لكبح جماح الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.. أبناء مدينة تلبيسة يطالبون بتفعيل الاتفاق الروسي باعتباره ضامناً لمنطقة “خفض التصعيد” في ريف حمص الشمالي

100

طالب أهالي مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي بإعادة تفعيل بنود الاتفاق الروسي الذي تم التوصل إليه بين فصائل المعارضة وقوات النظام بضمانة روسية منتصف شهر أيار من العام 2018 والذي تعهدت من خلاله روسيا باعتبارها الطرف الضامن بعدم دخول قوات النظام أو عناصر أفرع المخابرات إلى المدينة تحت أي ظرف، بالإضافة لمنعها من شنّ أي عملية عسكرية ضمن المنطقة.
مطالب الأهالي أتت عقب التهديدات التي تلقتها المدينة من قبل رؤساء الأفرع الأمنية التابعة للنظام، وعلى رأسهم رئيس شعبة المخابرات العامة اللواء “حسام لوقا” بشنّ عملية عسكرية في المدينة في حال فشل أبناء ووجهاء المدينة من إيجاد حلّ ينهي تواجد عصابات الخطف وتجار المخدرات ضمن المنطقة.
ووفقاً لمصدر خاص (أحد الموقعين على اتفاق التسوية والضمانة الروسية عام 2018 ببلدة الدار الكبيرة) فإن روسيا باعتبارها الطرف الضامن لعملية التسوية في ريف حمص الشمالي التزمت بعدّ بنود كان من أبرزها: منع دخول قوات النظام والأمن إلى المنطقة، ويدخل فقط عناصر الشرطة المدينة (كمخافر) وبضمانة مباشرة من الرئيس بوتين، وضمان عدم الاعتداء على أي شخص وحمايته من الملاحقات الأمنية، وفتح الأوتوستراد الدولي حمص- حماة بحماية عناصر الشرطة العسكرية الروسية.
ووفقاً للاتفاق، فيحق لقوات النظام الدخول إلى المنطقة في ثلاثة حالات فقط تتمثل بما يلي:
– إزالة الألغام بطلب من الأهالي
– في حال وجود نقطة عسكرية (كما هو الحال بما يخص كتيبة الدفاع الجوي على أطراف قرية الغنطو وكتيبة الدفاع الجوي في بلدة دير فول)
– في حال ظهور خلايا لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبين الاتفاق بما لا يدع مجالاً للشكّ فيه أنه يحق لكل مواطن ممن خرجوا نحو الشمال السوري العودة إلى المنطقة من خلال تقديم طلب للإدارة المدنية.
وأبدى المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، خلال حديثه للمرصد السوري لحقوق الإنسان، عن استغرابه من عدم استغلال وجهاء مدينة تلبيسة لورقة الضامن الروسي التي منعت خلال الأعوام الماضية دخول قوات النظام أو الميليشيات التابعة له من الدخول إلى المدينة، والتي شكلت نموذجاً جيداً لتنفيذ خطوات الاتفاق خلال الأعوام الماضية، لافتاً في معرض حديثه إلى أن الاتفاق مع الضامن الروسي حال دون دخول قوات النظام وميليشياته إلى المنطقة منذ العام 2018 ولغاية الأن.
نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكدوا بدورهم سعي أفرع المخابرات الحثيث منذ توقيع الاتفاق على إخراج مدينة تلبيسة من تحت عباءة الاتفاق الروسي بعدما نجحوا بإخراج مدينة الرستن والحولة اللتان تحولتا إلى مرتع لعناصر قوات النظام والميليشيات الإيرانية التي عاثت فساداً واعتقالاً بحق أبنائها، لا سيما عناصر قوات فوج التدخل السريع التابع للواء 47 الذي تديره إيران من ريف حماة الجنوبي.
ومثّلت مدينة تلبيسة عقبة حقيقية أمام تنفيذ مشاريع قوات النظام والفرقة الرابعة من جهة، والتمدد “الشيعي” الذي تسعى إليه إيران من جهة أخرى لفرضه في المنطقة، نظراً لتمسكهم بثوابت الضامن الروسي وعدم اللجوء أو الطلب من قوات النظام التدخل لحلّ أي إشكال في المدينة، ما دفع تلك الأطراف لإغراق المنطقة بالمواد المخدرة والحشيش بالإضافة لزرع عصابات تمتهن السرقة والخطف لاستغلالها لاحقاً كذريعة لدخول المنطقة تحت غطاء شرعي.
مصدر محلي من أبناء مدينة تلبيسة أكد للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أنه من الواجب على الوجهاء وأبناء المدينة عدم الانقياد وراء التهديدات التي يطلقها رؤساء الأفرع بين الحين والأخر، وحّذّر بأن الوعود التي يتم طرحها من قبل اللواء “حسام لوقا” باستعداده لتطويع ما يقارب 200 شخص من أبناء المدينة لصالح “الدفاع الوطني” ما هو إلا فخّ جديد تسعى له مخابرات النظام لشرعنة دخول قوات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية للمنطقة بطلب صريح من الأهالي، الأمر الذي يجيز للضامن الروسي التنصل من تعهداته المبرمة بموجب الاتفاق الدولي بما يخص منطقة خفض التصعيد شمالي حمص.
مضيفاً، أن شعبة المخابرات العامة في دمشق وجميع الأفرع الأمنية في مدينة حمص، حاولت على مدى الخمسة أعوام الماضية استمالة أبناء ووجهاء مدينة تلبيسة لصفهم مقابل التخلي عن الوصاية الروسية راعية الاتفاق، إلا أنها فشلت بمعظم محاولاتها باستثناء نجاحها باستقطاب قائد “جيش التوحيد” “سابقاً” المدعو “منهل الضحيك” والذي انتهى به المطاف مقتولاً داخل سجن صيدنايا خلال العام الماضي بعد اعتقاله لنحو ثلاثة أعوام عقب توريطه بعملية نقل شحنة مخدرات إلى محافظة حلب.
تجدر الإشارة إلى أن عدداً من ضباط مطار حميميم الذي تديره القوات العسكرية الروسية أجروا عدّة زيارات إلى مدينة تلبيسة عقب الاتفاق ووقفوا على مطالب أبناءها والاستماع لأي شكاوى ضدّ انتهاكات أفرع المخابرات التابعة للنظام بحقهم، ما اثار حفيظة شعبة المخابرات التي بدأت بالسعي مجدداً لإيجاد ثغرة لشرعنة إدخال قواتها للمنطقة من خلال اتهام أبناء المدينة بالعمل على بيع المخدرات والحشيش وإحداث فلتان امني، الأمر الذي يرفضه أبناء المدينة جملة وتفصيلاً.