روسيا تواصل القصف رغم هدنة سوريا والأسد يتعهد بمواصلة القتال

34

ميونيخ (رويترز) – اتفقت القوى الكبرى يوم الجمعة على “وقف الأعمال القتالية” في سوريا خلال أسبوع لكن روسيا واصلت بلا هوادة حملة القصف دعما لحليفها الرئيس بشار الأسد الذي تعهد بالقتال حتى يستعيد السيطرة الكاملة على البلاد.

ورغم وصفه بانفراج محتمل فإن اتفاق “وقف الأعمال القتالية” لن يسري قبل أسبوع في وقت يبدو فيه أن حكومة الأسد على وشك تحقيق أكبر انتصار لها في الحرب بدعم القوات الجوية الروسية.

وإذا تم تنفيذ الاتفاق فسيسمح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة. ويمكن أن يكون هذا الاتفاق أول انفراجة دبلوماسية في الصراع الذي تسبب في انقسامات حادة في الشرق الأوسط وأدى إلى مقتل 250 ألف شخص على الأقل وشرد 11 مليونا وأرسل مئات الآلاف من اللاجئين الهاربين إلى أوروبا.

لكن عددا من الدول الغربية قالت إنه لا يوجد أمل في التقدم دون وقف القصف الروسي الذي غير موازين القوى لصالح الأسد في الصراع.

وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه إذا فشلت خطة السلام فإن المزيد من الجنود الأجانب قد يدخلون الصراع.

وقال كيري الذي كان في ميونيخ لتلفزيون أورينت ومقره دبي “إذا لم يتحمل نظام الأسد مسؤولياته وإذا لم يلزم الإيرانيون والروس الأسد بالوعود التي قطعوها… فإن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي مثل البلهاء ويكتفي بالمراقبة. سيكون هناك نشاط أكبر للضغط عليهم بشكل أكبر.”

وتابع قوله “هناك احتمال أن تكون هناك قوات برية إضافية.”

وفي سوريا قال مقاتلو معارضة إن مدينة تل رفعت في محافظة حلب كانت هدفا لقصف عنيف من الطائرات الروسية صباح يوم الجمعة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات حربية يعتقد أنها روسية هاجمت أيضا بلدات في شمال حمص.

وقال الأسد في مقابلة مع وكالة فرانس برس نشرت يوم الجمعة إنه سيواصل محاربة “الإرهاب” أثناء إجراء المحادثات وإنه لا يستبعد تدخل السعودية وتركيا بريا في الصراع الدائر في بلاده.

وتعهد الأسد – وفق مقتطفات من المقابلة نشرت على الموقع الإلكتروني لفرانس برس – باستعادة السيطرة على البلاد بالكامل لكنه قال إن ذلك قد يتطلب وقتا “طويلا”.

والسماح للقتال بالاستمرار لمدة أسبوع إضافي على الأقل يعطي حكومة دمشق وحلفاءها الروس واللبنانيين والإيرانيين الوقت لمواصلة حصار حلب كبرى مدن سوريا قبل الحرب التي على وشك أن تسقط في أيديهم.

كما أنهم على وشك إغلاق الحدود التركية وهي شريان الحياة للأراضي التي يسيطر عليها مقاتلو معارضة منذ سنوات.

وسيقضي هذان الانتصاران على مكاسب حققها مسلحو المعارضة في أعوام مما سينهي فعليا آمال المعارضة المسلحة في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بالقوة وهو ما حاربوا من أجله منذ عام 2011 بتشجيع من دول عربية وتركيا والغرب.

ولا يرقى اتفاق “وقف الأعمال القتالية” الذي توصلت له القوى الكبرى إلى وقف إطلاق نار رسمي لأن الطرفين المتحاربين الرئيسيين وهما المعارضة والقوات الحكومية لم يوقعا عليه.

وقال كيري إن أهم شيء الآن هو تطبيق الاتفاق. وقال “ما نحتاج لرؤيته خلال الأيام القليلة المقبلة هو أفعال على الأرض.”

وقال اثنان من قادة مقاتلي المعارضة في سوريا لرويترز يوم الجمعة إن مقاتلي المعارضة حصلوا على كميات جيدة من صواريخ جراد أرض-أرض من داعميهم الأجانب خلال الأيام الأخيرة لمساعدتهم على التصدي لهجوم تنفذه الحكومة السورية شمالي حلب بدعم من روسيا.

ويمد معارضون أجانب للأسد بينهم السعودية وتركيا جماعات معارضة معينة بالأسلحة عن طريق مركز عمليات مقره تركيا. وتلقت بعض الجماعات تدريبات عسكرية أشرفت عليها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

* أهداف روسية

أوضحت روسيا منذ البداية أن هذا “الوقف” لن يطبق على ضرباتها الجوية التي رجحت الكفة لصالح حليفها الرئيس الأسد منذ أن انضمت موسكو إلى الصراع قبل أربعة أشهر.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي إن موسكو لن توقف القصف لأن الاتفاق لم يشمل تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا.

وقال لافروف “قواتنا الجوية ستستمر في العمل ضد هذه المنظمات.”

وتكرر روسيا القول إن هاتين الجماعتين هما المستهدفتان فقط من حملتها الجوية. وتقول دول غربية إن أغلب ضربات روسيا استهدفت في الواقع جماعات المعارضة المسلحة ومن بينها جماعات يساندها الغرب.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن روسيا تستهدف المدارس والمستشفيات في سوريا.

وقال أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج إن على موسكو وقف الضربات ضد الجماعات المسلحة وقصر ضرباتها على الدولة الإسلامية ليتم تفعيل أي اتفاق للسلام.

