حملة للجيش التركي ضد عمليات تهريب اللاجئين السوريين بعد ارتفاع أعداد قتلاهم على الحدود

23

أنطاكيا – «القدس العربي»: عادت الحدود التركية مع سوريا وبخاصة من جهة محافظة إدلب عصية من جديد أمام اللاجئين السوريين، بعد أن تمكنت قوات حرس الحدود التركية (الجندرما) من السيطرة عليها بشكل كامل وسد جميع الثغور التي كانت في السابق مخصصة للتهريب، بعد حملة غير مسبوقة قادتها قوات مسلحة حكومية مشتركة بحق المهربين في ولاية هاتاي التركية وخاصة المدن الحدودية الواقعة بريف مدينة أنطاكيا.
التشديد الكبير الذي بات مفروضاً على الحدود الآن، يعيد للأذهان الفترة التي تلت بناء الجدار الإسمنتي على طول الحدود الجنوبية لتركيا قبل أعوام، قبل أن يتمكن السوريون من إيجاد ثغرات فيه وإعادة طرق التهريب من جديد للعمل، ولكن مع مخاطر أكبر وتكلفة أعلى قد تكون (حياة الشخص)، لاسيما وأن عمليات قتل السوريين على الحدود من قبل قناصة الجندرما التركية أصبحت أمراً شبه اعتيادي ويحدث بين الفينة والأخرى في رسالة واضحة مفادها (سنقتل كل من يحاول الدخول بطريقة غير شرعية).
مئة وخمسة أشخاص هو العدد التقريبي للمهربين السوريين فقط الذين تم اعتقالهم من قبل قوات مشتركة بين الجيش التركي وجهاز الاستخبارات، حيث تحدثت صحف ومواقع تركية حينها من بينها موقع (هاتاي برس) المعني بشؤون الولاية، عن حملة أمنية قادها ضباط تم إرسالهم من أنقرة واسطنبول، حيث ذكر الموقع حينها أنه تم اعتقال نحو 300 شخص من بينهم 105 أشخاص سوريين خلال حملة أمنية على الحدود السورية في مناطق حجي باشا و منطقة ألتينوز من بينهم 13 شخصاً يعملون على تهريب البشر من سوريا إلى تركيا.
الصحافي السوري حسان كنجو المقيم قرب الحدود السورية التركية، يقول في حديث لـ «القدس العربي»، إن «هذه الحملة التي قادتها القوات الأمنية التركية، تركزت بشكل خاص على الأشخاص العاملين على تهريب البشر، لا فرق بين مهرب بشر وبين مهرب أمور أخرى كالسلاح والحشيش والمخدرات، وقد طالت الحملة غالبية القرى والبلدات الواقعة في ريف أنطاكيا (حجي باشا وبخشين ومناطق أخرى على أطراف الريحانية، إضافة لمناطق على الحدود مع ريف اللاذقية في (يايلداغ).
,يضيف كنجو: «غالبية من يعملون في التهريب يشكلون ما يشبه (العصابات) في أنطاكيا ويقومون بأعمال غير مشروعة أو غير مشرّفة على أقل تقدير، كما ان فئة منهم تتعاطى المخدرات والحشيش ويقومون بعمليات ابتزاز للمدنيين كما أنهم لا يلقون بالاً لتهديدات الشرطة لتأكدهم بأن من يعملون معهم من الأتراك سيقومون بتخليصهم من أي مأزق في حال وقعوا فيه».
وحسب مصادر خاصة لـ»القدس العربي»، فإن المهربين أو (الكشافة) الذين يرافقون (الركاب) لحين وصولهم إلى أنطاكيا وهي المحطة الأخيرة من رحلة التهريب، يعودون إلى سوريا بعد أيام عن طريق الشرطة أنفسهم، ويتم ذلك عن طريق قيام المسؤول عنهم أو المشرف عليهم بتسليمهم لمديرية الأمن على أنهم لاجئون سوريون لا يحملون (كمليك) ويريدون العودة (طواعية) إلى سوريا، حيث يقوم هؤلاء في كل مرة باتخاذ ذات الإجراء بعد دخولهم وإيصال الناس إلى أنطاكيا.
فيما يرى بعض المراقبين أن اعتماد السلطات التركية على ضباط من خارج هاتاي يخلق العديد من علامات الاستفهام حول دور الضباط المحليين الموجودين في أنطاكيا والثقة الممنوحة لهم، لاسيما وأن الحملة طالت أشخاصاً اتراكاً معروفين بمدى علاقتهم بأجهزة الأمن والشرطة وبعضهم يعملون كـ (مخبرين)، وقد تم اعتقال أحدهم بالجرم المشهود وتغريمه مبالغ مالية طائلة كـ (كفالة) ترافقت مع سجنه لمدة قصيرة أما السوريون الذين تم القبض عليهم فتراوحت أحكامهم بين الترحيل والسجن لثلاث سنوات أو سبع سنوات كل حسب مهمته التي كانت في عمليات التهريب ومدى تأثيره في ذلك.
وشهدت المدينة خلال الحملة الأمنية وبعدها فرار العشرات من السوريين الذين كانوا يعملون في مجال التهريب إلى سوريا، وبخاصة إلى مناطق (درع الفرات)، إلا أن الغريب هو انضمام بعضهم لفصائل في الجيش الحر (درع الفرات) والعمل معهم ضمن (حملة مكافحة الفساد) الأخيرة التي شنتها فصائل معارضة مدعومة من قبل تركيا مع وحدات من الجيش التركي على فصائل أخرى منضوية ضمن النطاق ذاته بحجة الفساد والإخلال بالأمن العام.

المصدر: العربي الجديد