معارضون سوريون حول تداعيات الانتخابات الأميركية: بايدن سيواصل معاقبة النظام السوري وإضعافه

44

أرفق المبعوث الأمريكي إلى سورية، جيمس جيفري إعلان استقالته برسالة شدّد فيها على أن السياسة الأمريكية في سورية لن تتغير مع وصول جوزيف بايدن، حيث لن يتغيرّ موقف واشنطن من العقوبات على النظام والوجود الإيراني في سورية.
وينظر مراقبون إلى وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض بشيء من الرّيبة والحذر، خاصة أن بايدن يُعتبر الوريث الشرعي لسياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما.
فهل تتغيّر إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الوضع في سورية؟
وفي هذا الإطار، لا يتوقّعُ القيادي بالحزب الشيوعي السوري، المعارض جون نسطة، بحسب تصريح للمرصد السوري لحقوق الإنسان، تغيّرا كبيراً في الموقف الأمريكي تجاه سورية على المدى القريب، ولكن بشكل عام سيبقى قانون قيصر على حاله، لأنه قانون صدر من مجلس النواب ومجلس الشيوخ بدون أية معارضة من نواب الحزب الديمقراطي.
وقال نسطة، إنه في حال عودة واشنطن إلى الإتفاق النووي مع إيران، أو جرت مفاوضات ناجحة من أجل تعديله، فإن انفراجا سيشمل العلاقات السورية -الأميركية أيضا، وقد يكون تطبيق قانون قيصر أقل شدة وقسوة، وهذا الأمر يسمح به القانون إذا ما أراد الرئيس الأمريكي ذلك، مؤكدا أن موضوع انسحاب الجيش الأمريكي من شمال شرقي سورية يبقى موضوعا شائكا، حيث لا يعرف أحد حتى الآن موقف الرئيس الجديد إزاءه، ولكنه عبر عن اعتقاده أنه بايدن سيتابع موقف أوباما، وهو التخفيف من التركيز على منطقة الشرق الأوسط والتوجه إلى منطقة الباسيفيك.
وختم بالقول: “لاشك في أن أوباما له دور هام في الإدارة الجديدة، علما أن الأخير لم يلجأ إلى ممارسة استعمال القوة في الفترتين الرئاسيتين برغم الخطوط الحمراء التي هدّد بعدم تجاوزها من قبل النظام السوري الذي تجاوزها أكثر من مرة”.
من جانبه، قال المعارض السوري الدكتور يونس كنهوش، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه بحسب الباحث، جوليان بارنز ديسي، غابت سورية وبلاد الشام بشكل ملحوظ عن الحملة الرئاسية في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، بالرغم من وجود القوات الأمريكية على الأرض، حيث لم يتطرّق فريق بايدن إلى هذه القضية باستثناء إشارته إلى أنه لن ينسحب من سورية.
ووفق كنهوش، من المتوقّع أن تتّخذ الإدارة الجديدة نهجاً موحداً مقارنة بإدارة الرئيس دونالد ترامب التي غالبا ما تحدثت عن أهداف متناقضة، ولكن من الناحية الجوهرية، يبدو من المرجّح أن بايدن سيحافظ إلى حد كبير على نهج مماثل وهو استمرار وجود عسكري صغير في شمال شرق سورية، وإن كان ذلك مع دعم أكبر لـ”قوات سوريا الديمقراطية” التي يهيمن عليها الأكراد، والتي تخلى عنها ترامب إلى حد كبير.
وتابع محدثنا قائلا: “بايدن سيدعم العملية السياسية للأمم المتحدة، وسيُبقي على العقوبات التي طالت النظام، وسيتفق الأوروبيون على نطاق واسع مع هذا النهج، ولكن مع التفكير المشترك حول سياسة أكثر فاعلية بالنظر إلى استمرار سيطرة الأسد على السلطة.
ولم يتوقّع المعارض السوري، أن يقود بايدن أي مسعى دبلوماسي، حيث لا يُتوقع أن يدعم موقفاً أمريكياً أكثر حزماً بالنظر إلى الدعوات المتزايدة في الولايات المتحدة لفك الإرتباط بالشرق الأوسط.. وفي حين رأى ترامب إلى حد كبير أن مهمّة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية قد اكتملت، فإن بايدن قد يعرض دعماً عسكرياً أمريكياً متجدداً لمنع عودة فلول داعش، وسيعزز هذا الوجودَ الأمريكي المستمر في سورية والعراق، وقد يتضمن هذا المسعى الأمريكي نهجاً أقل عدائية تجاه بغداد، بالرغم من علاقاتها بطهران…
وأضاف يونس كنهوش ” سبق أن أبلغ أحد مستشاري بايدن أفراد الجالية السورية في أمريكا بأن إدارته ستطالب بضرورة الإفراج عن السجناء السياسيين والمعتقلين وتُبقي على العقوبات المفروضة على النظام، وامتناع إدارته عن الإنخراط في ما يسمى “إعادة إعمار سورية حتى يتوقف النظام عن ارتكاب فظائعه ويرضخ لمبدأ تقاسم السلطة”.
