ازدياد الحوادث المرورية في الشمال السوري ظاهرة طبيعية أم إهمال و تسيب؟!

39

ازدادت في الآونة الأخيرة الحوادث المرورية في كل من مدينة إدلب وريفها، حيث يسجل بشكل عدد كبير من الحوادث لسيارات ودراجات نارية وشاحنات على طرقات العديد الرئيسية والفرعية، وفي غالب الأحيان تسفر تلك الحوادث عن سقوط إصابات بين المدنيين، فما هي الأسباب التي تدعوا لهذا الازدياد الملحوظ، هل تلك الحوادث ناجمة عن عوامل وأسباب طبيعية مثل الازدحام السكاني الذي فرضه النزوح والتهجير، أم نتيجة إهمال الجهات المعنية

 

حجم هذه الظاهرة في منطقة إدلب وريفها

في شهادته للمرصد السوري لحقوق الإنسان يتحدث أحد النشطاء من ريف إدلب الشمالي، عن حجم وأعداد تقريبية للحوادث المرورية، في كل من مدينة إدلب وريفها، والسبب الأكثر شيوعاً لوقوع هذه الحوادث، يقول: الزيادة الملحوظة بنسبة الحوادث المرورية في الشمال السوري تعود لعدة أسباب، من أهمها هو غياب شبه تام لضوابط السلامة مثل اشارات المرور وعدم وجود تنظيم للسير بشكل شبه كامل، ويضيف: إضافة لعوامل أخرى مثل سوء الطرقات والازدحام السكاني، كما يوجد هناك سبب آخر وهو كثرة استيراد السيارات وكثافتها في الشمال السوري بشكل عام، والتي يقودها في معظم الأحيان أشخاص لا يوجد لديهم خبرة كافية بالقيادة مثل أطفال دون سن 18 عامًا، ويتابع حديثه: تعتبر إدلب المدينة أفضل حالاً من البلدات والمدن والقرى في الريف الإدلبي، حيث يوجد بالمدينة نسبة قليلة من الاهتمام بتنظيم السير من قبل جهاز “شرطة المرور” التابع لهيئة تحرير الشام، لكن في المناطق الريفية تغيب بشكل شبه كامل جميع أشكال ضوابط السلامة المرورية، لا توجد إحصاءات رسمية لعدد الحوادث ولكن قد تصل ما بين 10 إلى 15 حادث شهريًا، واختتم حديثه بقوله: أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الجهات المعنية في إدارة شؤون المنطقة، ويجب وضع قوانين سير جديدة وصارمة أكثر، مثل وضع إشارات مروية وإضاءة الطرقات ووضع قوانين للسائقين، ونشر المزيد من عناصر الشرطة المرورية في البلدات والمدن، إضافة لتحسين وضع الطرقات وتعبيدها، وهذا من شأنه تخفيف نسبة هذه الحوادث، أيضا تقع جزء من المسؤولية على الأهالي للحد من قيادة المركبات والدرجات النارية للأشخاص الذين لا يملكون معلومات وخبرات كافية.

 

“أبو محمد” فقد ابنه نتيجة حادث مروري أثناء قيادته لدراجة نارية

يروي ” أبو محمد” وهو نازح من بلدة الهبيط جنوبي إدلب ويقطن في منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، في شهادته للمرصد السوري لحقوق الإنسان قصة وفاة ولده نتيجة حادث مروري، يقول: قبل وفاة محمد ( 17 عاماً) بيوم واحد تعطلت الدراجة النارية وانشغلت عن إصلاحها، فذهب هو باليوم التالي لتصليحها في إحدى ورشات التصليح في المنطقة، نصحته عدة مرات بعدم قيادتها ولكنه أصر على الذهاب، وأثناء ذهابه، انحرفت معه على الطريق واصطدم بجدار لأحد الأبنية بالقرب من الطريق، قام بعض المدنيين باسعافه لأحد المشافي القريبة، ذهبت إليه وكان في غيبوبة كاملة، أجريت له عملية جراحية وبقي على هذه الحالة لمدة أسبوع في المشفى ثم توفي، كان وفاته فاجعة كبيرة بالنسبة لي بشكل خاص فقد بدأت أشعر بالذنب لسماحي له بالذهاب، ولكن كان الموت قريب منه، أدعوا الجميع لعدم تسليم أي مركبة أو دراجة نارية لأبنائهم في ظل هذا الانفلات في حالة السير في الشمال السوري، فأنت كسائق في هذه الشوارع المزدحمة لا تدري متى يصادفك حادث مروري لشدة الازدحام وعدم وجود تنظيم له أو حتى قارمات إرشادية جيدة تضبط حركة المرور، آمل أن تتحسن هذه الناحية بشكل أفضل

 

