برغم رفض النظام : إنشاء آلية لجلاء مصير المفقودين والمخفيين يعتبر انتصارا ثوريا واعترافا لانتهاكات حقوق الإنسان  في سورية

54

يتماشى إعلان الأمم المتحدة عن إنشاء آلية للكشف عن مصير المفقودين مع المطالبات الحقوقية التي أطلقها الحقوقيون  منذ 2011 وقبلها، حيث أن مثل هذه المؤسسات التي ترغب في بعثها لإماطة اللثام عن حقيقة ماحدث لهؤلاء ضحايا الكلمة الحرة.

وغُيّب آلاف الناس وقتل واستشهد آلاف ممن طالبوا برحيل النظام وعبروا علنا عن رفضهم لاستمرار المنظومة الحالية.

ويرى معارضون أن مثل هذه القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة قد تساهم في حلحلة هذا الملف الشائك.

وبرغم رفض النظام وحلفائه لهذا القرار ينتظر السوريون انتصارا لثورتهم بدءً من هذه المؤسسة التي ستهتم بالمغيبين وتكشف حقيقة ماحدث لهم.

ويرى الناشط الحقوقي مروان حمزة، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن تبني ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮﺍﺕ هو نتيجة لعمل ﻣﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳة والمنظمات الدﻭﻟﻴﺔ التيﺩﻓﻌت ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻭطالبت ﺑﺈﻧﺸﺎﺀ ﺁﻟﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﺤﺖ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﺨﻔﻴﻴﻦ ﻗﺴﺮﻳﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻟﻌﺎﺋﻼﺗﻬﻢ .

وأفاد حمزة بأنه ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺭﺿﺖ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﻭﺍﻟﺼﻴﻦ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻭﺑﻴﻼﺭﻭﺳﻴﺎ ﻭﻓﻨﺰﻭﻳﻼ ﻭﻛﻮﺑﺎ ﻭﻛﻮﺭﻳﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺇﻳﺮﺍﻥ، ﺑﺤﺠﺔ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺸﻜﻞ ” ﺗﺪﺧﻼً ﻓﻲ ﺷﺆﻭﻥ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭإعتبروه ﻣﺴﻴسا ﻟﻦ ﻳحقق أية ﻨﺘﺎﺋﺞ، ﺧﺎﺻﺔ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻪ .”

ﻭلفت إلى أن ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻣﻨﺪﻭﺑﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ عبروا ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺧﻼﺕ ﻋﻦ ﺩﻋﻤﻬﻢ ﻹﻧﺸﺎﺀ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﻭﻭﺻﻔﻮا القرار بالاﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭ ﻳﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺓ ﺍﻷﺳﺮ ﻭﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ .

وأضاف:  ﺑﺤﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻓﺈﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﻳﻦ ﻣﻨﺬ ﻋﺎﻡ 2011 ﻭﺣﺪﻩ يتراوح بين 100ﺃﻟﻒ إلى 400 طبعا هذه الأرقام تبقى تقريبية وغير نهائية، وهناك أحياء وبلدات بالكامل ردمها النظام فوق أهلها بسبب القصف الممنهج مستعملا أقوى الأسلحة التدميرية من سكود للكيماوي والأسلحة المحرمة دوليا لقتل أكبر عدد ممكن من معارضيه وأهلهم….”.

وبخصوص رفض النظام للآلية، علق الحقوقي السوري: هذا الملف شائك جدا، ولن يتورط النظام كعادته بقبول قرارات الأمم المتحدة، والآن أمام امتناع أكثر من نصف الدول العربية عن التصويت!! هل سيتمكن من جديد بلعب لعبة المراوغة على المجتمع الدولي، هذا النظام من بدء 2011يلعب على مقياس الزمن مع الجميع، ويستفيد من كل التناقضات الدولية بشكل فظيع، لذلك أرى ضرورة تكاتف كل الجهود الدولية والعربية والإقليمية للمساعدة وتسهيل عمل اي فريق من شأنه استرجاع  حقوق الالاف من أهالي المفقودين والمختفين قسريا في سورية.. “.

 وأكد أن هذا النظام لن يتأثر مثل عادته بأي لجنة أو قرار أو مقاطعة أو حصار ضده، :  طبعا بوجود حليفه الروسي والإيراني، والنظام قادر كعادته على قلب الحقائق رأسا على عقب في كثير من المسائل السابقة بمساعدة حلفائه”. 

