28 يوماً على انتشار قوات النظام في الشمال السوري.. نحو 30 قتيلاً وعشرات الجرحى، انسحابات وإخلاء مواقع، ولا دعم لـ”قسد” في مواجهة القوات التركية والفصائل الموالية لها

66

المرصد السوري لحقوق الإنسان

في الثالث عشر من أكتوبر/تشرين الماضي، توصلت “قوات سوريا الديمقراطية” إلى اتفاق مع قوات “النظام” وروسيا من أجل انتشار “قوات النظام” على الحدود السورية مع تركيا، لوقف الهجوم التركي الذي انطلق تحت مسمى عملية “نبع السلام” في التاسع من الشهر نفسه، ومع بدء تنفيذ الاتفاق بين الروس و”النظام” و”قسد”، أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس عن وقف إطلاق مؤقت للنار، تنسحب بموجبه “قوات سوريا الديمقراطية” من المنطقة الحدودية، تلاه إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن هدنة أخرى تقضي بانسحاب “قسد” وانتشار قوات النظام على كامل الحدود بين سوريا وتركيا. 28 يوما مرت على بدء انتشار قوات النظام في مناطق لم تدخلها منذ 7 أعوام تقريبا، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان انتشار “قوات النظام” في ريف الدرباسية الغربي وعين عيسى ومناطق أخرى إلى الشمال منها، بالإضافة إلى شمال أبو راسين (زركان) والمناطق الواقعة بين “القامشلي” و”القحطانية”.
ووفقا لما رصده “المرصد السوري” في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، انتشرت قوات النظام على طول المنطقة الممتدة من القامشلي إلى القحطانية، للمرة الأولى منذ 7 سنوات، بمسافة أكثر من 20 كلم، وفقاً لاتفاق روسي–تركي–أمريكي. وقالت مصادر لـ”المرصد السوري” إن قوات النظام انتشرت كذلك بآليات عسكرية وجنود ومعدات عسكرية ولوجستية في الضواحي الشرقية لمدينة القامشلي، للمرة الأولى منذ عام 2012. وبحسب ما قالت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، فإن عملية الانتشار تلك جاءت وفقا لاتفاق “روسي–تركي–أمريكي”، يفضي إلى انتشار قوات حرس الحدود التابعة لـ”النظام”، على أن يكون هناك تواجدا للقوات الأمريكية في عمق تلك المنطقة. كذلك، رصد “المرصد السوري” إعادة انتشار قوات النظام في الريف الغربي لـ”الدرباسية” في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن كانت انسحبت من المنطقة في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقالت مصادر موثوقة، لـ”المرصد السوري”، إن عملية الانتشار تلك جرت عبر أكثر من 200 عنصر مدججين بالآليات والأسلحة الثقيلة، انتشروا في قرة قرمانية وقيروان وكربشك وشيريك وخربة حجي ابراهيم وحليوة وعراد وظهر العرب وكسرى وأسدية وتل حرمل وقرى أخرى في المنطقة،شمال منطقة أبو رأسين (زركان)”.
وفي 28 أكتوبر، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام استكملت انتشارها على طول الشريط الحدودي الواصلة بين عامودا والدرباسية، بالإضافة لـ”ظهر العرب” و”كسر” شرق مدينة رأس العين، حيث انتشرت بمخافر حدودية واقعة بالمنطقة أنفة الذكر، وفقاً للاتفاق الروسي – التركي واتفاق قوات النظام مع قوات سوريا الديمقراطية. كما رصد “المرصد السوري”، في 27 أكتوبر، إنشاء قوات النظام نقاط أمنية بالقرب من الحدود السورية – التركية شمال الحسكة على طريق رأس العين – الدرباسية.
وعلى الرغم من عمليات الانتشار التي نفذتها قوات النظام في منطقة مختلفة من الشمال السوري، فإن ذلك الانتشار لم يسفر سوى عن سيطرة صورية لا أساس لها على أرض الواقع، حيث لا تزال الهجمات التي تنفذها القوات التركية والفصائل الموالية لها مستمرة دون أي تغيير، كما رصد “المرصد السوري” اندلاع اشتباكات مباشرة بين القوات التركية وقوات النظام في عدة مرات، فيما لم يسفر انتشار قوات النظام عن أي تغيير في معادلة المعركة، حيث أكدت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري” أن قوات النظام نادرا ما تبادر باتخاذ رد فعل ضد القوات التركية والفصائل الموالية لها في هجماتها التي تنفذها على مناطق تمركزاتها وتمركزات قوات سوريا الديمقراطية.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، استهدافات متبادلة متقطعة بالقذائف والرشاشات الثقيلة، بين الفصائل الموالية لـ”أنقرة” من جانب وقوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية من جانب آخر، على محاور عدة ضمن المنطقة الواصلة بين تل تمر وأبو رأسين. وفي 7 نوفمبر، رصد “المرصد السوري” اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل الموالية لتركيا، في المنطقة ذاتها، تزامنا مع قصف عنيف ومكثف بشكل متبادل، وسط استهدافات جوية تنفذها طائرات مسيرة تركية على كل من القاسمية والداوودية والمحمودية والريحانية بريف تل تمر.
