مناطق خفض التصعيد هل تكفي لتحجيم إيران في سوريا؟

15

أعلنت مصادر روسية عن قرب الاتفاق في #سوريا، لإعلان هدنة جديدة، على غرار الهدنة الأولى، التي تم الإعلان عنها باتفاق أميركي روسي أردني، وشملت مناطق السويداء ودرعا والقنيطرة.

وتتضارب التكهّنات عن تفاصيل الهدنة الأولى التي لم يتم الإفصاح عن جميع بنودها، إلا أن “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أعلن، الأربعاء، ونقلاً عن مصادر وصفها بالموثوقة، أن اتفاق هدنة الجنوب السوري، بين الأميركيين والروس والأردنيين، والذي أعلن عنه في السابع من الجاري، ودخل حيّز التنفيذ في التاسع منه، ينص على “انسحاب عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وانسحاب الفصائل المقاتلة والإسلامية من خطوط التماس من كافة المحاور”. على حد تأكيده.

وأكّد المرصد أن الاتفاق ينص، أيضاً، على “انسحاب كامل المسلحين الموالين للنظام (السوري) من جنسيات غير سورية”.

وفي الوقت الذي لم يتم الإعلان فيه عن الرقعة الجغرافية التي ستشملها منطقة خفض التصعيد الثانية، في سوريا، تراوحت الأنباء ما بين أن تكون في محافظة #حمص، أو محافظة حمص و #غوطة_دمشق الشرقية، معاً، وفق أنباء غير مؤكدة. خصوصاً أن الأميركيين لم يعلّقوا، بعد، على التسريب الروسي القائل بمنطقة خفض تصعيد ثانية.

حمص وغوطة دمشق الشرقية “على الأرجح”!

ونقلت “الشرق الأوسط” اللندنية، في خبر لها، الأربعاء، وعن مصادر إعلامية في موسكو، أنه قد يتم الإعلان عن “المنطقة الثانية، قريباً، منتصف أغسطس”.

ولم يحسم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ما إذا كانت “الهدنة الثانية” المزمع الاتفاق عليها، ستضم حمص والغوطة الشرقية لدمشق، معاً، بل اكتفى بقوله “على الأرجح”. تبعاً لتصريحه الذي نقلته “الشرق الأوسط” اللندنية، ووسائل إعلام عربية وروسية.

ووصل حسين جابري أنصاري، مساعد وزير الخارجية الإيراني، إلى دمشق، الثلاثاء، بعدما نفت طهران نيتها إقامة قاعدة عسكرية لها في سوريا، وفق تصريحات نشرتها “سانا” نقلا عن بهرام قاسمي المتحدث باسم خارجية النظام الإيراني.

وكان استثمار أو إنشاء إيران لميناء على ساحل المتوسط في سوريا، جوهر ما يعرف بـ”العقد السادس” في اتفاقيات وقعت بين حكومة الأسد وإيران. حيث تم الإعلان عن توقيع هذا العقد بعد أسبوعين، من الإعلان عنه أول العام الجاري. إلا أن مصادر النظام السوري والإيراني، توقفت عن الإشارة، بشكل نهائي، إلى مصير هذا العقد، منذ ذلك الوقت.

وأعلنت حكومة الأسد في السادس من الشهر الحالي أن إيران مستعدة “لتجهيز المطارات السورية” بالإضافة إلى مساهمتها في “المرفأ الجديد” الذي أعلن عن بداية الدراسات لاختيار المنطقة التي سيتم إنشاؤه عليها.

ولم يعرف ما إذا كان الكلام عن “تجهيز” المطار الجديد أو المرفأ الجديد، عوضاً من “استثماره” أو “إنشائه” هو مجرد “تمويه” على النشاط الحقيقي لإيران في مشروعات حسّاسة أمنياً وعسكرياً وسياسياً، كالمطار والمرفأ، أو إذا ما كان الروس قد قرروا “منع” إيران من التواجد في سوريا، عبر قاعدة عسكرية بحرية في الساحل السوري يعتبر المكان الأساسي لقواتهم العسكرية الجوية والبحرية

وقال علي حمود، وزير النقل في حكومة النظام السوري، إن هناك “الكثير من المشروعات المطروحة بين البلدين، والتي من الأولوية أن يكون للجمهورية الإيرانية الإسلامية حصة كبيرة فيها، وخاصة أن الحكومة السورية وافقت على دراسة إنشاء مطار ومرفأ جديدين”.

