معارض سوري: مسار التطبيع بين تركيا ودمشق سيبدأ بشكل حقيقي بعد الانتخابات التركية وفي صورة فوز أردوغان

74

يتخوف السوريون من التطبيع بين النظام السوري ومختلف الدول العربية والاقليمية  بعد سنوات من التهجير والخراب ويخشون سيناريو الاعتقالات والتنكيل الذي لم يهدأ برغم  المساعي الدولية لإيقافه وتقديم الجناة للمحاكمة الدولية العادلة.

على ضوء التطورات الأخيرة بين النظام السوري وعدد من الدول العربية من جهة وتركيا من جهة أخرى، يرى المعارض سمير نشار، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ هناك تنافس روسي -إيراني حول الملف السوري وأولوية التطبيع مع نظام الأسد من قبل موسكو وطهران وإن لم يظهر للعلن .، مشيرا إلى أن روسيا التي تطورت علاقاتها مع تركيا في كافة المجالات السياسية

والعسكرية والاقتصادية خاصة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وفرض الغرب عقوبات لا مثيل لها على روسيا لتدمير اقتصادها وفرض عزلة دولية عليها، وجدت أن أنقرة لم تلتزم بالعقوبات المفروضة عليها وأتاحت لروسيا ممرا ونافذة على العالم وخاصة على الشرق الأوسط وأفريقيا بعد أن أغلقت أوروبا كل المنافذ معها في وجهها. 

ولفت نشار إلى أنّه نتيجة لتنامي العلاقات الروسية – التركية ومتابعة لمسار أستانا والتي أصبحت جوهرية بالنسبة لموسكو، إقتضت المصلحة الروسية ضرورة تطبيع تركيا مع نظام الأسد اعتبارا للتأثير المباشر لتركيا على الأوضاع بسورية سواءً نتيجة الحدود المشتركة أو هيمنة تركيا على مؤسسات المعارضة الرسمية السورية سواء الائتلاف أو الحكومة المؤقتة أو الفصائل المسلحة بما فيها هيئة تحرير الشام ، عدا أن التطبيع التركي مع دمشق يتيح لها تحقيق مكاسب أولها حصار قسد المدعومة أمريكيا في شمال شرق سورية والتي تعتبرها تركيا جزءً من حزب العمال الكردستاني الذي يهدد الأمن القومي التركي أو إعادة قسم مهم من اللاجئين السوريين وهم بالملايين إلى سورية والذين أصبحوا ورقة انتخابية لدى المعارضة التركية، وبسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في تركيا وتدهور قيمة الليرة التركية، وجدت روسيا أن هذه المشاكل التي يواجهها أردوغان يمكن عن طريق التطبيع مع نظام الأسد المساعدة في حلها وبالتالي بإمكانها تدعيم موقف أردوغان بالانتخابات القادمة في الشهر المقبل ، لان استمرار اردوغان بالسلطة أصبح يمثل مصلحة روسية أولا في ظل الحصار الغربي على روسيا، وكون المعارضة التركية قريبة من الغرب.

واعتبر المعارض السوري أنّ أولوية إيران تختلف عن أولوية روسيا ، حيث ترى ان مصلحتها تقتضي أولا في تطبيع الدول العربية مع نظام الأسد لأن ذلك يساعد في انحسار موجة العداء لإيران في الإقليم أولا وإبعاد الدول العربية عن التقارب مع إسرائيل التي لا تتوقف عن ترديد ضرورة الحرب على ايران، فضلا عن إمكانية تقديم الدعم المالي لمساعدة الأسد في تعويمه سياسيا واقتصاديا عن طريق تقديم أموال تنقذه من وضعه الاقتصادي المنهار والتي لا تستطيع طهران مساعدته نظرا لظروفها الاقتصادية الصعبة نتيجة الحصار الاقتصادي الغربي وفشل المحادثات النووية، كما أن التطبيع العربي سوف يعيد الشرعية العربية لنظام الأسد من خلال العلاقات الثنائية وخاصة مع المملكة العربية السعودية التي تمثل اليوم الثقل العربي السياسي والاقتصادي، إضافة إلى محاولة إعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية.

وأفاد بأنّ إيران ليس لديها خشية أبدا من النفوذ العربي على الأسد لأنها واثقة أن الأنظمة العربية ليس لديها من أدوات التأثير أو الضغط سوى الأموال فقط ، أما إيران لديها حضور ونفوذ عسكري وسياسي وهي من أنقذت النظام من السقوط، سيما وأنّ الأسد يعي جيّدا أنه إذا حاول الخروج عن الطاعة الإيرانية مصيره سيكون مشابها لعلي عبد الله صالح باليمن الذي حين سعى إلى فك التحالف مع الحوثيين تم قتله.

