بسبب صورة على وسائل التواصل الإجتماعي.. شاب يقتل ابنة عمه ووالدتها في مخيم أطمة الحدودي مع لواء اسكندرون

56

محافظة إدلب: أقدم شاب على قتل ابنة عمه ووالدتها بسبب انتشار صورة للفتاة على وسائل التواصل الإجتماعي، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري في المنطقة، فإن الفتاة التي لقت مصرعها تبلغ من العمر 21 عامًا وتقطن برفقة عائلتها في مخيم “إحسان” الواقع ضمن مخيمات أطمة الحدودية مع لواء اسكندرون شمالي إدلب، وجرى قتلها مع والدتها بواسطة مسدس تحت مسمى “جريمة شرف”.

المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر في يوليو/تموز من العام 2020، تقريرًا حول تضاعف معاناة المرأة السورية مع استمرار الصراع وتأزم الأوضاع المعيشية، حيث تعد من الأكثر تضررًا بحكم النوع الاجتماعي في مجتمع لا يزال يرزح تحت نير الأفكار التقليدية المتعصبة في بعض مناطقه. وفي هذا الإطار، رصدت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أبرز المشكلات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية التي لا تزال تلاحق النساء السوريات.
على مدار سنوات الحرب وسعي الأطراف المختلفة إلى تحقيق مصالحها، ضاعت معظم حقوق المرأة السورية وأثقلت كاهلها المعاناة في مناحي الحياة كافة اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، والتي كان أبرزها:

العنف والاعتداءات الجسدية
أدت أعمال القتال والإرهاب واجتياح المدن ومداهمة المنازل على يد قوات النظام والمسلحين الموالين لها والرغبة في الضغط على الشبان المعارضين لتسليم أنفسهم، إلى تعرض الكثير من النساء إلى الاحتجاز والخطف والاعتقال، وما يتبع ذلك من تعذيب نفسي وجسدي وممارسة لاعتداءات وانتهاكات جسدية للمعتقلات، خلفت آثارًا نفسية ومجتمعية عليهن.
كما أن مشاركة المرأة في الاحتجاجات الشعبية على الأوضاع المتردية في البلاد، وكذلك انتساب المرأة للتشكيلات العسكرية والأمنية، مثل: قوى الأمن الداخلي وقوات حماية المرأة المنضوية تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية، زاد من احتمالات التعرض لمثل هذه الاعتداءات، فقد حصل المرصد السوري في 23/10/2019، على شريط مصور لجثة إحدى مقاتلات وحدات “حماية المرأة” تم التمثيل بها على أيدي مقاتلي “فيلق المجد” الموالي لتركيا، رغم الأعراف والمعتقدات الدينية والقوانين الوضعية التي تجرم مثل هذه الأعمال. ويذكر أن المرصد السوري وثق لأول مرة عام 2015 ذبح امرأتين مدنيتين على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، بحجة ممارسة السحر والشعوذة.

الزواج المبكر والاستغلال الجنسي
في ظل الظروف القهرية التي تعيشها المرأة السورية وعائلاتها، إلى جانب توافر عدد من المعتقدات والطقوس القبلية لدى بعض هذه العوائل، والنعرة الذكورية المتسلطة والنظرة الدونية للمرأة تحت مسمى “ضلع قاصر”، تلجأ بعض الأسر إلى دفع فتياتهن إلى الزواج المبكر، وبالتالي التسرب من التعليم أو الحكم عليهن بالأمية. وكشف المرصد السوري عام 2017 أن واحدة من كل ثلاث زيجات للاجئين السوريين في الأردن تضم طفلة تحت سن 18 عامًا، ناهيك عما تتعرض له الإناث في ظل هذه الظروف الضاغطة من عمليات التحرش والاتجار والاستغلال والابتزاز الجنسي والاختفاء القسري.

ارتفاع سن الزواج والعنوسة
أدى انخراط الشباب في المعارك الحربية، ومقتل بعضهم واعتقال البعض الآخر، أو إلحاق أغلبهم بجبهات القتال أو هجرتهم، إلى عزوفهم عن الزواج، وندرة فرص الزواج أمام الفتيات، وزيادة معدلات العنوسة، حيث ارتفع سن الزواج من 22 سنة قبل 2011 إلى 33 سنة بعدها، الأمر الذي تسبب بدوره لتدهور الأوضاع النفسية والاجتماعية لدى المرأة والأسر السورية.

