د. حسين مرهج العماش: بيت النظام السوري اليوم هو أوهن من بيت العنكبوت

د. حسين مرهج العماش: الكبتاغون في سورية منطاد تضليل لقضية أكبر

183

يرى د. حسين مرهج العماش، الوزير ورئيس جامعة الفرات السابق -دكتوراه في الاقتصاد-، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّه لا مصالحة مع النظام وإن أعاد العالم كلّه العلاقات الديبلوماسية معه، معتبرا أن النظام السوري يعيش أحلك أوقاته.

س-مصالحة عربية مع النظام السوري نتج عنه حضور للأسد في القمة العربية في جدة الفترة السابقة، هل نسفت “المصالحة” الثورة السورية وأهدافها؟

ج-لا أُسميها مصالحة عربية مع الأسد، هي خذلان للحق والمنطق لأن أصل الخصومة بين الأسد والشعب السوري، والشعب السوري لن يسامح قبل تحقيق العدالة على النظام وزمرته، وكأنهم كافئوه على جرائمه، وعادة العرب الاقحاح في حالة الثأر مثلا لا يتم الصلح بينهم حتى يرضى “أولياء الدم” الذين هم نحن السوريون الضحايا، وهذه المصالحة التي تمت تحت مظلة الجامعة العربية أشبه بالاستسلام لقاطع طريق حتى يكف شره عن الناس، وعندما تنفذ مؤونة هذا القاطع سيعاود شروره، وكأنهم قد سلموا السيف والحق فعلا في أول جولة مفاوضات وجلسوا عراة على قارعة الطريق، بئست تلك المصالحة، فقد “أعطوا ما ليس لهم إلى من لا يستحقه، ولم يكن ولن يكون هناك مصالحة بين الشعب السوري ونظام الأسد إلّا برحيله وإقامة العدالة، فمن أجرم بهذا الإجرام لا تجوز معه المصالحة أبدا بأي ثمن. 

س-هل بات إسقاط النظام أمرا مستحيلا بعد عودته للجامعة العربية؟

ج- بيت الأسد اليوم هو أوهن من بيت العنكبوت، وما ظاهر قوته إلا قوات غازية غريبة، وعودته للجامعة لن تغير من موازين القوى فتراهم جمعا وقلوبهم شتى لان كلهم أيديهم مرتجفة. فعندما كان بعزة قوته عام 2011 كان قد أوشك على السقوط حينها بقوى الثوار البسيطة. واليوم بجرائمه البشعة هو أسقط نفسه، ولأن الثورة كانت بالأساس كانت ثورة حرية فقد أصبحت اليوم معركة وجود وحرية بما تبقى من السوريين، وعندما بدأت الثورة كانت نسبة الفاعلين فيها لا تتجاوز 10% من السكان، أما اليوم فقد أصبح لدى أغلب السوريين (ربما 80%) ثأر شخصي عند الأسد. فقد يكون الأسد كسب جولة إلا أنه بحقده قد رسم مسار سقوط نظامه الحتمي بجرائمه.

-الشعب السوري قال كلمته وطالب برحيل نظام الأسد حتى ولو إجتمع معه ليس فقط حكام جامعة الدول العربية بل ومعهم كل حكام الأمم المتحدة  والأرض لتبرئته، ويجب أن يرحل هذا النظام.

س-كشف لافروف عن بدء أمريكا في إنشاء ما يسمى “الجيش السوري الحر” بمشاركة “داعش”، في أي إطار تندرج هذه الممارسات الأمريكية إن صحّت وماهي أهدافها؟

ج-كيف يجتمع معنى الجيش الحر مع داعش أو كيف تخلط سم داعش بعسل الحر وتبقى على قيد الحياة، هذه ادعاءات لا يجب أن نهتم بها أبدا بعدما عانينا طويلا من صفاقة الروس الغبية، ولم تكن داعش يوما الا عدوا للثورة، وللعرب السنة حصرا، وما يجري في الغرف المغلقة عند الأمريكان لا نعلم به لأنهم اغلقوا الأبواب على المعلومات، إذا كان هنالك شيء مما يدعيه لافروف بهذه الصيغة بعد سقوطه في وحل في أوكرانيا.