ميليشيات إيرانية في سوريا

تقليص نفوذ إيران هل وضِع على السكّة؟

وتنتشر ميليشيات إيرانية عديدة في منطقة حمص المزمع إعلانها منطقة خفض تصعيد ثانية. خصوصاً أن لحمص بادية واسعة تتصل بدير الزور والعراق شرقاً والأردن جنوباً، فضلاً من توسّطها الجغرافية السورية، بالإضافة إلى امتداد لها باتجاه الساحل السوري، عبر طرطوس.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد أن “هدنة الجنوب” تشترط انسحاب الميليشيات الأجنبية المقاتلة مع الأسد، فإن تطبيق الشرط نفسه، على منطقة حمص، من شأنه أن يرفع يد إيران عن منطقة واسعة في سوريا، خصوصاً إذا ضمّت مساحة الهدنة الأولى، التي تشمل 3 محافظات هي درعا والسويداء والقنيطرة، إلى مساحة الهدنة الثانية، التي يقال إنها قد تضم بالإضافة إلى حمص، غوطة دمشق الشرقية.

وسرت أنباء في الساعات الأخيرة، عن ضغوط روسية تمارس على #النظام_السوري، تستهدف علاقته بطهران و”حزب الله” انطلاقاً من وجود “تباعد واضح” بين روسيا وإيران، وفق تقارير إعلامية.

إلى ذلك فإن وزارة أوقاف النظام في سوريا، لم تعلّق بعد على الأنباء التي راجت أول الشهر الجاري، والتي تتحدث عن اتخاذها قرارا بإغلاق ثانويات تعليمية تابعة لإيران ضمن ما يعرف بـ”مجمع الرسول الأعظم في اللاذقية”.

ففي حال كان إغلاق تلك المدارس الإيرانية، قد اتّخذ رسمياً، فإن ذلك من شأنه أن يتضمّن إشارة قوية “بتقليص نفوذ إيران العقائدي والسياسي” بحسب مراقبين. خصوصاً أن تلك المدارس تخرّج طلاّب المرحلة الثانوية التي تؤهّلهم للانتساب إلى أي كلية عسكرية في سوريا، والتخرّج فيها بصفة ضباط، ما من شأنه أن يضيف “عنصر تفجير” على التركيبة الاجتماعية والأمنية في البلاد، على ما يرى متابعون للشأن السوري.

تضارب في الولاء بين ضباط النظام السوري

ويعتبر القرب (أو الولاء) من الاتحاد السوفييتي، سابقاً، أو روسيا حالياً، هو الجامع بين أغلب ضباط النظام السوري، الذي يتلقون علوماً عسكرية روسية، بالأصل، وتلقى عدد كبير منهم، ومنذ عقود، تعليمه العسكري في روسيا أو الاتحاد السوفييتي، سابقاً.

إلا أن إيران دخلت على هذه التركيبة الروتينية في الجيش السوري، وأصبح لها هي الأخرى، ضباط موالون، بسبب تلقيهم تعليماً عقائدياً، تشرف عليه طهران مباشرة، عبر ثانويات “الرسول الأعظم” التي يديرها الدكتور أيمن زيتون، خرّيج “قم” الذي أقام في إيران سنوات طويلة.

فمنذ عام 2008، وتقوم الثانويات الإيرانية في سوريا، بتخريج طلاب بكالوريا ينتسبون بدورهم إلى الكليات العسكرية، حيث تم تخريج عدد لا يستهان به منهم بصفة ضباط، وأصبحوا ينازعون روسيا الولاء لإيران، خصوصاً بعدما فقد نظام الأسد عددا كبيرا جداً من ضباط جيشه ومن مختلف الرتب العسكرية، وأصبح الضباط الجدد الذي تلقوا تعليمهم في ثانويات إيران، هم الحل الوحيد أمامه لسد النقص الذي يعاني منه بالجنود القادة.

خفض التصعيد وإخراج ميليشيات إيران من سوريا

يذكر أن الاتفاقات التي تعقد بين الأميركيين والروس، على مناطق خفض توتر، وإن كانت تشترط انسحاب الميليشيات الأجنبية (الإيرانية) التي تقاتل لصالح الأسد، كما ذكر المرصد السوري عن تفاصيل “هدنة الجنوب” إلا أنها لا تشير بشكل علني إلى مصير تلك الميليشيات وضرورة انسحابها من كامل الأراضي السورية، وليس فقط إعادة الانتشار. وهذا ما دفع بالهيئة السورية العليا للتفاوض إلى التأكيد على ضرورة أن يكون خفض التصعيد في كامل سوريا، لا في مناطق دون أخرى.

وعلّقت الهيئة العليا للمفاوضات السورية، على اتفاق خفض التصعيد في الجنوب السوري، معلنة ترحيبها “بأي مساع لتخفيض التصعيد ووقف إطلاق النار”. حسب ما ذكرته في بيانها على موقعها الرسمي في 14 من الجاري، إلا أنها أكّدت وجوب أن يكون وقف إطلاق النار في “كل أنحاء البلاد”. ومطالبة بآليات للمراقبة ومحاسبة منتهكي وقف إطلاق النار.

المصدر: العربية.نت