وأضاف “روسيا استهدفت في الأساس جماعات المعارضة وليس الدولة الإسلامية. الضربات التي وجهتها الطائرات الروسية ضد جماعات معارضة مختلفة قوضت جهود التوصل إلى حل سلمي من خلال التفاوض.”

وقالت بريطانيا وفرنسا إنه لن يمكن التوصل لاتفاق سلام إلا إذا توقفت روسيا عن قصف جماعات أخرى غير تنظيم الدولة الإسلامية.

واجتذبت الحرب الأهلية السورية المعقدة المتعددة الأطراف معظم القوى الإقليمية والدولية وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية واجتذبت متشددين من مناطق مختلفة من العالم.

وتقود الولايات المتحدة حملة جوية بشكل منفصل ضد مقاتلي الدولة الإسلامية منذ 2014 عندما سيطر التنظيم على مساحات شاسعة في شرق سوريا وشمال العراق معلنا دولة خلافة.

وقال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر يوم الجمعة إنه يتوقع أن ترسل السعودية والإمارات قوات كوماندوس للمساعدة في استعادة السيطرة على الرقة معقل تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا.

وقال الأسد إنه يعتقد أن السعودية وتركيا تخططان لغزو بلاده. وقالت روسيا إن وجود قوات برية سعودية سيجعل الحرب تستمر للأبد.

وذكر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الهدف الأساسي في سوريا لا يزال الإطاحة بالأسد. وقال “هذا هو هدفنا وسنحققه”.

ونأت واشنطن بنفسها إلى حد بعيد عن التدخل في المعارك الكبرى بغرب البلاد في الحرب الأهلية السورية تاركة المجال لروسيا التي بدأت حملتها الجوية يوم 30 سبتمبر أيلول الماضي.

ودخل كيري محادثات ميونيخ وهو يضغط من أجل وقف سريع للصراع فيما يقول مسؤولون غربيون إن موسكو تسعى بقوة للتأجيل.

وكانت استراتيجية الموافقة على وقف القتال في المستقبل مع مواصلة المعارك لتحقيق مكاسب على الأرض واحدة من استراتيجيات لجأ إليها حلفاء موسكو في شرق أوكرانيا قبل عام.

وسرت هدنة في نهاية المطاف لكن بعد أن حقق الانفصاليون بدعم الروس انتصارا كبيرا وسيطروا على بلدة استراتيجية في هجوم أخير قبل إبرام الاتفاق.

* آمال كبيرة

اجتمع دبلوماسيون من الدول التي تدعم الخطة يوم الجمعة لمناقشة إرسال مساعدات إنسانية عاجلة.

وقال يان إيجلاند رئيس مجلس اللاجئين النرويجي الذي رأس الاجتماع “لدينا آمال كبيرة في أن الأطراف في اللجنة الدولية لدعم سوريا بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة ستقوم بكل ما في وسعها للضغط من أجل السماح بدخول مساعدات إنسانية للمدنيين المحتاجين داخل سوريا.”

وقال إيجلاند للصحفيين بعد الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات إن المجموعة التي تضم روسيا وإيران حليفتي سوريا أعطت “نتيجة ممتازة” وإنها سوف تجتمع مرة ثانية يوم الأربعاء.

وأضاف “أشعر الآن أن جميع أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا يريدون أن تصل المساعدات إلى المناطق المحاصرة وأيضا إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها… يمكن للقوافل أن تذهب سريعا جدا حالما حصلنا على إذن وضوء أخضر من الأطراف.”

وتعد الحكومة السورية منذ سنوات بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية لكنها نادرا ما تفي بهذه الوعود. واتُهم مقاتلو المعارضة المدعومون من الغرب أيضا بعرقلة وصول المساعدات.

ودعت الأطراف التي ستلتقي في ميونيخ أيضا إلى استئناف محادثات السلام السياسية والتي انهارت الأسبوع الماضي قبل أن تبدأ بعد أن طالبت المعارضة بوقف القصف.

وأكدت القوى مرة أخرى الالتزام “بانتقال سياسي” في سوريا بمجرد أن تسمح الظروف. وقال كيري “بدون انتقال سياسي لا يمكن تحقيق السلام.”

وثمة خلاف بشأن ما إذا كانت المرحلة الانتقالية تتطلب رحيل الأسد كما تطالب الدول الغربية منذ 2011.

ويقول الأسد إنه لن يرحل ويقول حلفاؤه الروس والإيرانيون إن تحديد مستقبل الأسد ينبغي أن يرجع إلى السوريين وهو موقف ينظر له على أنه يدعم إجراء انتخابات من المتوقع أن يفوز فيها الأسد.

ودعا لافروف إلى استئناف محادثات السلام السياسية بجنيف في أسرع وقت ممكن وحث أيضا على ضرورة مشاركة جماعات المعارضة السورية. وسبق أن شكت موسكو من استبعاد الجماعات الكردية بضغط من تركيا.

ورحبت جماعات معارضة رئيسية في سوريا بحذر بالخطة لكنها قالت إنها لن توافق على الانضمام للمحادثات السياسية ما لم يثبت الاتفاق فعاليته.

وقال دبلوماسي فرنسي كبير “قال الروس إنهم سيواصلون قصف الإرهابيين. إنهم يقومون بمخاطرة سياسية لأنهم يقبلون مفاوضات سيلتزمون فيها بوقف الأعمال العدائية.”

وتابع قوله “إذا لم يحدث تغيير خلال أسبوع فسيتحملون المسؤولية.”

 

المصدر:swissinfo