س- امتعضت الإدارة الأمريكية من خروج العرب عن طوقها بإعادة العلاقات مع سورية هل تعتبر هذه الخطورة محاولة لاعتراض القرار العربي وخلط مزيد من الأوراق؟

ج-لا أعرف إذا كانت الإدارة الأمريكية قد امتعضت فعلا من قرار الجامعة العربية لأنه لم يخرج أحد عن طاعتها فعلا، ولكن نظر إلى هذا القرار على أنه مكافأة بشار الأسد معنويا على الأقل وهذا يخالف كل منطق وينم عن فهلوة سياسية فجة، وربما الولايات المتحدة لم تظهر حزما شديدا في موقفها ولكنها حتى الآن يعتبر موقفها هو الأفضل ومتناسق مع المنطق، فهي لا تستطيع أن تؤيد هذا القرار لأسباب أخلاقية داخلية حتى وإن كانت غير منزعجة مؤقتا، قبل أن ترفضه لاحقا لأسباب استراتيجية بصراعها مع روسيا ومع الصين، وبقناعتي أنه موقف رافض ثابت حتى الآن وليس لهذه الدول مصلحة الخرز عن التحالف مع أمريكا لأن البديل أسوأ من الحالي حتى مع المآخذ على أمريكا.

س- حضرت اللقاء التشاوري السوري في أمريكا،  أين وصل وهل حقق أهدافه سيما وأن تأسيسه رافقه جدل واسع؟

ج-شكرا على هذا السؤال، نعم أنا كنت موجودا في اجتماع التأسيس لهذا اللقاء التشاوري في واشنطن، منذ شهرين تقريبا، وبمبادرة من الأستاذ أيمن عبد النور ومشاركة نحو 30 شخصا سوريا أمريكيا في البداية،  اللقاء هذا لايزال جهدا غير نظامي، أي غير مسجل بشكل مؤسسي، وإنما تجمع سوريين ذوي ضمير حي تجاه أهلهم من أجل التفكير بصوت عال كيف يمكننا مخاطبة إدارة الرئيس بايدن الديمقراطية وبصوت واحد لعلنا نقدم صورة أفضل عن واقع المصيبة السورية ولعلنا ننجح في اقناع هذه الإدارة بمساعدة الشعب السوري على الخروج من مصيبته.

-وبالطبع ليس هذا اللقاء هو الجهد الوحيد الموجود بل هنالك عدة منظمات للسوريين مسجلة قانونيا تعمل في هذا الإطار، قدر ما تستطيع منذ سنوات، وقد نجحنا في بعض الحالات، ولكن أمامنا شوط طويل، اذ أن نجاحاتنا مهما كانت لاتزال محدودة امام هول الكارثة السورية، ولكننا نسعى، ومهما كان من جدل حوله فإنه لم يكن بالشكل والمضمون الأمثل ولا يلغي هدفه النبيل، حتى ولو كانت لغته تختلف عن الخطاب الثوري المألوف لأننا مضطرين لمخاطبة كل قوم بلسانهم.

س-ذكرت وكالة “رويترز” أن السعودية اقترحت تعويض النظام السوري خسارة تجارة “الكبتاغون” في حال توقفها، ما قراءتك لذلك، هل هو اعتراف علني بتجارة النظام للمخدرات؟

ج-بخصوص مخدرات الكبتاغون وعرض السعودية، لا أظن أن ما جاء في وكالة رويترز مصدر كاف للثقة لنحكم على هذا الأمر. فهو إن صح، فهو تصرف غريب جدا.

-موضوع الكبتاغون برمته يشبه منطاد التضليل في معارك الطائرات كما أخبرنا المحللين أيامها ليخفي قضية أوسع وأكبر. ولا أستطيع أن أبدى رأيا فيها. ولكن قادرة على منع الكبتاغون بالوصول إلى أراضيها وذلك بمنع الاستيراد كليا، على قلته، من نظام الأسد بالمرة، عندها ستمنع ما يزيد على 80% من الكبتاغون المهرب إلى أراضيها. وما تبقى يسهل مراقبته بالوسائل التقنية المتاحة،إذا لم يكن هناك موظفون فاسدون.