الناشطة السياسية السورية إيمان حمد: الانهيار المرتقب قد يأتي بأثر مدمر.. والمعارضة أخطأت كثيرا.. والمرأة السورية لم تستلم بل واصلت صمودها

50

تعيش سورية منذ عام 2011 مرحلة تاريخية سعيا إلى الانعتاق السياسي والاجتماعي، لا سيما بعد خروج السوريين ليس للمطالبة بتغيير نظام الحكم، بل لرفع أصواتهم كغيرهم من الشعوب الصامتة، للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية،مؤمنين بأن الثورة معجزة حقيقية للانعتاق والحرية. المرصد السوري لحقوق الإنسان حاور الناشطة السياسية السورية والمعارضة في الداخل إيمان حمد، التي تحدثت عن الوضع في سورية واقتصاد الحرب في ظل تطبيق قانون قيصر ومعاناة المرأة السورية.

وتحدثت الناشطة عن الاستعصاء عن إخراج نظام يعمل على الانتقال نحو دولة المواطنة والقانون، بعد عشر سنوات من فشل كل من المعارضة والنظام في أبسط الأمور كإدخال المساعدات أو الاتفاق على ممرات وإخراج المعتقلين، فـ”ما بالك بإقامة دولة سيادة ومواطنة ومدنية”.

واعتبرت حمد أن الوضع في سورية “بدأ بعفوية” على غرار أي حراك سلمي، لكن النظام “كان مستعدا ومستبقا ومتوقعا لذلك والتحضير كان قبل سنوات عديدة بالتنسيق مع قوى إقليمية وعالمية، ليكون الرد أعنف من التقديرات”، مضيفة: “ظهر واضحا أن النظام لا يريد حوارا مهما كان سلميا ومدنيا ومتحضرا”، وفق قولها.

وتابعت: “تحول الأمر إلى فعل عنفي من الجهتين، واتخذ -برغم عدم توازن القوى- شكلا غير مشهود في تجاوز كل الأعراف الإنسانية”. وقالت “حمد” إن السلطة “عاقبت كل منطقة ظهرت فيها أدنى صور المقاومة بكل إرادة القوة والعنف، أما الحراك فقد ذهب في نفق إملاءات المحاور وتحول الأمر إلى صراع معقد ومركب كان الشعب فيها يدفع الأثمان الأغلى من دمار شامل وتجويع واعتقالات وتصفيات كان للنظام فيها صولات وجولات”، على حد قولها.

وأوضحت حمد، أنه “منعا لأي تعاطف انشغلت قوى الأمن في فتح أسواق للممنوع وبتمويل عصابات تنتمي إلى ولاءات مختلفة، كما اجتهد الأمن في خلق ظواهر بائدة من مشيخة وأمراء انحيازا للنظام مقابل اللقب والمال، ولعبت هذه الظواهر أدوارا وظيفية في خدمة وتغذية الصراع المستعر في الداخل، والذي أدى إلى فوضى عارمة من السرقات البسيطة حتى القتل والخطف وتجارة الأعضاء”.

وتابعت: “انقسم المجتمع بين خوف من الأصولية وخوف من النظام، علما أن التنظيمات الإرهابية -وبالدليل المشهود- كانت من صناعة القوى الفاعلة مع النظام، وفي المقابل لم تعرف المعارضة كيف تقاوم وكانت منتجا ينقصه الوعي والمعرفة ويعمل بآليات النظام ونفس مفاسده وبتبعيات عقائدية ومالية”.

وفيما يتعلق بفشل الأطراف المعارضة للنظام في الوصول إلى تحقيق الهدف الذي خرجت لأجله حتى اليوم، قالت السياسية السورية، إن “المعارضة كانت تعمل تحت وطأة الملاحقة والاعتقال وتحت التعذيب أو الاغتيال، وبرغم ذلك سعت إلى تعديل الكفة والمشاركة في المؤتمرات الكبرى على غرار جنيف وسوتشي وغيرهما، لكن تسلط النظام كان أقوى وأعنف”.

