلهم شمال مزرعة الألبان الواقعة بريف تل تمر، و 3من فصيل “سليمان شاه” جراء استهداف تجمعًا لهم بصاروخ حراري من قِبل قوات سوريا الديمقراطية على محور بلدة المشيرفة بمنطقة عين عيسى، وشقيق قيادي ضمن فرقة “السلطان مُراد في اقتتال مسلح مع فصيل “سليمان شاه”، وعنصر من فرقة المعتصم في اشتباكات مع فصيل “فرقة الحمزة”، وعثر أهالي على جثة شاب داخل منزل مهجور في مدينة رأس العين ضمن مناطق “نبع السلام” في ريف الحسكة، ووفقًا لمصادر فإن الجثة عُثر عليها كانت مغطاة بالتراب قبل أيام، في منزل عائلة نازحة قرب جامع التقوى في المدينة، بينما رجحت مصادر أخرى بأن القتل بقصد الثأر والخلافات الفصائلية.
كما شهد شهر شباط/فبراير، حدث هو الأول من نوعه منذ السيطرة على منطقة “نبع السلام”، تمثل بخروج القوات الروسية ونظيرتها التركية بدورية مشتركة نوعية بتاريخ 18 الشهر، حيث انطلقت الدورية من آخر مناطق قسد والنظام السوري بعد قرية الأسدية بريف أبو رأسين وستجوب الدورية المؤلفة من 3 عربات روسية ومثلها تركية مناطق خاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لأنقرة بريف رأس العين (سري كانييه) وصولاً إلى المدينة، فيما لم ترد معلومات فيما إذا كانت الدورية ستدخل مدينة رأس العين، وتعد هذه الدورية هي الأولى من نوعها منذ السيطرة التركية على مناطق “نبع السلام” في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019.

فلتان أمني وصراع داخلي متصاعد عبر 9 تفجيرات واقتتالات..

شهدت مناطق نبع السلام خلال شهر شباط الفائت 4 تفجيرات، 3 منها كانت في مدينة رأس العين (سري كانييه) وواحد في ريف تل تمر راح ضحيتها 8 قتلى و13 جريح، ففي الثالث من الشهر انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من دوار البريد في مدينة رأس العين ما أدى لإصابة شخص بجراح، تبعه مباشرة انفجار عبوة ناسفة بالمنطقة ذاتها، وفي 19 الشهر قتل 4 من عناصر “فرقة الحمزة” الموالية لتركيا وأصيب 4 بجراح، جراء انفجار لغم أرضي استهدف حافلة تقلهم شمال مزرعة الألبان الواقعة بريف تل تمر شمالي الحسكة، وآخر التفجيرات كان بتاريخ 25 الشهر حين استشهد 4 أشخاص، بينهم امرأة وطفل، وأصيب أكثر من 8 أشخاص بجروح متفاوتة، بعضها بحالة خطيرة، إثر انفجار عبوة ناسفة بسيارة فان ضمن سوق شعبي في مدينة رأس العين بريف الحسكة.
كما أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان 5 اقتتالات مسلحة بين الفصائل الموالية للحكومة التركية إثر خلافات ونزاعات بينها سواء من أجل السلطة أو تقاسم الممتلكات والمسروقات أو لأسباب شخصية، حيث اندلعت اشتباكات بين فرقة الحمزة وفرقة المعتصم في مدينة رأس العين، أدت لمقتل عنصر من المعتصم وسقوط جرحى ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن أحد قيادة فرقة الحمزة وهو من أبناء محافظة دير الزور استولى على نحو 20 منزل في المدينة، حيث طالبه عناصر فرقة المعتصم ببعض المنازل، لتدور على إثرها تلك الاشتباكات.
كما جرت اشتباكات عنيفة بين “سليمان شاه” وفرقة”السلطان مراد” في تل حلف بريف رأس العين، أدت لمقتل شقيق قيادي ضمن فرقة “السلطان مُراد” ووقوع نحو 5 جرحى من بينهم مدنيين، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن قوات تابعة للشرطة العسكرية أغلقت جميع المداخل والمخارج المؤدية للبلدة وذلك لمنع الطرفين من استقدام تعزيزات عسكرية من رأس العين.
كذلك شهدت قرية العريشة بالريف ذاته اشتباكات بين مجموعتين تابعتين لفرقة “السلطان مراد، أفضت إلى سقوط جرحى ولم تعرف أسباب تلك الاشتباكات.
فيما كان النزاع الرابع ضمن مدينة رأس العين، حين جرت اشتباكات بين فرقة الحمزة والشرطة المدنية، أما الاشتباك الأخير فكان في مدينة تل أبيض شمالي الرقة، حيث دارت اشتباكات بين عناصر من فصيل الجبهة الشامية، أسفرت عن عن سقوط ثلاثة جرحى من المجموعات المتقاتلة في ما بينها، وسط حالة من الذعر بين أوساط المدنيين نتيجة الاشتباكات المندلعة بين الأحياء السكنية.

