اتفاق أمريكي روسي على خطوات لتحقيق السلام والمعارضة “قلقة بشأن إمكانية التنفيذ بفعالية”

26

أعلنت روسيا والولايات المتحدة عن توصلهما الى اتفاق لحل الأزمة السورية يبدأ “بوقف للاعمال الحربية” اعتبارا من غروب الشمس يوم الاثنين المقبل.

وبموجب الاتفاق، ستتوقف الحكومة السورية عن تنفيذ اي طلعات جوية حربية في مناطق محددة خاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة.

وعبرت المعارضة السورية في الخارج عن” قلقها من الافتقاد إلى آلية لتطبيق الاتفاق بفاعلية على الأرض، وعدم ممارسة روسيا الضغط المطلوب على الرئيس الأسد لتنفيذه.”

وقال وزير الخارجية الامريكي جون كيري إن الولايات المتحدة وروسيا توصلتا، بعد محادثات ماراثونية في جنيف، الى اتفاق على خطة تهدف الى خفض العنف في سوريا وتؤدي في نهاية المطاف الى عملية انتقال سياسي تضع حدا نهائيا للحرب الدائرة منذ 5 سنوات.

وقال كيري إن الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يمكن ان يكون “نقطة تحول” في الصراع الدائر في سوريا.

من جانبه، قال لافروف إن روسيا احاطت الحكومة السورية علما بالترتيبات التي تم الاتفاق عليها، وان دمشق عبرت عن استعدادها لتنفيذها.

وكان الوزير الامريكي يتحدث في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الروسي في جنيف.

“جهد استثنائي”

وقال كيري إن وقفا لاطلاق النار سيصبح ساري المفعول تزامنا مع عيد الاضحى، وانه لو صمد وقف اطلاق النار لمدة اسبوع واحد، ستبدأ الولايات المتحدة في التعاون مع القوات الروسية من اجل استهداف جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليا) وتنظيم “الدولة الاسلامية.

وقال كيري للصحفيين “تعلن الولايات المتحدة وروسيا اليوم عن خطة نأمل ان تؤدي الى خفض العنف، وتخفيف المعاناة ومواصلة التحرك نحو سلام متفاوض عليه وعملية للانتقال السياسي في سوريا.”

واضاف “ان الولايات المتحدة تبذل جهدا استثنائيا في هذا المجال لاننا نعتقد ان روسيا وزميلي (لافروف) لهم القدرة على الضغط على نظام الاسد لوقف هذه الحرب والتوجه الى طاولة المفاوضات وصنع السلام.”

وحذر لافروف من جانبه من ان قدرا من انعدام الثقة ما زال موجودا، وان هناك “اطرافا تريد تقويض الترتيبات التي تصولنا اليها اليوم.”

وقال الوزير الروسي إن بلاده اتفقت مع الولايات المتحدة على تنفيذ غارات جوية مشتركة في سوريا اذا صمد اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه اليوم لمدة اسبوع واحد.

وقال لافروف “سنتفق بشكل مشترك على تنفيذ غارات جوية ضد الارهابيين من جانب القوتين الجويتين الروسية والامريكية، كما اتفقنا على المناطق التي ستنفذ فيها هذه الغارات.”

ورحب المبعوث الاممي الى سوريا ستافان دي مستورا بالاتفاق. وقال إن الامم المتحدة ستبذل كل ما لديها من جهد من اجل ايصال المساعدات الانسانية الى مستحقيها.

وقال كيري إن المعارضة السورية المحت الى استعدادها للالتزام بالاتفاق طالما تثبت الحكومة السورية “جديتها”.

وكان مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية قال في وقت سابق إن الجانبين الامريكي والروسي “يحققان بعض التقدم نحو طرح مقترحات تؤدي الى وقف اطلاق نار يشمل سوريا بأسرها وضمان ايصال المساعدات الانسانية الى المحتاجين اليها دون عائق وبشكل مستمر.”

“ذبح السوريين”

يذكر ان لافروف وكيري يجريان محادثات بشكل متقطع منذ اسابيع.

وتقول ايموجين فولكس مراسلة بي بي سي في جنيف إنه من الواضح ان المحادثات شابها الكثير من التعقيد.