وعلى الرغم من أن الاتفاق بين روسيا و”قسد” و”النظام” يقضي بانتشار قوات النظام في المناطق الحدودية لمنع الهجمات التركية، فإن “المرصد السوري” رصد في غير مرة انسحاب قوات النظام من مناطق المعارك والتخلي عن قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة الهجمات العنيفة التي تتعرض لها من جانب القوات التركية والفصائل الموالية لها، علم “المرصد السوري” في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، أن قوات النظام انسحبت من مشعفة والداوودية والقاسمية والدردارة والعريشة ومواقع أخرى، لتترك “قسد” وحيدة في صد الهجوم العنيف الذي جاء بإسناد بري مكثف بعشرات القذائف والصواريخ من قبل القوات التركية، بالإضافة إلى تحليق الطائرات المسيرة التركية في سماء المنطقة واستهدافها لمحاور القتال. وقالت مصادر موثوقة، إن “انسحاب قوات النظام جاء بعد مقتل وجرح عدد من عناصرها بالقصف البري، وعلى الرغم من امتلاكها لأسلحة ثقيلة، فإنها لم تشارك في صد الهجوم، بل على العكس انسحبت وهو ما تفعله في كل هجوم عنيف للفصائل الموالية لأنقرة على المنطقة”.
وأثارت انسحابات قوات النظام من مناطق المعارك حالة من الاستياء في أوساط المدنيين وقوات سوريا الديمقراطية على حد سواء، حيث قالت مصادر لـ”المرصد السوري”، إنه “في الوقت الذي يفترض أن يكون انتشار تلك القوات في المنطقة يهدف إلى حمايتها من الهجمات التركية، فإنها تلجأ إلى الانسحاب بدلا من التصدي للهجمات التركية وهجمات الفصائل الموالية لها، بل وصل الحال إلى أن قوات سوريا الديمقراطية هي من تقدم لهم العون في بعض الأحيان، ثم تعود قوات النظام للانتشار في نفس المناطق بعد أن تهدأ الأوضاع”.
وعلم المرصد السوري لحقوق الإنسان، من مصادر موثوقة، أنه بعد اجتماع غرفة العمليات المشتركة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام الموجودة بـ”تل تمر” والدرباسية، أن قوات النظام أبلغت “قسد” بأنهم لم يتلقوا أوامر بالانسحاب من المناطق، وأن ما حدث كان فرار من العناصر التي اقتربت من خط الاشتباكات، بسبب مخاوفهم بعد أسر ومقتل زملائهم خلال المعارك الأخيرة مع الفصائل الموالية لتركيا، دون وجود تغطية جوية أو دعم بري بالأسلحة الثقيلة. وفي اليوم ذاته، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القوات التركية أفرجت عن ١٨ أسيرًا من قوات النظام، حيث عبروا إلى الأراضي السورية عبر معبر الدرباسية. وبحسب ما قالت مصادر موثوقة، لـ”المرصد”، فإنه لم يتم التعامل مع هؤلاء الأسرى وفقًا للاتفاقيات والقوانين الخاصة بالأسرى، حيث إن جميعهم نُقلوا إلى سوريا دون مداواتهم أو تقديم الإسعافات الأولية لهم، ووصلوا جميعًا والدماء تغطي أجسادهم وثيابهم جميعًا ممزقة.
ووفقا لما رصدته مصادر موثوقة، فإن “قوات النظام” فقدت 28 عنصرا من قواتها قُتلوا في المعارك الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام من ناحية والقوات التركية والفصائل الموالية لها من ناحية أخرى، فيما أصيب العشرات من قوات النظام في الاشتباكات والاستهدافات المتبادلة، إضافة إلى إصابات لحقت بهم نتيجة انفجار ألغام زرعتها الفصائل الموالية لتركيا في مناطق قبل انسحابها منها، فيما أكدت مصادر موثوقة أن ضباط بقوات النظام أحدهم برتبة لواء والآخر عقيد واثنان برتبة ملازم، بالإضافة لعناصر آخرين، أصيبوا جراء استهداف طائرات مسيرة تركية لمواقعهم بالمنطقة الواقعة بين تل تمر وأبو رأسين.
وعلى الرغم من الاحتفالات التي سادت في بعض المناطق فور الإعلان عن الاتفاق بين “قسد” و”النظام” لانتشار قوات النظام في المناطق الحدودية، فإن مصادر أكدت أن حالة استياء عارمة عمت المناطق التي انتشرت فيها قوات النظام، حيث قالت مصادر موثوقة لـ”المرصد السوري”، إن “بعض عناصر قوات النظام يسرقوا المحال التجارية، ويضايقون المواطنين والسيارات في مناطق انتشارهم”.