مناطق “غصن الزيتون” في تشرين الثاني: 21 حالة اختطاف واعتقال تعسفي و69 انتهاك آخر.. و”الفيلق الثالث” يعود للانتشار بأطراف كفرجنة الاستراتيجية

المرصد السوري يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين في ظل الممارسات الممنهجة للفصائل الموالية لأنقرة

55

منذ سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون”، في منطقة عفرين شمال غربي حلب، مسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث.

المرصد السوري لحقوق الإنسان، تابع ووثق بدوره جميع الأحداث التي شهدتها مناطق “غصن الزيتون” خلال شهر تشرين الثاني 2022، ويسلط الضوء في خضم التقرير الآتي على الأحداث الكاملة في تلك المناطق والتي تشكل انتهاكاً صارخاً وفاضحاً لحقوق الإنسان.

الخسائر البشرية الكاملة بفعل أعمال العنف
وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر تشرين الثاني، مقتل واستشهاد 4 أشخاص قضوا بأساليب وأشكال متعددة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية وفصائل غرفة عمليات “غصن الزيتون” في ريف حلب الشمالي الغربي ، توزعوا على النحو التالي:
– 3 من المدنيين بينهم طفل وهم: رجل في العقد الرابع من عمره عثر عليه مقتولاً بطلق ناري ومرمياً في نهر بمدينة عفرين، وشاب جراء خروج طلق ناري بالخطأ من سلاحه أثناء قيامه بتنظيفه، وطفل متأثراً جراء انفجار مقذوف من مخلفات الحرب، بالقرب من مخيم فلاح في حي الأشرفية بمدينة عفرين.

– 1 من العسكريين، وهو عنصر من فصيل العمشات قتل جراء اندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة بين الأخيرة والقوات الكردية على محور قرية دير مشمش بناحية شيراوا بريف عفرين شمال غربي حلب.

في حين لم يوثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أي اقتتال خلال الشهر الفائت ضمن مناطق غصن الزيتون، لكنه وثق حالة انفجار وحيدة، كانت بتاريخ 25 تشرين الثاني الجاري، حين استشهد طفل جراء انفجار مقذوف من مخلفات الحرب، بالقرب من مخيم فلاح في حي الأشرفية بمدينة عفرين.

انتهاكات مستمرة على قدم وساق
لاتزال الفصائل الموالية للحكومة التركية تتفنن بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق الأهالي الذين رفضوا التهجير من عفرين واختاروا البقاء في مناطقهم، بالإضافة لانتهاكات تطال المهجّرين في المنطقة أيضاً، وقد أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال شهر تشرين الثاني 21 حالة اعتقال تعسفي واختطاف لمدنيين من قبل الفصائل الجيش الوطني والشرطة العسكرية والاستخبارات التركية، منها حالتي خطف جرى إطلاق سراح مواطن واحد لقاء فدية مالية قدرها 200 دولار أميركي.
وإلى جانب حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 69 انتهاك آخر بأشكال عدة، توزعت على النحو التالي:
– 11 حالات بيع ومصادرة منازل، تعود ملكيتها الى مهجرين قسراً من أهالي عفرين، كانت الفصائل قد استولت عليها بقوة السلاح، حيث تتم عملية البيع بأسعار زهيدة وبالدولار الأميركي تحديدا.

– 13 عملية “فرض إتاوة” من قبل الفصائل، منها حالة فرض إتاوة من قبل فصيل العمشات على أصحاب المعاصر وتجار زيت الزيتون في مناطق سيطرته في ناحيتي شيخ الحديد ومعبطلي بريف عفرين، حيث بلغت قيمة الإتاوات 1000 دولار أمريكي لكل معصرة و2500 دولار أمريكي على تجار زيت زيتون. وحالة فرض إتاوة مالية من قبل فصيل السلطان مراد على أصحاب شبكات الإنترنت وبلغت قيمة الإتاوة 200 دولار أميركي شهرياً. وحالة فرض إتاوة من قبل فصيل جيش النخبة عبارة عن صفيحة زيت زيتون (تنكة) على الأهالي في قرية شيخوتكا التابعة لناحية معبطلي بريف عفرين، وكان الفصيل ذاته قد أجبر المواطنين على دفع إتاوة 10بالمئة من موسم الزيتون قبيل بدء جني محصول الزيتون، مهددين بالسجن لكل من يرفض دفع قيمة الإتاوة.

– 17 عملية قطع للأشجار المثمرة من قبل فصائل الجيش الوطني، شملت قطع أكثر من 2224 شجرة زيتون في مختلف قرى ونواحي عفرين.

– 22 حالة سرقة قامت بها فصائل “الجيش الوطني”، شملت سرقة وجني محصول حوالي 728 شجرة زيتون كما شملت السرقات، سرقة سيارة مدنية من أحد المواطنين من مهجري مدينة حلب من قبل فرقة الحمزة، حيث جرى نقله إلى قرية كفر شيل بريف عفرين، وبالرغم من تقديم شكوى رسمية ضد عناصر الفصيل دون جدوى” و سلب حوالي 10 صفائح زيت زيتون بقوة السلاح من امرأة من أهالي قرية قزلباش التابعة لناحية بلبل، بحجة حماية المحاصيل الزراعية من السرقة.

