ما هي احتمالات تحقيق الحل السياسي التفاوضي في جنيف وفق بيان جنيف 1 و القرار 2254 و القرارات الدولية ذات الصلة , رغم الخلافات والتعقيدات والتدخلات العسكرية لدول إقليمية وخارجية وتناقض مصالحها وبرامجها ؟

30

بادئ ذي بدء لابد من التأكيد أن العملية السياسية لإنجاز التسوية السياسية عبر اللجنة الدستورية مجمدة على الرغم من الجهود المتواصلة للمبعوث الدولي السيد غير بيدرسن ونائبه د.خولة مطر و أعضاء البعثة , و أن المسؤول الرئيس عن ذلك هو النظام , حيث أشار المبعوث الدولي بعد الجولة الخامسة من أعمال اللجنة في 29 كانون الثاني / يناير من هذا العام بأنها ” فرصة ضائعة و مخيبة للأمال ” و ” عدم وجود أي خطة عمل مستقبلية من أجل سوريا حتى الآن ” . و في حديث هام للشرق الأوسط مع الإعلامي البارز إبراهيم حميدي , بتاريخ 16 أذار , أكد فيه ” أن السوريين وقعوا في فخ الحرب اللامنتهية ” و أن ” على الجميع أن يشعر بالخجل ” بسبب الفشل في وقف المأساة السورية , و اعتبر بصراحته الجريئة أن الماساة السورية طالت مدة تقارب الحربين العالميتين الأولى و الثانية , و الشعب السوري أكبر ضحايا القرن الأخير .

و يتناغم ذلك مع بيان الأمين العام للأمم المتحدة في الذكرى العاشرة للشعب السوري ” إن عدم المساهمة في حل الصراع السوري يعني أن النظام العالمي ليس فاعلاً ” , و يؤكد أنه لا الحكومة السورية أو المعارضة أو مجموعة استانة أو أمريكا قادرة لوحدها على احتكار الحل ، لذلك لابد من نهاية / تسوية يتم التفاوض عليها . كما لم يتجاهل إقدام النظام على فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية بالإيعاز لمجلس الشعب بالإعلان عن ذلك على أساس دستور 2012 , متجاهلاً الوثائق الدولية ذات الصلة كبيان جنيف 1 و قرارات مجلس الأمن و في مقدمها 2118/2013 و 2254/2015 , و عبر عن موقف الأمم المتحدة و البعثة و خبرائها الدوليين ” إن الانتخابات المقررة ليست جزءاً من مهمته بموجب القرار الدولي 2255 الذي يتحدث عن دستور جديد … يجب أن تجري الانتخابات وفق أعلى المعايير الدولية بمشاركة من السوريين في الشتات “.

هذا الموقف الواضح للأمم المتحدة و مبعوثها الدولي – في تقديري – ينفي تماماً توفر أي معايير دولية للنزاهة و الحياد في الانتخابات الرئاسية السورية وفق دستور 2012 المفصّل على نهج النظام الاستبدادي و احتكار السلطة و عدم مشاركة السوريين في الشتات , و لا بد للقوي الوطنية الديمقراطية في الداخل والخارج أن تعبر عن مواقفها برفض المشاركة في هذه الانتخابات الصورية الشكلية و الدعوة لمقاطعتها , كم عبرت هيئة التنسيق الوطنية عن موقفها , لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي و التسوية التاريخية في جنيف و تكرس الاستبداد و العنف و الصراع المسلح و الإرهاب , و تؤدي لاستمرار الأوضاع المأساوية التي يعاني منها الشعب السوري في المعارضة و الموالاة و المجتمع المدني و المدنيين و العسكريين .

في إحاطته أمام مجلس الأمن بتاريخ 28 نيسان / أبريل الماضي شرح السيد بيدرسن الأوضاع الكارثية التي يعاني الشعب السوري في الداخل و الخارج , و الاوضاع المتفجرة في المناطق التي تسليمها للنظام في المنطقة الجنوبية لمحافظة درعا و غيرها , عبر المصالحات و التسويات و الفيلق الخامس و الفيلق الثامن الموالين للروس , و مع ذلك لا يلتزم النظام بها و يستمر في التحالف مع الحرس الثوري الإيراني و نظام ولاية الفقيه رغم انتفاضة غالبية الشعب الإيراني عليه و معارضة وزير الخارجية العلنية له و لسياساته التخريبية في تصدير الثورة و آذرعها المذهبية المسلحة في العراق و لبنان و سوريا و اليمن و تفجير الحروب الأهلية , و استمرار وجود مجموعات مسلحة من الحرس الثوري الإيراني و الميليشيات المذهبية من لبنان أو العراق او القوقاز , رغم الاتفاق السابق على انسحابها في المناطق الجنوبية و الغربية من محافظة درعا و السويداء , يعرضها مع القوات السورية و الروسية للهجمات الخاطفة المفاجئة , و استمرار وجودها في منطقة الجولان و في ريف دمشق و شرقي الفرات و مستودعات و مصانع الأسلحة يعطي الذرائع للكيان الصهيوني بالقيام بالهجمات الصاروخية و الغارات العدوانية على الأراضي السورية المستباحة بصمت روسي و غياب رد و ردع للعدوان .

و في تصوره جوابا على إمكانية التسوية أشار إلى التواصل المستمر مع المحاورين الاساسيين في واشنطن و موسكو و العواصم العربية و الأوروبية و طهران و أنقرة , وأكد ان كل العناصر الضرورية التي تحدد حل الصراع السوري موجودة في القرار2254 , غير أنه حصلت تغييرات جوهرية في الوضع على الأرض بعد صدوره في 18 كانون الأول عام 2015 جعلت الحل ليس أقرب من عام 2015 . و هناك أهمية للمضي بالعملية السياسية قدماً و حل ملف المفقودين و السجناء , و القضايا المتعلقة بالنازحين و اللاجئين , و موضوع العقوبات و إعادة الاعمار على طاولة المفاوضات , و ثمة انتظار لموقف وفد النظام في الجولة السادسة بعد رمضان و مدى الضغط الروسي عليه للانخراط جدياً في المفاهيم الدستورية , و تحديد سقف زمني لإنجاز الدستور الجديد و تشكيل هيئة حكم غير طائفي بالتوافق بين اللجان الثلاتة , و توفير البيئة الآمنة للانتقال السياسي , و ممارسة هيئة الحكم في استلام الصلاحيات التنفيذية الكاملة و تسليم الصلاحيات التشريعية و القضائية والإدارية و العسكرية و الأمنية المشكلة بالتوافق طبقاً لبيان جنيف1 و القرار2254 .

 

الكاتب: حسن عبد العظيم