تمسك روسي بـ«محاربة الإرهاب» في إدلب… وقلق أممي ـ غربي من «كارثة إنسانية»

58
حذر مسؤولون رفيعون في المنظمة الدولية من عواقب إنسانية «كارثية» لأي عملية عسكرية واسعة النطاق يمكن أن تشنها القوات النظامية بدعم روسي في محاولة لاستعادة السيطرة على ادلب، مع إقرارهم بـ«حتمية» مواصلة الحرب ضد «هيئة تحرير الشام» المصنفة أممياً جماعة إرهابية.
وبعد جلسة عقدها مجلس الأمن بطلب من الكويت وألمانيا وبلجيكا، التي ترعى الجانب الإنساني من الأزمة السورية، بدا واضحاً لدبلوماسيين غربيين تحدثوا مع «الشرق الأوسط» أن «روسيا غير راغبة على الإطلاق في التجاوب مع الدعوات إلى موقف موحد من مجلس الأمن من أجل المطالبة بتثبيت وقف النار في شمال غربي سوريا، على رغم العواقب الكارثية على الوضع الإنساني لأي حملة عسكرية واسعة النطاق».
وخلال الجلسة، رأت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو أن الجهود الأممية للتوسط في حل سياسي يلبي تطلعات الشعب السوري «لا يمكن أن تتقدم في بيئة من النزاع المفتوح»، معبرة عن «تفهم الأمم المتحدة جيداً لمواقف رعاة مذكرة تفاهم إدلب» لأنه «بالنسبة لروسيا، فإن وجود هيئة تحرير الشام في منطقة خفض التصعيد، أمر غير مقبول. وبالنسبة لتركيا، فإن عزل والتصدي لأكثر مقاتلي هيئة تحرير الشام تشدداً يتطلبان وقتاً». وشددت على «حتمية التصدي لهيئة تحرير الشام ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى كارثة إنسانية». حذرت من أن «عدم التوصل إلى حل سيخلف عواقب لا يمكن تصورها».
وسلط وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك الضوء على «أعمال العنف المستمرة بلا هوادة في ظروف عامة من الإحباط للناس المحاصرين في إدلب، فقال: «نواجه كارثة إنسانية تتكشف أمام أعيننا»، وإذ رسم صورة قاتمة للعنف المتواصل بين القوات الحكومية السورية وحلفائها من جهة وقوى المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) المصنفة جماعة إرهابية لدى مجلس الأمن، كشف أنه «خلال الأسابيع الستة الماضية، أدت الأعمال القتالية إلى مقتل أكثر من 230 مدنياً، بينهم 69 امرأة و81 طفلاً» بينما «أصيب مئات آخرون». وأضاف أنه منذ 1 مايو (أيار)، «أُجبر ما يقدر بنحو 330 ألف شخص على الفرار من منازلهم»، مؤكداً أن «مخيمات النازحين مكتظة، حيث يضطر كثير من الناس للبقاء في العراء والذين يعيشون على مقربة من القتال يعيشون في خوف دائم من الهجوم التالي». وطالب بوقف الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية «على الفور». وأشار إلى أن «العاملين لدى الأمم المتحدة وفي المجال الإنساني الشجاع يخاطرون بحياتهم لمساعدة الآخرين»، آسفاً لأن أكثر من 250 ألف طفل خارج المدرسة الآن كما ألغيت الامتحانات لنحو 400 ألف طالب، علماً بأن 94 مدرسة تستخدم حالياً كملاجئ، وأن مستشفيات عدة أغلقت خوفاً من التعرض للهجوم. وشدد على أنه «بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب أن تلتزم كل الأطراف بالامتناع عن مهاجمة المواقع المحمية». وتحدث المندوب الألماني كريستوف هيوسيغن باسم بلاده وبلجيكا والكويت، فندد بحملة الغارات الجوية العشوائية والقصف المدفعي والصاروخي في إدلب، مشيراً إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح وتدفق أكثر من 300 ألف نازح داخلياً منذ أبريل (نيسان). وطالب ممثل الولايات المتحدة رودني هانتر بإنهاء ما سماه «التصعيد المتهور من قبل نظام بشار الأسد في إدلب»، مضيفاً أنه «يبدو أن وقف النار الأخير انهار». وعبر عن قلق بلاده من التهديد الذي يشكله هذا الهجوم على تركيا، داعياً إلى «استعادة فورية لاتفاق وقف النار». وقال المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر: «نشهد كارثة إنسانية جديدة في شمال غربي سوريا»، مطالباً بعدم جعل إدلب «حلب ثانية». وعبرت نظيرته البريطانية كارين بيرس عن قلقها من استهداف النظام السوري للجيش التركي في الآونة الأخيرة. وتساءلت: «لماذا لا تستطيع السلطات الروسية إقناع السلطات السورية بمتابعة تنفيذ الاتفاق؟»
وحذر المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا من أنه «لا يمكن السكوت» عما سماه «استهداف الإرهابيين لمواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم»، مشيراً إلى أن «اتفاق سوتشي لا يمنع مكافحة الإرهاب في إدلب» ومشدداً على «ضرورة عودة المحافظة إلى الدولة».

المصدر: الشرق الأوسط 

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.