ومن المعروف ان روسيا والولايات المتحدة تساندان اطرافا متصارعة في الحرب السورية، فبينما تدعم واشنطن من تصفهم “بالمعارضين المعتدلين”، تساند موسكو الحكومة السورية.

وقالت بسمة قضماني، المتحدثة باسم اللجنة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية في الخارج، إن الاتفاق الأمريكي الروسي مرحب به ولكن في حالة تطبيقه بشكل فعال.

وقالت قضماني لبي بي سي “قلقنا الرئيسي يتعلق بطبيعة آليات تنفيذه (الاتفاق)، وماذا سيحدث إن لم تف روسيا به، ولم تمارس الضغط على النظام (السوري) بالطريقة التي نتوقعها لأن هذا هو السبيل الوحيد لإجبار النظام على الالتزام؟ هذه مصادر قلقنا لكننا بالتأكيد ننتظر بكثير من الترقب لنهاية المحنة.”

وأضافت “نأمل أن تكون تلك بداية لنهاية ذبح السوريين.”

وطالبت باتفاق “عادل يوفر الحماية للمدنيين قبل أي شيء آخر وليس إجبار الناس على مغادرة منازلهم”.

وحذرت من أن “الأسلوب الجديد في الجنوب وحلب هو التجويع والحصار”.

وأشارت قضماني إلى أن تطبيق الاتفاق بفعالية “يتوقف على قدرة روسيا على كبح جماح الرئيس السوري.

تحذير

من جانب آخر، حذّر دي مستورا من ان مخزون الوقود في الاحياء الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة المسلحة من مدينة حلب السورية الشمالية قد ينفد في غضون ايام.

وكان القتال قد تصاعد في الاسابيع الاخيرة بين قوات الجيش السوري والمعارضة في الجزء الشرقي من حلب الذي يسكنه نحو ربع مليون مواطن.

وقال دي مستورا إن شح الماء والغذاء فاقم من خطورة الوضع في ذلك الجزء من المدينة وجعله اسوأ من ذي قبل.

واضاف المبعوث الأممي ان من شأن توصل الولايات المتحدة وروسيا الى اتفاق لوقف اطلاق النار في المحادثات الجارية في جنيف ان يحدث فرقا كبيرا لجهود الاغاثة في سوريا.

 وكانت القوات السورية نجحت الاحد الماضي في اعادة سيطرتها على اجزاء من حلب كانت خسرتها للمعارضة الشهر الماضي مما جدد الحصار المفروض على المناطق الشرقية من المدينة الخاضعة لسيطرة المعارضين.

وقال ناشطون إن القوات الحكومية اعادت سيطرتها على كليتين عسكريتين تقعان في منطقة الراموسه جنوبي المدينة وقطعت خط امداد رئيسي كان يستخدمه المعارضون.

“ذروة الرعب”

وقال دي مستورا يوم الجمعة “هناك قلق متنام حول مصير حلب الشرقية، فهناك قضايا الغذاء وشح الوقود والماء.”

وقال مسؤول الشؤون الانسانية في الامم المتحدة ستيفن اوبراين لبي بي سي من جانبه إن الظروف في حلب قد اصبحت مروعة، وقال “اصبحت حلب الشرقية في ذروة الرعب، واذا كان اي منا هناك لشعر بأن الحياة غير ممكنة ناهيك ان تكون محتملة.”

وقال اوبراين إن المدنيين عالقون في المباني المهدمة ويتعرضون يوميا للقصف المدفعي والجوي.

ووصف اطفال المدينة بأنهم يشكلون “جيلا ضائعا” محروما من فرص التعليم.

وكانت قدرة الامم المتحدة على ايصال المساعدات في شتى المناطق السورية قد تدهورت في اشهر الصيف نتيجة تصاعد القتال.

ولم يتسن ايصال الا كميات قليلة من مواد الاغاثة الى مستحقيها في شهر تموز/ يوليو، وكميات اقل في آب/ اغسطس، بينما لم يكن ممكنا ايصال اي مواد في ايلول / سبتمبر حتى الآن، حسبما تقول المنظمة الدولية.

المصدر: BBC عربي