مناطق “غصن الزيتون” في نيسان: نحو 30 حالة خطف واعتقال تعسفي ومسلسل الانتهاكات والتغيير الديمغرافي لا ينتهي

53

منذ وقوع ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر نيسان/أبريل 2021.

فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر نيسان/أبريل 2021، استشهاد ومقتل 6 أشخاص، وإصابة 11 آخرين بجراح بينهم 3 مدنيين من ضمنهم طفلة، وتوزع القتلى على الشكل التالي: طفلة قتلت على يد زوج أمها في جنديرس بريف عفرين، واثنان من فصيل “الجبهة الشامية” قتلا برصاص مجهولين في منطقة شران بريف عفرين، واثنان من فصيل “لواء السلطان محمد الفاتح” قتلا جراء إلقاء قنبلة على مقر لهم من قبل مجهولين في ناحية بلبل بريف عفرين، وعنصر من فيلق الشام قتل في اشتباكات داخلية بين مجموعتين من الفصيل في منطقة ميدانكي بريف عفرين.

 

تفجيرات واقتتالات وفوضى كبيرة..

وشهدت المنطقة خلال شهر نيسان، 7 استهدافات واقتتالات اثنين منهم كانا بعبوات ناسفة والبقية في إطلاق رصاص وإلقاء قنابل واشتباكات، ففي 1 نيسان انفجرت عبوة ناسفة بسيارة في شارع السياسية بمدينة عفرين، ما أدى لإصابة سائقها بجراح، والتفجير الثاني كان في 12 الشهر، حيث انفجرت عبوة بسيارة في منطقة ترندة قرب عفرين شمال غرب حلب، ولم تخلف خسائر بشرية.

وفي التاسع من نيسان استهدف مجهولون بالأسلحة الرشاشة مقراً لفصيل الجبهة الشامية في منطقة شران ما أدى لمقتل اثنين من الفصيل وسقوط جرحى.

فيما شهد الـ 15 من نيسان، اقتتال مسلح بين مجموعات تابعة لفيلق الشام بين بعضهم البعض، وذلك في منطقة ميدانكي إثر خلافات على مقرات عسكرية ومناطق وممتلكات تسيطر عليها تلك المجموعات، أسفرت عن مقتل أحد العناصر وسقوط جرحى، وفي 17 الشهر تجددت الاشتباكات بين المجموعات ذاتها ما أدى لانقطاع طريق الغزاوية لأكثر من ساعة.

كذلك جرى استهداف مقر لفصيل السلطان محمد الفاتح في منطقة بلبل بقنابل يدوية ما أدى لمقتل اثنين من الفصيل وإصابة آخرين بجراح متفاوتة وذلك في 15 نيسان أيضاً، في حين أصيبت طفلى بجراح جراء إلقاء مجهولون لقنبلة يدوية بالقرب من دوار نوروز بمدينة عفرين بتاريخ 24 الشهر الفائت.

وفي 3 نيسان، أقدم رجل وبالإشتراك مع زوجته، على قتل طفلة وهي ابنة الزوجة، وتبلغ من العمر عامين، وذلك بسبب صياحها المتكرر في ساعات الليل، في بلدة جنديرس بريف عفرين شمالي غرب حلب، حيث قام الرجل بدفن الطفلة سرًا بعد تعرضها لكدمات في منطقة الرأس بحسب الطبابة الشرعية.

 

مسلسل الانتهاكات والتغيير الديمغرافي لا ينتهي..

لاتزال الفصائل الموالية للحكومة التركية تتفنن بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق أهالي المنطقة الذين رفضوا التهجير منها واختار البقاء في مناطقهم، بالإضافة لانتهاكات تطال المهجّرين إلى المنطقة أيضاً، وقد أحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت، قيام الفصائل الموالية لأنقرة بخطف واعتقال أكثر 28 شخص بينهم 16 مواطنة، وذلك في معبطلي والباسوطة وجنديرس وراجو وبلبل ومدينة عفرين، جرى الإفراج عن 8 منهم بينما البقية لايزال قيد الاعتقال والخطف.