ووفق محدثنا، تعتبر مساعي بايدن الراهنة تجاه الملف السوري أكثر تسامحاً وبروداً مع نظام أسد، خلافاً لتصريحات سابقة له، والتي جاء أبرزها في مقابلة تلفزيونية مع قناة”سي.بي.إس”الأمريكية انتقد فيها إدارة أوباما في التعامل مع الملف السوري، داعياً إلى اتخاذ إجراءات “أكثر عدوانية ضد الديكتاتور بشار أسد”.
إلا أن محدثنا أشار إلى أن” بايدن تخلى في خطاباته عن لغة التدخل والعقاب مكتفياً بوعود حول مضاعفة الضغط على النظام. وعلقت صحيفة “واشنطن بوست” على وعود بايدن بالقول إنها الوعود نفسها الذي لم يفِ بها الرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي كان يسمعها السوريون من الولايات المتحدة منذ 10 سنوات، وما عزز من صحة رؤية الصحيفة وفاقم من مخاوف تكرار السياسة تجاه سورية، هو استعانة الرئيس الجديد بستيفن سايمون المسؤول السابق في إدارة الرئيس الأسبق أوباما في سورية، حيث سبق للإدارة أن أعلنت عن “خط أحمر” لم يطبق، واعتبرت موسكو ضامناً لإزالة الأسلحة الكيماوية من النظام السوري.
وفي ذات السياق، يقول المعارض السوري يحيى عزيز، في تصريح للمرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يمثلان النخبة المالية الحاكمة بتناقضاتها وصراعاتها الداخلية لكن هذه الصراعات لا تلغي عداءهما لمصالح الشعوب في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، مشددا على أنه لا فرق بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس المنتخب جوزيف بايدن في السياسة الخارجية لواشنطن تجاه سورية، ولن يغير الرئيس الجديد من الإتجاه العام بل ستظل المسألة معقدة على حالها.
إلا أن مسؤول العلاقات الخارجية بمجلس إيزيديّي سورية، عدنان حسن، يرى أنّ أمكانية حصول تغيير في الإستراتيجية الأمريكية المستقبلية، لافتا إلى أن الرئيس ترامب أجّج نار الصراع الأمريكي الداخلي وعمّق هوة الخنادق بين شرائح المجتمع الواحد في السياسة الداخلية ما أضاع البوصلة الخارجية.
وأضاف عدنان حسن،”هناك موروث وأعباء ثقيلة على عاتق الرئيس الجديد جوزيف بايدن يرثها من ترامب، علما أن بايدن لعب دورًا وطنيا في تهدئة الشارع الأمريكي وتهدئة نار العنف والعنصرية أيام مقتل جورج فلويد بطريقة بشعة”.
وأشار السياسي السوري، إلى أن تصريحات بايدن في حملته الانتخابية شدّدت على أن القوات الأمريكة باقية في سورية، متابعا: “ما نتمناه نحن كسوريون من جو بايدن هو تفعيل دور دول الإتحاد الأوروبي الذي أقصاها ترامب وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار 2254، إضافة إلى دعم جهود السوريين في تحقيق الديمقراطية لبناء سورية تعددية وحرّة وعلمانية تفصل الدين عن السلطات والسياسة.
وأعرب عن أمله في أن يساهم مساهمة الحقيقة في حلّ الأزمة السورية المتوعّكة التي جعلت من سورية ساحة نزاعات وتصفية حسابات دولية، وكذلك حقل تجارب للأسلحة الفتاكة التي قتلت وشردت المكونات السورية، وكان لنا نحن المكون الكردي السوري الإيزيدي نصيب كبير من التشرد والقتل واللجوء.. نريد سورية لكل السوريين، خالية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها خالية من كل الاحتلالات الأجنبية.
ومن جانبها، ترى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية سنام محمد، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن السياسة الخارجية الأمريكية لن تتغيرّ بتغيّر رئيس الدولة، متوقّعة أن يركّز الرئيس الجديد جوزيف بايدن أكثر في الفترة المقبلة على المشاكل الداخلية التي تعيشها أمريكا بما فيها الإقتصادية.
أما خارجيا وتحديدا بخصوص الوضع في سورية، فأشارت سنام محمد، إلى أن التعاون مع الإدارة الأمريكية لا يزال مستمرا، متمنية أن يتطور التعاون العسكري أكثر للتصدّي للخلايا النائمة والمدعومة من عدة أطراف إقليمية وداخلية، والتي تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة ككلّ، فضلا عن أهمية تقديم الدعم السياسي وخاصة لسكان مناطق شمال سورية وإشراكهم في العملية السياسية وعملية السلام التي تديرها الأمم المتحدة مع المعارضة والنظام، باعتبار أن كل الأطراف مقتنعة بأن الحلّ في سورية يكون سياسيا وتشارك فيها مختلف المكونات الفاعلة.