وأضافت حمد أنه كان هناك توافقا دوليّا على حلّ سياسيّ في سورية، إن كان وفق مسار جنيف أو قرار مجلس الأمن أو إطاري (سوتشي وأستانا)، وبالمقابل كانت هناك لجنة دستورية ستنكبّ على إعداد الدستور السوريّ المستقبليّ، إلا “أن كل شيء توقف لخلافات عديدة اختلقها النظام”، مشيرة إلى أن “هناك تواطؤ كبيرا يصب في مصلحة النظام يغذيه التواطؤ الدولي”.

وأضافت: “لم نعرف أي مسعى دولي نثق به لاختيار لجنة دستورية ممثلة للشعب بكل أطيافه، وعلى ما يبدو فإن الأمر مؤجل لأن اللجنة الدستورية لم تَرْقَ إلى إطار وطني واسع، خاصة أن السلطة تسعى نحو لجنة دستورية تسهم في إعادة إنتاج النظام الحالي”.

واعتبرت “حمد” أن السوريين لطالما حلموا بإسقاط النظام منذ بداية الثورة، لكن أحلامهم كانت دائماً أضغاث أحلام برأي المستعجلين في التخلص من النظام وزمرته، لكن “غاب عن بال الكثيرين أن ضباع العالم لا يُسقطون الأنظمة بكبسة زر، بل يطبخون مشاريعهم ومخططاتهم على نار هادئة خدمة لمصالحهم بعيدة المدى التي تُرضي أطماعهم، ولا علاقة لها مطلقاً بتلبية طموحات المساكين من الشعوب كالسوريين وغيرهم، ومن بينها فرض قانون قيصر لمزيد إضعافهم”.

وتابعت تقول: “قانون قيصر سيضر الشعب الجائع فقط، ويضمن عدم قيام سورية الموحدة، ولن تتضرر منه السلطة التي يتفاخرون بأنهم خنقوها به، لكن التساؤل حول مدى قدرة حزمة العقوبات الجديدة على إضعاف النظام أو إجباره على التنحي من منصبه، أو إلزامه بتحقيق إصلاح وتغيير ممارساته، ويبدو ذلك غير مؤكد”.

وأشارت إلى أن صدور “قانون قيصر” تزامن مع تخلي بشار الأسد علناً عن ابن خاله رامي مخلوف، وهذا “قد يقلق الأوفياء للنظام ويدفعهم إلى سحب أموالهم من البلد، ما يضعضع تماسك النظام”.

وانتقدت السياسية السورية تشتت المعارضة في الداخل والخارج، ما دفع إلى إطالة أمد الحرب المستمرة منذ 10 سنوات التي نتج عنها انهيار كلي للدولة ولمختلف مؤسساتها الاقتصادية، ما ضاعف من معاناة السوريين، وقالت: “للأسف لم يفهم الكثيرون أن الديمقراطية تعني الاتفاق على قواعد اللعبة، وهذا السجال يجعل المقاومة تنظيرية، بينما يعيد النظام إنتاج ذاته مستغلا هذا الشتات والواقع الدموي”.

ولفتت “حمد” إلى معاناة المرأة السورية في الحرب، خاصة مع تعدد مسؤولياتها بداية من نزولها إلى الشارع للتظاهر مثلها مثل أي رجل سوري، مروراً بتعرضها للاضطهاد والتعذيب، وصولاً إلى تحملها المسؤوليات كزوجة وأم وبنت في غياب رجالهن في المعتقلات أو المتوفين.

وأكدت حمد أن 10 سنوات من المعاناة القاسية كفيلة بتغيير ومحاصرة حياة المرأة السورية، حيث أصبحت مضطرة إلى تحمل أعباء عدة فقط لتوفير لقمة العيش، بعدما فقدت معيلها أو باتت تبيت على الحدود أو على أبواب السفارات العربية والأجنبية في دول الجوار تنتظر الحصول على فيزا للهجرة أو اللجوء. وشددت على أن “المرأة السورية لم تستسلم بل واصلت صمودها ونضالها وقدمت حياتها وأبناءها في سبيل بلدها الذي ترى فيه كرامتها وعزتها، برغم كل الظروف القاسية والصعبة”.