بعد أن بات ملف المعتقلين ورقة سياسية.. مطالبات بإحداث هيئات لتفتيش سجون النظام  وإطلاق سراح المعتقلين

33

سورية

حين تسلب منك حرّيتك وإرادتك وتُهان ذاتك البشرية بسحبك من بيتك أو من مقهى أو شارع أو من مقر حزبك بسبب موقفك السياسي وتشبّثك بمبادئك وحلمك بوطن حرّ ديمقراطي تُحفظ فيه كرامة الإنسان، سيصبح ما حولك حالكًا لا طعم له..
وبرغم كل التضحيات الجسام التي قدمها المعتقلون إلا أن هذا الملف ظلّ غامضا شائكا لم ير نور الحقّ والسلام.
وتخليدا لمبدأ المطالب التي نادى بها المعتقلون وعانوا من أجلها وهم يواجهون الجوع والحرمان من المتطلبات الصحية والطبية وعدم توفير الظروف التي تحفظ كرامة الإنسان.. وتخليدا لتضحيات كل معتقل، يجدّد المرصد السوري لحقوق الإنسان مناشدته المجتمع الدولي بالتدخل لفض ملف المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين وكشف الحقائق للرأي العام السوري والدولي وتهدئة نار العائلات التي تعاني مرارة الألم والفقدان.
المرصد السوري، انطلاقاً من واجبه كمؤسسة حقوقية في الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة البشر، تمكّن من توثيق 2982 حالة اعتقال منذ مطلع العام 2021، وذلك على فترات متفاوتة، بتهم متنوعة أبرزها “مطلوب للخدمة الإلزامية والاحتياطية، والتواصل مع جهات خارجية”.. وجرى الإفراج عن قسم كبير منهم لاحقاً بعد دفع ذويهم إتاوات مادية، بينما لا يزال نحو 514 شخصا قيد الاعتقال.
وفي هذا الإطار نظّمت عائلات المعتقلين الحاليين ومعتقلين سابقين وجهات سياسية، الأحد 13 فبراير وقفة احتجاجية في إسطنبول التركية، واكبها المرصد السوري لحقوق الإنسان بحكم  اهتمامه المتواصل بهذا الملف لرفع الغبن والظلم الذي يلحق بأصحاب الرأي الحر المدافعين عن الحق الطبيعي في التعبير بحرية والعيش بأمان وصون ما جاءت به ثورة أذار.
وتحدث المرصد مع شيماء بوطي، المنسقة العامة باسم الوقفة المساندة للمعتقلين، التي أكّدت أن هذه الوقفة جاءت لتثبت للعالم أن السوريين حين يتوحّدوا بإمكانهم إحداث التغيير، خاصة بعد الطعون الكثيرة التي وجهت للمسارات السياسية والاجتماعية مفادها أن الناشطين والسياسيين السوريين متفرقون، لافتة إلى أن قضية المعتقلين توحّد مختلف الصفوف وهو مطلب  يستحق أن يولي المجتمع له الاهتمام الكافي  وأن يفصل المسار  الخاص بهذا الملف الشائك بالمسار السياسي المعروف .
وأفادت بأن قضية المعتقلين لا تحتمل الإرجاء والتأخير، مذكّرة بأهمية إعادة القضية إلى الواجهة بعد أن باتت ورقة سياسية، وطالبت باستحداث هيئات لتفتيش  سجون ومعتقلات النظام السوري وفضح الحقيقة والكشف عن مصير كافة المعتقلين والمغيبين قسريا، داعية إلى التكاتف الدولي من أجل إخراج معتقلي الرأي والسياسة ومن اعتقل خلال الثورة السورية.
ولفتت إلى أهمية إحداث هيئات تختص بملاحقة المجرمين ومحاسبتهم، مشددة على أن الفعالية تهدف إلى نصرة المعتقلين والضغط لتحريك الملف عن طريق جهات دولية وأممية وحقوقية وسياسية، يشارك فيها ناجون وناجيات.
من جانبه، تحدث الصحفي السوري علي تباب، إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن تنظيم هذه  الفعالية  مؤكدا أنها فرصة لإعادة تسليط الضوء على ملف المعتقلين  وتحريكه دوليا عبر مطالبة المجتمع الدولي  بتفعيله بشكل عاجل،  مشيرا إلى أن  الأيام والسنوات  تمر على المعتقلين في السجون في وقت تنقضى فيه أعمارهم  دون لفتة نظر.
وقال الصحفي المعارض إنه لا يمكن إنقاذ المعتقلين من ذلك المصير المجهول عبر طريق المفاوضات السياسية واللقاءات المستمرة، في وقت تقطع فيه أنفاس المعتقلين  نتيجة إجرام النظام ، مذكرا بأن أكثر من عشرة ألاف صورة قد وصّفها “قيصر” وهناك ألاف من المعتقلين قضوا تحت التعذيب  وآخرون  يموتون يوميا  في بلد شارف  فيه عدد المعتقلين على المليون ، منهم ربع مليون تم توثيقهم من قبل المنظمات الحقوقية .
واعتبر أن الوقفة هي نداء من عائلات المعتقلين والضحايا إلى المجتمع الدولي مفادها-أنقذوا المعتقلين واطلقوا سراحهم.
وأفاد بأن المنظمين لهذه الفعالية عملوا على تجميع رسائل من قبل مختلف الأطياف السياسية المعارضة وعدد من المنصات على  غرار القاهرة وموسكو وغيرهما، لإيصال الأصوات والمطالب التي تنادي بها الوقفة في رسالة سورية مشتركة يلتقي حولها الجميع، كما سعوا إلى تجميع رسائل من كل مدن العالم مساندة للمعتقلين عبر نشر صور كتب عليها “نساند المعتقلين أرجوكم لا تخذلوهم”، وترجمتها إلى عديد اللغات لتكون الرسالة كونية.
وناشد الصحفي، المجتمع الدولي تفعيلَ قراراته في ما يخص ملف المعتقلين والتعامل معه بشكل جدي من أجل إطلاق سراحهم ومعرفة مصير المغيبين وفتح السجون أمام التفتيش الدولي ومن قبل المنظمات الحقوقية لإنهاء فصل من مأساة ظلت تحط بثقلها على المعتقلين أنفسهم وتؤرق عائلاتهم.