بعد معركة حمص… هل يسبق مؤتمر جنيف معركة حلب؟

18

382593424622013722108

على الرغم من الأهمية الكبرى التي علّقت على معركة القصير، يبدو أن تداعيات معركة حمص الكبرى ستكون هي الأهم على صعيد الأحداث السورية، لا سيما أن الهزائم التي تلحق في صفوف قوى المعارضة المسلحة في هذه المعركة دفعت برئيس “الإئتلاف الوطني السوري المعارض” أحمد الجربا إلى الإعلان عن استعداده لحضور مؤتمر جنيف الثاني مع ممثلين عن الرئيس السوري بشار الأسد من دون شروط مسبقة، مع العلم أن “الإئتلاف” كان يرفض طوال الوقت مبدأ التفاوض مع أي من ممثلي الحكومة السورية قبل الإتفاق على رحيل الأسد.
على صعيد متصل، من المفترض أن تكون حلب هي وجهة الجيش السوري المقبلة بعد الإنتهاء كلياً من تأمين حمص، لكن الجميع يدرك أنّ هذه المعركة ستكون حاسمة، فهل تريد قوى المعارضة إستباق الأمور من خلال الذهاب إلى المفاوضات؟

 

التغيير في المعطيات على الأرض

طوال الفترة السابقة، كانت قوى المعارضة السورية المسلحة، لا سيما بعد هزيمتها في معركة القصير، تسعى إلى تعديل موازين القوى على أرض الواقع، وهي سعت من أجل ذلك مع القوى الدولية الداعمة لها إلى الحصول على أنواع متطورة من الأسلحة، لكن هذا الأمر لم يتحقق حيث بات من المتوقع أن تعلن في أي لحظة هزيمتها في حمص، بعد السيطرة الكاملة على حي الخالدية.
وفي هذا السياق، تشير مصادر من داخل هذه القوى إلى أن الدول الغربية، التي وعدتها في أكثر من مؤتمر، لم تقدم لها السلاح النوعي الذي يستطيع مواجهة الآلة العسكرية التي لدى النظام، في حين أنها كانت تطلب منها العمل على تحقيق إنجازات نوعية في المعارك بغرض استخدامها في التفاوض السياسي الذي من المتوقع أن يحصل في مؤتمر جنيف الثاني.
وتلفت هذه المصادر إلى أن بعض هذه الدول تراجعت علناً عن الوعود التي قدمتها، وتوضح أن لديها مخاوف كبيرة من وقوع هذا السلاح في أيدي المجموعات المتطرفة، وترى أن ما يجري على صعيد الأزمة المصرية ضاعف من هذه المخاوف إلى حد بعيد، لا سيما أن سوريا لا تشبه غيرها من الدول، حيث لديها حدود واسعة مع إسرائيل، كما أنها تشكل نقطة بالغة الأهمية بالنسبة إلى المحور المقابل.
وتشير المصادر نفسها إلى أن قوى المعارضة في الوقت الذي كان يُطلب منها مواجهة قوات النظام بأسلحة غير كافية، فُرضت عليها معركة جديدة مع فصائل أخرى منها، حيث باتت لديها أكثر من جبهة لا تستطيع بطبيعة الحال المحاربة عليها في الوقت عينه.

 

ما بين حلب وجنيف

على صعيد متصل، ترجح مصادر عسكرية معارضة أن تكون حلب هي وجهة الجيش السوري المقبلة، حيث من المتوقع أن تكون أكبر المعارك بعد الإنتهاء من معركة حمص، وتشير إلى أن هناك استعدادات كبيرة يقوم بها الجانبان في هذا السياق، على اعتبار أن هذه المعركة ستكون حاسمة على صعيد الأزمة، وتلفت إلى الحديث عن تعيينات عسكرية جديدة قام بها النظام في الآونة الأخيرة.
وعلى الرغم من تأكيدها أن هذه المعركة لن تكون الأخيرة، حيث هناك الكثير من الخلايا من المناطق التي ستستمر في العمل حتى لو سقطت حلب، تشدد المصادر على أنها لن تكون أسهل من المعارك السابقة، خصوصاً أن الكتائب المعارضة تتحصن في المنطقة منذ وقت طويل، وهي تتحضر لخوض مواجهات عنيفة منذ أشهر طويلة، لكنها تشير إلى عدد من المعارك الجانبية التي خاضتها في الفترة الأخيرة.
وتستغرب هذه المصادر المواقف الدولية الخجولة في الوقت الحالي، وتلفت إلى أن هناك جهات كانت تظهر بأن لا مصلحة لها في بقاء النظام في السلطة، في حين أنها ترى أن قواته تتقدم على أرض الواقع ولا تحرك ساكناً، وتعتبر أن التصريح الأخير الصادر عن رئيس “الإئتلاف الوطني” هو بمثابة جرس إنذار، خصوصاً أن الذهاب إلى المفاوضات بعد خسارة المزيد من الأوراق سيكون دون جدوى، لأن النظام سيكون أكثر تمسكاً بشروطه.
ومن جهة ثانية، توضح المصادر أن الدول الغربية تدرك بأن معركة حلب ستكون خاسرة بالنسبة لقوى المعارضة في حال لم يتم تقديم الدعم لها في الوقت المناسب، بالرغم من تأكيدها أنها ستكون عنيفة جداً، حيث أن النظام لن يبدأ بها قبل أن ينتهي من العديد من الجيوب في باقي المدن، وكونها ستتطلب منه حشد قوات كبيرة، لكنها تطرح تساؤلات حول إستمرار الموقف الدولي على هذا المنوال في حال بدأت المعركة، حيث لا مصلحة غربية في سقوط حلب أيضاً بعد سقوط مناطق أخرى.
وفي هذا السياق، تشير المصادر إلى أن قوى النظام سوف تسعى في الأيام المقبلة إلى السيطرة الكاملة على مناطق الساحل السوري قبل أي شيء آخر، وتلفت إلى أن المعركة في حلب قد تتأخر بعض الوقت لحين إحكام هذه السيطرة.

النشرة