“إبراهيم” شاب مقعد نتيجة تعرضه لحادثين مرورين منفصلين

الشاب إبراهيم المحمد، 29 عامًا نازح من ريف حماة الغربي، في الشمال السوري، ويقطن في بلدة” كفرتخاريم” في ريف إدلب الشمالي، فقد القدرة على المشي بشكل كامل نتيجة حادثين مرورين من الحوادث تعرض لهما خلال العام الفائت 2020، ويتحدث إبراهيم في شهادته للمرصد السوري عن تعرضه في المرة الأولى لحادث مروري قائلاً: أثناء قيادتي لدراجتي النارية في بداية العام 2020، وخلال ذهابي لشراء بعض الحاجيات الأساسية من السوق، صادفني شخص يركب دراجة نارية بسرعة كبيرة جداً، وجدت نفسي في المشفى وقد أصبت بكسر في قدمي من الركبة وبعض بالإضافة لإصابتي ببعض الرضوض في أنحاء جسدي، وبعد عدة فحوصات تبين أن هناك تمزق أربطة في القدم، أجريت لها عملية جراحية، جلست على إثرها عدة شهور في البيت دون القدرة على الحركة، الحادث الثاني بعد الشفاء من إصابتي، كان أثناء توصيل والدتي لمكان آخر خارج البلدة، وأثناء عودتي تعرضت لحادث نتيجة عطل في الدراجة، الحادث أثر بشكل كبير على قدمي المصابة، أضطررت لعمل عدة عمليات جراحية، لكني الآن لا أستطيع على الحركة إلا باستخدام “عكاز”، وبصعوبة بالغة جداً، آمل أن يتم تحسين ظروف الطرقات ووضع رقابة مرورية وإجبار السائقين على تطبيق القواعد المرورية

 

رأي سائقي باصات النقل على الطرقات الرئيسية

يرى “ع.م” وهو سائق “ميكروباص” على طريق باب الهوى في ريف إدلب الشمالي، أن الحوادث المرورية لن تتوقف بشكل كامل ما دام هناك كثافة سكانية من جهة وتساهل من جانب الجهات المعنية من جانب آخر، ويتحدث “ع.م” في شهادته للمرصد السوري عن بعض الأخطاء التي يقع بها سائقي الدراجات النارية والسيارات، ويقول:  أشاهد يومياً الكثير من الأشخاص وهم يقودون سياراتهم ودراجاتهم بطريقة عشوائية جداً لدرجة أنهم يقودونها عكس السير تماماً، وهذا خطأ فادح ويمكن أن يتسبب بالكثير من الحوادث، والسرعة الزائدة أيضاً خطأ يقع به الكثير خصوصاً في المدن والبلدات الكبرى والتي تشهد ازدحام وحركة أسواق، ومع العلم أنه لا نستطيع القول أن هناك نسبة 30% بقواعد السلامة المرورية في جميع مناطق إدلب وريفها، ولكن يبقى هناك مسؤولية على سائقي الحافلات والدراجات النارية، يجب عليهم تعلم القيادة بشكل صحيح، والأخذ بعين الاعتبار أن السائق ليس وحيداً في الطريق وأن هناك الكثير من المدنيين قد تعرض حياتهم للخطر، وأخيراً أنصح بعدم تسليم القيادة لأي طفل وعلى الأهالي أن يكونوا على قدر المسؤولية بمراقبة قيادة أبنائهم للدراجات النارية على وجه الخصوص والسيارات

 

حلول يمكن تطبيقها للحد من الحوادث المرورية

الحلول الممكن تطبيقها تماشياً مع حالة الوضع الراهن في الشمال السوري، يرى أحد “النشطاء” من مدينة إدلب، أن الحلول ممكنة من خلال زيادة أعداد عناصر “شرطة المرور” في جميع المدن والبلدات، وهناك حلول أخرى من شأنها تخفيف هذه الحالات مثل تخفيف أسعار تسجيل السيارات ليتسنى للجميع تسجيل سياراتهم بشكل رسمي، ويجب العمل على تجهيز الطرقات الرئيسية والفرعية وتزويدها بقارمات جديدة تبين للسائق قواعد القيادة، ولا بد أيضا من وضع مطبات جيدة وخصوصا أمام المدارس ومداخل الأحياء السكنية والأسواق وجميع الأماكن المزدحمة، وأخيراً زيادة الوعي لدى الأهالي بشكل عام من خلال بروشورات أو من خلال إعلانات أو إقامة الندوات، والعمل على تتنظيم الطرقات من ذهاب وإياب واشارات مرور وإنارة ليلية، بهذه الحالة نضمن تخفيف مثل هذه الحوادث التي أرهقت المدنيين خصوصاً في الفترة الأخيرة

وتبقى معضلة الحوادث المرورية تأرق سكان الشمال السوري في انتظار حلول جذرية تخفف منها، وتحد من نتائجها، حيث يقع في كل حادث إصابة أو أكثر بدرجات متفاوتة من كسور وتشوهات وحروق ورضوض في الجسد، ومنها ما يصل إلى حد الموت أيضا.