جرائم الشرف
ازدادت في الآونة الأخيرة معدلات إنهاء حياة السوريات، وممارسة العنف ضدهن بحجة الدفاع عن الشرف، فقد وثق المرصد السوري في 4/7/2020 قتل شاب من بلدة “حيان” أمه وشقيقته في مخيم “الحرمين” تحت غطاء “غسل العار”، وكذلك مقتل شابة وشاب في مخيم “الريان”، ومقتل فتاة عشرينية من النازحين في عفرين على يد أخيها لاعتقاد عائلتها أنها تحمل سفاحًا، فيما تبينت براءتها بعد قتلها تحت مسمى “الدفاع عن الشرف”.
انخفاض مستوى الرعاية الصحية
تعاني النساء السوريات وأسرهن من التراجع الكبير في المستوى الصحي مع استمرار عمليات الصراع والاضطرابات الأمنية، ما أدى إلى انتشار الأمراض وارتفاع معدلات الوفيات بينهن، لا سيما وأن النساء هن الفئة الأكثر عرضةً للخطر نتيجة انخفاض عدد الولادات التي تخضع لإشراف طبي متخصص، وغياب القدرة على الحصول على خدمات ما قبل الولادة وما بعدها، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أبرزها: سوء الأحوال المعيشية، لا سيما مع تزايد عمليات النزوح واللجوء وما صاحبها من أوضاع غير إنسانية في المخيمات كنقص الأدوية والأدوات والأجهزة والمواد الطبية، إضافة إلى معاناتهم من سوء التغذية بسبب تلوث الغذاء والمياه وندرتهما في بعض المناطق، وتقاعس عدد من المنظمات الدولية عن القيام بدورها على أكمل وجه تجاه النساء وأسرهن، وانشغالها بإصدار البيانات والتصريحات الإعلامية، إلى جانب الفساد وعمليات السرقة التي تتعرض لها مخصصات الإغاثة فلا تصل لمستحقيها من الأسر السورية.

الأزمات النفسية وفقدان الأمن الاجتماعي
أوجدت الحرب واقعًا شديد المرارة أدى إلى آثار نفسية سلبية على النساء السوريات، نتيجة غياب الأمان الاجتماعي، وغياب القدرة على التكيف مع الأوضاع غير المستقرة التي تفرضها الحرب، إضافة للتعذيب والاعتقال والعنف الذي مورس ضد السوريات، ما جعلهن عرضة إلى الاضطرابات النفسية كالخوف الدائم والقلق والاكتئاب، والرغبة في الانتحار والعزلة، لا سيما مع عدم توافر العلاج النفسي وشح الأدوية ومحدودية الإمكانات الطبية.

البطالة وبروز ظاهرة المرأة المعيلة
مع التفكك الكبير في بنية القطاع الصناعي، وإفلاس أغلب المشاريع ونزيف رؤوس الأموال إلى الخارج، إلى جانب الفساد وعمليات النهب والسلب للأصول المادية، واستنزاف المعارك المسلحة للاقتصاد السوري الذي انهار وأدى بدوره لانتشار البطالة بشكل غير مسبوق بين السوريين رجالاً ونساءً، اندفعت النساء للعمل في أعمال شاقة تحتاج لمجهود عضلي لا يتناسب مع طبيعتهن كالفلاحة، وأعمال الدفاع المدني، والبيع على العربات المتجولة في الشوارع، لا سيما النساء اللائي قمن بدور المعيل لأسرهن بعد فقد رب الأسرة، وتزايد عدد الأرامل في المجتمع السوري، فيما يتم إجبار النساء في بعض المناطق التي تسيطر عليها العناصر الراديكالية المتشددة على ترك وظائفهن والالتزام ببيوتهن، حيث تصل نسبة البطالة لدى المرأة في هذه المناطق تصل إلى 95% تقريبًا.

تأنيث الفقر
خلفت الصراعات والحرب التي لم تنته بعد حالات فقر تعيشه المرأة السورية بمعدلات غير مسبوقة، فقد كشف المرصد السوري عن أن أكثر من 93% من السوريين والسوريات، يعيشون في حالة فقر وحرمان، بينهم نحو 65% في حالة فقر مدقع، فيما تبلغ نسبة الفقر بين الأرامل وزوجات المفقودين 90% تقريبًا. ويرجع ذلك إلى تزايد عمليات النزوح خاصة في مناطق خفض التصعيد، وتدهور سعر الصرف العالمي لليرة السورية، وضعف المنظمات الداعمة ومحدوديتها، إلى جانب الاضطرابات الأمنية التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي للمرأة عامة، ووضعها التنموي خاصة، حيث برزت ظاهرة تأنيث الفقر، التي ساهم فيها: ضياع مدخرات الأسر، وتشردهم وتهجيرهم قسرًا من أراضيهم بسبب الحرب، وارتفاع الأسعار مقابل انخفاض الدخول أو انعدامها لدى بعض الأسر. وكذلك تفشت ظاهرة التسول بشكل واسع، حيث باتت جزءًا من الحياة اليومية في الشمال السوري. ورصد المرصد السوري 2300 حالة تسول لنساء وأطفال في مارس 2020 بالعاصمة دمشق.

