خلال محاولتهم الذهاب إلى دول اللجوء هربًا من ويلات الحرب.. وفاة مواطن سوري وإصابة ثلاثة آخرين بحادث سير بعد دخولهم الأراضي البولندية عبر بيلاروسيا ومطاردتهم من الشرطة البولندية

65

لاتزال الحرب السورية تلقي بظلالها على السوريين في شتى بقاع الأرض، فمن نجا من القصف القتل والاعتقال وقرر الهروب إلى إحدى دول اللجوء في أوروبا لا ينجو من مصاعب طرق التهريب المحفوفة بالمخاطر، إلا أن ذلك لا يمنع السوريين المتعبين المنهكين من الحرب المستعرة في الأراضي السورية، المنتهية إعلاميًا في مناطق عدة والحاضرة في الواقع، باختلاف مناطق السيطرة بدءا من مخاوف الاعتقال والتغييب في السجون والحالة المعيشية الصعبة وغياب أدنى مقومات الحياة في مناطق النظام، ووصولًا إلى مناطق سيطرة قسد والفصائل المقاتلة والجهادية شمال سوريا التي لاتغيب عنها مظاهر الحرب من خلال عمليات القتل والقصف والاعتقال والخطف والفوضى المصحوبة بالانفلات الأمني، وعلى الرغم من التشديد الحاصل من قِبل الدول لمنع وصول موجات جديدة من اللاجئين إلا أن آلاف السوريين ما زالوا يخرجون إلى الدول الأوروبية عبر طرق غير شرعية رغم ارتفاع تكاليفها بشكل يومي، وفي خضم ما سبق، توفي لاجئ سوري من أبناء مدينة عين العرب/كوباني وأصيب ثلاثة سوريين آخرين خلال بعد دخولهم الأراضي البولندية عبر بيلاروسيا في حادث مأساوي بعد الهروب والملاحقة من قِبل سيارات الشرطة البولندية لتصدم سيارة التهريب التي يستقلونها بشاحنة كبيرة.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أشار في سبتمبر/أيلول المنصرم إلى أن عشرات المواطنين من فئة الشباب، في أيام الدوام الرسمي يتجمعون أمام مباني الهجرة والجوازات في سورية، وبات جواز السفر الأكثر طلبًا في الآونة الأخيرة، حيث يغادر عشرات المواطنين يوميًا بطرق مختلفة، إلى خارج البلاد، ناهيك عن هؤلاء المهاجرين داخليًا الذين يقصدون مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا وإدلب، للاستقرار فيها.
وتعمل إدارة الهجرة والجوازات في سورية، على إصدار وطباعة جوازات السفر المتراكمة والانتهاء منها قبل نهاية أيلول الجاري، وفق توجيهات من مدير إدارة الهجرة والجوازات.
ومع تزايد الطلب على جواز السفر، قال أحد المواطنين، بأن موظفو إدارة الهجرة والجوازات يأخذون “رشوة” نحو مليون ليرة سورية لاستخراج جواز سفر خلال ساعات، بينما يأخذون 500 ألف ليرة سورية لاستخراج جواز سفر خلال أسبوع.
ويحاول النظام السوري التغطية على هجرة المواطنين من سورية، ويتكتم عن الأرقام الرسمية التي أصبحت مخيفة قد تحول سورية إلى بلد عجوز، بعد أن غادرت أعداد كبيرة خلال الأشهر الفائتة، وبات همّ المواطن السوري البحث عن ملاذ آمن خارج سورية، في حين تحاول منصات إعلامية مركزها غازي عينتاب في تركيا، نفي المعلومات الواردة عن هجرة آلاف الشبان إلى خارج سورية خلال الأسابيع الفائتة، بينما تحاول منصات إعلامية أخرى تهويل الأمر وتضخيمه إلى أرقام خيالية.
مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان أكدت بأنه يغادر مئات المواطنين أسبوعيًا عبر النقل الجوي، إلى مصر وإقليم كردستان العراق بقصد الاستقرار أو السفر من خلال تلك الدول، إضافة إلى روسيا ودول أوروبا الشرقية بقصد الدراسة للتملص من “الخدمة الإلزامية”.
