لعدم توفر الغذاء الصحي.. سوء التغذية ينتشر بين الأطفال والنساء في مخيمات ريف إدلب 

35

تنتشر في مخيمات شمال غرب سورية أمراضًا مختلفة من بينها “سوء التغذية”، حيث أصبح من أكثر الأمراض شيوعاً بين فئة الأطفال السوريين في مخيمات النزوح المنتشرة على طول الحدود السورية التركية، بسبب عدم توفر الغذاء الصحي وبكميات كافية للعائلات إضافة لسوء الرعاية الصحية للأطفال تحديداً.

وقد عاد الحديث عن انتشار هذا المرض بعد الازدياد الملحوظ لأعداد المصابين به ضمن مخيمات منطقة سلقين في ريف إدلب الشمالي، ويعزوا الأطباء والمتخصصين سبب الانتشار المتزايد لهذا المرض وخصوصاً لدى فئة الأطفال إلى عدم وجود فوائد صحية للطعام المتناول عند غالبية العائلات وغياب الأطعمة التي تمد الجسم بما يحتاجه من بروتين ومعادن مثل اللحوم والخضار التي تغيب عن موائد معظم العائلات التي تعاني من الفقر.

وذكر مصدر طبي لـ”المرصد السوري” أن مخيمات منطقة سلقين في ريف الشمالي سجلت خلال الشهرين الماضيين عشرات الإصابات بسوء التغذية غالبيتها من النساء والأطفال وسط غياب الحلول الجذرية التي تنهي هذه الحالة وتمنع انتشارها، كوجود غذاء متكامل وصحي يحصل عليه النازحون في المخيمات وبكميات كافية.

وأكد المصدر أن نتائج سوء التغذية خطرة، حيث يؤدي سوء التغذية للإصابة بضمور الدماغ أو الشلل وفقر الدم وتأخر النمو عن الطفل المصاب، وقد يصاب الطفل بسوء التغذية في مراحل عمره الأولى بعد الولادة بحال لم يحصل على الرضاعة الصحيحة والكافية من أمه وتناولها لأغذية صحية، أو تعويض حليب الأم بحليب طبي وبانتظام حتى يبلغ العامين أو عام ونصف على أقل تقدير.

يعيش الطفل (م.ح) البالغ من العمر 6 سنوات بجسم هزيل جداً بعد إصابته بسوء التغذية، حيث يقطن في مخيم “الجزيرة” الواقع ضمن تجمع مخيمات أطمة في ريف إدلب الشمالي، وفي شهادة لأحد المقربين له يتحدث لـ”المرصد السوري” قائلاً، إن الطفل يقطن مع والديه في المخيم منذ نحو سنتين ونصف بعد نزوح عائلته من بلدة كفرعويد في ريف إدلب الجنوبي، ويعاني المخيم من إهمال كبير وشح في المواد الغذائية، فالخضار واللحوم على اختلاف أنواعها حلماً يراود قاطني هذا المخيم

مضيفاً، بدأت الأعراض تظهر على الطفل بتأخر نموه ونحافة جسمه وعدم قدرته على المشي، وبعد عرضه على عدة أطباء تبين أنه مصاب بسوء التغذية، وأوضح الطبيب في “مشفى أطمة الخيري” أن هناك غدد متوقفة عن العمل وهي مسؤولة عن النمو ووصف للطفل دواء “إيوتروبين” الذي يساعد على النمو مع إرشادات بتناول اللحوم والبيض والخضار، وبسبب غلاء سعر الدواء الذي يؤخذ عن طريق الحقن بسعر 60 ليرة تركي فإنه يضطر لشرائها على فترات متباعدة كل أسبوع مرة واحدة.

ويقول محدثنا إن عائلة الطفل تأمل أن تتاح لهم الظروف المادية ليتمكنوا من علاج ابنهم بشكل كامل لضمان عدم تدهور حالته أكثر بحال استمر على هذا النحو من الإهمال.

بدوره يتحدث أحد الأطباء المشرفين على اللقاح في مخيمات دير حسان في ريف إدلب الشمالي في شهادته لـ “المرصد السوري” قائلاً، يعرف مرض سوء التغذية بأنه نقص العناصر الغذائية الأساسية والمهمة لصحة جسم الإنسان، مثل البروتينات والكربوهيدرات والدهون والفيتامينات والمعادن، ويعد نقص أحد هذه العناصر أو بعضها كافياً لإصابة الجسم بما يعرف بسوء التغذية، وقد يتعرض الإنسان لهذا المرض الخطير لسببين رئيسيين، أولهما هو قلة الطعام الذي يتناوله الإنسان، إما لأسباب نفسية أو صحية أو لعدم توفر الطعام أو قلة وجود الطعام في أماكن مزدحمة وتعيش حالة من التضخم السكاني أو لخطورة الوصول إلى الطعام أو إيصاله.

مضيفاً، أما السبب الآخر فهو توفر الطعام وأكله بكثرة وبشكل طبيعي جداً، ولكن يكون هذا الطعام إما ضار صحياً أو أنه خال من المواد الأساسية المهمة جداً لصحة الجسم وأجهزته الكثيرة، ويعد مرض سوء التغذية من الأمراض الشائعة جداً ويحمل مخاطر كبيرة، وفي الغالب يبدأ مرض سوء التغذية بشكل تدريجي في الجسم خلال فترة معينة يظهر خلالها العديد من الأعراض على المريض مثل فقدان الوزن والشعور بالتعب والإرهاق، وتراجع في القدرة على القيام بالوظائف والمهام اليومية بشكل جيد.

كما أشار الطبيب أنه لا توجد أعداد رسمية للمصابين بسوء التغذية في جميع مناطق إدلب وريفها لكن وبشكل عام فإن المرض منتشر بكثرة ويصيب فئتي الأطفال والنساء بشكل محدد أكثر.

وتستمر تركيا بفرض الإجراءات المشددة على دخول المرضى السوريين لأراضيها بهدف العلاج، حيث علق الجانب التركي من معبر “باب الهوى” لاستقبال الإحالات الطبية الإسعافية، بهدف تعديل النظام الصحي المتبع مع المرضى السوريين، وبحسب بيان نشره مكتب “التنسيق الطبي” في معبر”باب الهوى” فإن الجانب التركي أوقف استقبال الإحالات الطبية القادمة من سوريا منذ تاريخ 16 آب/ أغسطس الفائت.

كما أشار البيان أن تركيا أوقفت منح بطاقة الحماية المؤقتة للمرضى السوريين على أراضيها واستبدالها بوثيقة أخرى، ما سيتسبب بضرر مئات المرضى المتواجدين حالياً ضمن المشافي التركية ويتلقون العلاج.

وكان مكتب “الأمم المتحدة” لتنسيق الشؤون الإنسانية قد ذكر في 13 تموز/ يوليو من العام الفائت 2020 أن كل ثلاثة من بين 10 أشخاص في شمال غربي سوريا تحت سن الخامسة يعانون من التقزم نتيجة سوء التغذية.

والجدير بالذكر أن مخيمات النازحين في الشمال السوري تعاني أوضاعاً مأساوية من نقص الدعم والمساعدات الإنسانية وعدم توفر فرص للعمل وغلاء كبير في أسعار جميع السلع الأساسية ما يشكل صعوبة بالغة لدى غالبية العائلات في القدرة على الحصول على المواد الغذائية الصحية وبكمية وفيرة ومنتظمة وتعتمد غالبية العائلات في مخيمات النزوح على الأغذية التي توجد في السلل الغذائية من قمح ورز وعدس وحمص ومعلبات غذائية، وبعض المواد الأخرى.