قتلى قصف دوما وصلوا إلى 100… والأمم المتحدة تعرب عن «ذهولها»

21

وسائل إعلام: صواريخ المعارضة تقتل ثلاثة في اللاذقية… ورئيس الائتلاف: المجزرة جاءت ردا على زيارتنا لموسكو

عواصم ـ وكالات: أعرب مدير العمليات الإنسانية في الإمم المتحدة ستيفن أوبراين من دمشق عن «ذهوله» غداة غارات جوية شنتها قوات النظام السوري على مدينة دوما وتسببت في مقتل حوالي مئة شخص، معظمهم من المدنيين، في اعتداء يعد من بين الأكثر دموية منذ بدء النزاع عام 2011.
وتعرضت مدينة دوما الواقعة في الغوطة الشرقية، أبرز معاقل مقاتلي المعارضة في محافظة دمشق، لسلسلة غارات جوية شنها الطيران الحربي التابع للنظام السوري الأحد واستهدفت سوقا شعبية مكتظة بالسكان، وذلك قبل ايام من الذكرى السنوية الثانية لهجوم بالسلاح الكيميائي استهدف المنطقة ذاتها في 21 آب/أغسطس 2013 وأوقع مئات القتلى.
وتزامنت الغارات الجوية على دوما الأحد مع وجود مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة في دمشق، في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه في أيار/مايو خلفا لفاليري أموس.
وقال أوبراين خلال مؤتمر صحافي الاثنين في دمشق «هالتني أخبار الضربات الجوية أمس على وجه الخصوص» والتي «تسببت في سقوط عشرات القتلى من المدنيين ومئات الجرحى في وسط منطقة دوما المحاصرة في دمشق».
وأضاف «أصبت بالذهول من جراء التجاهل التام لحياة المدنيين في هذا الصراع»، مشددا على ان الاعتداء على المدنيين «غير قانوني وغير مقبول ويجب ان يتوقف».
وناشد المسؤول الأممي الذي يختتم الاثنين زيارته إلى دمشق «كل أطراف هذا النزاع الطويل حماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي».
وتعرضت مدينة دوما الاثنين لخمس غارات جوية على الأقل وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، من دون معلومات عن الاضرار. وأفاد المرصد الاثنين عن «ارتفاع حصيلة القتلى جراء مجزرة نفذتها طائرات النظام الحربية باستهدافها لسوق في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية إلى 96 شهيدا على الأقل بينهم أربعة اطفال، فيما أصيب 250 آخرون بجروح».
وأضاف ان عدد القتلى «مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة».
وأورد المرصد في حصيلة اولية الاحد مقتل 58 شخصا قبل ارتفاع العدد ليلا إلى 82 شخصا.
وقال مصور في دوما ان الإهالي انصرفوا الاثنين إلى تشييع القتلى بعد ان حال القصف الجوي الذي طال موقع المقبرة دون تشييعهم الاحد. وأضاف انه «بعد كل مجزرة يضطر الأهالي إلى دفن أربعة أشخاص فوق بعضهم البعض بسبب ارتفاع عدد القتلى».وأوضح ان ما رآه في المدينة الاحد كان «أشد قسوة مما شاهده بعد قصف المدينة بالسلاح الكيميائي قبل عامين». وروى كيف ان سكان الحي المنكوب أصيبوا بحالة هستيريا وهم ينقلون الجرحى إلى مستشفى ميداني، وكان عدد كبير منهم ملقى على الأرض لعدم وجود أسرة كافية.
كما تظهر صور أطفال جرحى تسيل الدماء منهم وهم ينتظرون تلقي العلاج، فيما تبدو عشرات الجثث داخل أكياس بلاستيكية موضوعة على الأرض جنبا إلى جنب.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن الاثنين ان قصف دوما «يأتي في إطار سياسة الارض المحروقة التي يتبعها النظام السوري».
وأضاف «يريد النظام ان يظهر انه قادر على قتل العدد الذي يريده من المدنيين من دون ان يبدي اي اهتمام بالمجتمع الدولي».
واتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية النظام بـ»تعمد» قتل المدنيين، منتقدا تقصير المجتمع الدولي.
وتخضع مدينة دوما منذ نحو عامين لحصار تفرضه قوات النظام. ويعاني عشرات آلاف السكان في هذا القطاع شرق العاصمة من شح في المواد الغذائية والأدوية.
وتتعرض دوما ومحيطها باستمرار لقصف مصدره قوات النظام. ففي 16 حزيران/يونيو، قتل 24 شخصا جراء قصف مدفعي وصاروخي تزامن مع وجود الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا في دمشق.
واتهمت منظمة العفو الدولية الاربعاء قوات النظام السوري بارتكاب «جرائم حرب» ضد المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية، محذرة من ان استمرار القصف والغارات الجوية يفاقم معاناة السكان. في غرب سوريا، استهدفت قذائف صاروخية الاثنين أحياء سكنية في مدينة اللاذقية الساحلية موقعة ضحايا للمرة الثانية في غضون أقل من اسبوع.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 19 آخرين بجروح جراء «قذائف حقد الإرهابيين على المدينة».
وأكد المرصد السوري من جهته استهداف المدينة، مشيرا إلى مقتل ثلاثة أشخاص فقط.
وتعرضت المدينة الخميس لقصف مماثل أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 14 آخرين بجروح.
