باحث سوري:إعادة عناصر “التـ ـنـ ـظـ ـيـ ـم” لبلدانهم ينقصه إيجاد آلية أوروبية قانونية للتعامل مع الإجراءات الجـ ـنـ ـائـ ـيـ ـة لإدانتهم عند عودتهم وهذا غير متوفّر

68

 برغم الحديث منذ سنوات عن هزيمة كبرى لتنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق، إلاّ أن التخوفات بدت في الفترة الأخيرة بعد إعادة تنظيم التنظيم صفوفه ورسم خططه المستقبلية للسيطرة من جديد، وقد نبّهت دول كثيرة من مخاطر تواصل وجود الإرهابيين في السجون والمعتقلات والمخيمات السورية ما قد يتسبب  في كارثة في المنطقة خاصة بعد المحاولات المتكررة لاقتحام معتقل به عوائل التنظيم أو عناصر التنظيم نفسه.
وطالما حذّر المرصد السوري لحقوق الإنسان من إمكانية إعادة التنظيمات المتطرفة في سورية تجميع صفوفها واستئناف أنشطتها الإرهابية على غرار عملية سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة السـورية السنة الماضية.
وقال الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية، المهندس باسل كويفي، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأنه يجب العودة قليلاً إلى الذاكرة القريبة وبالتحديد عند نشوء التنظيم الذي هو استمرار لتنظيمات متطرفة ، متحولة الأسماء والأشكال والمكان وثابتة الايديولوجيا العقائدية ( القاعدة وتفرعاتها..) والتي نشأت وترعرعت في مناطق وأزمنة مختلفة ولكن من أجل أهداف أساسية تحددها لها الدول ( الداعمة خلف الستار ) ذات المصلحة في توغلها وانتشارها عبر حوامل متعددة ثقافية ودينية ومذهبية واجتماعية وأمنية ومالية، في بيئة حاضنة مناسبة لنمو وحماية تلك التنظيمات وسط حالة الفوضى وعدم الاستقرار الذي تشهده مناطق الصراع والنزاع ، والأمثلة عديدة (أفغانستان – الصومال – العراق – ليبيا – سورية …) وكل ذلك ضمن حالة من الصراعات المحلية أو الاقليمية أو الدولية على أراضٍ تشن فيها حروب بالوكالة وتدشن لتسويات بين الدول المتناحرة على أراض الغير..
ولفت إلى أنّ التنظيمات وعملياتها قد تطوّرت لتنفيذ عمليات إرهاب عابر للحدود يطال في بعضها الدول التي تغاضت عنه، مؤكدا أنّ التنظيمات وعلى رأسها داعش ساهمت في تخليص دول عديدة وخاصة الدول الغربية من الشخصيات والمواطنين ذوو التوجه الراديكالي المتطرف عبر تسويق إعلامي لثقافة الجهاد ومساعدة هذه الشخوص على المغادرة والالتحاق بالتنظيمات الإرهابية بما يوفر عليها مراقبتهم ويحصر عملياتهم خارج بلدانهم ويزيد من قدرة متابعتهم لمعرفة شبكاتهم والاستفادة منها عند الطلب .
وتابع: لذلك ولكل ما سبق يتبين لنا بقراءة وتحليل بسيط أن الدول التي لها رعايا من تنظيم داعش مسجونين في سورية أو محددة اقاماتهم وعائلاتهم في مخيمات ( مخيم الهول مثلاً ) تتراخى وتتردد وتتهرب من إعادتهم إلى بلدانهم لاحتمالين ، الأول إيجابي بالنسبة لهم وهو عدم رغبتهم فيهم كون تلك الشخوص والعائلات تحمل الفكر الداعشي المتطرف وحتى الأطفال الذين لم يخضعوا للتعليم وممارساتهم تحمل في طياتها العنف ( حيث قام معظم الأطفال المحتجزين في المخيم بالاعتداء على الصحافيين وكل من يدخل المخيم ، وكذلك النساء اللواتي عملن على تربية الاطفال بهذه التربية العنفية بعيداً عن اباهم سواء معتقلاً أم قتيلاً )، وكذلك وجود العديد من مجهولي النسب واضطرار تلك الدول لمنحهم مواطنتهم فيها مما يؤثر على المجتمع فيها ، والتجاذبات السياسية بين الأحزاب في هذا الملف” .
وأردف:الاحتمال الثاني سلبي ويتضمن الخلاص منهم عبر تجنيسهم في أماكنهم ، أو القضاء عليهم عبر مناوشات وصراعات في المحيط المحتجزين به ( أحداث سجن غويران – الحسكة العام الماضي ..) أو استخدامهم في مشاريع اخرى ، نظراً لان عودتهم حافلة بالمعضلات لأسباب عدة منها الجانب القانوني – الأمني نظراً لان جمع الأدلة ضد المقاتلين الأجانب من مناطق الصراعات أمرا بالغ في التعقيد ، ويحتاج الى تعاون أمني كثيف بين الدول ( غير متوفر حالياً ) ، إضافة لعدم توفر آلية أوروبية قانونية للتعامل مع الإجراءات الجنائية لإدانتهم عند عودتهم ، والخوف من عمليات ارهابية ينفذها العائدون الذين يمتلكون معرفة وتدريب عالي المستوى ، أما من الناحية الاجتماعية – الاقتصادية فتكاليف استعادتهم مرتفعة وتتعلق بإجراءات المراقبة والمحاكمات وفصلهم عن أقاربهم  وتكاليف إعادة الإدماج والمعالجة النفسية والتربوية”.
وختم بالقول:”بجميع الأحوال ، فإنّ هذه السياسات تتناقض بصورة فاضحة مع ادعاءاتهم المتكررة بالبيانات التي تجتمع فيها العديد من الدول المتدخلة بالملف السوري التي تذكر وتشير الى أهمية الحفاظ على وحدة الاراضي السورية وتكريس الحل السياسي وفق القرار الاممي رقم 2254 لعودة الامن والسلام والاستقرار إلى سورية ، حيث يشكل عودة مواطنيهم وعائلاتهم ( الداعشيين والمتطرفين ..) إلى بلدانهم اللبنة الأولى في تفريق هذه الجموع الكبيرة التي من شأنها إثارة الفوضى والعنف والإرهاب في حال تمكنهم من الفرار ، وبالتالي فهذا يبرر بقاء قوات التحالف وغيرها التي تدعي محاربة داعش في الأراضي السورية ويساهم في خلط الأوراق ودعم المصالح البعيدة عن منظومة حقوق الإنسان بما يحد من عودة السلام والاستقرار الى هذه البلاد التي عانت وعانى مواطنيها من الارهاب واضحت ساحة لتصفية التطرف والصراع بين الأمم “.