انتهاكات مستمرة بحق البشر والحجر وبضوء أخضر تركي..

يعاني سكان مناطق “نبع السلام” في ريفي الحسكة والرقة، من تزايد سطوة الفصائل الموالية لتركيا وانتهاكاتها بحقهم وسط صمت القوات التركية حيال ذلك، وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت اعتقال أكثر من 31 شخص بشكل تعسفي من قبل الفصائل العاملة في المنطقة وعلى رأسها فرقة الحمزة، ودائماً ما تكون التهمة جاهزة “التخابر مع قسد”.
ورصد المرصد السوري خلال شهر شباط جملة من الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل هناك، يستعرض فيما يلي أبرزها:
– إضرام عناصر من فرقة الحمزة الموالية لتركيا النيران في 4 منازل لعائلات مهجرة، في قرية قرية القاسمية في ريف تل تمر، بالقرب من النقطة العسكرية التركية المتواجدة في القرية.
– إحراق عناصر من فرقة الحمزة الموالية لتركيا 5 منازل لأهالي قرية قاسيمة بريف بلدة تل تمر الغربي، وذلك بعد سرقة محتوياتها، وتعد قرية قاسمية فارغة من سكانها الذين نزحوا أثناء هجوم الفصائل الموالية لتركيا مدعومة بالقوات التركية على المنطقة، ويتواجد في القرية قاعدة عسكرية تركية كبيرة.
– استيلاء فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا، على ممتلكات خاصة ومحال تجارية في مدينة رأس العين، تعود لمواطن يتلقى العلاج في مدينة الحسكة، وذلك بحجة أن صاحب الأملاك غير متواجد، بينما يشرف أبناءه المتواجدين في مدينة رأس العين على استخدام تلك الممتلكات، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن فصيل السلطان مراد قام بتأجير المحال مقابل 100 ليرة تركية للمحل الواحد شهريًا.
وعلى ضوء الانتهاكات المستمرة، عمدت الطواقم الطبية المؤلفة من أطباء وممرضين وعاملين ضمن المشفى الوطني بمدينة رأس العين (سري كانييه) في ريف الحسكة، إلى تنفيذ إضرابًا عن العمل بشكل كامل، على خلفية الاعتداءات المتكررة من قِبل الفصائل الموالية لأنقرة بحقهم.
في حين تستمر قضية العبث بالإرث الحضاري السوري في مناطق “نبع السلام” كما هو الحال في حلب وبقية المحافظات السورية، حيث علم المرصد السوري، أن القوات التركية وفصائلها حفروا تل صهلان الأثري، ومواقع أثرية في قريتي مشرفة والحسون بريف تل أبيض الشرقي بريف الرقة، وتل قرية تل أسود ومواقع في قرية الدوغانية في الريف الجنوبي لتل أبيض، إضافة إلى تل أخضر في الريف الغربي للناحية، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن القوات التركية استخرجت كنوز ولقى أثرية في موقع تل صهلان تم نقلها إلى أماكن مجهولة.

وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.