– 3 حالات مصادرة لأراضي زيتون من قبل فصائل المنتصر بالله وصقور الشمال جيش النخبة المنضوين ضمن تشكيلات الجيش الوطني في قرى ونواحي عفرين بريف حلب الشمالي الغربي.

– 3 عمليات اعتداء من قبل فصائل الجيش الوطني بمختلف مسمياتها، الاعتداء الأول كان بتاريخ 12 تشرين الثاني، حين اعتدى عناصر من فصيل فيلق الشام بالضرب المبرح وبالعصي على شاب من مهجري قرية التريمسة بريف حماة، بذريعة قيام الشاب برعي أغنامه بالقرب من نقطة عسكرية في قرية براد بناحية شيراوا، واقتادوه إلى سجن أيساكا سيئ الصيت.

الاعتداء الثاني كان بتاريخ 12 تشرين الثاني، حين اعتدى عناصر من فصيل جيش الشرقية بقيادة المدعو (أ.ع.خ) من أهالي مدينة دير الزور، على مختار قرية حج اسكندر بناحية جنديرس، في ريف عفرين، شمال غربي حلب، لرفضه دفع إتاوات، حيث اقتحم عنصرين من فصيل جيش الشرقية، منزل المختار وقاموا بسلب وسرقة عدد من صفائح الزيتون، ومن ثمّ الاعتداء عليه بالضرب المبرح، مما استدعى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

الاعتداء الثالث كان بتاريخ 15 تشرين الثاني، حين أقدم عناصر من فصيل فرقة الحمزة على الاعتداء بالضرب المبرح بالقضبان الحديدية على مواطن من أهالي قرية كفر شيل بريف عفرين، ما أسفر عن إصابته بكسور وجروح نقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج، وذلك بعد قيام المواطن بطرد لصوص محسوبين على فرقة الحمزة من حقل رمان على أطراف القرية.

“الفيلق الثالث” يعود للانتشار على أطراف قرية كفرجنة بريف عفرين
في العاشر من الشهر، خرجت مظاهرة شعبية بالقرب من دوار القبان وسط مدينة عفرين، ضمن منطقة “غصن الزيتون”، ودعا المتظاهرون لمظاهرة مركزية يوم غد الجمعة، وطالبوا بإخراج “هيئة تحرير الشام” من المدينة، وسط ترديد شعارات مناوئة لهيئة تحرير الشام.

كما دعا ناشطون لمظاهرة سيارة تنطلق من مدينة إعزاز إلى عفرين بريف حلب، للضغط على هيئة تحرير الشام بالخروج من مناطق عفرين.
وجاءت المظاهرات المسائية على خلفية انتشار عناصر هيئة تحرير الشام، في ذات اليوم بالقرب من دوار القبان، وإغلاق الطرق المؤدية إلى أحد معسكرات فصيل حركة أحرار الشام في قرية ترندة بريف عفرين، غداة تعليق عدة كتائب وألوية في حركة أحرار الشام عملها في الحركة بقيادة المدعو عامر الشيخ” الموالي لهيئة تحرير الشام، والتزامها العمل تحت القيادة الجديدة بقيادة المدعو” يوسف الحموي”.

وفي اليوم الذي تلاه، تجمع المئات من المتظاهرين بسياراتهم وآلياتهم بمظاهرة شعبية حاشدة وزخم شعبي كبير في مدينة إعزاز شمالي حلب وانطلقوا إلى منطقة عفرين، حيث كان بانتظارهم مظاهرة حاشدة هناك، وحمل المتظاهرون أعلام الثورة ولافتات منددة تهدف إلى طرد هيئة تحرير الشام من المنطقة وتحمل عبارات ضد متزعمها الجولاني، دون ورود معلومات عن حدوث اشتباكات أو اعتقال لأحد المتظاهرين.

وفي 21 تشرين الثاني، رصد نشطاء المرصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، عودة انتشار “الفيلق الثالث” المنضوي تحت “الجيش الوطني” بالقرب من مبنى “وزارة الدفاع”، في الحكومة السورية المؤقتة، وعلى مدخل قرية كفرجنة بناحية شران بريف عفرين شمالي حلب، إضافة لانتشار عناصر الفصيل في النقاط العسكرية على أطراف قريتي كفرجنة وقطمة بعد تسلمها من قبل “الفيلق الثاني”.

ووفقاً لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الانتشار سيقتصر فقط على أطراف القريتين ولايسمح لأي عنصر بالدخول إلى الأحياء السكنية داخلهما، وذلك ضمن اتفاق لم يتضح بعد الأطراف المشاركة فيه بشكل محدد.
ويأتي ذلك بعد أكثر من شهر على استلام “الفيلق الثالث” لزمام السيطرة على قرية كفرجنة بناحية شران بريف عفرين، بعد أن تسليمها من قبل “هيئة تحرير الشام” إثر سيطرتها عليها.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، دون وجود أي رادع يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.