كما يغادر المئات أسبوعيًا برًا إلى لبنان وتركيا والعراق، أي يبلغ عدد المغادرين بقصد الهجرة خارج سورية نحو 3 آلاف شخص أسبوعيًا.
وكان المرصد السوري قد وصف المشهد الأخير للبلاد “أشبه بهجرة السوريين الكبيرة في عام 2013،” ولكن بصعوبات أكبر وتكاليف أعلى من السابق، وهذا ما ينذر بأن البلاد أصبحت غير صالحة للعيش بشكل كلي في ظل السلطة الحاكمة، وتصاعدت في الفترة الأخيرة طلبات الفيز إلى مصر بسبب تسهيلات الحصول عليها، على وقع ما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية خانقة وصلت إلى ذروتها، ووفقًا لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن طلبات الهجرة إلى مصر أشبه بـ “الخيالية” حيث أن حركة الطيران من سوريا إلى مصر محجوزة لمدة شهرين والحجوزات الجديدة للذين ينوون السفر حاليا غير متوفرة، ولا تقتصر الهجرة على مصر، إذ أن عشرات الشبان والعوائل يدخلون مناطق سيطرة الفصائل شمال غرب وشمال شرق سوريا هربًا من قبضة النظام الأمنية والأوضاع المعيشية الصعبة بهدف الوصول إلى تركيا رغم القيود التي تفرضها الحكومة التركية على السوريين الداخلين إليها من جديد ولكن غالبيتهم تكون تركيا محطة عبور لهم نحو أوروبا بطرق غير شرعية رغم ارتفاع تكاليف وصعوبات الوصول إلى أوروبا.
وفي الـ 11 من سبتمبر/أيلول الجاري، نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، على الرغم من الدعوات المتكررة من قِبل النظام لعودة السوريين من دول اللجوء والدول التي فروا إليها على مدار السنوات السابقة هربًا من قبضته الأمنية والحرب، ومحاولة النظام وإعلامه وبعض الدول الداعمة له إظهار سوريا أنها باتت آمنة “خالية من الإرهاب صالحة للعيش” بعد سيطرة النظام على أكثر من ثلثي الأراضي السورية، بفعل العمليات العسكرية، إلا أن نسبة السوريين التي عادت من الدول التي فروا إليها مكرهين مجبورين لا تكاد تذكر رغم الصعوبات التي يعانيها غالبهم خصوصًا المتواجدين في الدول المجاورة لسوريا، وفي خضم ما سبق، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، تزايد نسبة الهجرة من مناطق النظام بشكل كبير جدًا أشبه بموجة الهجرة الكبيرة للسوريين التي كانت ذروتها بين عامي 2012 و 2016 ولكن هذه المرة غير ظاهرة للعلن كما كانت سابقًا، حيث بدأت خلال الأشهر الأخيرة موجة هجرة إلى مصر وخاصة بين الصناعيين والتجاريين وخريجي الجامعات، فضلًا عن موجة هجرة كبيرة نحو إقليم كردستان العراق والسودان وبعض دول الخليج، في حين تشير مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن عشرات الشبان والعوائل يخرجون بشكل يومي إلى مناطق سيطرة الفصائل في شمال غرب وشمال شرق سوريا، بهدف الوصول إلى تركيا رغم الإجراءات التي تتخذها الحكومة التركية بحق السوريين للحد من دخولهم إلى أراضيها، إلا أن العشرات يدخلون أراضيها بشكل يومي قادمين من مناطق النظام بهدف الوصول إلى أوروبا رغم المصاعب والمخاطر وارتفاع أجور طرقات التهريب إلا أنهم يصرون على الخروج، كما يذكر أن مصر باتت محطة طريق للبعض، فهي محطة في الطريق إلى ليبيا لإكمال طريقهم إلى أوروبا عبر البحر، وهو ما يدل على خوف الناس من الأوضاع التي آلت إليها البلاد من انعدام الأمن وانهيار الاقتصاد وفقدان أهم الحاجيات والمواد الأساسية.