الناطق الرسمي باسم لواء الشمال الديمقراطي: هكذا استُرجعت الرقة من يد تنظيم الدولة الإسلامية.. وقيادة النساء بالسلاسل لبيعهن كسبايا في السوق أقسى مشهد ظل ببالي

51

لطالما سميت مدينة الرقة- أو عروس الفرات كما يلقبها أبناؤها قبل غزو تنظيم الدولة الإسلامية واحتلالها سنوات- بالمدينة التي لا يمكن أن يسكنها أحد، أو مدينة الأشباح، خاصة بعد أن أصبحت عاصمة “داعش” الذي ارتكب فيها مجازر وجرائم ضد الإنسانية وُثّقت عبر فيديوهات نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي وشاهدها العالم بأسره وسط صمت قاتم وقاتل وخوف من التحرك ضد تنظيم زرع فلوله في كل العالم.

ولا أحد بإمكانه أن ينسى كيف اتخذ عناصر التنظيم المتطرف النساء والأطفال دروعا ووسائل للمساومة، إلا أن الضربة التي تلقاها من قبل التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية ضمن معركة التحرير قصمت ظهره لتسترجع الرقة حياتها الطبيعية بعد أن كانت مقرا للاستعباد الجنسي والقتل والخطف والإرهاب.

وبرغم مرور أربع سنوات على معركة التحرير إلا أن المخاوف من إمكانية عودة التنظيم مجددا إلى تلك المناطق، خاصة مع عدم التوصل إلى حل سياسي في سورية بين النظام والأطراف المتنازعة، لا زالت قائمة خاصة مع وجود تقارير استخباراتية تفيد بعودة أنشطة التنظيم في البادية السورية ومناطق أخرى افتُكت منه سابقا.

ويقول اللواء محمود حبيب، الناطق الرسمي باسم لواء الشمال الديمقراطي، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان بخصوص ذكرى تحرير الرقة التي كانت عاصمة للخلافة ومركزا لتنظيم الدولة الإسلامية: إن مشاهد اقتياد النساء بالسلاسل لبيعهن كسبايا في السوق أقسى مشهد ظل ببالي فضلا عن مشاهد القصاص بقطع الرؤوس لأبناء تلك المنطقة، مشيرا إلى أن كل العوامل تفيد بأن عودة التنظيم مجددا أمر صعب .

س- كانت تنظيم”داعش” هاجسا مرعبا استولى على حياة أبناء الرقة لأربع سنوات.. كيف نجحت قسد في تحرير المدينة والإطاحة بمشروع التنظيم الظلامي الإرهابي؟

ج- لقد كانت ممارسات “داعش” محط سخط و استنكار أبناء المنطقة لما فيه من استباحة للحريات العامة والاعتداء الجسدي والنفسي الذي أودى بحياة الألاف، وقد مرت المنطقة بحالة عبثية دموية كادت تودي بحالة التعايش المعهودة في سورية وتحويلها إلى إمارة إرهابية، ذلك الوضع المأساوي شكل أرضية متعطشة للتحرير وبعد دحر التنظيم من كوباني ومنبج أصبح الطريق مفتوحا نحو مدينة الرقة فجاء تحريرها من خلال تكاتف كل فئات الشعب وانخراطهم في قوات سورية الديمقراطية بالتعاون مع قوات التحالف الدولي ليسجلوا ملحمة وطنية في دحر الارهاب وتحقيق الحرية

 

س-لو تسرد لنا سيد محمود وقائع التحرير الكاملة ومراحله ؟

ج- عندما وصلت قواتنا إلى الأطراف الغربية الجنوبية من الرقة وقبل بدء الهجوم قام “داعش” بأخذ سكان المدينة رهينة واحتمى بهم كدروع بشرية مما صعب المهمة، كما أقدم التنظيم على تفخيخ كل شيء واستطعنا تفادي الأمرين أولا استخدمت قوات التحالف الطيران المسير كي تركز الضربات على عناصر “داعش” وتتجنب المدنيين، و استطعنا أن نجعل المدنيين عبءً على “داعش” ما اضطره إلى فتح طريق باتجاه الشمال الشرقي على طريق دير الزور وبذلك أصبحت المعركة مفتوحة.. ثانيا انطلقت مجموعات لإزالة الألغام مزودة بمعدات متقدمة طهرت شبكة التفخيخ المعقدة التي تركها “داعش”.

