ليدغورد : «جزءاً من النظام السوري هو جزء من الحل»

24

قال وزير الخارجية الدنماركي مارتن ليدغورد في حديث إلى «الحياة» أمس أن «جزءاً من النظام السوري هو جزء من الحل»، مشدداً على «وجوب تشكيل حكومة انتقالية تمثيلية. و(الرئيس بشار) الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سورية». وأكد أن سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لم تغير حسابات الدول الغربية بضرورة الانخراط مع النظام باعتباره «أهون الشرين»، لافتاً إلى رفض تقسيم سورية مقابل دعم اللامركزية في إدارات محلية.

وقال ليدغورد في الحديث الذي تم في اتصال هاتفي أجرته «الحياة» إلى كوبنهاغن، أن التقدم السريع لـ «داعش» في ٢٠١٤ «كان صادماً وفتح عيون العالم واوروبا والمنطقة، لذلك فإن المجتمع الدولي تعاطى مع هذا التحدي. وإنني متشجع كون التحالف الدولي واسعاً ومتنوعاً ويضم ٦٢ دولة من الشرق الأوسط والعالم العربي»، لكنه أشار إلى أن مواجهة «تنظيم إرهابي مثل داعش يتطلب سنوات. إنه التحدي الكبير، ومن دون شك ستكون هناك تراجعات وإخفاقات خلال الحرب ضد «داعش». لكن لا بد من ملاحظة كم كان «داعش» قوياً قبل سنة، وكيف هي حاله اليوم إذ إنه لا يسيطر سوى على أرض مساحتها بين ٢٥ و٣٠ في المئة من الأرض المأهولة في العراق». وزاد: «سقوط الرمادي تذكير بذلك. إن مساعدتنا إلى الشعب العراقي وحملتنا في سورية، نجحتا عموماً رغم الإخفاقات. لكن العمليات العسكرية لا تكفي لوحدها، لذلك فإن الدنمارك أكدت على محاربة «داعش» بمستويات تشمل: أولاً، دعم العمليات العسكرية وبناء القدرات العسكرية. ثانياً، وقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب. ثالثاً، قطع الإمدادات المالية لـ «داعش». رابعاً، نزع الشرعية عن «داعش» وكشف حقيقة هذا التنظيم. خامساً، معالجة المشاكل الإنسانية المترتبة من ذلك». وأوضح أنه «لن تكون هناك حلول سريعة. وأمر ايجابي أن نرى الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي تعمل على سلة واسعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والأمنية لتمثيل السنة والأكراد وانخراط المكونات كافة. وأكدنا مراراً أهمية ضم السنة في شكل كامل ووقف الخروقات من الميليشيا الشيعية».

وعن استراتيجية محاربة «داعش» في سورية، قال ليدغورد إن «داعش يتغذى بالفوضى في المنطقة. لذلك، لا بد من استراتيجية متعددة المستويات لوقف الصراع وهزيمة «داعش». إذا كانت للمدنيين ثقة بأجهزتهم الأمنية ويحصلون على الخدمات الرئيسية، سيكونون أقل انفتاحاً لدعم «داعش» والمجموعات المتطرفة»، لافتاً إلى أن «سورية أكثر تعقيداً من العراق. وقررت الدنمارك تركيز انخراطها العسكري في العراق، فيما اختارت دول أخرى في التحالف التركيز على محاربة «داعش» في سورية». وتابع أن بلاده «منخرطة في قوة بدعم حل دائم للأزمة السورية، إضافة إلى البرنامج الشامل لتقدم الخدمات الرئيسية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة. كما أننا ندعم المعارضة المعتدلة سياسياً، إضافة إلى الدور المحوري في إزالة البرنامج الكيماوي للأسد عندما قامت الدنمارك بالإشراف على المهمة البحرية لنقل المخزون الكيماوي».

وسئل عن دور النظام والأسد في الحل السياسي، فقال أن الدنمارك «تدين بقوة الجرائم الكبيرة التي ارتكبها نظام الأسد. ليس هناك دور للاسد في سورية بعد انتهاء الصراع. لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سورية. ويجب ألا نعطيه هذا الخيار. فقد كل شرعيته. إن الدنمارك تؤمن أن الحل في سورية هو سياسي للصراع وأن «بيان جنيف» يبقى الأساس للمحادثات مستقبلاً. ومن المهم، أن تكون سورية الجديدة شاملة (تمثيلية) وتضم جميع المكونات السورية. لذلك، إذا كان الأمر ضرورياً، فإن المحادثات يجب أن تشمل النظام في دمشق. لكن هذه الخطوة اتخذت سابقاً حيث كان النظام جزءاً من المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة لبعض الوقت. إنه تنازل ضروري يجب أن نقوم به لإنهاء هذا الصراع الوحشي».