وتابع: إيران ترغب بتطبيع تركيا مع نظام الأسد لكن بشروط أولا إن يكون تحت إشرافها ، وثانيا بطيئا(وليس كما يرغب الروس سريعا ) لان تركيا إذا تم التطبيع بشكل سريع ستحقق نفوذا في سورية على حساب النفوذ الإيراني، فتركيا دولة سنية وسورية بأغلبية سنية لذلك سيكون السوريون أكثر استعدادا وتقبلا للحضور التركي من الحضور الإيراني الشيعي، أيضا أنقرة لها حدود مشتركة مع سورية مسافة حوالي 900 كم ، إضافة إلى القدرات الاقتصادية المهمّة لتركيا لإعادة الإعمار بسورية من خلال شركاتها ومؤسساتها الضخمة في مجال إعمار البنى التحتية المدمّرة في سورية ويمكنها استخدام وتشغيل السوريين المقيمين فوق أراضيها، وأخيرا تركيا بإمكانها كسر عقوبات قانون قيصر الأمريكي المفروض على نظام الأسد وهذا الأمر يقلق حقيقة ليس فقط إيران لأسبابها انما الأمريكان واوروبا وحتى الشعب السوري أيضا . 

ويعتقد محدثنا أنّ طهران هي من دفعت بشار الأسد في زيارته الأخيرة لموسكو من إعلان شروط عالية السقف للاجتماع مع أردوغان خلافا للرغبة الروسية.

وتطرّق لعقد إيران صفقة مع السعودية تقوم على تطبيع العلاقات الإيرانية- السعودية  ومن ثمّ إيجاد حلّ سياسي في اليمن بين الحوثيين الموالين لايران وبين الحكومة اليمنية الموالية للسعودية بحيث يتيح الاتفاق إنهاء حرب اليمن الذي تورطت بها السعودية منذ مايقارب السبع سنوات ولم تحقق شيئا يذكر غير المآسي للشعب اليمنى وبالتالي الخروج الآمن للمملكة من هذا المستنقع وتوقف المسيرات الحوثية على الأراضي السعودية التي تهدد المشاريع الاقتصادية الناشئة فيها عدا تكلفة الحرب الباهظة التي تقدرها بعض المصادر ب 350 مليار دولار دفعتها السعودية، وفق قوله. 

وبخصوص إجتماع اليوم يرى سمير نشار أنهّ تمهيد للطريق أمام اجتماع وزراء الخارجية أيضا في وقت لاحق لكن بعد إعداد مسودة مشاريع أو جدول زمني مقترح للانسحاب التركي من بعض المناطق في شمال سورية وإعادة أعداد مهمة من اللاجئين السوريين من تركيا إلى سورية وللمناطق التي تنسحب منها القوات التركية ومن المحتمل أن تكون هذه المناطق تحت الإدارة  المدنية لحكومة الأسد. 

ويعتقد أن مسار التطبيع أيضا بين تركيا ونظام الأسد سوف ينطلق بشكل حقيقي بعد الانتخابات التركية إذا فاز بها اردوغان وهذا موضع شك وفق المعطيات الحالية في تركيا. 

وبخصوص موقف المعارضة السورية قال: المعارضة السورية الرسمية سوف تسير وفق الرغبة التركية أن تركيا قامت بتدجينها منذ سنوات ومنذ تأسيس مسار أستانا، لكن هناك حاليا مبادرات جديدة من فاعلين سياسيين في أوروبا خصوصا وبالتنسيق مع بعض المنظمات السورية -الأمريكية في واشنطن ربما تشق طريقها للنجاح إذا وجدت دعما أمريكيا وأوروبيا . 

وأشار إلى غياب الموقف الأمريكي الواضح والحاسم من التحالفات الجديدة في المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالموقف من التطبيع مع دمشق، مؤكدا أنّ الموقف الأمريكي ومن خلفه الأوروبي هو من سيقرر إلى حد بعيد طبيعة الحل السياسي في سورية الذي اعتقد أن بشار الأسد سوف يكون خارجه وسوف تلاحقه المحاكم الدولية لسوقه للعدالة للجرائم والانتهاكات التي ارتكبها تجاه حقوق الإنسان بسورية واستخدامه للسلاح الكيماوي المحرم دوليا ضد المدنيين السوريين العزّل وعدم السماح له بالإفلات من العقاب.