مناطق درع الفرات في تشرين الثاني: 10 قتلى حصيلة الفوضى والفلتان الأمني.. ومسلسل الانتهاكات يتواصل مع استمرار السخط الشعبي

42

منذ وقوع ما يعرف بمناطق “درع الفرات” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر تشرين الثاني، مقتل 10 أشخاص، هم: شخص يرجح أنه من تنظيم “الدولة الإسلامية” قتل جراء استهداف سيارة كان يستقلها بصاروخ من طائرة مسيرة يرجح أنها تابعة لـ”التحالف الدولي”، في مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي، وشاب متأثراً بإصابته جراء تعرضه لإطلاق النار خلال عملية سطو مسلح نفذها مسلحون مجهولون في حي الصناعة بمدينة الباب، وشاب من أبناء قرية تل جيجان بريف مدينة مارع في ريف حلب الشمالي، تحت وطأة التعذيب الشديد على يد رئيس قسم مكافحة الإرهاب في شرطة الراعي بقيادة المدعو “أبو الفوارس”، وقيادي في الفرقة التاسعة برصاص مجهولين في مدينة جرابلس، وعنصر في الفرقة 20 الموالية لتركيا، طعنًا بأداة حادة على يد مواطن، جراء شجار اندلع بينهما بالقرب من دوار السنتر في مدينة الباب، وعنصر من فرقة “السلطان مراد” على يد عنصرين آخرين في قرية النعمان بريف مدينة الباب، خلال جلسة تعاطي مخدرات بالقرب من منطقة المساكن، ورجل وجد مقتولًا وجثته محروقة في خيمته بقرية تلال الشام بريف مدينة إعزاز، وطفلان بانفجار قنبلة يدوية، أثناء عبثهم بها، في قرية الحلونجي الواقعة ضمن مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا شمال مدينة منبج، ومرافق قائد عسكري بفرقة “السلطان مراد” الموالية لتركيا، بعد استهدافه برصاص مسلحين مجهولين في بلدة الراعي عند الحدود السورية – التركية في الريف الشمالي لمحافظة حلب.

وشهد شهر تشرين الثاني، 3 اقتتالات فصائلية، الاقتتال الأول كان منتصف الشهر، حيث اندلعت اشتباكات متقطعة بين فصيل الجبهة الشامية من جهة، وفصيل أحرار الشام من جهة آخرى، على إثر خلافات حول تهريب مواد غذائية وسيارات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام في قرى العجيمي والبويهج بريف الباب شرقي حلب.

ووفقاً لنشطاء المرصد السوري، فإن مشادات كلامية وقعت بين عناصر من مجموعة عسكرية تتبع إلى أحرار الشام بقيادة المدعو “أبو عدي” وعناصر من مجموعة أخرى من فصيل الجبهة الشامية، على إثر قيام عناصر الأخير باستطلاع الطرق المؤدية إلى مناطق سيطرة النظام دون التنسـيق مع عناصر أحرار الشام، الأمر الذي اعتبره الأخير تعدياً على مناطق نفوذها، لتقدم على اعتقال عناصر الجبهة الشامية وسط تبادل الطرفان الشتائم ما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين، وسط استقدام الطرفين تعزيزات عسكرية كبيرة باتجاه مدينة الباب شرقي حلب.

الاقتتال الثاني كان في 16 تشرين الثاني، حين قام فصيل أحرار الشرقية باقتحام حاجز عسكري يتبع لفصيل المنتصر بالله في مدينة الراعي بريف حلب الشمالي ضمن منطقة “درع الفرات”، إثر قيام الأخير بمصادرة سيارة معدة للتهريب إلى تركيا عبر معبر الراعي تعود ملكيتها لفصيل أحرار الشرقية، إثر ذلك اندلعت اشتباكات متقطعة بين الطرفين أفضت بسيطرة فصيل أحرار الشرقية على الحاجز واعتقال جميع عناصر المنتصر بالله.

أما الاقتتال الثالث فكان في 20 الشهر، حين اندلعت اشتباكات بين مجموعة مسلحة من “آل واكي” من جهة، والشرطة العسكرية من جهة آخرى، على خلفيّة اعتقال الشرطة العسكرية شخص من آل واكي مطلوب لدى الشرطة العسكرية.

وفقاً لنشطاء المرصد السوري، بأن مسلحين من آل واكي يستقلون دراجات نارية، أقدموا على إطلاق النار بشكل كثيف على مبنى الشرطة العسكرية في محاولة من قبل آل واكي الضغط على الشرطة العسكرية لإخلاء سبيل الشاب المعتقل لديها.

إلى ذلك، استقدمت الشرطة العسكرية وغرفة عزم تعزيزات عسكرية إلى محيط المبنى المستهدف، وإعطاء مهلة للمسلحين من آل واكي لفض التجمعات العسكرية.

في حين شهدت المنطقة، استهدافين من الجو، الأول كان في السابع من تشرين الثاني، حين استهدفت طائرة مسيرة يرجح أنها تابعة للتحالف، سيارة في مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخر بجروح خطيرة، يعتقد بأنهما من تنظيم “الدولة الإسلامية”.

والاستهداف الثاني كان في 11 الشهر، حين نفذت طائرة حربية مجهولة يرجح أنها تابعة لـ”التحالف الدولي” غارة جوية قرب منطقة معبر الحمران في ريف مدينة جرابلس شمال شرقي حلب.

وأفادت مصادر المرصد السوري، بأن مكان الاستهداف بالقرب من المنطقة الحدودية بين مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا و”قسد”، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية حتى الآن.

ويسيطر على معبر الحمران فصيل الجبهة الشامية الموال لتركيا، ويستخدم كممر لتهريب البشر والبضائع بين المناطق.