وبقيت محافظة اللاذقية الساحلية، التي تعد معقلا للطائفة العلوية في سوريا وتتحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، بمنأى عن النزاع الدامي الذي شهدته بقية المحافظات منذ منتصف آذار/مارس 2011، وتسبب بمقتل أكثر من 240 ألف شخص.
وقال رئيس الائتلاف السوري المعارض، خالد خوجة، إن مجزرة دوما التي وقعت الاحد في ريف دمشق، وخلفت مقتل أكثر من مئة سوري، جاءت ردا على لقاءات المعارضة في موسكو، وتزامنها مع زيارة وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف لدمشق.
وفي مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول، أمس الاثنين، وأفاد، أن الائتلاف تحدث عن مرحلة جديدة من العلاقة مع موسكو، ولكن مجزرة دوما جاءت جوابا، وتزامنت مع زيارة ظريف لدمشق بأيام.
وأوضح خوجة أن «النظام الأسدي المجرم قتل مئات المدنيين السوريين، في سلسلة مجازر في إدلب ودرعا والزبداني ووادي بردى، وفي دوما الملاصقة لمدينة دمشق، حيث قصفت الطائرات الحربية سوقا شعبية، بينما كان سكان دوما المحاصرة يتبادلون القليل من الغذاء الذي بقي لهم، بعد أكثر من سنتين من الحصار المطبق».
وفي الإطار نفسه، وصف ما حصل بأنه «جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، تضاف لجريمة الإبادة المتواصلة، المتمثلة بالحصار الجماعي والتجويع حتى الموت، والمرتكبة ضد أهل ريف دمشق، مشددا على أن قصف طائرات النظام المجرم الحربية، بصورة مقصودة ومتكررة، هي لمجرد القتل».
وأضاف أيضا «قصفت السوق في المرة الأولى، وبعد تجمع السكان لإنقاذ المصابين، قامت الطائرات بتكرار القصف عدة مرات واستهداف المصابين ومن هب لنجدتهم، في سلوك فاق الإجرام وفاق الإرهاب إلى الهمجية البدائية، والحقد على الإنسان».
من ناحية أخرى، اعتبر أن «جرأة النظام وتماديه في ارتكاب المذابح بحق المدنيين، والتي تمتد لـ53 شهرا متواصلة، تعتمد على صمت دولي يصل إلى حد التواطؤ، فمن يسلح نظاما مثل هذا النظام، ويحميه من المحاسبة في مجلس الأمن الدولي، شريك في المسؤولية عن جريمة قصف مدنيين محاصرين ومجوعين منذ سنوات بالطائرات الحربية».
كما حمل خوجة مسؤولية المجرزة  من «يعارضون قيام مناطق آمنة للسوريين على أرضهم، ويمنع تزويدهم بسلاح للدفاع عن أهلهم وأطفالهم، فهو يرسل رسالة واضحة للنظام بأنه مسموح له ارتكاب ما يشاء من فظائع، ويفهم النظام الأسدي من هذه المواقف منذ 53 شهرا أنها تفويض بارتكاب المذابح».
كما أكد أن «الائتلاف أكثر تمسكا بحق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه، ومشروعية وضرورة استكمال تحرير الأراضي السورية، من النظام الغاصب والمحتل الإيراني وميليشيات القتل والحقد الطائفي، التي تغزو سوريا برعايته».
وبين أن على «الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والدول دائمة العضوية فيه، أن تعترف بحق شعب سوريا في الحياة، وأن تكف عن حماية قاتل الأطفال بشار الأسد».
وأضاف خوجة أن «أي حديث عن حلول سياسية وسلمية في ظل المذابح وإعفاء الجاني من الحساب، لن يكون له أي معنى في تحقيق الاستقرار في سوريا».
وشدد على «ضرورة تأمين المدنيين في المناطق المحررة ودعم مطلب إنشاء مناطق آمنة».
وكشف أن الائتلاف «شكل لجنة لتوثيق كافة الجرائم المرتكبة من قبل نظام الأسد، لتقديمها للجنة التحقيق الدولية، محييا صمود الجيش السوري الحر والثوار، مؤكدا على التزامهم معا في ملاحقة مجرمي الحرب وجلبهم للعدالة وعلى رأسهم بشار الأسد».
وطالب خوجة «تقديم مرتكبي المجازر إلى محكمة الجنايات الدولية».
وحول المفاوضات التي جرت في تركيا بخصوص مدينة الزبداني بين المعارضة وإيران، قال خوجة «كان الائتلاف على اطلاع حول ما يجري من مفاوضات الزبداني، ولكن لم نشارك فيها بشكل فعلي، التفاوض أثبت أن إيران قوة احتلال، وهو ما ثبت من بعض الشروط من التهجير والتوطين، في مناطق أغلبية شيعية».
وحول مكافحة تنظيم داعش، أفاد أن «أول من حاربه هو الجيش الحر، ومن استفاد من التنظيم هو النظام، بعد أن استولى على المناطق المحررة، كما سهل النظام له الاستيلاء على أكبر ثاني مستودع للاسلحة وسط البلاد، مما أعطى قوة إضافية له». 
ولفت إلى أن «التحرك الدبلوماسي باتجاه مؤتمر للسوريين جار من عدة عواصم، منها موسكو، وربما سيكون هناك مؤتمر في الأشهر القليلة المقبلة، تجمع أطراف المعارضة لتوحيد موقفها من عملية السلام»، من دون مزيد من التفاصيل.
وكان أكثر من مئة سوري قتلوا في قصف شنته طائرات النظام السوري الحربية بقنابل فراغية، على سوق شعبية، وسط مدينة «دوما»، في ريف دمشق، الاحد، معظمهم من النساء والأطفال.

 

المصدر: القدس العربي