الحرمان والتسرب من التعليم
ويعد التعليم القطاع الأكثر تضررًا من عمليات القصف والنزوح، حيث حرمت النساء من التعليم إما بالتسرب منه للزواج المبكر والعمل الحرفي لمساعدة الأسرة، أو لتخفيف الأعباء المادية وعجز الأسرة عن تحمل الصعوبات التي قد تعرقل استكمال تعليم بناتهم. ومن بين الصعوبات التي تواجه قطاع التعليم: عدم وجود مدارس ضمن مخيمات اللجوء، وبعد المسافات ما بين المخيمات والمدارس، وسوء الأحوال المادية التي تمنعهم من شراء مستلزمات الدراسة وسداد تكاليف النقل الباهظة نظرًا لندرة المازوت؛ وعدم وجود أوراق هوية لبعض الفتيات، إضافة إلى انقطاع الدعم عن المنشآت التعليمية لا سيما في الشمال السوري، وضعف إمكانيات الكوادر والمؤسسات التعليمية، وتضررها من عمليات القصف أو الإخلاء نتيجة التصعيد العسكري المستمر، بالإضافة لهشاشة المناهج وضعف الأداء التعليمي، وقد وصلت نسبة الأمية بين النساء السوريات إلى نحو 30% تقريبًا، بحسب إحصاءات المرصد السوري.

محدودية مشاركة المرأة في الحياة السياسية
نتج عن تعدد الفصائل المتناحرة في سورية بعد اندلاع الثورة، إفساد الحياة السياسية وعرقلتها، ما تبعه عرقلة لدور المرأة السورية وخلق عقبات يصعب تخطيها بسهولة تحول دون مشاركة سياسية حقيقية لها، والتي كان من أبرزها: تراجع الديمقراطية والحوار، واقتصار العمل السياسي على الأطياف المتصارعة والمتحاربة، وانسحاب المدنيين شيئًا فشيئًا من اللعبة السياسية، بجانب سيطرة الجماعات الراديكالية في بعض المناطق، والرافضة لفكرة تمكين المرأة، والحضور الصوري للمرأة السورية في الأحزاب المعارضة، وتهميش قضاياها على أرض الواقع، والتغني بها في برامجهم الحزبية. كما أن أولويات المرأة السورية تختلف؛ حيث تسعى أغلب السوريات إلى تأمين سبل العيش لأنفسهن ولعوائلهن، بينما تعد المشاركة في الحياة السياسية رفاهية في اعتقاد الكثيرات منهن في الوضع الراهن.

فقدان الهوية
اقترنت هذه الظاهرة بالنزوح، حيث فقد الكثير من السوريات أوراقهن الثبوتية أو ما يعرف بـ”أوراق الهوية” نظرًا للحرب وعمليات الحرق والقصف والتهجير، وبالتالي فقدوا ما يثبت جنسيتهم، وكذلك أطفالهن الذين ولدوا في المخيمات اللجوء، أو في مناطق نفوذ التنظيمات المسلحة، ما يخلف أشخاصًا دون جنسية، خاصة مع غلق وتعطيل الدوائر القانونية ودوائر القيد في معظم مناطق الصراع.
ومع تزايد التدهور في الأوضاع المعيشية التي تعاصرها المرأة السورية نتيجة للاقتتال والحرب، فإن دائرة العنف ستستمر في انتهاك حقوق المرأة، وتبتلع أي جهد دولي كان أم محلي كمحاولة للنهوض بوضع المرأة السورية. وبالتالي، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن المرأة وحماية حقوقها، بضرورة وفائهم بالتزاماتهم تجاه المرأة السورية، والضغط على الأطراف المتنازعة في سورية، والمتسببة في الانتهاكات التي تمارس بحق المرأة، بأن تلتزم بتوفير مناخ إنساني للنساء في الأراضي السورية، عن طريق الامتثال لأحكام القانون الدولي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة.