في‭ ‬ظل‭ ‬تنافر‭ ‬روسي‭ ‬أمريكي‭: ‬تحركات‭ ‬أمريكية‭ ‬مكثفة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذها‭ ‬قبيل‭ ‬القمة‭ ‬المرتقبة‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬وبوتين

35

تشهد‭ ‬مناطق‭ ‬نفوذ‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬تحركات‭ ‬مكثفة‭ ‬وتعزيزات‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬لتأمين‭ ‬المناطق‭ ‬الخاضعة‭ ‬لسيطرتها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توتر‭ ‬واضح‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬وتأكيد‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬قائد‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الجنرال‭ ‬جوزيف‭ ‬فوتيل،‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/ ‬أكتوبر‭ ‬بزيارة‭ ‬غير‭ ‬معلنة‭ ‬إلى‭ ‬ثكنة‭ ‬التنف‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬الحدودية‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬الأردن،‭ ‬والتي‭ ‬تديرها‭ ‬بلاده،‭ ‬وحسب‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬أسوشيتد‭ ‬برس‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬فإن‭ ‬الزيارة‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬معلنة،‭ ‬وأعطت‭ ‬تأكيدًا‭ ‬لوجود‭ ‬أمريكي‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬التنف‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬المقاتلين‭ ‬المتبقين‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الإسلامية‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬ضد‭ ‬تنامي‭ ‬النشاط‭ ‬الإيراني‭.‬
‭ ‬الجنرال‭ ‬جوزيف‭ ‬فوتيل‭ ‬قال‭ ‬حينها‭ ‬إن‭ ‬‮«‬القاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬تخدم‭ ‬غرضًا‭ ‬مهمًا‭ ‬لأمريكا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬رغم‭ ‬قرب‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬التنظيم‮»‬،‭ ‬وقبل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المذكور‭ ‬قام‭ ‬وفد‭ ‬بارز‭ ‬من‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬بزيارة‭ ‬رسمية‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬شرق‭ ‬الفرات‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية‭. ‬وفي‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه‭ ‬أرسلت‭ ‬قيادة‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬تقوده‭ ‬واشنطن‭ ‬شحنة‭ ‬أسلحة‭ ‬إلى‭ ‬الذراع‭ ‬الامريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬يرمز‭ ‬لها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬قسد‮»‬‭ ‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬شاحنة‭ ‬تحمل‭ ‬30‭ ‬عربة‭ ‬مصفحة‭ ‬وذخائر‭ ‬ومعدات،‭ ‬مع‭ ‬دفع‭ ‬التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬بـحوالي‭ ‬500‭ ‬جندي‭ ‬خرجوا‭ ‬من‭ ‬قواعدهم‭ ‬نحو‭ ‬الجبهات‭ ‬وخطوط‭ ‬التماس‭ ‬مع‭ ‬التنظيم،‭ ‬تزامناً‭ ‬مع‭ ‬القتال‭ ‬العنيف‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والذي‭ ‬يترافق‭ ‬مع‭ ‬استهدافات‭ ‬متبادلة‭ ‬على‭ ‬محاور‭ ‬القتال،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬تفجير‭ ‬التنظيم‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬العربات‭ ‬المفخخة‭ ‬والأحزمة‭ ‬الناسفة،‭ ‬فيما‭ ‬وردت‭ ‬معلومات‭ ‬أولية‭ ‬عن‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الأسرى‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ممن‭ ‬فقد‭ ‬الاتصال‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬المعاكسة‭ ‬للتنظيم‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭.‬
كما‭ ‬اكدت‭ ‬مصادر‭ ‬محلية‭ ‬وقتذاك‭ ‬ان‭ ‬جنودا‭ ‬وعربات‭ ‬عسكرية‭ ‬وذخائر‭ ‬دخلت‭ ‬من‭ ‬معبر‭ ‬‮«‬سيمالكا‮»‬‭ ‬الحدودي‭ ‬مع‭ ‬العراق،‭ ‬واتجهت‭ ‬إلى‭ ‬القاعدتين‭ ‬العسكريتين‭ ‬في‭ ‬حقلي‭ ‬التنك‭ ‬والعمر‭ ‬النفطيين‭ ‬بريف‭ ‬دير‭ ‬الزور،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬القاعدة‭ ‬اللوجستية‭ ‬الحديثة‭ ‬قرب‭ ‬هجين‭ ‬شرق‭ ‬دير‭ ‬الزور‭.‬
اهداف‭ ‬أمريكية
التحركات‭ ‬الملحوظة‭ ‬تكثفت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬يسودها‭ ‬توتر‭ ‬للعلاقات‭ ‬بين‭ ‬موكو‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬حيث‭ ‬هددت‭ ‬الأخيرة‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭. وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ظهرت‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬القوتين‭ ‬العالميتين‭ ‬احتواء‭ ‬التصعيد‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬بشكل‭ ‬مبدئي‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬قمة‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬وبوتين‭ ‬شهر‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/ ‬نوفمبر‭ ‬2018‭. ‬
ويبدو‭ ‬أن‭ ‬مردّ‭ ‬التوتر‭ ‬الحالي‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وواشنطن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬تعثر‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخرجات‭ ‬القمة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬عُقدت‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬في‭ ‬فنلندا،‭ ‬والتي‭ ‬ناقشت‭ ‬عدّة‭ ‬قضايا‭ ‬منها‭ ‬سوريا‭ ‬وأكرانيا‭ ‬والإرهاب‭ ‬وأمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬والأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬والصاروخية‭. ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الملف‭ ‬السوري‭ ‬شملت‭ ‬المباحثات‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬توزع‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬للبلدين،‭ ‬والتواجد‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والحل‭ ‬السياسي‭.‬
ومع‭ ‬تعثّر‭ ‬تطبيق‭ ‬اتفاق‭ ‬هلسنكي،‭ ‬بادرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لعرض‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بغرض‭ ‬عدم‭ ‬عودة‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬وتراجع‭ ‬دور‭ ‬إيران‭ ‬وضمان‭ ‬تنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬سياسية‭ ‬وفق‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬التحركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المكثفة‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬قال‭ ‬المتحدث،‭ ‬ان‭ ‬روسيا‭ ‬قامت‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/ ‬أكتوبر‭ ‬2018‭ ‬بتحركات‭ ‬مقابلة؛‭ ‬حيث‭ ‬انتشرت‭ ‬قوات‭ ‬تابعة‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬البوكمال‭ ‬وعقد‭ ‬ضباط‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الروسي‭ ‬اجتماعاً‭ ‬مع‭ ‬مستشارين‭ ‬عسكريين‭ ‬إيرانيين‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬دير‭ ‬الزور‭.‬
ما‭ ‬سبق‭ ‬ربّما‭ ‬يعطي‭ ‬فهماً‭ ‬أولياً‭ ‬للتحركات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتبادلة،‭ ‬بأنها‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توتر‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والروسي‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬خطوط‭ ‬التماس‭ ‬بين‭ ‬مناطق‭ ‬انتشار‭ ‬قواتهما،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتأكيد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬رؤيتها‭ ‬حول‭ ‬ملف‭ ‬الوجود‭ ‬الإيراني‭ ‬وملف‭ ‬الإرهاب‭ ‬المتمثل‭ ‬بتنظيم‭ ‬داعش‭ ‬وملف‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭.‬
هجمات‭ ‬‮«‬الدولة‮»‬
المرصد‭ ‬السوري‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الإسلامية‮»‬‭ ‬عادت‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬الليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬ونفذت‭ ‬هجمات‭ ‬استهدفت‭ ‬مواقع‭ ‬لقوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬إصلاح‭ ‬هجين،‭ ‬في‭ ‬الجيب‭ ‬الأخير‭ ‬للتنظيم،‭ ‬عند‭ ‬الضفاف‭ ‬الشرقية‭ ‬لنهر‭ ‬الفرات،‭ ‬حيث‭ ‬استمرت‭ ‬الاشتباكات‭ ‬إلى‭ ‬فجر‭ ‬اليوم‭ ‬الخميس‭ ‬الـخامس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬تشرين‭ ‬الأول،‭ ‬حيث‭ ‬تدخلت‭ ‬طائرات‭ ‬التحالف‭ ‬واستهدفت‭ ‬مواقع‭ ‬للتنظيم‭ ‬ومناطق‭ ‬سيطرة‭ ‬في‭ ‬قسم‭ ‬من‭ ‬بلدة‭ ‬هجين،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬7‭ ‬عربات‭ ‬همر‭ ‬وسيارتين‭ ‬عسكريتين‭ ‬إلى‭ ‬خطوط‭ ‬الجبهة‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬الفرات‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬بتراجع‭ ‬عناصر‭ ‬التنظيم‭.‬
وتشير‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬تسبب‭ ‬الاشتباكات‭ ‬وعمليات‭ ‬القصف‭ ‬بسقوط‭ ‬خسائر‭ ‬من‭ ‬الطرفين،‭ ‬فيما‭ ‬تتواصل‭ ‬الاشتباكات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬على‭ ‬محاور‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬وأطراف‭ ‬الجيب‭ ‬الخاضع‭ ‬لسيطرة‭ ‬التنظيم،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬الاخير‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬واستعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬خسره‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬في‭ ‬الجيب‭ ‬الأخير‭ ‬له‭ ‬بشرق‭ ‬الفرات،‭ ‬إثر‭ ‬الهجمات‭ ‬العنيفة‭ ‬لقسد‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬التحـالف‭ ‬الدولي‭.‬
واكد‭ ‬المرصد‭ ‬أن‭ ‬هجوم‭ ‬التنظيم‭ ‬الليلة‭ ‬قبل‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬هجين،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬سيطرته‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬نقاط‭ ‬لقوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وتسبب‭ ‬بمصرع‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬قوات‭ ‬سوريا‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬جرى‭ ‬سحب‭ ‬جثثهم،‭ ‬وتراجع‭ ‬عناصر‭ ‬النقاط‭ ‬العشر‭ ‬في‭ ‬هجين،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬التنظيم‭ ‬للانسحاب‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬العشرة،‭ ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬المصادر‭ ‬أن‭ ‬التنظيم‭ ‬هاجم‭ ‬قسد‭ ‬بعربتي‭ ‬همر‭ ‬أمريكيتين،‭ ‬يرجح‭ ‬أنه‭ ‬جرى‭ ‬الاستيلاء‭ ‬عليهما‭ ‬خلال‭ ‬هجمات‭ ‬طالت‭ ‬مواقع‭ ‬للتـحالف‭ ‬الدولي‭.‬

المصدر: القدس‭ ‬العربي