فيما تصر القوات التركية والفصائل النوالية لها على إحداث تغيير ديمغرافي في مدينة عفرين والنواحي التابعة لها، حيث رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، في منتصف نيسان، قيام منظمة “جمعية شام الخير الإنسانية” المدعومة الكويتية، بتشييد جمعية سكنية تحت مسمى “كويت الرحمة” في إحدى قُرى ناحية شيراوا بريف عفرين، وذلك بالإشراف المباشر من قِبل “المجلس المحلي” في عفرين، حيث بدأ مشروع بناء المنازل ضمن مجمع سكني يضم قرابة 300 منزل بالإضافة لمسجد ومستوصف ومدرسة ومعهد لتحفيظ القرآن الكريم، حيث سيتم إعطاء المنازل للمهجرين من مختلف المناطق والمحافظات السورية، وتوطينهم بها.

وفي إطار استمرار مسلسل الانتهاكات، فقد استولت فرقة سليمان شاه التي يترأسها مايعرف ب”أبو عمشة” على مساحات واسعة من الأراضي والبساتين الزراعية في ناحية شيخ الحديد بريف عفرين، أواخر نيسان الفائت، حيث استولى الفصيل على 5 حقول وبساتين زراعية، تحوي أشجار زيتون، وتعود ملكيتها لأشخاص هُجروا من عفرين بفعل عملية “غصن الزيتون”، مصادر أهلية من داخل مدينة عفرين، أكدت للمرصد السوري، بأن عدد كبير من السكان الأصليين المهجرين من أبناء عفرين، عمدوا خلال الفترة الأخيرة إلى بيع أراضيهم، خوفًا من الاستيلاء عليها بشكل كامل من قِبل الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة.

وفي سياق الحديث عن فصيل سليمان شاه، عمد قائد الفصيل الملقب بـ “أبو عمشة” بمنح جميع عناصر فصيله “منحة مالية” قدرها 300 ليرة تركية إضافة إلى رواتبهم، بمناسبة قدوم شهر “رمضان المبارك”، بالإضافة إلى توزيع منحة “شهر رمضان” على جميع العاملين ضمن”مملكته” أي ناحية “شيخ الحديد” بمنطقة عفرين، وهم “المجلس المحلي – الكادر التعليمي -الكادر الطبي – الشرطة المدنية – الشرطة العسكرية – عمال النظافة”، وسط تساؤلات كبيرة لأبو عمشة “من أين لك هذا”، في ظل مواصلة المخابرات التركية بقطع الرواتب الشهرية عن باقي تشكيلات “الجيش الوطني” الموالي لها، وسط استياء كبير تشهده أوساط المقاتلين.

يذكر، أن محمد الجاسم “أبو عمشة” بدأت رحلته ليصبح ملك شيخ الحديد بعفرين، بإطلاق صواريخ غراد على مناطق النظام، ففي العام 2013 كان أبو عمشة يتغنى بإطلاق الصواريخ على مناطق سيطرة النظام السوري بريف حماة، انطلاقا من موقعه في قرية الفقيع بجبل شحشبو غربي حماة، مستهدفاٌ القرى والبلدات التي يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية، وأخرى يقطنها أتباع الديانة المسيحية، وكانت صواريخه تستهدف مطار حماة في بعض الأحيان، ووفقا لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أبو عمشة كان يتاجر بالأمر حينها متبع سياسة “صورني” وذلك لجلب الدعم المادي له على أنه بطل ثوري يملك فصيل باسم “لواء خط النار”.

يذكر أن هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا”، لاحقت أبو عمشة في ريف حماة، بتهم فساد واختلاس أموال وقطع طرقات، بعد ذلك عمد الجاسم إلى الذهاب إلى تركيا ثم العودة والالتحاق بقوات “احتلال” عفرين وسطع نجمه رويدا رويدا على حساب أهالي المنطقة وممتلكاتهم، حتى نصب نفسه ملكا على عرش مملكة شيخ الحديد بريف عفرين وبدأ بافتتاح مشاريع كثيرة بأموال مشبوهة.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.