– حررت المدينة بالكامل من خلال بطولة مقاتلينا الذين واجهوا عناصر التنظيم في معركة شوارع مفتوحة هزمنا فيها أسطورة مقاتلي داعش”، ولا يتسع المجال لذكر عملية التحرير بكافة مراحلها وتفاصيلها.

 

س-ماهي أبرز انتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبها التنظيم والمشاهد التي عشتموها؟

ج-لم يترك تنظيم “داعش” أي نوع من الإجرام والعنف والإرهاب إلا واستخدمه، من قتل المخالفين وسبي النساء وتجنيد الأطفال والتطهير العرقي والديني ومصادرة الحريات العامة و فرض قوانين تعسفية مهينة، ولا تزال عمليات ما يسمى القصاص من قطع الرؤوس والأيدي عالقة بالأذهان، و يبقى دوار النعيم في الرقة شاهدا ماثلا على تعليق الرؤوس بين الحين والآخر.. كذلك سجل التنظيم الإرهابي أقسى حالات التصفية الجسدية كالحرق والإغراق وتفجير الأجساد والذبح، ولن أنسى مشاهد سَوْقِ النساء بالسلاسل لبيعهن كسبايا في السوق.

 

س-هل من مجال للمحاسبة اليوم؟ومن يفترض أن يحاسب أولا؟

ج- لا أعتقد أن محاسبة “داعش” ستكون عادلة مهما كان الجسم القضائي الذي سيحاكم عناصره مهنيا و يمتلك الصلاحيات لأن حجم الجريمة المنظمة أكبر من أن يتم اقتصاره على محاكمة بعض الألاف الذين تم إلقاء القبض عليهم.. في تلك الفترة استبيحت سورية والعراق وأصبحتا ملاذا لكل المتطرفين من كل أنحاء العالم بتواطؤ تركي قطري، وحتى أوروبا وأمريكا سحبتا رعاياهما ولم نسمع عن محاكمات جدية لهؤلاء!.. وستبقى ظاهرة داعش وجرائمها شاهدا على فشل المنظومة الدولية في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين.

 

س-هل شكّل تحرير مدينة الرقة السورية من تنظيم “الدولة الإسلامية” نقطة تحول هامة في الحرب على الإرهاب؟

ج- لقد ساهم تحرير الرقة في دحر فكرة الارهاب و أضعف منظومته وسرع في انهياره وقد لاحظنا الضعف الشديد وتفكيك البنية القيادية لـتنظيم “داعش” الذي انهار وأخذ دور الضحية المستسلمة بعد كل الجبروت الذي أبداه، ولا أعتقد أن أي منظومة مشابهة ستظهر بعد عشرات السنين نتيجة لذلك.

 

أخيرا- برغم تحرير الرقة ومناطق أخرى من تنظيم الدولة، تحدثت تقارير إعلامية عن إعادة التنظيم هيكلة نفسه مجددا عبر تكثيفه الهجمات مؤخرا في البادية السورية.. هل يشكل ذلك خطورة ؟

ج- لا يمكن للتنظيم أن يعود لأسباب كثيرة منها: قتل قيادات الصفّين الأول والثاني إضافة إلى تفكيك مجموعات القتال على الأرض إما بالقتل في أثناء المعارك أو الاعتقال، فيما جفّفت منابع التمويل والتسليح، وأخيرا وهو الأهم سقوط نظرية الامارة الاسلامية وفشلها في إنشاء حالة قابلة للحياة، فضلا عن وصول الكثير من شباب المنطقة إلى حقائق التنظيمات “الجهادية” التي تدعي الدين وتبحث عن المال والسلطة والتسلط .

-أما أن تكون هناك خلايا لـ”داعش” أو ذئاب منفردة فهذه حالة من الخروج عن القانون لا تلبث أن تنتهي بالملحق ورفع مستوى الحالة الأمنية حيث أصبحت في نظر الجميع حالة شاذة لم يعد يثق بها أحد.