وميز رداً على سؤال آخر بين النظام والأسد، قائلاً: «لتحقيق سلام دائم في سورية، لا بد من حكومة تمثيلية تضم السنة والعلويين والجميع. من الصعب الوصول إلى سلام وهدنة اذا لم تتحقق ضمانات للجميع، لذلك من المهم التحدث إلى جزء من النظام للوصول إلى حل. جزء من النظام هو جزء من الحل ولا أرى الأسد جزءاً من الحكومة الانتقالية»، لافتاً إلى أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يسعى إلى الوصول إلى «أرضية مشتركة لتشكيل حكومة انتقالية. ونشجع بقوة جميع الأطراف للانخراط في شكل بنّاء في هذه الاستشارات. إن الصراع السوري دخل سنته الخامسة ومن الواضح أنه ليس هناك حل سريع أو سهل للأزمة. لذلك يجب أن تكون توقعاتنا واقعية. ونأمل أن تؤدي هذه الاستشارات إلى إطلاق عملية توفر الشروط المناسبة لإيجاد حل سياسي».

وشدد ليدغورد على أهمية انخراط جميع اللاعبين الاقليميين، موضحاً: «إيران جزء من المشكلة، لذلك هي جزء من الحل». كما أشار إلى أهمية انخراط والحوار مع جميع اللاعبين الاقليميين في سورية «كي يشعر الجميع بأهمية إيجاد حل». وأكد رفض الدنمارك أي خطة لتقسيم سورية، لكن أشار إلى إمكانية اعتماد نظام الإدارة اللامركزية بحيث يساهم الناس بالقرارات والمسؤولية المحلية مع تمثيل في الحكومة المركزية.

وإذ أشار إلى أن سيطرة «داعش» على مدينة تدمر الأثرية لن تغير كثيراً حسابات الدول الغربية وقبول النظام باعتباره «أهون الشرين»، أشار إلى سقوط عشرات آلاف القتلى والضحايا خلال السنوات الماضية. وشدد على أهمية النظر بـ «واقعية إلى سورية وضرورة إيجاد استراتيجية واضحة للوصول إلى حل» مع إشارته إلى أهمية «زيادة الضغط على النظام في إيران وروسيا للوصول إلى حل».

وعن المكاسب التي حققها مقاتلو المعارضة في ادلب ودرعا قبل أسابيع، أعرب عن الأمل في «أن تستطيع المعارضة المعتدلة تعزيز مكاسبها وزيادة الضغط على النظام. إننا ندعمهم في هذه المحاولات والجهود، لكننا مقتنعون أنه ليس هناك حل عسكري للصراع وعلى جميع الأطراف أن تظهر رغبة للعمل لتحقيق انتقال سياسي».

وسئل عن «جبهة النصرة»، فأجاب: «لا نرى أي تنظيم إرهابي شريكاً شرعياً. إن التحالف على الأرض مرن وندرك أن التحالف يتكون من مجموعات عدة تتعاون مع بعضها بعضاً على الأرض لهزيمة عدوها المشترك».

إلى ذلك، اعتبر أن «الهجمات الإرهابية» في الدنمارك في ١٤ و١٥ شباط (فبراير) الماضي «أكدت أن التهديد الإرهابي للدنمارك أمر جدي. هناك أفراد لديهم النية والقدرة للقيام بهجمات إرهابية، هجمات من دون أي إشارات تأتي من أجهزة الاستخبارات»، لكنه قال أن «هذه الهجمات الإرهابية لن تغير انخراطنا الدولي ولن نتخلى أيضاً عن قيمنا ومجتمعنا المنفتح».

وأشار إلى أن أجهزة الاستخبارات الدنماركية تقدر عدد الأفراد الذين سافروا إلى مناطق الصراع في سورية والعراق بأكثر من ١١٥ شخصاً وأن «معظمهم عادوا إلى الدنمارك وربعهم لا يزال في مناطق الصراع. وإننا نعمل حالياً على عدد من البرامج بعضها يتعلق بإعادة دمج العائدين إلى بلدنا».

 

الحياة