كذلك رصد نشطاء المرصد السوري في مناطق نفوذ الفصائل في ريفي حلب الشمالي والشرقي، حالات اعتداء وخطف واعتقال عدة خلال شهر تشرين الثاني،ففي الثامن من الشهر، نفذت دورية تابعة لـ “الشرطة العسكرية” الموالية لتركيا حملة دهم في قرية كفرة بريف مدينة إعزاز بريف شمالي حلب، اعتقلت خلالها شابين من أبناء القرية بتهمة الانتماء لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وفي 25 الشهر، أقدمت دورية تابعة لفصيل الجبهة الشامية ضمن مناطق درع الفرات، على اعتقال شاب من أبناء قرية كفرنايا، بسبب كتابة تعليق على “فيسبوك” ينتقد عمل المجلس المحلي لبلدة كفرنايا بريف حلب الشمالي، حيث اقتاده عناصر الفصيل إلى المراكز الأمنية.

وفي سياق آخر، اختطف مسلحون مجهولون ينتحلون صفة الشرطة العسكرية، شابين من أبناء مدينة الباب بريف حلب تعرضا إلى السرقة قبل أيام، عبر استدراجهم بمنشورات على “فيسبوك”، بحجة أن الشرطة العسكرية اعتقلت اللصوص الذين سرقوا منهم الأموال والهواتف الشخصية، وابلغوا الشابين بضرورة التوجه إلى مدينة إعزاز لاستلام المسروقات، ولايزال مصيرهما مجهولاً حتى اللحظة.

وفي 24 الشهر، اعتقلت المخابرات التركية قائدًا عسكريًا في فرقة الحمزة، في مدينة حور كلس، بتهمة التخطيط والتحضير لفتح معبر في قرية الطويحينة بريف مارع شمالي حلب مع مناطق سيطرة القوات الكردية بريف حلب الشمالي، فيما هرب قيادي عسكري من فرقة الحمزة أيضًا وهو المسؤول العسكري عن قطاع “السيد علي” المتاخم لمناطق سيطرة القوات الكردية، إلى مكان مجهول، عقب إلقاء القبض على القيادي الأول.

وفي سياق آخر، اعتقلت شعبة مخابرات إعزاز مواطنًا من أهالي المدينة يعمل كمرافق شخصي لرئيس مجلس صوران المحلي المشكل من قبل القوات التركية، بتهمة تأسيس وحضور اجتماعات لـ”حزب التحرير”.

وفي 19 الشهر، أقدمت مجموعة عسكرية تتبع لـ”غرفة عزم” على هدم أسقف المنازل القريبة من خط التماس مع قوات النظام، لسرقة الحديد المسلح منها وبيعه خردة، حيث يبلغ ثمن طن الحديد المسلح نحو 400 دولار أمريكي، علمًا أن المنزل يحتوي على مايقارب الطن من الحديد.

على صعيد متصل، تواصل الفصائل الموالية لتركيا سرقة وقطع أشجار الزيتون المثمرة، لبيعها حطبًا، حيث أقدمت مجموعة “أبو بكري معاذ” في قاطع تادف التابع لفيلق الشام المنضوي تحت قيادة “غرفة عزم” قطع أشجار الزيتون في البلدة لبيعه بمبلغ 100 دولار أمريكي للطن الواحد، حيث يقدر وزن الشجرة الواحدة ما يقارب 250 كيلو غرام، أي أن كل 4 أشجار تزن طنًا واحدًا من الحطب.

بينما عمد فصيل “فرقة السلطان سليمان شاه” المعروف بـ “العمشات” والذي يقوده أبو عمشه، إلى الانضمام إلى صفوف “حركة ثائرون” التي تشكلت في مطلع تشرين الأول/أكتوبر الفائت، وضمت 7 فصائل آنذاك، وتنشط هذه الحركة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل في الريف الحلبي ضمن ما يعرف بمناطق “درع الفرات وغصن الزيتون”.

وبررت الفرقة هذا الانضمام في بيان لها، بأنه جاء بغية “توحيد الجهود ورص الصفوف لتحقيق تطلعات الشعب السوري”.

وفي الرابع من تشرين الثاني، أعلنت معلمات ثانوية مارع للإناث إضراب عن متابعة التدريس، رداً على تجاوزات وتدخل فصيل “فرقة الحمزة” في القرارات المدنية وخاصةً التعليمية، وذلك عقب تنفيذ “فرقة الحمزة” المولية لتركيا يوم أمس، مداهمة لإحدى مدارس بلدة حزوان الواقعة في ريف مدينة الباب شمالي شرق حلب، في محاولة منهم كسر الإضراب الحاصل في مدارس ريف حلب ضمن مناطق سيطرة الفصائل والقوات التركية، وذلك للمطالبة بتحسين الواقع التعليمي ورفع رواتبهم.

كذلك شهدت المنطقة، سخطاً شعبياً كبيراً بعد انتشار صور لكتب مدرسية جرى توزيعها على مدارس ومديريات التربية في مناطق قباسين والراعي والباب بريف حلب، لطلاب مرحلة الصف الأول الابتدائي، عن السيرة النبوية تحوي صور مسيئة للنبي محمد (ص)، وسط دعوات لحرق الكتب التي جرى توزيعها، حيث اعتبرها الأهالي مسيئة للسيرة النبوية كونها تحوي صورًا لشخص يرتدي بدلة زفافه برفقة زوجته مكشوفة الرأس وأسفل الصور كتابات عن السيرة النبوية، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن قوات تابعة لـ “الجيش الوطني” و “الشرطة العسكرية” بدأت عمليات دهم وبحث عن مصادر الكتب، بهدف ومصادرتها من مديريات التربية والمدارس قبل توزيعها على باقي الطلاب ضمن مناطق سيطرتها.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “درع الفرات” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.