من جانبه علق رامز  السيد القيادي بتيار التغيير الوطني السوري، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن القرار معتبرا  أن ملف المعتقلين والمغيبين قسراً في معتقلات الأسد والتي لا تشبه إلا المسالخ البشرية ، هو ملف مهم جداً ومحوري لما له ارتدادات اجتماعية وإنسانية أثرت كل التأثير على عشرات الآلاف من العوائل السورية ، وقد عملت التيارات السياسية والحقوقية  على هذا الملف منذ العام 2012 لإيصال عشرات القوائم التي تضمنت أسماء المعتقلين والمغيبين قسراً في مسالخ الأسد البشرية وقد عمل تيار التغيير من أجل ذلك، مردفا:  أوصلنا  عديد القوائم إلى منظمة حقوق الانسان والجمعية العمومية للأمم المتحدة وقدمناها في جنيف 1 وجنيف 2 ودعمنا هذه القوائم بعشرات الأدلة وشهادات الناجين من الموت المحقق في معتقلات الأسد ولكن دون جدوى ، فالنظام الأسدي كان يراوغ في كل شيء حتى في الحقائق ووصله الأمر إلى إنكار وجود أي معتقلين وقد لجأ النظام الأسدي إلى أسلوب قذر جداً فقد قام باجبار عوائل المعتقلين على استخراج شهادات وفاة طبيعية او ماشابه بعيداً عن الموت تحت التعذيب ، وقام أيضاً بتسليم الاوراق الثبوتية لبعض المعتقلين لذويهم مكتفياً بعبارة لقد مات بسكتة قلبية وتم دفنه وفق الشريعة ، دون وجود شاهد أو جثة أ قبر”. .

وقال الحقوقي السوري إن هذا النظام  المتجهز للعودة إلى الأسرة الدولية يحاول إبعاد نفسه عن أي ملاحقة قانونية معتمداً على اعترافات وهمية ألصقها بالمعتقلين كالانتماء لمجموعات مسلحة تتبع لاجندات خارجية وتمويل خارجي أو الانتماء لمجموعات إرهابية وكل هذا كان يجري تحت أشد أنواع التعذيب أو التهديد بالاغتصاب او بتهديد العوائل، وفق كلامه .

وأضاف: النظام  الذي أفلت من ملف المعتقلين اللبنانيين في سجونه ومسالخه البشرية ولا يزال مصيرهم مجهولا منذ ما يقرب من الاربعين عام يحاول مجدداً الافلات من جرائمه المتراكمة، لقد كنت أحد الذين اعتقلهم هذا النظام ورأيت أهوال الموت وأساليب لا يستطيع عقل بشري  استيعابها ولكنني نجوت باعجوبة بعد تدخلات وصلت لمنظمة حقوق الانسان وجهود قانونية كبيرة حتى خرجت من معتقلات الموت ومازلت اعاني من آثار التعذيب واتعالج في باريس لغاية اليوم من مضاعفات الكسور والتلف العصبي الذي أصابني”.

وعبر عن استعداد تيار التغيير الوطني السوري لأي تعاون مع هذه اللجنة التي أقرّتها الأمم المتحدة وتقديم القوائم والشهادات وكل ما يلزم حتى تأخذ العدالة مجراها . 

بدروه اعتبر العميد احمد رحال،  في حديث مع المرصد السوري  أن  القرار بمثابة الخطوة بالاتجاه الصحيح لحلحلة الملف لكن تبقى قرارات الأمم المتحدة معنوية وغير قابلة للتطبيق إلا اذا صدرت عن مجلس الأمن وتحت البند السابع وقد تشكل حالة معنوية وجيدة لكنها من الناحية العملية لن تغير بمجريات الأحداث ولن تؤثر على عملية التطبيع العربي والإقليمي خاصة مع معلومات أن معظم الدول العربية صوتت ضد القرار أو امتنعت عن التصويت.

وقال العميد أحمد حمادة، في حديث مع المرصد السوري، إن انشاء مثل هذه الآليات هو اعتراف علمي بوجود مشكل حقيقي يتمثل في آلاف المفقودين والمختفيين حيث يتجاوز عددهم ال100 ألف في مصير مجهول وغامض. مؤكدا أن القرار هو بارقة أمل لعائلات الضحايا برعم إنكار النظام لوجود مختفيين وتعنته.

وتابع حمادة أنه من المهم أن تتخذ الأمم المتحدة في هذا التوقيت مثل هذه الخطوات للانتصار لحقوق الإنسان وأخذ المسألة على منحاها الإنساني.